مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [4]

إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 19:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

4) إذا لم يكن التطور، فلماذا يتشارك البشر أغلب مادتهم الوراثية DNA مع الشمبانزي؟
قال لي أحد أصدقائي المتدينين طبعاً والمؤمنين بنظرية الخلق والتكوين بكل صراحة: ((إنّ أكثر ما يزعجني في نظرية التطور هي حقيقة أنّ البشر يتشاركون بنسبة 95٪-;-_98٪-;- من مادتهم الوراثية مع الشمبانزي)).
لكن قبل أن تكون هذه النسبة معروفة، كان التكوينيون وأنصار نظرية الخلق يفسّرون النتائج بشكلٍ مغاير: إذا كانت مادة الشمبانزي الوراثية غير مشتركة مع البشر، فذلك يعني دليلاً على التصميم، أمّا إذا كان البشر أو الشمبانزي يشتركون بكمية معينة من المادة الوراثية، فإنهم سيقولون أنّ الله قد أعاد استخدام نفس المادة الوراثية.
التطوريون من جهةٍ أخرى سيكونون هم الخاسر الأكبر إذا لم يكن هناك أي شيء مشترك من الدنا/ المادة الوراثية مابين القردة والبشر، عندئذٍ لن يكون الدنا DNA هو القوة المحرّكة للتطور.
لكن هناك أخبار سيئة بالنسبة للتكوينيين، فالبشر والقردة يشتركون حقاً بالمادة الوراثية بنسبة 95٪-;-. إذن ما معنى هذا الكلام؟بالنسبة للمبتدئين، هذا ما توقعه بالضبط العلماء التطوريون وتنبأوا به: لقد تطورت الحيوانات من بعضها البعض وتشاركت فيما بينها نفس المادة الوراثية. (وحتى البشر فإنهم يتشاركون فيما بينهم 99.9٪-;- من نفس المادة الوراثية). أمّا بالنسبة للتكوينيين، فهذا معناه أنّ الوقت قد حان بالنسبة لهم للإقرار والاعتراف بأنّ الله _إن كان موجوداً_ قد أعاد استخدام نفس الشيفرة الوراثية بدلاً من خلق تصاميم جديدة لكل نوعٍ أو جنس.
سيحاول التكوينيون في بعض الأحيان صرف الانتباه بعيداً عن التماثلات عن طريق التأكيد على الفوارق والاختلافات، زاعمين أننا بحاجة إلى أكثر من 450 مليون طفرة أو تغيّر مفاجئ في مادتنا الوراثية لنكون متميزين.
في حين أنّ هذه الطفرات أو التغيرات تجعلنا متميزين ومتفرّدين بطريقةٍ ما، فذلك يشبه سرقة طالب لمقال مؤلّف من 200 كلمة واعتقاده أنه بتغييره لثلاث أو أربع كلمات يجعل منه مقالاً متميزاً. لابدّ أنّ عدد الفوارق والتغيّرات تافهاً أو عديم الأهمية إلا عندما نتجاهل جميع التماثلات.
وفي حين أنّ التكوينيون لا يعيرون هذه التماثلات أي اهتمام ولا يعتبرونها دليلاً كافياً يثبت وجود سلف مشترك بين جميع الكائنات الحية على سطح الكوكب، فإنهم يعتبرونها دليلاً على وجود مصمّم ذكي واحد.
((كما أنّ لوحات الرسام نفسه تبدو متماثلة ومتشابهة، كذلك البروتينات _أي الجينات_ من مختلف الكائنات العضوية تبدو مصمّمة من قِبَلِ مصمّم مشترك)) [د.جورجيا بوردوم، من أجل أجوبة في سفر التكوين]
في النهاية، أي التفاسير هو الأقرب إلى الحقيقة؟ هل تطورنا بشكل طبيعي أم أنّ الله قد أعاد استخدام مادتنا الوراثية؟ حسناً... إذا كان الله قد أعاد استخدام نفس المادة الوراثية، لما وجدناه يقوم بأمور غريبة كاستخدام شيفرة وراثية في البشر من أجل أمور كالإدمان على الشراب أو النزعة الإجرامية، أو منح الدجاج شيفرة من أجل الأسنان. بطبيعة الحال، إذا كنا نتيجة عملية تطورية تدريجية، فذلك هو بالضبط نوع الأمور التي بإمكاننا توقعها. وسنتحدّث لاحقاً عن هذا الموضوع بتفصيلٍ أكبر.

[العقل وليّ التوفيق]

#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل