أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإجتماعية الإقتصادية















المزيد.....



قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإجتماعية الإقتصادية


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4167 - 2013 / 7 / 28 - 01:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية
حقائق ومؤشرات البيئة الإجتماعية الإقتصادية

قدمت لنا الأزمة السورية نموذجاً مدرسياً لحالة تاريخية خاصة أمتزج فيها الصراع الطبقي مع النضال الوطني ضد منظومة الرأسمال العالمي حيث شكلت السلطة مساحة التقاطع بين حلقتي الصراع.
ولعل أهم درس تعلمناه كمثقفين ثوريين أننا على جهل تام بالتكوين الثقافي والإجتماعي لهذا القوم الثائر وببنيته الطبقية التي لم نملك بشأنه غير توصيفات طبقية بائسة أخذت قيمتها السياسية من منظومة معرفية مشوهة تكونت في ظل نظام غابت عنه الحريات الفكرية والسياسية. فما هي حقيقة البنية الإقتصادية الإجتماعية الثقافية لهذه الشريحة المتمردة، وما هو دور النظام والسلطة وسياساتها في تكوين هذا الوقود البشري الذي إنطلق غاضباً مستعيناً ببوصلة تم معايرتها في مخابر لا وطنية.

البنية الديموغرافية للمجتمع السوري
حسب بيانات سجل الأحوال المدنية في سوريا بلغ عدد السكان المسجلين في نهاية عام 2010 نحو 24.5 مليون نسمة وقدر عدد المتواجدين على الاراضي السورية نحو 20.619 نسمة (نحو 51% ذكور و 49% إناث) وزعت بين 53.5% في الحضر و 46.5% في الريف.

ووفق هذه السجلات بلغ نسبة عدد السكان تحت سن الخامسة عشر 37.4% و 62.6% فوق الخامسة عشر (12.95 مليون نسمة، سنشير إليها كقوة بشرية)، وزعت بشكل مقارب للتوزيع السكاني حيث أخذت النسبة 55.8% في الحضر و 44.2% في الريف.

التنمية والقضية السكانية
منذ مطلع ستينات القرن العشرين خضع المجتمع السوري لزيادة سكانية بلغت المعدل 3.6% عام 1982 ليعود فينخفض تدريجياً إلى المعدل 2.04% في عام 2010 مع قفزة إستثنائية بين الأعوام 2000-2005 بلغت المعدل 3.1% عام 2003، إلا أنه رغم هذا الإنخفاض يبقى النمو السكاني عالياً نسبياً.
فحسب بيانات البنك الدولي لعام 2010 بلغ المعدل الوسطي للنمو السكاني للعالم (1.15%) و(2.2%) في الدول العربية، (2%) في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما اخذ المعدل (2%) في الهند و (1.8%) في اليمن وباكستان، 1.75% في مصر، (1.5%) في الجزائر (1.1%) في إيران.

على الصعيد الوطني أخذ هذا النمو قيمته الدنيا في دمشق 1.28% ليتبعها طرطوس 1.55%، فاللاذقية 1.64%، السويداء 1.67%، حماة 2.24%، حمص 2.26%، الحسكة 2.35%، إدلب 2.5%، الرقة 2.55%، حلب 2.6%، درعا 2.9%، دير الزور 3.2%، ريف دمشق 3.3% والقنيطرة 3.6%.

وخلافاً للضرورات الموضوعية التي تستوجب توفير فرص عمل كافية لمواجهة هذا النمو السكاني المرتفع نجد المجتمع السوري في حالة من البطالة المتنامية، حيث لم تتجاوز قوة العمل العدد 5.05 مليون نسمة عام 2010 (43.8% في الريف و 56.2% في الحضر)، شكلت 24.5% من تعداد السكان، و 39% من القوة البشرية علماً بأن وسطي العالم العربي 44% ووسطي العالم 60.26%.

نتيجة هذا الإنخفاض في حجم قوة العمل بلغ وسطي معدل الإعالة القيمة 3.96، توزع في المحافظات السورية وفق ما يلي : طرطوس 3.24، اللاذقية 3.37، حماة 3.47، دمشق 3.6، حمص 3.38، ريف دمشق 3.8، السويداء 3.93، حلب 4.66، الرقة 4.68، الحسكة 4.95، إدلب ودرعا 5، القنيطرة 5.1، دير الزور 5.5.

فهل كانت التزياد السكاني في المحافظات عالية النمو عائقاً في التنمية الشاملة؟ في واقع الامر تشير المعطيات لغير ذلك!

لننظر للكثافة السكانية في 1 كم2 من مختلف محافظات القطر، لقد بلغ المعدل 3030 مواطناً في مدينة دمشق و 435 في اللاذقية، 415 في طرطوس، 270 في درعا، 260 في حلب، 242 في إدلب، 160 في ريف دمشق، 158 في حماة، 66 في السويداء، 64 في الحسكة، 48 في الرقة، 47 في القنيطرة، 44 في حمص، 37 في دير الزور، مع معدل وسطي عام بلغ 114 فرداً لكل كم2 من الاراضي السورية.

