أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عفيف رحمة - لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح















المزيد.....


لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4338 - 2014 / 1 / 18 - 12:39
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


نص الحوار الذي دار بيني وبين الصديق الأستاذ فؤاد قطريب ضمن برنامج الحوارات التي ينظمها الصديق فؤاد على صفحة مجموعة منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح
ضمن سلسلة حوار مباشر مع شباب سوري واعد وشخصيات سورية فاعلة بهدف تعميق التواصل بين الشباب السوري من كل المكونات السورية وتحصين التعددية يسرني جدا أن أحاور اليوم الدكتور عفيف رحمه ...المتميز بكتاباته وتحليلاته . مع شكري له مقدما ..

Fouad Alkatrib
السؤال الأول : دكتور عفيف هل يمكنك أن تقدم نفسك للشباب في المنتدى مع لمحة عن تجربتك السياسية لو سمحت ؟

د.م. عفيف رحمه
بداية اشكر صديقي الدكتور فؤاد قطريب لمقترحه المشاركة في حوارات المنتدى، واشكر المنتدى وأعضاءه لهذه الجلسة الحوارية التي أتمنى أن تكون محطة لإظهار القواسم المشتركة وتوحيد آرائنا ومواقفنا، وإنضاج الأفكار اللازمة لنتقدم خطوة نحو الديمقراطية
أنا عفيف رحمة تولد 1953، مهندس مدني من جامعة دمشق (1976)، أقمت في فرنسا بين عام 1985 و1994بغرض تحضير درجة الدكتوراة، بعد عودتي من فرنسا إلتحقت بجامعة دمشق وبدأت مرحلة جديدة لم تكن بالسهلة حيث برز التناقض بين رؤيتي للواقع السوري وبين المزاج العام
خلال مرحلة الدراسة الجامعية كان لي بعض الأنشطة السياسية، أما إقامتي في فرنسا فكانت فرصة لي للتعرف على نمط الحياة السياسية والإجتماعية وعلى والتجربة الديمقراطية في بلدان غرب أوروبا، تعرفت خلال إقامتي على مختلف المدارس والتيارات السياسية ووجهةنظر هذه التيارات حول الصراع بين الشرق والغرب.... أعتقد أنها تجربة غنية من الناحية الفكرية والنضالية
من الناحية الفكرية والسياسية أقيم نفسي ضمن التيار الوطني اليساري الديمقراطي
بعد إنطلاق الحراك الشعبي في سورية تبنيت الوقوف مع الحراك من قناعتي بموضوعية الأزمة السورية وحتميتها إلا أني إخترت خط التغيير السلمي لإقتناعي بأهميته إنطلاقاً من تجربة الشعوب الأخرى بدء من التجربة الهندية (غاندي)، ومن ثم التجارب الحديثة بولونيا، ليتوانيا.... دون أن ننسى التجربة الإيرانية ... وأخيراً تجربة شعوب الإتحاد السوفييتي.ونهاية النظام الشمولي.

Fouad Alkatrib
السؤال الثاني : هل يمكنك أن تعطينا فكرة دقيقة ولكن مجملة وغير مطولة عن حالة سوريا مجتمعيا واقتصاديا عشية الثورة لو سمحت؟

د.م. عفيف رحمه
سؤال هام جداً لعدة إعتبارات
أولى هذه الإعتبارات أن سوريا كانت تسير نحو واقع إقتصادي واجتماعي مغاير لما يروجه الإعلام ولما هومتداول بين العامة
الإعتبار الثاني أن جميع من تناول الأزمة لم يتطرق نهائياً لهذا الواقع بالتفصيل سوى بعض القوى التي كانت تتحدث عن توزيع الثروة بين الفقراء والأغنياء بطريقة كلاسيكية دون الدخول في التفاصيل الهامة أي دون تفنيد الواقع الإقتصادي والإجتماعي بشكل علمي ودقيق.
من الهام جداً حين نتناول القضية الإجتماعية أن نأخذ المعطيات المادية وفق حقيقتها وبشكل صحيح، هذه الحقائق كانت تشير إلى أن سوريا ذاهبة نحو أزمة وطنية لا محال (ولكني كنت أتوقع حصول ذلك عام 2013) وإن تكلمنا عن قوى خارجية وتدخل خارجي ففي الواقع هذه القوى لم تفعل سوى استثمارها للواقع الإقتصادي الإجتماعي وتدخلها لم يأتي إلا ليسرع انطلاق الأزمة، لكن الأزمة ما هي إلا نتيجة الواقع الإقتصادي المزري للمجتمع السوري.

