أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!















المزيد.....

الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 02:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بعد أن فشل فصيل واسع من الشباب السوري في تغيير المزاج الرسمي للسلطة التي لم تتقبل بحكم طبيعتها الأمنية فكرة تحركه الشعبي وسلميته وصدق ندائه بتحقيق إصلاحات جادة في بنية الدولة، كضرورة حتمية لإعادة توطين قيم العدالة والحرية والكرامة، وبعد أن أظهر النظام وسلطته استخفاف بهذه القوة الصاعدة التي لم تنل منه سوى تهمة الخيانة والعمالة والطائفية والإرهاب كمقدمات استباقية متغطرسة لتجاهل هذه المطالب التي لا تتعارض مع التطلعات المشروعة لأي شعب من الشعوب، تحولت الحناجر لتردد شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، شعار منذ لحظة إطلاقه اعتبر إشكالياً حتى من القوى السياسية المعارضة التي عانت ما عانت من قمع وإستبداد النظام لعقود أربع.
إشكالية هذا الشعار تعود لنجاح النظام، الكابح لنمو وتطور الوعي السياسي خلال عقود حكمه، في إختزال وصهر عدة مفاهيم ومفردات في مصطلح واحد النظام؛ فالأمن والحزب والجيش والشرطة والحكومة وحتى كبار الموظفين... جميعهم كانوا اصطلاحياً يعنون النظام الذي ترأسه القيادة الحكيمة.
ما أريد من هذا الدمج العمد إحداث تشويه للبنية الفكرية والمعرفية للمواطن السوري، ففي الجمهورية العربية السورية لا يوجد مؤسسات دولة بل يوجد نظام ومؤسسات نظام، ومما لا شك فيه أن المؤسسة الحزبية والأمنية نجحت في إحداث هذا التشويه بشكل متقن ومحكم حيث حولت فيه وعي المواطن المتعدد الأبعاد، وفق بنيته الكونية، إلى وعي وحيدة المنحى قابل لتقبل فكرة سلطة الفرد الأوحد دون كثير عناء.
بفهمنا لهذه البنية يمكننا إدراك المناخ الإجتماعي والفضاء السياسي الذي حصلت فيه الإنتفاضة والأسباب الموضوعية لفوضى الحراك الشعبي وعدم قدرة صانعيه على إنتاج قيادات سياسية مؤهلة لتوجيه هذه الصحوة الشعبية وتطويرها وتصحيح مساراتها والإرتقاء بها إلى مستوى الثورة الشاملة.
هل كان من الممكن التنبؤ بالإنتفاضة السورية...، هل كان بالإمكان التنبوء بمسارات الحراك الشعبي وعثراته...، هل كان من الممكن إستثمار أخطائه من أجهزة النظام للإجهاز عليه...، هل كان ممكناً التنبؤ بحرف شكله السلمي ومضمون شعاراته ودفعه نحو العنف والتسلح...، أسئلة كثيرة كان من الصعب الإجابة عليها، فالحالة السورية حالة استثنائية بكل المقاييس.
كان لا بد من ركيزتين لاستقراء موضوعي لمسار الأحداث، توفر مناخ سياسي طبيعي وتوفر المعلومة، غير أن هذين الشرطين لم يكونا متوفرين، فالعمل السياسي والإهتمام بالشأن العام لم يكونا بشروطهما المثلى، كما أن الوعي السياسي لم يعتمد يوماً على دراسة وتحليل المؤشرات المادية لواقع المجتمع السوري بل كان منتجاً بأفضل ظروفه من أفكار الخيال الثقافي.
بمراجعة متأنية ومسؤولة للمؤشرات الإجتماعية-الإقتصادية للواقع السوري وخاصة في العقدين الأخيرين، كان من اليسير إرتقاب تمرد شعبي عارم قبل إنطلاق الإنتفاضات في دول الربيع العربي، مؤشرات تجسد حالة المجتمع السوري بإطاره الوطني العام لا بإطاره الضيق حيث تمركز الثروة والثروة القومية.