تشير هذه المعدلات إلى أن المحافظات ذات الطابع الزراعي التي أظهرت الأحداث انخراطها الواسع بأعمال التمرد والعنف هي المحافظات الأكثر خلواً من السكان والمواطنين ولكنها الأضعف في التنمية البشرية والإقتصادية، وهذا يعني أن النمو السكاني النسبي المرتفع لم يكن السبب بامتصاص شواغر العمل كما لم يكن بالإمكان أن يشكل عبئاً تنافسياً على فرص العمل الجديدة (إن وجدت) في هذه المحافظات، على العكس من ذلك فقد كانت هذه المجتمعات المصدر الأساسي لقوة العمل في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الأكثر صعوبة وقسوة كالبناء والنقل والخدمات، وهنا بيت القصيد ذلك أن غياب فرص العمل في أرضها أنتج الفقر والبؤس الذي دفع بكثير من شبابها لترك التعليم والهجرة إلى أسواق العمل في المدن المجاورة والمدن الكبرى ليعملوا في شروط تزيد من بؤسهم وفقرهم.

الإبتعاد عن التنمية الشاملة
وفق مؤشرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية جاء تصنيف سوريا ضمن الدول الفقيرة ضعيفة التقدم، ويشير تحليل معايير التنمية إلى تراجع سوريا 47 مرتبة خلال 20 عاماً، لتحتل عام 2011 المرتبة 119 في سلم تصنيف 187 دولة بدل المرتبة 72 التي إحتلتها عام 1991.

يحاول الخطاب الرسمي التشكيك الدائم بمصداقية المنظمات الدولية، غير أن هذا التشكيك يفقد دلالاته حين تتم مقارنة الحقائق بالقياس النسبي مع دول لها بنية إجتماعية إقتصادية مشابهة وتخضع لضغوطات سياسية مماثلة تهدد بنيتها الوطنية والسياسية. فوفق تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 1991 جاء موقع سوريا في سلم التنمية بعد تركيا وقبل الصين وفي عام 2011 سبقت سوريا ميكرونيززيا وبوتسوانا وتبعتها ناميبيا والهندوراس، في حين تقدمت كوبا الشيوعية ضمن ذات الفترة من المرتبة 62 إلى المرتبة 51 كما تقدمت إيران الإسلامية من المرتبة 92 إلى المرتبة 88، وتقدم الكيان الصهيوني من المرتبة 21 إلى المرتبة 17.

قد تختلف المنظومات السياسية في تعريف مفهوم التنمية وتحديد مقاييسها إلا أن مؤشراتها واحدة، نصيب الفرد من الدخل القومي، متوسط سنوات الدراسة الفعلي والمتوقع، متوسط العمر عند الولادة، الدخل والإستهلاك، معدل الخصوبة ونسبة وفيات الأمهات، نسبة الرجال والنساء من قوة العمل وحصتهم من مقاعد المجلس النيابي، تكافؤء الفرص بين الذكور والإناث، حيث تعكس مجمل هذه المعايير القضايا المحورية في تحديد مكونات هوية الدولة والمجتمع التي يمكن إختزالها بمفهوم الفقر متعدد الأبعاد (الصحة، المعرفة ومستوى المعيشة).

يمكننا قراءة مقدمة لهذه المؤشرات من تقرير الفقر في سوريا لعام 1996-2004 الصادر عام 2005 عن المكتب المركزي للإحصاء بالتعاون بين الحكومة السورية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (هبة الليثي وخالد ابو اسماعيل)، حيث يشير التقرير إلى أنه في عام 2003-2004 لم يتمكن نحو 2 مليون سوري (11.4% من السكان) من الحصول على حاجاتهم الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، كما أوضح أنه بإستخدام خطوط الإنفاق الخاصة بالأسرة المعيشية كمؤشر للفقر يرتفع الفقر الإجمالي إلى 30% ليشمل 5.3 مليون شخص.

أمية مجتمع وأمية قوة العمل
هذه المؤشرات ما هي إلا نتاج أربعة عقود من السياسات التي جعلت معايير التنمية الوطنية مشروطة حصراً بمقاييس سياسية ضيقة قيل أنها قومية تقدمية وإشتراكية، وكان من ضحايا هذه السياسات أنشطة التربية والتعليم اللذان لم يسلما من عملية التسويق السياسي والحزبي دون إلمام بما يمكن أن يؤول إليه التناقض بين الخطاب السياسي والممارسة الفعلية.

فخلافاً للخطاب القومي التقدمي الإشتراكي الذي يفترض أن يعتبر التعليم من أولويات النهضة، بلغت الأمية مدى نرى نتائجه اليوم في طبيعة وتكوين القوة التي إنخرطت في حركة التزمر والتمرد والتي نجحت حتى الآن في وضع البلاد في حالة أزمة مستعصية.