Fouad Alkatrib
السؤال الثالث : ما هو هذا الواقع الاقتصادي المزري للمجتمع السوري الذي تتكلم عنه ؟ هناك من يرى ان المجتمع كان في حالة انفراج اقتصادي وخاصة الطبقة الوسطى

د.م. عفيف رحمه
بالمعنى السياسي الإقتصادي سوريا كانت أمام عملية إنفتاح لا إنفراج (إنفتاح على عالم الأعمال والمصالح) واستفادة الطبقة الوسطى كان نسبي لكن المستفيد الحقيقي كان شريحة ضيقة والحصة الأكبر من الثروة كانت تذهب إلى فئة ضيقة من هذه الشريحة
لننظر لمجموعة من المؤشرات التي تفسر الواقع السوري
حجم قوة العمل، معدل البطالة، مشاركة المرأة في عملية الإنتاج، معدل الأمية وأمية قوة العمل، كيفية إستثمار المال العام وأطر توظيفه، الواقع الزراعي ...... هذه مؤشرات تفسر الواقع السوري
يمكنني تقديم مؤشر بسيط يعبر عن مجمل هذه المؤشرات
وفق مؤشرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية جاء تصنيف سوريا ضمن الدول الفقيرة ضعيفة التقدم، ويشير تحليل معايير التنمية إلى تراجع سوريا 47 مرتبة خلال 20 عاماً، لتحتل عام 2011 المرتبة 119 في سلم تصنيف 187 دولة بدل المرتبة 72 التي إحتلتها عام 1991
ربما يأتي من يقول أن سوريا بلد مقاوم وهو في حالة حرب دائمة مع إسرائيل، لكن أمثلة كثيرة قدمها التاريخ لنا تفيد بخلاف النتائج التي يتذرع بها بعض المتعاملين مع النهج التبريري، لننظر مثلاً للحالة الكوبية والحالة الإيرانية وهنا أذكر هذان البلدان لأن البلدين في حالة حصار ومقاومة للمشاريع التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه، مع إختلاف وتباين في نظريتهما العقائدية
تقدمت كوبا الشيوعية ضمن ذات الفترة من المرتبة 62 إلى المرتبة 51 كما تقدمت إيران الإسلامية من المرتبة 92 إلى المرتبة 88، وتقدم الكيان الصهيوني من المرتبة 21 إلى المرتبة 17.
مثالان يفيدان بأن كل بلد مقاوم أمامه استحقاقات التنمية البشرية الكفيلة بنجاحه في تنفيذ مشروعه المقاوم...
لكن سوريا كانت تسير بالإتجاه المعاكس

Fouad Alkatrib
السؤال الرابع : كيف تقرأ عملية التنمية الاقتصادية في مرحلة حافظ أسد وخاصة المشاريع التنموية التي أقامها في منطقة الساحل هل كانت من منظور طائفي كما يراها خصومه أم كانت صرورية للمنطقة ؟ وهل كانت عملية التنمية متكافئة في سوريا أم أنها انتخابية ؟

د.م. عفيف رحمه
سؤال هام جداً لأنه يفسر كثيراً من القضايا، يجب أن نقرأ المؤشرات بشكل صحيح وإلا سنفهم القضايا بغير حقيقتها
في واقع الأمر التنمية في عهد حافظ الاسد كانت تنمية بيروقراطية وكانت في حدها الأدنى ولهذا الموضوع حديث آخر لكنها كانت أكثر توازناً منها في السنوات العشر الأخيرة، في عهد حافظ الأسد كان الإفقار أكثر توازناً أما في السنوات الأخيرة فمحصلة السياسات أدت إلى زيادة غنى الأغنياء وإفقار الفقراء على عموم سوريا دون إستثناء