تراجع كارثي للتنمية البشرية، تدهور البنية الإجتماعية الإقتصادية للمحافظات البعيدة والمحافظات الزراعية نتيجة التهميش والإهمال التنموي، تدهور القطاع الزراعي وتراجع مساهمته في تشكيل الثروة القومية، تعزيز الإستثمار المصرفي في القطاع التجاري عالي وسريع الربح، تدهور في العملية التربوية والتعليمية، تنامي الأمية والبطالة، إزدياد الفقر وتزايد الهوة الطبقية، إنتشار العشوائيات...لتنتهي السبحة بفساد جميع قطاعات الدولة.
كل هذه المؤشرات كانت كافية لمن يملك السلطة ويقرأ الحقائق والبيانات أن يتنبأ بما هو قادم، لكن يبدو أن لا أحد كان يهتم بالمعلومة من المثقفين والسياسيين، الجميع تلقفوا المعلومة كما أنتجها النظام ليعيدوا إنتاجها وفق مناخهم الفكري الذي عملت سلطة الفرد على تكوينه، هي حلقة معرفية مغلقة.
خلال عقود أربعة كانت الحياة السياسية محصورة بقاعدة حكم يغلفها حزب متضخم عددياً لضرورات التحكم بمؤسسات الدولة ومرافقها ودوائرها، حزب خلال عقوده الأربع هيمن الفساد على أدائه، وجميع مؤتمراته العامة بدء من مؤتمره السابع الإستثنائي لم تخفي ذلك، إلا أنه لولا الفساد لما استطاع الإستئثار بالسلطة، حيث استثمر الفساد كأداة ووسيلة لتحقيق هذا الهدف.
فساد استملك المروجين للعبقرية الإستثنائية لرموز النظام وقيادتهم الحكيمة، ووظفهم لتبرير ما حملته ممارساتهم من تخريب ثقافي وإجتماعي وإقتصادي، جاعلين من عدائهم للعالم عداء العالم لهم أي للنظام أي للشعب السوري برمته هكذا كانت المعادلة، فالعالم يتحمل أسباب فشل النظام في إدارة البلاد كما يتحمل اليوم فشله في إدارة الأزمة الوطنية في سوريا.
هذه الحياة السياسية التي اقتصرت على سلطة حزب متضخم عددياً متخم بفساده منهجياً، لم تغيير من مقوماتها الأحزاب الشريكة التي كانت تسترخي على وسادة السلطة وتعمل على تنفيذ برنامج ومشروع النظام لا على تنفيذ مشروعها وبرامجها التي تحدد هويتها.
أحزاب (مع التحفظ على مصطلح أحزاب) قومية، ناصرية، وحدوية لم تكن يوماً سوى زوائد لحمية من جسد حزب البعث، زوائد خرجت من الجسم الأصل في فترات زمنية متلاحقة وبقيت ملتصقة به عضوياً، فبدونه تزبل وتتموت ثم تسقط دون أن تترك أثراً لوجودها. وأحزاب "شيوعية" أفرزتها المتغيرات السياسية العالمية، فعاشت خلال وجودها حالة تضاد بيني وضياع سياسي ووهن عقائدي نتيجة عدم تقبلها موضوعية التحولات التاريخية في علاقات الإنتاج العالمية والبنية الإقتصادية الإجتماعية الجديدة للمجتمعات بما فيها الراسمالية وما إقتضته من تحول نوعي في برامج الحركات العمالية في العالم، ظاهرة رافقت الحياة الحزبية والنشاط السياسي لهذه الأحزاب منذ مطلع ستينات القرن العشرين.
ضمن هذا المناخ السياسي وجدت هذه الأحزاب في اشتراكها بالسلطة برهاناً على إنتصارها النضالي جاعلة من تحالفاتها اللامبدئية مع النظام ورقة التوت التي تستر بها عورتها، راضية بكل الممارسات القمعية والسياسات اللاطبقية التي مارسها النظام وسلطته السياسية، متناسية واجبها في الدفاع عن المصالح الطبقية للجماهير الكادحة والمهمشة اقتصادياً واجتماعياً.

