أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سونيا ابراهيم - الانتحار هل هو حق أم هي ضغينة؟














المزيد.....

الانتحار هل هو حق أم هي ضغينة؟


سونيا ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 16:27
المحور: حقوق الانسان
    


لقد قرأتُ في صحيفة محلية مؤخرا، خبراً أثار سخريتي و استهتاري في آن واحد، أعلم أن الأمر يبدو محبطاً، من بين سطور الخبر" وفد ايطالي يزور مدينة غزة"، تسأل إحدى الإيطاليات بعد أن زارت و شاهدت وضع العائلات الفلسطينية، و حالة السوء التي تعصف بهم بسبب برودة جو الشتاء، تتساءل: " رغم كل هذه البطالة و الفقر في غزة هل هناك حالات انتحار كما يحدث في ايطاليا بسبب فقدان الأفراد لوظائفهم؟"
و كانت الإجابة- التي من المفترض أن تكون مُفرِحة ظاهرياً رغم أنها مغبونة معنوياً- بأن حالات الإنتحار في غزة هي شبه معدومة.

و تُعتبر الدول التي يوجد فيها أعلى معايير الحياة رفاهية و وجدانية، من بين أكثر الدول التي تنتشر فيها حالات الإنتحار على سبيل المثال سويسرا، و يحاول بعض رجال الدين أو المتعصبين فكرياً إعتبار ذلك النوع من الحالات، كنوع من عدم الإيمان بقدرة الله أو انصافه لحياتهم. كما قد يعتبره بعض الأخصائين النفسيين نتيجة يسببها الإكتئاب أو ظروف الحياة الصعبة. و لكنه بالمقابل يستغرب أحد الأصدقاء العرب الذين يعيشون في أوروبا سبب زيادة حالات الإنتحار بينهم، يخبرني حذراً: هنا قد ينتحر مسئول اذا أقالوه من منصبه، أو مجرد شاب فقد فرصته في الحصول على العمل.

الغريب لأننا شرقيين، أتينا من ظروف لا نحتمل فيها أن يكون حتى لدينا أبسط حقوقنا؛ بأن نتصور أنه بإمكاننا أن نختار الحياة التي نستحق أن نعيشها. من السهل على من تُعنيهم النصوص الدينية و فتاوي رجال الدين أن يعتبروا هذه الحالة نوعاً من الكفر، أو حتى قد يتشدد بعضهم بإدعائه أنها تنتشر في البلاد المتحررة؛ لأن الله ينتقم من فجورهم و بُعدهم عن الدين؟ و إن كان يبدو هذا مسيئاً للإنسانية، و لكن يستحيل على رجال الدين أينما كانوا أن يتركوا للإنسان منطقاً أو منطلقاً فكرياً يتوجه نحو الإنسان بأعماقه. أود أن أحلم أو أختار قول الحقيقة، و إن كان يبدو هذا شبه مستحيل، و لكن كيف سيقدم على الإنتحار- مهما كان هذا مُحزناً و تعيساً- فرد لم يتعلم في حياته معنى حرية الإختيار؟ كيف سيقدم على قتل نفسه و هو ينشأ و يتربى منذ بداية طفولته على أنه مقيد؟ لا هو يعيش ولا هو يموت؟ لا هو انسان له كرامته، و لا صديق يعز على أحبته؟ الإنتحار هو ليس خيار، و لكنه موت و قتل لموضع الألم و إن كان يعني التخلص من أوجاع الحياة، و لكنها الحياة التي تخلو من المعاني التي يأملون العيش بها أو اختيارها- هي من يؤلمهم العيش من دونها فيقررون لذلك انهاء حياتهم من دونها. لا يجب أن يبدو بأي حال من الأحوال الإنتحار هو الخيار بل الحياة هي كذلك- كما أراها.

لا يختار المواطنون الشرقيون الحياة في بلدان تُهان كرامتهم بها دون أي استئذان، و لا يختار المواطنون الشرقيون الطريقة التي يجب أن يكملوا حياتهم بها حتى يختاروا سبيلاً مريحاً لموتهم، و لا يختار الأطفال أن تسئ لهم أمهاتهم حتى يحملوا ندوبهم من آباء مُعنفين مثلهم، و لا تختار النساء أن تُهان كرامتهن بأن يحدد كل ذكور العائلة و رجال الدين مصير حياتهن دون أي استئذان، حتى عندما يكون رجال الشرطة منهم.. لا أحد منا يختار شيئاً في هذه الحياة؛ لأن كرامتنا نضمدها مثل الجراح و نضع عليها مزيداً من العلقم حتى تطيب أو ننساها مع تفاقم الشعور بالألم.. نحن لم نختر مثل هذه الحياة، و لامثل هذه الإنتماءات، ولا مثل هذه العقد النفسية أو الإسقاطات البشعة التي يجبروننا على الحياة بها أو بمثلها.. فكيف سنسمح لهم بأن يحددوا شعورهم بالأسف تجاهنا: أنعيش أم تقتلنا الحياة لأننا لم نجرب معناها كما كنا نحلم بها طوال الأيام؟ أيهم أفضل أن نعترف به: أننا نُهان دون أن نختار الإهانة أم أن حياتنا ليست ملكنا لأنها تقتلنا بنفسها بدلاً من أن تعطينا الحب و تبادل الإحترام؟؟ أترك الإجابة لكم وليست لي.!



#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة كما ينبغي أن تكون، و ليس كما يعجبكم
- هؤلاء بدون حياء
- آباؤنا الخ(راء)
- حماس عدوة الحياة
- الطمع مشكلة العالم من جديد
- الكتابة في المستقبل
- البكاء
- الجريمة الكبرى - الصمت-
- قوليها دون أن تخافي:و يا -;---;-----;---لكَ من وغد خ ...
- الكراهية المُكتَسَبة
- لماذا لا يُحاكموا؟؟
- عندما لا نعلم
- الشعور بالحب و الحياة
- الحب و الوباء
- غزة.. جحيم من نوع آخر للنساء، و الأطفال
- هل يحتاج الرجل العربي لإعادة تعليم؟
- الثواب و العقاب من منظور ديني
- مدينة يحكمها الشيطان
- قسوة الأم
- لماذا يخاف الرجل الفلسطيني من المرأة – 2-؟


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سونيا ابراهيم - الانتحار هل هو حق أم هي ضغينة؟