Fouad Alkatrib
السؤال الخامس : لماذا برأيك دكتور تركزت الثورة في الريف السوري وليس في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب خلال شهور طويلة هل لاسباب اقتصادية تنموية أم لأسباب أخرى ؟ ولماذا تأخرت البورجوازية أو الطبقة الوسطى في دعم الثورة ؟

د.م. عفيف رحمه
لنبدأ من السؤال الثاني
لا يمكننا تجاهل المناخ العام السائد حيث الرعب سيد الموقف، الرعب نتيجة القمع السياسي والإجتماعي وحتى الإقتصادي (قطع الأرزاق) وإذا كنا نتحدث عن البرجوازية (الوطنية منها) والطبقة المتوسطة علينا أن نسأل أي هم مفكروها؟؟؟ أواين كانوا؟
المناخ السياسي الأمني الذي كان سائداً خلال العقود الأربعة وملاحقة المفكرين التنويريين واليساريين والقوميين .... ثم اساليب التشويه الفكري والثقافي (الذي رافق المناخ الأمني ) الذي كان يلاحق صاحب كل طرح فكري وما يتبعه من التخوين والغتهام بالعمالة والتحريف والسير في ركب الإمبريالية والصهيونية ....كل ذلك حسب رأيي كان كفيلاً بأن يخلق هوة بين الشارع ومفكري الطبقة الوسطى من ناحية والشك بجدوى تحركهم من ناحية أخرى
أما حول مضمون السؤال الأول فيمكن أن أجيب بنقطتين:
1- سكان المدن الكبرى دمشق وحلب استفادوا من الإنفتاح ولو بشكل متفاوت ونسبي لكن يجب أن لا ننسى أن ما يطفو على سطح الأنشطة الإقتصادي في هذه المدن هو النشاط التجاري وهو مؤشر خادع يوحي بالرخاء لأبناء المدن ولمراقبيهم
2- أما خارج المدن الكبرى حيث النشاط الزراعي فكان في وضع يرثى له، وواقع سكان هذه المناطق كان في أسوأ أحواله، الأمية، البطالة، تراجع في النشاط والعملية الزراعية، عدم وجود مشاريع في التنمية الزراعية ، خسارة الأراضي الزراعية المروية، عدم استصلاح الأراضي غير المروية، سياسة الأسعار، ضعف القروض الزراعي، التراجع في معدل إنتاج بعض المنتجات الزراعية (خلافاً لكل ما يرويه الإعلام
نتائج هذا الخلل تجلى في الهجرة من المدرسة وهجرة اليد العاملة الزراعية نحو المدن للعمل في أنشطة مثل البناء، النقل، الخدمات
هذه الحقائق تفسر انتشار العشوائيات بشكل كبير حول هذه المدن الكبيرة
أعتقد أن أبناء هذه المناطق الزراعية كانوا الأكثر تضرراً من السياسات الإقتصادية و من إهمالها للمناطق والمحافظات الزراعية (وإن بشكل متفاوت) ومن الطبيعي أن يكون أبناء هذه المناطق الأكثر حماساً للتغيير

Fouad Alkatrib
السؤال السادس : هل هذا يعني برايك دكتور أن السبب الاساسي للثورة هو اقتصادي ام أن هناك اسباب اخرى منها مثلا الصحوة الاسلامية ومنها طبيعة النظام القمعي أو حتى كما يقول البعض في المعارضة أنه طائفي ماذا تقول ؟

د.م. عفيف رحمه
الفقر والجهل البيئة الأكثر ملائمة لنمو الأفكار المتطرفة الدينية الطائفية العرقية .... فكيف إذا أضيف له القمع
هذه البيئة هي التي تسمح لكائن ما كان أن يتقدم ليقول أنا أملك الوصفة السحرية فلنجرب ومثل هذه التيارات والحركات لا بد أن تحاول التجريب عن قناعة بصحة رؤيتها أو لأسباب مصلحية وإنتهازية
في مجتمع تتحقق فيه العدالة والحرية فرص نجاح مثل هذه التوجهات مستحيلة لأنها لا تملك الافضل فهي بطبيعتها إقصائية (وإن كانت فرص تداولها ممكنة) لكنها لا تستطيع أن تنجح لأنها لا تملك الأفضل
الواقع الإقتصادي السيء هو الرافعة لمثل هذه الأفكار