إحصاءات عام 2010 تظهر ما وصلت إليه سوريا من الأمية، حيث بلغت نسبة "الأمي وشبه الأمي الملم بالقراءة والكتابة" نسبة 32.64% من القوة البشرية (فوق الخامسة عشر من العمر التي بلغ تعدادها نحو 12.95 مليون نسمة) وتجاوزت نسبة 60.4% إذا ما اخذنا بالحساب الذين انهوا بشق النفس الحلقة الأولى من التعليم الأساسي (المرحلة الإبتدائية) و 78% مع من أنهى اللمرحلة الثانية (الإعدادية).

لم يأتي ضعف هذه الحالة الثقافية والمعرفية مصادفة بل كانت جزءاً من الأمية العامة التي تكاد تكون "أمية مجتمع" و"أمية قوة العمل" (البالغة نحو 5.05 مليون نسمة)، فقد بلغت نسبة الأميين من قوة العمل 7.5%، و من يجيد القراءة والكتابة 15.8%، أما الذين توقفوا عند المرحلة الإبتدائية ولم يتابعوا الحلقة الثانية من التعليم الأساسي فبلغت نسبتهم 36.1% و 13.8% ممن أنهوا هذه الحلقة، أي أن نسبة 73.2% من قوة العمل غير قادرة على التعامل مع التكنولوجيا والتكنولوجيا المتقدمة.

أما حصة الريف من الحالات التعليمية السابقة فتوزعت على النحو التالي: 10.4%، 18.9%، 36.4%، 12.9%، ووزعت حصص العاملين في الزراعة الميدانية 23.2%، 27.3%، 35%، 8.4%.

على المستوى الوطني وزعت "أمية قوة العمل" حسب الشرائح العمرية إلى 7.35% للشريحة (15-19)، 9.4% (20-24)، 10.2% (25-29)، 10.5% (30-34)، 9.3% (35-39) بما يعادل 63.9% من "أمية قوة العمل" التي شكلت بحد ذاتها 73.2% من قوة العمل.

تفاوتت المحافظات السورية بنسبة "أمية قوة العمل" لمجموع هذه الشرايح العمرية غير المؤهلة علمياَ، حيث جاءت في المقدمة طرطوس 32.5% ليتبعها السويداء 33.8%، اللاذقية 35.9%، القنيطرة 38.6%، دمشق 40.9%، حمص 43.2%، الحسكة 47.5%، حماة 48.1، إدلب 49.1، ريف دمشق 50.4%، دير الزور 51%، درعا 52.2%، حلب 52.3%، الرقة 52.7%، مع تباين كبير في المعدل بين الرجال والنساء.

هل هو عيب إجتماعي أو سوء سياسات؟ في واقع الأمر هو محصلة للسياسات التعليمية والتربوية المعتمدة، تحديداً في المحافظات البعيدة عن الحركة الإقتصادية والبعيدة عن مراكز الإهتمامات الحكومية، حيث إنعكاساتها على المستوى الثقافي والمعرفي في الريف الذي تباين بجميع مؤشراته بين محافظة وأخرى، تباين يترجم لب السياسات الإجتماعية والإقتصادية التي إنتهجتها الحكومات المتعاقبة والتي إنصبت آثارها الكارثية على الفقراء والطبقة العاملة وبشكل خاص الطبقة العاملة في الزراعية ومجتمعها الفلاحي، فنسبة قوة العمل المؤهلة تأهيل ما بعد الثانوية (معاهذ أو جامعات) لم تتجاوز في كل من ريف دمشق، حلب، حماة، إدلب، الحسكة، دير الزور، الرقة بالتسلسل النسب: 14.2، 12.2، 15.3 14.5، 15.1، 17، 9.7%، بينما نجد نسب تكاد تصل إلى الضعف في دمشق، حمص، اللاذقية، طرطوس (23.7، 19.8، 23.8، 31.3%) أما درعا والسويداء والقنيطرة ونتيجة قربهم من العاصمة نجدهم يحققون النسب التالية (17.9، 23.1، 24.9%).