هل يحتاج النظام لإسقاط ؟
النظام بالمفهوم الدستوري يعني الهوية السياسية للدولة، ويعني ايضاً الأسس والآليات الدستورية التي تعتمدها الدولة في معالجة القضايا الإقتصادية والمدنية، بإعتبارها الراعية لشؤون المجتمع والأفراد.
وفق هذا المفهوم لم يكن تغيير النظام بحاجة لكل هذا العنف وهذا القدر من سفك الدماء والخراب، كما أن الدفاع عن هذا النظام لا يقتضي كل هذا العنف والتشريد والفوضى، لقد تغيرت أنظمة كثيرة في العالم ولم تعاني شعوبها كما تعاني الآن في سوريا.
القضية ليست بتغيير النظام لأن تغيير الدستور هو تغيير للنظام، غير أن ظاهر ما حدث أنه تمّ تغيير الدستور وسقط ما كان يعتقد أنه النظام ليحل مكانه نظام جديد، لكن الحقيقة أنه تغيير الدستور القديم لكن النظام لم يسقط بل بقي حياً، سقط النص القناع وبقيت أحكامه، فقد سمحت بنية النظام القديم بالإنقلاب السهل على النظام الجديد ليعيد إنتاج ذاته بلبوس سلطة الفرد بدل سلطة الحزب مكرساً من جديد منظومة الإستبداد التي نهضت ضدها الإنتفاضة الشعبية.
إن حقيقة ما أراده الشعب ليس استبدال الدستور بدستور جديد، بل إسقاط عصر الإستبداد الذي تأسس من بدايات الإستقلال مع أول إنقلاب عسكري في سوريا، عصر استبداد وصل في السنوات القلائل الماضية إلى عتبته القصوى التي دفعت الجموع نحو الإنتفاضة الشعبية، عصر عملت مختلف أنظمة العالم على تعزيزه دون استثناء.
المخابرات البريطانية ومن ثم الأميركية التي دعمت حسني الزعيم والحناوي والشيشكلي في انقلاباتهم العسكرية، المخابرات السوفيتية التي دعمت الأنظمة السياسية التي مارست الإستبداد بلبوس قومي علماني اشتراكي، بذريعة انتماء هذه الأنظمة لحركة التحرر الوطني!
أنظمة ودوائر مخابرات عملت لمصالح بلادها وأنصاعت لها القيادات السياسية في سوريا بألوانها ومذاهبها المختلفة واضعة حق المواطن بالحرية والعدالة والكرامة رهينة لمشاريعها العقائدية والسياسية غير الناضجة التي لم تحمل لسوريا سوى التبعية السياسية والإقتصادية والثقافية.
في 15-3-2011 ثار المواطن السوري لإسقاط عصر الإستبداد أملاً بتحقيق أثمن ما يتمناه المرء من الحرية والكرامة والعدالة، هي ذات القيم التي يسعى النظام اليوم تشويه معانيها بإستحضاره الدائم في حملته القمعية ما حملته الصراعات الدولية من قذارات بشرية كانت فيما مضى من الأدوات التي استثمرهاالنظام لتعزيز جذوره التي لا بد اليوم من النضال لإقتلاعها.



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة
- هجرة الكفاءات مؤشر فشل سياسات التنمية في سوريا
- الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية
- زيرو دولار زيرو روبل
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
- -المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
- جنيف 2 و أوهام التغيير
- الفساد منظومة ظل الدولة
- مراهنات النظام وآثارها في تعميق الأزمة الوطنية الكبرى في سور ...
- التعليم في سوريا ومشكلاته
- البحث العلمي في سوريا-حقائق ومؤشرات
- فساد النظام وتجلياته في معالجة القضية السورية
- الوجه الديني في تكوين الأحزاب اليسارية
- قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإج ...


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!