Fouad Alkatrib
السؤال السابع : قلت في تعريفك عن نفسك انك تنتمي للتيار اليساري الديموقراطي هل يمكنك أن تعطينا فكرة عن ذلك وخاصة مصطلح يساري لو سمحت ؟ وقلت أن النظام قام بقمع رموز الفكراليساري والقومي هل لديك أمثلة ؟

د.م. عفيف رحمه
اقول أني أنتمي لتيار اليسار بمفهومه العام وتجربتي تؤكد لي أن الموقف اليساري لا يجب أن يتعارض مع الديمقراطية بمفهومها الواسع لأنها المناخ الأكثر ملائمة للإبداع والتطور والتجدد، تجدد الأفكار وتجدد السياسات
سقوط الإتحاد السوفيتي كان دليلاً عن أهمية الديمقراطية وأنا استشهد دائماً بحالة تاريخية
في كتابات لينين كان يوجه انتقاداته لحزب العمال اليساري في السويد ويتهمه بأنه حزب إصلاحي ودور هذا الحزب مشهود له في تاريخ السويد حيث استمر بحكم السويد نحو 50 عام ثم أزيح مع تقدم اليمين المتطرف وعمر حكم هذا الحزب لا يقل عن عمر حكم الحزب الشيوعي السوفييتي لكن السويد اليوم أكثر تقدماً من بلدان الإتحاد السوفييت والحكم الشمولي في الإتحاد السوفييت لم يساعد على بقاء الإتحاد في حين فرصة عودة حزب اليسار في السويد كبيرة جداً
من الجرأة أن يقول الإنسان عن نفسه أنه يساري فتقيم موقعه تحدده مواقفه وأنا أعتقد أنه يجب الدفاع عن الطبقة التي تساهم بجهدها وعرقها في صناعة الحياة الإجتماعية وصناعة الثقافة العامة وصناعة الثروة القومية ولها الدور الأكبر في عملية الإنتاج
أن أكون يسارياً حسب فهمي هو أن لا أقف في وجه مصلحة الشريحة الأوسع من المجتمع
حول القمع سجون النظام ظلت مليئة بالمناضلين لسنوات ولسنا بحاجة لذكر أسمائهم

Fouad Alkatrib
السؤال الثامن : هل هذا يعني انك مع استمرار القطاع العام و الاقتصاد الموجه والتعليم المجاني الإلزامي أم أن لك مفهوما جديدا لليسار؟

د.م. عفيف رحمه
في الإقتصاد:
يجب أن لا نأخذ الوصفات القديمة كوصفات مطلقة، كان التأميم رؤية كوسيلة للسيطرة على الإقتصاد من أجل توجيهه وفق المنظور السياسي لكن التأميم له حسناته وسيئاته ومن سيئاته تحول الإنتاج وإدارة الإنتاج إلى شكل بيروقراطي
أظهرت التجارب وحتى في الدول الغربية الرأسمالية أنه لا بد للدولة أن تتدخل إما بالتشريعات أو بالتأميم الجزئي أو الكلي ...وفي جميع اشكال نظم الحكم لا بد للقطاع العام أن يكون له دور ويجب أن يشكل النواة الصلبة التي تحمي المستهلك، لا أريد أن أسهب في هذا الموضوع لأنه تقني أكثر منه سياسي، لكن ما يجب قوله أن دور القطاع العام يجب أن يكون لحماية إقتصاد البلد لا لتعطيله وهنا مجالات الإبداع
بالنسبة للتعليم:
التعليم في فرنسا مجاني، و في دول غربية كثيرة التعليم مجاني ويعتبر واجب على الدولة وحق للمواطن ، يجب أن لا ننسى أن الموضوع مرتبط بطريقة توزيع الثروة القومية ووفق نمط هذا االتوزيع يمكن تحديد مجانيته من عدم مجانيته
ما يمكن قوله أنه لا يجب تحويل التعليم إلى أداة من أدوات السلطة أي تسييس التعليم لأنه مخالف لديمقراطية التعليم ومخالف لحقوق المواطنة
في كلا المجالين أن اكون يسارياً هو أن أوجه هذين القطاعين نحو تطوير المجتمع ببنيته العامة وبعيداً عن المصالح الطبقية وأن لا يكونا منصة للإستثمار السياسي أو الإقتصادي