غياب المرأة عن التنمية الشاملة
في ظل منظومة سياسية إعتبرت التقدمية منهجها الوطني ينتظر منها ومن أحزابها السياسية العمل لزيادة تأهيل القوة العاملة ثقافياً وفنياً لمواجهة تحديات النهضة والتنمية، كما يفترض منها أن توفر للمرأة البيئة الثقافية والإجتماعية اللازمة للمشاركة في عملية تكوين الثروة الوطنية، لكن وخلافاً للشعار السياسي بقيت المرأة بعيدة بعداً كبيراً عن عملية الإنتاج، فرغم التساوي النسبي في تعداد الذكور والإناث بلغت نسبة النساء العاملات 10% من قوتها البشرية (إناث فوق سن الخامسة عشر (6.45 مليون))، و 12.9% من إجمالي قوة العمل (5.05 مليون)، في حين تأتي النسبة 39% في البحرين، 31% في السودان، 28% في عمان، 26% في المغرب، 25% في اليمن وتونس، 23% في لبنان، 17% في السعودية، 15% في غزة والأردن والجزائر، 14% في العراق، وتصل النسبة إلى 15% في أفغانستان، 16% في إيران، 28% في تركيا، 29% في الهند، 43% في كوبا، 44% في جنوب إفريقيا وماليزيا، 51% في أندونيسيا، 52% في فنزويلا، 59% في البرازيل و 52.5% في إسرائيل، (قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية، مؤشرات سوق العمل).

يتجلى هذا الإنحسار في إنكفاء المرأة بشكل عام ( بتساو بين الريف والحضر) وتفرغها للتدبير المنزلي حيث بلغت حصة هذا النشاط 60% من مجمل أنشطة المرأة مع تمايز طفيف بين إمرأة الريف إمرأة الحضر، وجاء توزيع الحصص الباقية بين 12.9% في الأنشطة الإقتصادية، 13.3% في متابعة الدراسة (بنسبة متوازنة مع نسبة الفتيان البالغة 14.8% تقريباً)، أما النساء اللواتي أعربن عن عدم رغبتهن الشخصية بالعمل فلم يتجاوز 7% من تعداد القوة البشرية النسائية.

تفسخ الريف وضياع قوة عمل المرأة
هذا التراجع في مساهمة المرأة في النشاط الإقتصادي تزامن مع تفسخ في قوة العمل الزراعي وإنحسار كبير لدور المرأة الريفية العاملة، ذلك أن حصة مشاركتها لم تتجاوز 13.4% من إجمالي قوة العمل في الريف ومساهمتها في العمل الزراعي الميداني لم يتجاوز 21.4% من إجمالي قوة العمل الريفي في حين كانت نسبتها 60% عام 2000.

يحلل هذا الإنحسار وفق عاملين، الأول ويتمثل بالتراجع العام لدور المرأة وتفرغها للتدبير المنزلي ، أما العامل الثاني فتمثل بتوجه عدد من نساء الريف نحو قطاع الخدمات والخدمات الخاصة والمجتمعية كنتيجة لتردي أوضاع المجتمع الريفي وتردي أحوال الإقتصاد الزراعي، فقد بلغت نسبة نساء الأرياف العاملات في قطاع الخدمات 38.9% مقابل 46% في قطاع الأعمال الزراعية و 15% في القطاعات الأخرى.

تباين مساهمة المرأة بين النشاط الزراعي ونشاط الخدمات من محافظة لأخرى حيث وزعت النسب المؤية بين النشاطين كما يلي: دمشق (صفر، 70.3)، حلب (52.4، 33)، ريف دمشق (7.4، 59.6)، حمص (33.7، 49)، حماة (66، 23.7)، اللاذقية (26.8، 50.8)، إدلب (50.6، 34.4)، الحسكة (53.7، 37.8)، دير الزور (92.7، 6)، طرطوس (16.6، 66.7)، الرقة (80.8، 13.6)، درعا (15، 59.2)، السويداء (11.3، 59.6)، القنيطرة (2.3، 90.6).

لقد لعب المستوى التعليمي دوراً طبقياً في توزيع الأدوار الإقتصادية ففي الوقت الذي توجهت النساء ذوات الكفاءات العلمية للعمل الوظيفي في المدن والمدن الكبرى (الحكومي غالباً) بقي قسم من النساء اللواتي لا يملكن مؤهلً علمياً أو ثقافياً في الأرض وتوجه القسم الآخر منهن نحو المدن للعمل في قطاع الخدمات والخدمات الخاصة والمجتمعية ونسبة ضئيلة في قطاع الصناعة.

خلل في عدالة التوزيع
لمقارنة مدى تقاعس الاهتمام الحكومي في تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير التكافؤ في فرص عمل للناشئة من مختلف المستويات يمكننا الإسترشاد بتوزيع نسب التشغيل الحكومي لعام 2010، حيث جاءت المعدلات في حلب 15.3%، إدلب والرقة 20.9%، ريف دمشق 25.7%، دمشق وحماة والحسكة 26.5%، دير الزور 28.5%، درعا 31.3%، حمص 34.5%، السويداء 35.4%، اللاذقية 43.5%، طرطوس 49%، القنيطرة 52.7%، تباين يعبر عن اختلاف في سياسة امتصاص البطالة من قوة العمل الناشئة بشكل خاص النساء والشباب ذات التاهيل العلمي المتدني.

