غادة هيكل
الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 15:35
المحور:
الادب والفن
زفاف مؤجل
*********
أجاوره فى المسكن ويجاورنى فى احدى حجرات قلبى ، لا أدرى متى غشيها أو كيف ، ولكنه الوسيم اللبق اللذى يحمل قلبا من ذهب ، يحنو على كل من بالحارة ومن يجاورها ، الحياة لا تعطى كل شئ سواء طلبتُ منها أو لم أطلب .
لم يمهلنى القدر كى أسعد ببعض من أيامى بعد ان صرت شابة جميلة ، ارتميت فى أحضان العادات بكل ارادتى ، وكيف أرفض ؟ ولكن نفس القدر لم يمهلنى كى أسعد بحياتى الزوجية الجديدة ، حرمنى متعة الأمومة ، وفرض علىّ نفس الألم ، أن أمتثل لحكم العادات واعود سريعا مكسورة الجناح إلى بيت أهلى الطيبين .
أخى سافر مبكرا وله عذره، وأمى آثرت أن تترك الحياة بلهوها ومآسيها ،وعاد القدر يرسم ينفض عن حجرات قلبى شغفها القديم .
فالجيرة تحتم علىّ لقياه كل يوم تقريبا ، هو كما هو بنفس وسامته وطيبة قلبه ، عاتبنى على اختيارى وهنئنى بعودتى سالمة.
تركتنى الدنيا أعيش وحيدة ألملم سواد ايامى واداريه بابتسامة صفراء كوجهى الذى غاب عنه النضرة ، ودارت عليه ، لاأدرى أى لعبة يلعبها القدر بنا وهو يحتم علينا ألا تلاقيا !
اغتالت يد القدر زوجته الجميلة وتركته وحيدا مع ثلاثة اطفال، بنت هى القمر ، وولدين هما جناحى الشمس عند المغيب ، وبحكم الجيرة كانت تمد لهم يد العون وتساعده فى حمل مسؤلية أطفاله الصغار ، احترم كل منهم المسافة التى فرضت عليهم ، ولم يستغلا الظروف التى جمعتهم وهيأت لهم كثيرا الإختلاء معا .
انسابت الأيام هادئة مسالمة ، بيت يتكون من أم وابناء بالنهار ، وأب وأبناء بالليل ، وأم وحيدة ، لم يكن لها مصدر رزق سواهم .
الهرج فى كل مكان ، الميدان ينادى ، الايدى تتشابك ، الأحضان والتهانى وطلقات الرصاص تخترق الصمت ، تتوجه نحو القلب ، تخترق احدى حجراته ، وفى الحجرة الثانية وصية تركها لها كى تكون المسؤلة عن أطفاله ، وورقة زواج عليها إمضاءه :
أنا المدعو فلان الفلانى وديانتى المسيحية أُشهد الله على زواجى من هذه المرأة المسلمة وقد سبقتها إلى حفل الزفاف وأنا بانتظارها هناك بعد أن تؤدى الرسالة التى أوكلتها إليها .
#غادة_هيكل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