Fouad Alkatrib
السؤال التاسع : كيف تقيم إداء النخبة والطبقة السياسية عموما والمعارضة السورية خصوصا تجاه الثورة ؟ وهل مازالت الثورة مستمرة أم ماذا؟

د.م. عفيف رحمه
سؤال لا يمكن الإجابة عليه ببساطة أو بحيادية
أولاً وفي ظل الظروف التي مرت بها سوريا من غياب للديمقراطية وغياب للحياة السياسية التي منعت من التكوين الطبيعي والموضوعي للرؤى والمواقف السياسية ، لا يمكن إلا أن نجد أعذاراً لكل من يعبر عن موقف سياسي حتى وإن تعارض مع موقفي،
لكن من ناحية أخرى لا يجوز أن يستمر هذا التشتت والتفاوت في وجهات النظر حول الواقع وسبل الخروج من الأزمة
قبل المتابعة أود أن أنوه إلى أن مصطلح الأزمة لا يتعارض مع مصطلح الثورة وأن الأول ليس حالة تسخيفية للثاني ، في الفهم السياسي الأزمة مصطلح يعبر عن حالة إختناق المجتمع ووصوله إلى طريق مسدود فهو مصطلح عام وشامل أما الثورة فهي التعبير عن أحد طرق الخروج من هذه الأزمة وإن نجحت الثورة فإن الأزمة لا تنتهي لأن لها إمتدادات إقتصادية وإجتماعية لما بعد الثورة
أعود لموضوع النخب والطبقة السياسية فأنا أعتقد أن جزء من مشكلة هذه النخب أنها ظنت بأن الخلاف مع النظام هو مجرد خلاف سياسي بالشكل والجوهر، أي خلاف حول طبيعة النظام وخياراته السياسية والإقتصادية
أنا أعتقد أن الخلاف أعقد وأعمق من ذلك وأعتقد أن الخلاف هو وطني بإمتياز فالموضوع مرتبط بوجود الدولة ومؤسساتها حيث ألغى النظام الدولة ككيان سياسي وإجتماعي وحولها ببساطة إلى رقعة حكم، كذلك الامر بالنسبة لمؤسسات الدولة التي حضرت شكلاً وتلاشت فعلاً كنتيجة لإحتكار السلطة ليس من قبل الحزب الواحد بل من قبل جماعة ضيقة جداً
الدولة بمفهومها الحديث أنتهى مع بدايات سبعينات القرن العشرين لذلك أقول القضية وطنية بإمتياز وعلى هذا النقطة كان من السهل توحيد المعارضة
لو إنطلقت المعارضة من هذه النقطة لكان موقفها أكثر صلابة وكان عليها أن تتوحد رغم تبايناتها السياسية ،
نحن أمام مؤتمر جنيف 2 وقناعتي بأن نتائجه لن تكون مرضية، فمواقف النظام تدل على ذلك دون كثير عناء ، لذلك أعتقد أن ردود الفعل ستكون أكثر شدة وربما أكثر عنفاً
بالفهم العام الثورة لن تنتهي بمجرد تغيير الفريق الحاكم لأن استحقاقات كثيرة ستبرز على السطح ولا بد من حلها ودون التقدم نحو الأمام سيستمر ضغط الشارع وعلينا أن نعمل ليكون الضغط بالطرق السلمية لا العنفية

