أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - بضعة رجال عُقماء














المزيد.....

بضعة رجال عُقماء


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 01:17
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما صدرت رواية نهاية رجل شجاع في عام 1989 م -لاحقاً أُنتجت كمسلسل سوري في عام 1994 م- للروائي العربي السوري حنا مينه صُدم أغلب المعجبين بشخصية مفيد بأن مفيد المتبجح بقوته الجسدية و فحولته طوال أحداث الرواية هو رجل عقيم جنسياً!!..و عندما سُئل حنا عن سبب هذه الصفعة لكل المعجبين بشخصية مفيد "الوحش" كما كان يُلَّقب في الرواية أجاب قائلاً:"مفيد كان شخص قوي و شجاع و لكنه كان بلا فكر و القوة بلا فكر لا يمكن أن تنجب"..كان ترميز حنا في الرواية ذكياً و كان في ذات الوقت رداً مُفحماً لكل الغاضبين و الناقدين للرواية بسبب هذا الأمر..حسناً فلنترك مفيد مع مشاكله الجنسية مع لبيبة إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا و لننتقل إلى العام 2011 م في اليمن..لنتابع أحداث "مهزلتنا" الكبرى عن قُرب.

في عام 2011 م بدأت أحداث الربيع العربي و بدأت تتوالى فصوله الدرامية السريعة في بعض البلدان العربية..و كانت اليمن إحدى محطات ذلك الربيع لبعض الوقت..كان اليمن وقتها يعاني من حكم علي صالح الممتد لمدة تزيد عن الـ 33 عاماً..و كانت التطلعات الشعبية لا تشمل فقط إسقاط نظام علي صالح بل أيضاً التخلص من جميع أفراد عائلته و أركان نظامه و حكمه..فكان الشعب لا ينظر إلى علي صالح على أنه يُمثل رأس الدولة فقط بل هو متواجد أيضاً في جميع مفاصلها و في جميع مراكز قوتها عن طريق أقاربه و المنتفعين منه و من نظامه.

و مع بداية الإعتصامات المُطالبة بإسقاط علي صالح بدأت الشعارات تتوالى..فكانت الصرخات تطالب بأن يكون علي صالح و جميع أركان عهده الفاسد في قائمة المطلوبين للشعب أحياء أو أموات أو ليمثلوا على أقل تقدير أمام سيدة العدالة العمياء دوماً..و كانت صور أفراد ذلك النظام و رموزه منتشرة في جميع زوايا و أركان ساحات الاعتصام..فكانت -على سبيل المثال لا الحصر- صور جميع أبناء الشيخ القبلي الراحل عبدالله الأحمر تتوزع في جميع أركان ساحات الاعتصام و كانت ترافقها أيضاً عبارات "تعريفية" بتاريخهم لمن ما زال يجهله..و كان "الجنرال" -كما يحب أن يدعوه البعض- علي محسن و ابنه محمد تتصدر صورهم أغلب خيام المعتصمين مع لمحات تاريخية عن مدى تسامحهم و السلام البوذي الذي يعيشانه مع الذات بالرغم من كل المذابح و الحروب التي كانا فيها يد علي صالح التي تضرب فلا ترحم.

كانت تلك الملايين قوة شعبية لا يُستهان بها..و كان احتشادها في الساحات بلا "دفع مسبق" كغيرها قوة كان بإمكانها و لو ظاهرياً إحداث هزة حقيقية يمكن الشعور بها لنظام علي صالح..إلى هنا كانت الثورة ثورة أو كانت "تحاول" أن تبدو كثورة..و لكن كان الـ 21 من مارس و كانت لحظة "العُري" الحقيقية.