كانت حصة النساء في التوظيف الحكومي نسبة إلى الرجال: الحسكة 19.6%، الرقة 21%، درعا 29.6%، ريف دمشق 30.7%، إدلب 30.3%، القنيطرة 30.4%، حلب 31.9%، حماة 34.7%، حمص 36.4%، دير الزور 36.7%، دمشق 44%، السويداء 51.8%، اللاذقية 56.3%، طرطوس 56.6%، هذا الخلل يعيد توازنه القطاع الخاص المنظم وغير المنظم ولكن ضمن شروطه القاسية.

أما الفئات غير مكتملة التعليم من أمي، ملم بالقراءة والكتابة ومن أنهى الحلقة الأولى أو الثانية من التعليم الأساسي فقد جاء معدل إجمالي التشغيل الحكومي كما يلي: حلب 5.1%، إدلب 6.5%، الرقة 8.3%، دمشق 9.45%، حماة 9.8%، دير الزور 10.2%، الحسكة 10.7%، السويداء 11.3%، درعا 11.6%، ريف دمشق 13.1%، حمص 13.4%، طرطوس 14%، اللاذقية 16.6%، القنيطرة 20.8%، مع بعض الغبن بالنسبة للنساء في المحافظات ضعيفة الروابط مع العاصمة.

بالنسبة للفئات العمرية الشابة (15-39) لم يحقق التشغيل الحكومي العدالة في التنمية كما في التشغيل حيث تمايزت محافظات عن محافظات أخرى وقد جاءت نسب التشغيل الحكومي لهذه الشريحة العمرية كما يلي: حلب 6.8%، إدلب 9.2%، الرقة 10.1%، الحسكة 10.9%، حماة 13.5%، دير الزور 13.6%، دمشق 14.3%، ريف دمشق 14.4%، حمص 16.8%، السويداء 18.7%، اللاذقية 21،5%، درعا 20%، طرطوس 22%، القنيطرة 27.1%.

يمكننا فهم هذا الدور إذا ماعلمنا أن نسبة الفئات الشابة (15-39) التي لا تملك تأهيل علمي كاف تبلغ 49% من قوة العمل، وإذا كان حجم العاطلين عن العمل يشكل 8.6% من حجم قوة العمل الوطني، فإن هذه الكتلة من المتعطلين تعادل 65% من قوة العمل في الشريحة العمرية (15-39)، وهذا المعدل لا يقترب من المعدل العام (8.6%) إلا بعد سن الثلاثين، ولا يبدأ الفرد بالإستقرار إلا بعد سن الأربعين.

إن كارثة العطالة تتجلى حين يتم مقارنة طالبي العمل من الشريحة العمرية (15-39) مع أقرانهم العاملين، مقارنة ربما تفسر الهم الكبير للمجتمع السوري والعجز الكبير للحكومات السورية كما تفسر طرق إستثمار البطالة، فتوزيع العاطلين عن العمل (من سبق له أن عمل ومن لم يعمل مسبقاً) في المحافظات جاء وفق الترتيب التالي: حلب 7.4%، حماة 8.8% ريف دمشق 9.3%، الرقة 11.6%، حمص 12%، درعا 12.6%، إدلب 12.3%، دمشق 16.2%، دير الزور 23.3%، السويداء 25.4%، الحسكة 29%، طرطوس 29.8%، اللاذقية 30.1%، القنيطرة 38%.

هذا التباين بين المحافظات في نسب البطالة والتأهيل العلمي ونسب التوظيف الحكومي يوضح الخلل في عدالة التوزيع في البؤس كما في التنمية الذي نجد إنعكاساته في الفقر وهجرة الشباب من الدراسة إلى العمل.

الفقر وهجرة الشباب من الدراسة إلى العمل
وفق إحصاء عام 2009 حول هجرة الشباب نحو العمل يتضح أن قسماً كبيراً من التلاميذ والطلبة الذين قاربت أعمارهم سن السادسة عشرة هجروا الدراسة، سن يؤهل صاحبه الموازنة بين طموحاته في التعلم وضرورات العمل، كما يسمح له ترك المنزل والإلتحاق بعمل قد لا يكون في أرضه. لقد وصل معدل هذه الفئة إلى نحو 35% ممن أنهى أو لم ينهي الحلقة الثانية، أما أسباب هجرة مقاعد الدراسة فعكست بمجملها وجود خلل في العملية التربوية وجاء البعد الإقتصادي ليعزز نتائجها، فنسبة 26.2% منهم تركوا المدرسة ولم يتموا الحلقة الثانية بسبب ما أسموه التعب من الدراسة! و 38.3% منهم لإعتقادهم بعدم قدرتهم على المتابعة والنجاح في التعليم أو أن لا جدوى من التعليم و 11.6% لعوامل دراسية اخرى و 7% لعوامل خاصة لم يعلن عنها وفقط 4% تركوا لرغبة حقيقية بالعمل.

هذا الشك وعدم الثقة بجدوى الدراسة تم تأكيده مجدداً من نسبة عالية من المشتغلين الذين تركوا الدراسة بعد حصولهم على أول عمل حيث صرح نحو 80% بعدم إستفادتهم من "التعليم" في عملهم.