Fouad Alkatrib
السؤال العاشر : بما أنك ذكرت مؤتمر جنيف 2 سؤالي هو : إلى اين تتجه سوريا ؟ إلى حل سياسي أم استمرار للصراع السلاحوي ام نحو التقسيم أم نحو حراك شعبي ثان أم ماذا؟

د.م. عفيف رحمه
بين استحقاقات جنيف 1 ومقترحات جنيف 2 والنوايا التي طرحت حول جنيف 2 خلل سياسي لا يوحي بثقة في التائج
جنيف 1 تحدث عن انهاء دور النظام الحالي وتغيير في بنية السطة (دون الخوض بآلياتها) وطروحات جنيف 2 تتحدث عن محاربة الإرهاب في المقام الأول، أي تحول من معالجة الأسباب إلى معالجة نتائج أو ظواهر هامشية
ما يتم تغافله أن النظام الذي لم يتمكن من الدفاع عن الوطن وعن المواطن وسمح للإرهاب أن ينتشر ويتسع (وكان له الدور والسبب بإنتشاره) مثل هذا النظام لا يمكنه محاربة الإرهاب (في مثل هذا الطرح تبيض لبعض صفحات النظام)
إن أي حل سياسي دون معالجة المشكلة السورية بشكل جذري لا يمكن أن يكون في صالح سوريا لأن أسباب المشكلة لم تزول، وستكون سبباً لتنامي العنف
أما التقسيم فمنذ بداية الأزمة كنت أعبر عن رأيي بأن الشعب بثقافته العامة لا يمكن أن ينجر نحو الحرب الأهلية أو نحو التقسيم وهو ببنيته الأخلاقية لا يتعامل مع الطائفية وإن تعامل معها فبإطارها السطحي (ثقافة التباين)
أعتقد أنه في حال طرح مشروع سياسي لا يتوافق مع الطموحات الشعبية بالتغيير نحو نظام يحقق الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية لا بد للحراك الشعبي أن يتجدد ويستمر وتتضاعف شدته

Fouad Alkatrib
السؤال الحادي عشر قبل الأخير : كيف تقرأ المشهد السياسي والاستراتيجي على ساحة الشرق الاوسط هل هو ربيع عربي وشرق أوسطي ديموقراطي أم صحوة اسلامية أم حروب وصراعات وخاصة سنية شيعية تغذيها محاور إقليمية ودولية ؟

د.م. عفيف رحمه
كل ذلك
تاريخ الشعوب يحدثنا عن صراعات دائمة منها الشديد ومنها الضعيف، منها الموضوعي ومنها الذاتي منها الجوهري ومنها السطحي ... لكن في الإطار العام هو محطة ، محطة تاريخية لها أسبابها الموضوعية وهي مرحلة حتمية وعلينا أن نستفيد منها ليكون إتجاه التطور بالإتجاه الصحيح بإتجاه بناء الدولة الديمقراطية
لا يمكننا أن ننكر وجود صحوة إسلامية (مع التحفظ على مصطلح صحوة) فسوريا مرت بتجارب سياسية متعددة: وطنية قومية "إشتراكية قومية" هذه التجارب فشلت في تحقيق قفزة نوعية على المستوى الوجودي وبعضها حمل من الأخطاء والكوارث بما يخالف الوعود والتطلعات ومن الطبيعي أن نرى مطالبة من التيارات الإسلامية بتقدم تجربتها
المؤسف له أن هذه التيارات لا تقدم بديلاً قابلاً للنقاش فهي تقدم الماضي كنموذج رغم أن حركة المجتمعات لا تسمح بتكرار الماضي كما أن هذا الماضي هو نسج خيال فتاريخ الخلافة الإسلامية لم يكن بأحسن صور الحكم

Fouad Alkatrib
السؤال الأخير : هل أنت مع اللامركزية السياسية والإدارة الذاتية في اطار الدولة الوطنية الديموقراطية أم أنك ترى ذلك خطر على وحدة المجتمع والتنمية الاقتصادية ؟ وماهو مجلس الجمهورية الرابعة ولماذا؟

