أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - في بلد العُميان














المزيد.....

في بلد العُميان


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 18 - 10:05
المحور: كتابات ساخرة
    


جميلةٌ جداً قصة بلد العُميان للكاتب البريطاني هـ.ج. ويلز..فالقصة كُتبت في عام 1904 م مما يعني أن الفارق بيننا و بينها 100 عام كاملة و مع ذلك أجدها قصة عبقرية لأنها متجددة و لأن البشر يكررون أنفسهم بإصرارٍ غريب.

القصة يكمن جمالها لدي في أن بطلها كان يقاتل أولاً من أجل الحصول على نقطة تفوق على العميان في أرضهم كونه المُبصر الوحيد بينهم..فالأعور في بلد العميان ملك..و لكنه مع الوقت بدأ يُقاتل بكل عنف من أجل أن يثبت أنه ليس بالأعمى..فأصبحت فكرة التفوق ترف لا يفكر بالدفاع عنه بل أصبحت هناك فكرة أكثر إلحاحاً للدفاع عنها و هي فكرة البصر أو أن يؤمن الآخرون بأن هناك مفهوم يُدعى "الاختلاف".

إنه إذاً صراعٌ إيماني أكثر منه صراعاً فكرياً..و لصعوبة هذا الأمر -أي التمسك بالإيمان في ظل الإجماع على عكسه- تهتز قناعات الشخصية المحورية في القصة ليقترب من أن يصبح كالآخرين شخصيةً هامشية..شخصيةً قد ترتضي العمى لعوامل كثيرة خارجية فُرضت عليها و لكنها أيضاً ترفض أن تقاومها..فتستسلم لعمى الخيال الفكر و الروح كما تستسلم لفكرة أن الخارج عن الجماعة يجب أن يُسحق أو على أقل تقدير يجب أن يفقد عيناه.

على أية حال لدينا بلد يشبه بلد العُميان كثيراً و شعب يشبهه أكثر..هكذا لن يشعر من هم مثلي على الأقل بالحسرة لأنهم يقرأون روايات تعتبر من الأدب العالمي و لكنهم لم يعيشوا أجواءها بعد..فنحن نعيش أجواءها جداً و لعلنا نعيشها بإخلاص أكثر من سكان أرض العُميان.

فهنا -أي في يمنِنا التعيس- العُميان كُثر..و من الممكن جداً أن تُسحق بهم و بإيمانهم المُطلق بعدم وجود مفهوم يخالف ما تعودوا عليه لمئات السنين..مفهوم أن تكون كالجماعة فلا تخالفها..فالعُميان هنا يرفضون مجرد القبول لفكرة الاختلاف أو حتى أن هناك من يتمكن من الرؤية و ترجمة ما يراه لأفكارٍ مختلفةٍ عن ما هو سائد لديهم..فحينها سيكون العمى -الذي يؤمنون به كحقيقةٍ مُطلقة- مُشكوكٌ بأمره و لو قليلاً..فكيف ستكون حياتهم دون ذلك الإيمان المُطلق؟؟.

هل نحتاج حقاً لأن نتماهى مع العمى لكي نصمد و نحيا؟؟..أليست فكرة أن تستيقظ فتجد أنك تتكرر طوال اليوم فكرةٌ جدُ مرعبة؟؟..أن ترى نفسك تتكرر في كل من هم حولك فلا تدرك كيف هم و كيف هو أنت!!..أن تحيا و أنت لا تدرك -و هو الأهم- معنى أن "تشعر" بأنك قطعةٌ متفردة من روح الرب لم يفتقد حينها للخيال عندما نفخ فيها من روحه.

مجنون..هكذا كان نونيز في أرض العُميان و هكذا سيكون أي شخص "يستوطن" اليمن و يحاول أن يخرج عن طوع قطيعٍ إمتهن تقبيل الأحذية..أعمى مجنون قابضٌ على جمرة البصر..يُقتل يتم تسفيهه يتم إقصاؤه و كل هذا النعيم و أكثر..و لكنه أبداً لن يوصف بكلمة "مواطن"..فهي أرضٌ خُلقت للعُميان و لا مكان للمُبصرين فيها..فإن أردت البقاء فيها عاشقاً لها فيجب عليك أن تفقأ عيناك أولاً..و لكنك لو كنت قد أبصرت يوماً فلن تضحي بعينيك و لو من أجل مواطنةٍ في أرض العُميان التي تعتقد أنك تعشقها.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 3..2..1..أكشن
- أحبكِ و كفى -قصة-
- ردة الله
- القُبلة الأولى
- القافلة تسير و نحن ننبح
- بين ساقيَّ أنثى
- خطيئةٌ بلا حواء
- تباً لدين محمد*
- اغتصاب بالتراضي!!
- عند ركن الجنة -قصة-
- شعب الله الغير مُختار
- الجنازة حارة و الميت -كلب-!!
- اليمن بلا إسلام
- نساء البخاري*
- عن الجنس و الشغف نتحدث
- إبليس يسكن الجنة
- دين وقح
- الإسلام جزء من المشكلة
- أنا و عُمر و -ما أنا بقاريء-
- ديانا و أسامة


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - في بلد العُميان