فبعد الـ 21 من شهر مارس أُزيلت أغلب صور أركان نظام علي صالح لتبقى صورته هو وحيداً مع أقاربه من الدرجة الأولى "فقط" و كأنه كان طوال 33 عاماً يحكم البلد و العباد لوحده دون علم مسبق و موافقة فعلية قبل أن تكون ضمنية من زُمرته!!..فأصبحت الملايين التي تمتلئ بها الساحات تحتشد لتثور و لكن ما كانت تثور ضده بالأمس أصبحت الآن تثور لأجله!!..فتمت إزالة البطائق التعريفية من جميع أركان ساحات الاعتصام و أصبح كل من يمارس "تذكر" التاريخ هو الخائن الذي يريد شق الصف الثوري!!..و كما كان علي صالح و علي محسن وجهان لعملة واحدة..كانت ثورة اليمنيين كما هم..وجهان لعملة واحدة..فكان الشعب في وجه و في الآخر كانت العبودية..فكان يجب أن يكون في تلك الثورة سيد يُطاع و حاكم يُبجل و شيخ يُقدس..و قد كان.

المثير للسخرية أنك ما زلت تقابل من يخبرك بأنهم على الأقل نجحوا في إجبار علي صالح على التخلي عن السلطة..و لكن هل نجح اليمنيون في إسقاط علي صالح "فعلاً"؟؟..لنقل نعم و قد كان نجاحهم بالضبط يُشابه نجاح الرجل الذي اقتحم غريب داره فإنهال عليه ضرباً و اغتصب زوجته و قتل أطفاله و سرق أثاث منزله ثم خرج تحت حماية الشرطة فأن سألته مُشفقاً:"هل انتصرت عليه؟؟"..يجيبك قائلاً بكل فخر:"بالتأكيد فلقد احتفظت بالدار"!!.

هل كنت أعتقد أنهم سينجحوا فيها؟؟..لن أدعي الحكمة بأثر رجعي و لكن حتى هذا الأمر لم أكن مؤمنة به..فالثورة كفكر محرك للجموع -قبل أن تكون واقع عملي يقوم الآخرون بتنفيذه على أرض الواقع بشكل مؤثر- هي نتاج وعي و ثقافة متراكمتين..ثقافة و وعي تمكن صاحبهما من نقد النخبة الحاكمة و السلطة القمعية دون خوف أو تذلل لها..و الشعب اليمني عاش 33 عاماً في ذل كان "يستلذه" عن طيب خاطر لسنوات و كان دائماً ما يردد عبارته الخالدة "مالنا إلا علي" عند إبدائه لرأيه تجاه أي حديث عن وجوب تلبية الرغبة في التغيير الديمقراطي المشروع..فكيف فجأة و بدون مقدمات يتحرر من ذلك الموروث ليظهر لنا شعب رضي أخيراً أن يتخلى عن ركن كان من أهم أركان إسلامه و هو عبوديته المُطلقة للسلطة الديكتاتورية!!.

ماذا حدث؟؟..ما حدث يتلخص في فكرة بسيطة..فكما فشل مفيد الوحش في ثورته على واقعه و محيطه الفاسد فشل اليمنيون في ثورتهم و إن صادفك أحدهم يوماً متسائلاً:"لماذا فشلتم بالرغم من أنكم كنتم بالملايين؟؟"..أجبه قائلاً:"لأنه بالرغم من أننا كنا بالملايين فقد كُنا بضعة رجال عُقماء".



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 3
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 2
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 1
- أن تكون جنوبياً فهذا يعني
- الرسول عاشقاً
- مُنادي الرب -قصة-
- في بلد العُميان
- 3..2..1..أكشن
- أحبكِ و كفى -قصة-
- ردة الله
- القُبلة الأولى
- القافلة تسير و نحن ننبح
- بين ساقيَّ أنثى
- خطيئةٌ بلا حواء
- تباً لدين محمد*
- اغتصاب بالتراضي!!
- عند ركن الجنة -قصة-
- شعب الله الغير مُختار
- الجنازة حارة و الميت -كلب-!!
- اليمن بلا إسلام


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - بضعة رجال عُقماء