لقد أظهرت البيانات أن ترك الدراسة المبكر بسبب الهم التعليمي وجد مقدماته خلال العمل في العطل المدرسية والأسبوعية أو بإرشاد ومساعدة من الأقرباء والاهل، بالمجمل فإن 28.5% منهم لم يتموا الحلقة الثانية و 13.3% أنهوا التعليم الأساسي و 13% من بحكمهم ممن لم يتموا التعليم الثانوي.

أما من وجدوا عملاً خلال فترة قصيرة فبلغ معدلهم 32%، حيث عملوا في مختلف مجالات الأنشطة الإقتصادية وخاصة القاسية منها، وحتى لا تكون هذه المؤشرات خادعة فلا بد من التنويه إلى أنه نحو 26% منهم (60% شابات، 18% شباب) عملوا في قطاع الدولة، وغالباً ما عملوا كعمال موسميين أو بدوام جزئي، و30% عملوا لدى اسرهم ونادراً ما عملوا لحسابهم الشخصي وإن عملوا فعملوا كباعة وفي التجارة الصغيرة أو في الحرف والمهن المختلفة بنسب تراوحت بين 12% فقط في الزراعة، 20% في الصناعة، 20% في البناء، 22% في الخدمات والحرف الخفيفة....وبأجور زهيدة وعدد كبير من ساعات العمل غالباً بلا عقد وفي عمل مؤقت أو موسمي وبلا ضمانات صحية أو إجتماعية.

القضية الزراعية
على المستوى الوطني تناقص عدد سكان الريف على إمتداد الفترة 1960-2010 من 63% إلى 46.5% من إجمالي عدد السكان في سوريا، أما قوة العمل البالغ تعدادها 2.2 مليون نسمة والتي تشكل نحو 43.6% من قوة العمل الوطنية فتوزعت أنشطتها الإقتصادية بين الزراعة والأنشطة الإقتصادية الأخرى.

بلغ عدد العاملين في الزراعة الميدانية 724 ألفاً فقط ( 639 من أبناء الريف و 85 ألف من ا
أبناء الحضر)، أي أن قوة العمل الريفية العاملة في لزراعة الميدانية لم تتجاوز نسبتها 12.6% من حجم قوة العمل الوطني بعد أن كان حجمها يمثل 30.6% عام 1960 (منظمة العمل الدولية، مؤشرات سوق العمل).

هذا العدد من أبناء الريف العاملين في الزراعة الميدانية لا يشكلون سوى 29% من قوة العمل الريفي، أي أقل من ثلث طاقة العمل حيث أجبرت الظروف الإقتصادية الفئة الباقية (71%) للعمل في الأنشطة الأخرى إما محلياً أو في المدن والمدن الكبرى والمراكز الصناعية، حيث جاء توزيعهم كما يلي: (10.5%) في الصناعة، (20%)، البناء، (9.8) في التجارة والفنادق والمطاعم، (6.8%) في النقل والتخزين، (22.85%) في الخدمات (1%) في المال والعقارت. فما هي أسباب نزوح القوة العاملة وهجرتها للأرض بعد أن كانت تمثل مصدراً أساسياً للثروة الشخصية والثروة الوطنية.

لقد شهدت الأراضي القابلة للزراعة (بعل ومروي) تراجعاً ملحوظاً في مساحاتها عبر العقود الأربعة الماضية، فبعد أن كانت تشكل نسبة 81.4% من مجمل الأراضي السورية إنحسرت لتصبح نسبتها 75.8% (منظمة الأغذية والزراعة وإحصاءات البنك الدولي للأعوام 1960 و 2010)، وضمن ذات السياق أنخفضت مساحة الأراضي القابلة للزراعة المروية من 33.4% إلى 25.4%، محققت بذلك خسارة تجاوزت نحو 20% من النشاط الزراعي.

أما أراضي المحاصيل الدائمة والزراعات المروية بمختلف اشكال الري (ينابيع، آبار، سدود، رزاز، تنقيط) فلم تشهد أي تقدم خلال العقد الأخير وحافظت على مساحة 1638 ألف هكتار أي ما يمثل 27.1% من الأراضي القابلة للزراعة المروية التي تصل مساحتها اليوم إلى 6045 الف هكتار، وما يعادل 11% من الأراضي الصالحة للزراعية التي تصل مساحتها إلى 14839 ألف هكتار من أصل الأراضي السورية البالغ مساحتها 18515 ألف هكتار.

هذا الإستهتار بالارض وخيرات الارض نشهد مثالاً صريحاً عنه في محافظة ريف دمشق، المحافظة المنسية زراعياً حيث وصلت نسبة مساحة الأراضي المهملة إلى 37.5% من الأراضي القابلة للزراعة المروية.

بالتوازي مع تراجع المساحات المزروعة يلاحظ تراجع في مساحة الحراج وعدد الغراس، ففي عام 1990 بلغت مساحة الحراج الإصطناعية 27 ألف هكتار وبلغ عدد الغراس 28888 ألف غرسة لتصبح 9.33 ألف هكتار و 9662 غرسة عام 2010.

يمكننا إستشعار هذا التردي في النشاط الزراعي من حجم تقنيات العمل الزراعي الذي لم يرى التطور منذ زمن، فعدد الجرارات الزراعية على سبيل المثال لم يتغير بشكل محسوس خلال العقدين الأخيرين، وحتى عام 2010 لم يتجاوز العدد 215 جرار لكل 100 كم2، عدد تجاوزته كوبا عام 1978، الضفة الغربية عام 1979، مصر عام 1985، الأردن عام 1990، لبنان عام 1993 وماليزيا عام 1994، في حين تجاوزته إسرائيل منذ عام 1960 ويكاد يصل عندها اليوم إلى 900 جرارا لكل 100 كم2 (منظمة الأغذية والزراعة).

أما المؤشر الأهم فهو ما أنجز من سدود تخزينية صغيرة إلى متوسطة كمساهمة في توفير المياه اللازمة لحماية المحاصيل الزراعية أو إستصلاح الأراضي، فبإستثناء سد الفرات (في حوض الفرات) الذي شكل قفزة نوعية في تاريخ سوريا السياسي والزراعي والذي يشكل 76% من الطاقة التخزينية لمياه السدود، لم ترى الأحواض الزراعية أي تطور حيث شكلت السدود المتوسطة في حمص وحماة ما نسبته 2.73% من الطاقة التخزينية، أما السدود السطحية فجاء تخزينها وفق الأحواض المائية كما يلي: حوض بردى والأعوج 0.04% ، حوض العاصي 0.75%، حوض البادية 0.25%، حوض الساحل 2.93%، حوض الفرات 10.57%، حوض دجلة والخابور 5.6%، وحوض اليرموك 1.21%.

تاريخياً تعود فكرة سد الفرات إلى الثلاثينات من القرن العشرين ايام المستعمر الفرنسي ولم يتم إنجازه النهائي إلا في عام 1978، أما السدود المتوسطة فقد أنجز سد قطينة عام 1939، سد الرستن ومحردة عام 1960 وسد تلدو عام 1975، وجميع المشاريع التي نفذت لم تفي بالحاجات الحقيقية لتحسين الاحوال الزراعية والمساحات المزروعة، ففي الفترة 1971-1980 زادت الطاقة التخزينية (0.58%)، 1981-1990 (4.6%)، 1991- 2000 (12.27%) و 2001-2010 (3.64%).

ورغم ما نشهده من صعود وهبوط لمساحة المحاصيل الزراعية والإنتاج الزراعي، فإن مؤشر ناتج قطاع الزراعة مقارنة مع إجمالي القطاعات الإقتصادية يبقى المؤشر الأمثل لتقييم الواقع الزراعي، فقد تراجعت نسبة مساهمته في الإجمالي الصافي للناتج المحلي، حيث شكل نسبة 40% في عام 1960 ،25% عام 1990، 25% عام 2000 و 16% عام 2010 (المقارنة بأسعار عام 2000).

تراجع يستحق أن يطلق من أجله ناقوص خطر السياسات الزراعية التي إعتمدت خلال العقود الماضية، ويدعو إلى مراجعة جادة وإعادة النظر بمجمل السياسات الإقتصادية التي تخلت تحت غطاء الإنفتاح والتحديث عن القضايا الوطنية المحورية التي شكلت الأرض والزراعة أحدى محاورها. لكن شيئاً كهذا لم يحدث، وإستمرت سياسات تهميش المحافظات الزراعية واستمر الإستخفاف بقيمة الأرض وعطائها، مما دفع القسم الأكبر من قوة العمل الزراعية إلى هجرة الأرض والتوجه نحو المدن للعمل في حرف البناء والخدمات والنقل كما أشرنا إلى ذلك سابقاً.

ورغم كل مل يروجه له عن التقدم في المجال الزراعي فإن البيانات تشير لتدني في مساحات المحاصل الزراعية وإجمالي مستوى الإنتاج الزراعي والحيواني، فقد سجل تراجعاً في المحاصيل الستراتيجية في الفترة (2006-2010)، بمعدل تراجع وسطي في إنتاج القمح 27.4%، الشعير 37.3%، الزيتون 26.8%، العنب 6.5%، المشمش 4%، الفستق الحلبي 18.9%، القطن 1.5%،....

كذلك الأمر بالنسبة للثروة الحيوانية حيث سجل بين عام 2006 و2010 تدني في عدد الأغنام بمعدل تراجع وسطي 14.7% وتراجع في المنتجات الحيوانية مثل الحليب بمعدل وسطي 3%، السمن 12.4%، الجبن 5.5%، بيض المائدة 16.5%، أغنام 9%،

أما يشار إليه من زيادة في مساحة لبعض المحاصيل الزراعية إنما هو إستبدال في نوع المحصول، أي زيادة مساحة محصول على حساب محصول آخر، كما ان الزيادة في عدد غراس بعض المزروعات والإنخفاض في إنتاجها لهو دليل على الجهد الضائع والمال والضائع الذي يقدمه الفلاح دون أن يجد دعماً له من الدولة.

البعد الطبقي للأزمة السورية
لقد سجلت الأزمة هويتها الطبقية منذ بدء أحداثها التي انطلقت من المحافظات المهمشة والمنسية في مشروع التنمية الإقتصادية الذي دفعت به السلطة على الساحة الوطنية، حيث ركزت على دعم و تطوير منظومة الإستثمارات التجارية والصناعات التحويلية المتعارضة مع طبيعة الإقتصاد الزراعي والصناعات الزراعية والأنشطة الحرفية التي لا تدر ارباحاً سريعة ووافية للمال الإستثماري.

تموطنت هذه الحركة الإقتصادية الإستثمارية حول العاصمتين دمشق وحلب، مما دفع قوة العمل للهجرة من باقي المحافظات للعمل في الصناعة والخدمات والنقل على حساب العمل الزراعي، حركة قتلت العمل الزراعي والعمل الريفي وزادت من حجم البطالة وطالبي العمل الذين تحولوا لاحقاً إلى وقود بشري لهذه الأزمة الوطنية.

ينعكس هذا الإهمال في جوهر السياسات الحكومية والسياسات المصرفية التي وجهت جلّ نشاطها لدعم النشاط التجاري القاتل لفرص العمل بدل الأنشطة الأخرى المولدة لفرص العمل، ففي عام 2010 مثلاً قدم للنشاط الزراعي قروضاً وصلت إلى 149 مليار ل.س. كما قدم للنشاط العقاري 177 مليار ل.س, و 102 مليار للنشاط الصناعي في حين قدم للنشاط التجاري ما يزيد على 575 مليار ل. س. متجاوزاً بذلك 35% ما قدم لمجموع الانشطة الثلاث.

كما انعكست هذه السياسات الإقتصادية المنحازة بالسرعة التصاعدية لتسليف القطاع الخاص مقارنة مع القطاع العام فقد حظي القطاع العام عام 2008، 2009، 2010 بقروض بلغت قيمتها بالتسلسل 592، 619 و 692 مليار ل. س. بمتوسط تصاعدي 100 مليار سنوياً في حين كان نصيب القطاع الخاص 390، 496 و620 مليار ل.س. بمتوسط تصاعدي 230 مليار سنوياً.

الخلاصة
خلال العقود الماضية توجهت الحكومات المتعاقبة نحو سياسات إقتصادية وإجتماعية تتوافق مع مصالح طبقة المستثمرين الجدد من برجوازية السلطة المتحالفة مع الرأسمال الإستثماري، مبتعدة بذلك عن ضرورات التنمية الوطنية التي تعتبر الزراعة والمجتمع الزراعي من أولوياتها الوطنية.
سياسات دعمت وشجعت مشاريع إستثمارية عديمة الجذور غير معنية بتأسيس إقتصاد وطني صلب قادر على خلق فرص عمل جديدة تتوافق مع تنامي القوة البشرية، متناسية مصالح الطبقات الفقيرة وسكان الريف، لتنتج بخياراتها الإقتصادية المزيد من البطالة والفقر والأمية.

واقع أنتج بيئة إجتماعية حاضنة لشريحة من الشباب المتميز بهشاشته الإجتماعية، بعدميته الثقافية والمعرفية، بقلقه المادي في يومه وعلى مستقبله، شريحة مؤهلة للتجاوب مع أي فعل إرتدادي لسياسات التهميش والإهمال التي تتعارض مع الصورة التقدمية الإفتراضية لحكوماتنا بأحزابها وقياداتها السياسية.

غيض من فيض ما أنتجته هذه السياسات اللاطبقية التي أفلست البلاد من طاقاتها وخيراتها، ودفعت بشرائح واسعة من أبنائها للإنخراط في مشروع الفوضى والعنف الذي لم تستشعره هذه الحكومات لفقدها الحس الطبقي الذي دونه لا يمكن تحقيق التنمية الوطنية الشاملة.

في وجه هذه الحقائق التي كشفتها لنا الأزمة يصبح من واجب المثقفين الثوريين التقدم إلى الخطوط الأمامية ليوجهوا هذا الصراع وفق منظور وطني وطبقي صحيح إنطلاقاً من بنيتهم الثقافية والمعرفية القادرة على إعادة رسم التاريخ وفق مصالح الطبقات التي تساهم بقوة عملها في تكوين الثروة القومية.



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإجتماعية الإقتصادية