د.م. عفيف رحمه
في البداية أحدثت مجموعة الجمهورية الرابعة ولا زالت موجود ومهمتها مناقشة مواد الدستور والتحضر لكتابة دستور جديد، لكن ونظراً لطبيعة الحوارات الملحة لم تكن صفحة هذه المجموعة مناسبة لمثل هذه الحوارات فأحدثت مجموعة مجلس الجمهورية الرابعة
جرت العادة أن تنسب طبيعة الجمهورية إلى دستورها وتسلسله التاريخي، ففرنسا تعيش في ظل الجمهورية الخامسة أي في ظل الدستور الخامس للجمهورية الفرنسية، من هنا طرحت الجمهورية الرابعة كتسمية لحال سوريا في ظل الدستور الجديد
جاء دستور 1973 في الترتيب الثاني وكان دستور 2012 في الترتيب الثالث وهو لم يحقق طموحات الشعب السوري لذلك لا بد لنا من التحضير لدستور جديد هو الرابع في تاريخ سوريا
أما شكل النظام فأعتقد أنه في ظل نظام ديمقراطي يمكن تغيير أو تطوير اي شكل إداري سياسي
القضية الشائكة في سوريا هو موضوع تعدد القوميات (ولا أعتقد لتعدد الطوائف أهمية من الناحية السياسية) وأعتقد أن اللامركزية ضرورية ولا بد من قدر من ديمقراطية الأدارة بما يكفي لـتطوير المبادرات المحلية والشعبية في إدارة الشأن الإقتصادي قبل الإجتماعي
يبقى شكل هذه الإدارة موضوع نقاش تقني وقانوني أكثر منه سياسي
لا بد من تحرير الطاقات وعدم وضع قيود إدارية أو سياسية لإنطلاق هذه الطاقات وأعتقد أنه في ظل دولة ديمقراطية تتحقق فيها العدالة لا خوف من اي شكل إداري متبع لأن لا مصلحة لأحد في التقسيم أو الإنفصال
أوروبا مثال عن تعدد الأعراق والمذاهب والبنى الإقتصادية واشكال الموارد لكن وجود نظام ديمقراطي يساوي بين الدول وبين الأفراد سمح بخلق تكوين سياسي إجتماعي جديد.

Fouad Alkatrib
في ختام هذا الحوار الغني أشكر الاخ والصديق د عفيف مرة ثانية على قبوله اجراء هذا الحوار واشكر كل الأخوة بالمنتدى وإدارته طبعا واتمنى على الشباب التفاعل مع آراء د عفيف ون يحاوروه ويستفيدوا من خبرته ومعلوماته وثقافته ...وأن يتابع د عفيف أسئلة وتعليقات الشباب مع تحياتي وشكري ....وأترك له اختتام هذا الحوار

د.م. عفيف رحمه
شكراً لك صديقي واشكر المنتدى لإتاحته فرصة إجراء هذا الحوار، كما اشكر كل من تابعنا وسأتابع ما يطرحه أصدقاء وأعضاء المنتدى من اسئلة خلال الأيام القادمة للإجابة على تساؤلاتهم أو تعليقاتهم
أتمنى أن يفضي حوارنا ونقاشنا إلى تطوير ما نحمله من رؤى علنا نستطيع تقديم ما هو مجدي للخروج بسوريا من أزمتها الوطنية وأن نقدم ما فيه خير لسوريا
شكراً للجميع



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسات متناقضة والنتيجة واحدة
- معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة
- السوريون والقفص الإيراني
- إعادة بناء الدولة السورية (1)
- المسيحيون وربيع العرب
- المقاومة والممانعة شركة مساهمة محدودة
- من فضاء الفساد السياسي إلى فضاء الوطنية السياسية
- سقوط أحزاب الأمم
- المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
- معلولا اللغز السياسي والعسكري
- شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
- الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!
- وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة
- هجرة الكفاءات مؤشر فشل سياسات التنمية في سوريا
- الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية
- زيرو دولار زيرو روبل
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
- -المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
- جنيف 2 و أوهام التغيير
- الفساد منظومة ظل الدولة


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عفيف رحمة - لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح