أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - زيرو دولار زيرو روبل















المزيد.....

زيرو دولار زيرو روبل


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 01:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


قبل ما يزيد على السنتين كان الحدث الأكثر إثارة متابعة جلسات مجلس الأمن وإنتظار التصويت ومشاهدة ممثل روسيا الإتحادية وممثل الصين الشعبية حين استخدامهما حق النقض (الفيتو) الذي تباينت ردود الفعل تجاهه بين محبذي الفيتو من مناصري النظام أو مناصري التغيير السلمي الديمقراطي، ورافضي الفيتو من معارضي النظام الذين دعوا لإسقاطه بكل السبل المتاحة وغير المتاحة.
كمدافعين عن التغيير السلمي الجذري والشامل بالطرق الديمقراطية كنا نرى في هذا الفيتو المذدوج خطوة إيجابية لحماية مؤسسات الدولة والمجتمع من الآثار المدمرة الذي سيتسبب بها التدخل العسكري الخارجي بغية إسقاط النظام بالقوة، وطبعاً ما يمكن ان يتبع ذلك من أفعال قتل وتشريد وهدم إجتماعي وتخريب للإقتصاد وبنيته التحتية.
أحلام وردية نستفيق اليوم منها لنجد أمامنا ما يزيد على 100 الف قتيل وأضعافهم من الجرحى و300 ألف معتقل وما لا يقل عن 2 مليون عاطل عن العمل ناهيك عن اللجوء والتشرد والهجرة التي تجاوزت 3 مليون مواطن على أقل تقدير مع تدمير للإقتصاد السوري وبنيته التحتية وانهيار لليرة السورية وتلاشي القوة الشرائية وارتفاع عدد السكان تحت خط "الفقر المقبول" إلى ما يزيد على 10 مليون مواطن (للتذكير عدد السكان تحت حد الفقر المقبول بلغ 5 مليون مواطن عام 2004).
أين نحن الآن من هذا الأمل؟ أين نحن من الإستقرار السياسي الموعود وسلامة مؤسسات الدولة وسيطرتها على أرضنا الوطنية، أين نحن من التنمية والتعليم والحريات المنشودة والديمقراطية! أين نحن من وطنيتنا في وطن اصبح شبه مقسم وشبه مدمر؟ أين نحن من الدول الصديقة الداعمة واين هي منا؟ أين نحن من الحوار والمصالحة الوطنية..... يبدو أننا بارعون في نسج الأحلام وطرح الشعارات! ويبدو ان أملنا بالتغيير الديمقراطي سقط كما سقطنا في 67 و73.
بعد أكثر من عامين لا زلنا نتشــاور كالبلهاء تحت رعاية السلطة-النظام الذي نريد تغييره لنعرف ما إذا كنا سنتـحاور مستقبلاً أم لا، ولنعرف إن كان من حق شعبنا أم لا أن ينتقل إلى نظام المواطنة حيث المساواة والحرية والكرامة، وإن كان ممكناً لنا أن نعيش في دولة مدنية حضارية يحدد هويتها السياسية والإقتصادية الخيار الديمقراطي المبني على الوعي الجمعي.
لكن هل ضاع منا الحلم بالتغيير السلمي الديمقراطي؟ وهل نسي العالم أم يتناسى وجود هذه القوى الراغبة والمدافعة عن التغيير السلمي الجذري والشامل؟
بعد أكثر من عامين يقف الرئيس الصديق بوتين في مؤتمر الثمانية الكبار ليهدد الغرب محذراً من أشخاص لا يقتلون أعداءهم فحسب بل يشقّون أجسادهم ويأكلون أحشاءهم أمام الناس والكاميرات، معبّرا عن أمله أن تشكل قمة الثماني أرضية مؤاتية لتهيئة حل للأزمة، لافتاً الإنتباه إلى أن هذه المشكلة لا يمكن حلّها إلا بالطرق الديبلوماسية والسياسية حيث تجلس "الأطراف المتنازعة" حول طاولة المفاوضات.
وحتى تكتمل الحكاية يقف رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون شريك بوتن في قمة الثمانية ليؤكد ضرورة بذل الجهود المشتركة، شرط أن يبدي الطرفان حسن النية، لكن كامرون يسرع ليشير إلى أن خلافات كبيرة ما زالت قائمة بين روسيا وبريطانيا حول ما يحصل في سوريا ومن يـلام أو لا يـلام، ليعود ويعتبر أنه يمكن لموسكو وللندن التغلب على هذه الخلافات إذا ما أتفقوا على وضع حد للصراع ومنع تفكك سوريا والسماح للشعب السوري بأن يقرر من يحكمه ومحاربة المتطرفين وهزيمتهم.
بعد اكثر من عامين، القوى الوطنية الديمقراطية الداعية للتغيير السلمي تلقي المرساة بإنتظار أن يتفـق الكبـار على ما يحصل في سوريا ! وأن يتفقـوا على من تقع الملامة ! ووو... كمقدمة للتغلب على خلافات هذه الدول الكبرى، وليتمكنوا من بعدها في وضع حد لهذا الصراع لمنع تفكك سوريا وليتمكن الشعب السوري مستقبلاً بأن يقرر من يحكمه...، حل الأزمة في سوريا يخضع إذن لسلسلة شرطية لا متناهية من الخطوات.
لكن الملفت للإنتباه والداعي للتمرد أن الكبار يتحدثون عن طرفان، النظام-السلطة الحاكمة والمعارضة، معارضة مجلس استنبول والائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية مع ما يمثله الفريقان من جيش حر وحراك مسلح وتنظيمات جهادية! وآكلي لحوم البشر!... والمعارضة الوطنية السلمية التي تنادي بالتغيير الديمقراطي الجذري والشامل أين هي من هذه التركيبة، اليست معارضة، الا تمثل قاعدة شعبية واسعة باتساع الأرض السورية، ألا تحمل هذه المعارضة خارطة طريق للخروج من أزمتنا الوطنية الكبرى .... للأسف حتى الصديق بوتن عند لقائه مؤخراً رئيس كازاخستان نسي وجود هذا الشكل من المعارضة الوطنية.
السلطة-النظام في سوريا لا يعطي للمعارضة الوطنية في الداخل وزناً، اوباما الولايات المتحدة لا يقر بشرعية هذه المعارضة ويعتبرها فصيلاً حكومياً، بوتن ينسى وجود هذه المعارضة رغم زياراتها المتكررة لموسكو، ويبدو أن سوريا وقعت طوعاً بين قبضات الدول الكبرى التي تتنازع النفوذ على اقتصاديات العالم.
روسيا لم تعد الإتحاد السوفييتي، وسياسة بوتين إختلفت عن السياسة السوفيتية بأحقابها المختلفة ستالين خروتشوف وبريجينيف، روسيا بوتين تنهج اليوم سياسة جديدة قائمة على معايير تتوافق مع الديمقراطية الليبرالية المحكومة بضرورات الإستقرار الإقتصادي وضرورات التنمية التي تحصد دون رحمة مصير ومستقبل حكامها الذين يمثلون مصالح الطبقة البرجوازية الناشئة بعد انهيار الإتحاد السوفييتي.
وبالمثل تطورت سياسة الولايات المتحدة الأميركية ومنهجها الإستعماري من سياسة تدخل إقتصادي عسكري مباشر ومفضوح إلى سياسة حرب هادئة ناعمة ادواتها الإعلام والإعلام التحريضي، الغموض السياسي، المناورة الدبلوماسية، الرشوة والفساد، الإغراق الطائفي والتحالفات قصيرة الاجل مع الكثير من الصبر وطول النفس سعياً لتحقيق مصالحها على قاعدة التكلفة الصفرية إن أمكن.
الحرب بين الولايات المتحدة الأميركية القطب الذي أنفرد وحيداً بالعالم منذ 1990 وبين الأمة الروسية التي تستيقظ من جديد إنما هي حرب يخوضها كل طرف على قاعدة سد الطرقات وشل الإمكانات وإضعاف كل الإحتمالات الممكنة
أمام الطرف الآخر سعياً منه للحد من قدرة خصمه في الإنفراد والإستئثار بخيرات العالم، اما أدوات هذا الصراع فهي وسائل الإعلام، الدبلوماسية، التجسس، التنافس التكنولوجي، الإحتكار، التنمية الإقتصادية والبشرية وبعض الخرمشات البسيطة بأيدي الصبية من التنظيمات الدينية والسياسية الشاذة لتحقيق إنتصارات بتكلفة صفرية.
ضمن هذا الإطار يدار الصراع السياسي الإقتصادي في العالم من على رقعة الشطرنج ضمن ضوابط وشروط الإستقرار العالمي وما تسمح به الحنكة السياسية والدبلوماسية من خروقات ذكية، وضمن هذا الإطار تحول القرن الواحد والعشرون إلى قرن التنافس الحضاري الأرستقراطي بين أنظمة حكامها محترمين من أسر محترمة، ترقوا درجة درجة في سلم المسؤلية في المؤسسات المفتاحية للدولة، يمارسون الرياضة والثقافة والفنون ويحققون غاياتهم دون تلويث ايديهم بتخلف المجتمعات النامية التي يتنافسون عليها.
لكن إذا كانت روسيا الحليفة محكومة بقواعد اللعبة الدولية، أين هي المعارضة الوطنية من كل ذلك ومن خارطة الطريق التي بنتها على مبدأ التغيير الديمقراطي الجذري والشامل...، وهل ستبقى ورقة منسية لا يتذكرها الكبار، وهل ستستمر بإستهلاك ذاتها وهي راقدة في ظل السلطة التي لا تنظر إليها إلا كورقة خريفية زابلة مصيرها السقوط والزوال.
إذا كان للسلطة-النظام مصلحة في طرح قضيتنا الوطنية في مزاد الكبار، والسلطة-النظام مشهود لها بحبها تقليد الكبار، ألا يمكن للمعارضة الوطنية السير بطريق اكثر سلامة وأكثر أماناً لتحقيق أهدافها وطموحاتها، أليس حرياً بها بدل إنتظارها للحل الخارجي أن تعزز من بنائها ببرنامج سياسي مستقل وواضح يعبر عن طموحاتها وعن اتساع القاعدة الشعبية المؤمنة بمشروعها الذي يتجاهله الكبار، أليس حرياً بها أن تلزم الصديق الروسي بممارسة دبلوماسيته الناجحة (الفيتو) ليلزم السلطة-النظام على إنهاء مشاوراته للإنطلاق بالحوار بغية تنفيذ إستحقاقات التغيير الجذري والشامل في مناخ تبقى فيه قضيتنا الوطنية قضية وطنية لتعالج وطنياً لا دولياً في ظل مؤتمر داخلي لا خارجي، أليست دمشق أرق وأعطر من جنيف، اليس أجدر بأن يحضر الكبار إلى دمشق لو رغبوا المساهمة جدياً تقديم المساعدة للخروج من الأزمة بدل أن تذهب دمشق إليهم، أليست هذه الخطوة مؤشراً ومعياراً لصدق وطنية جميع الفرقاء أم أن في هذه الخطوة خطوة لإنهاء سطوة السلطة-النظام الذي طالت مشاروراته؟



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
- -المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
- جنيف 2 و أوهام التغيير
- الفساد منظومة ظل الدولة
- مراهنات النظام وآثارها في تعميق الأزمة الوطنية الكبرى في سور ...
- التعليم في سوريا ومشكلاته
- البحث العلمي في سوريا-حقائق ومؤشرات
- فساد النظام وتجلياته في معالجة القضية السورية
- الوجه الديني في تكوين الأحزاب اليسارية
- قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإج ...


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عفيف رحمة - زيرو دولار زيرو روبل