أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - من ذاكرة المخيم الفلسطيني - معركة المقثاة















المزيد.....

من ذاكرة المخيم الفلسطيني - معركة المقثاة


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 09:40
المحور: القضية الفلسطينية
    


(( حدثني احد كبار السن الذين التجئ إليهم دوما لسماع قصص وحكايا اللجوء.... انه في العام 1953 وبسبب حكم جائر من قبل الحاكم العسكري لمنطقة نابلس ضد لاجئي مخيم الفارعة – والذي تمثل بفرض غرامة على جميع سكان المخيم مقدارها 180 دينار أردني- بعد اتهامهم زورا بإتلاف ( مقثاة بطيخ ) تعود للاجئ من المخيم يدعى ذيب الزهران.. فقد تشكل وفد يمثل المخيم من المخاتير والوجهاء ضم المخاتير علي أبو جمعة العايد وحسين الحج إبراهيم المهداوي ورجا السعيد صبح ومحمد فارس سرحان وكذلك الوجهاء الحاج يونس وأبو حمزة الشاويش وأبو علي النفيعات وأبو العبد جبريل والشيخ صالح جابر.. بهدف مقابلة الحاكم العسكري والطلب منه إلغاء الغرامة المفروضة على السكان نظرا لبراءتهم من التهمة الموجهة ضدهم ( والتي يؤكد السكان أن فاعليها كانوا مواطنين من خارج المخيم، كانت بينهم وبين صاحب المقثاة أحقاد وضغائن ) وبسبب الفقر المدقع الذي كان يعيشه اللاجئون.. لكن الحاكم العسكري رفض الاستجابة لمطالب المخاتير والوجهاء وأصر على قراره الجائر... وعندما عاد الوفد إلى المخيم كان السكان بانتظاره على أحرّ من الجمر، وفي البداية حاول الوفد التخفيف من الصدمة ونفي الفشل، بالقول أن الحاكم وعدهم بالنظر بمطالبهم لاحقا.. إلا أن المختار علي أبو جمعة لم يتمالك نفسه حينها، وانفجر صارخا ليبلغ السكان بأن الحاكم لم يستجب أبدا للمطالب...
عندها انفجر المخيم وكأنه برميل بارود.. وقد لعب المسيّسون في المخيم دورا كبيرا في إلهاب الجماهير، وتحريضها ودفعها للتحرك والهجوم على مركز فرسان الجيش، الكائن بجوار المخيم.. وكان أولئك السياسيون قد حضروا للمسالة مبكرا، حيث اعدوا عريضة بمطالب سكان المخيم، ضمنوها مطالبا سياسية كبيرة وعالية المستوى منها --- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتبييض السجون، إلغاء القوانين الاستثنائية المفروضة على البلاد، تعريب الجيش الأردني وطرد القائد الإنجليزي ( كلوب باشا )، وإلغاء المعاهدة البريطانية... وقد قام معدّوا العريضة- وكان جزء كبيرا منهم يعملون كأساتذة مدارس—بإرسال العريضة إلى قائد مركز الفرسان مع واحد من الطلاب الجريئين الشجعان-- واسمه فارس محمد فارس--.. ثم اشتعلت شرارة الانتفاضة، وهاج المخيم ودب النفير بين الخيام، وتقدمت الحشود من الرجال والنساء والشباب والشيوخ-- تقدمت صوب المركز-- وكل واحد من المهاجمين يحمل بيديه عصا أو كومة حجار، حتى أن جدتي لطيفة وكانت في الستينات من عمرها واصلت تقدمها حتى وصلت بوابة المركز وهي تحمل الحجارة في ( حرجها )، وتشارك مثل كل الرجال في ذلك الهجوم، واستطاع اللاجئون الهائجون اقتحام المركز، والاعتداء بالضرب على جميع عناصره، وطردهم خارج المركز وخارج حدود المخيم، وحطموا أثناء اقتحامهم للمركز أثاثه ودمروه بالكامل تقريبا، ويذكر محدّثي أن احد الفرسان الذي كان معروفا عنه عنجهيّته وحقده الشديد على اللاجئين، ( يقال أن هذا الشرطي كان قد قال يوما بعد أن اشترى فرسا، انه سيحرث المخيم عن بكرة أبيه ويذل حتى النساء والأطفال من اللاجئين ) كان هذا الشرطي ولحظّه العاثر وقت الهجوم خارج المخيم، وعندما عاد وقع في فخّ نصبه له الشباب، وانهالوا عليه بالضرب الشديد، وافرغوا به كل مآسي وعذابات السنين الماضية.. ثم وصل إلى المخيم قائد المقاطعة، فناله نصيب وافر من الضرب، ووصل إلى المخيم أيضا قائد المنطقة وهو ضابط عالي الرتبة، فانهال عليه السكان بالضرب وحطموا سيارة الجيب التي كان يستقلّها.. ثم دفعت الحكومة بقوات وتعزيزات إلى المخيم، وكأنها تخوض معركة مع عدو أجنبي، وحاصرت دباباتها واسكاوتاتها ( العربات المصفحة ) المخيم، وحاولت اقتحامه من أكثر من ناحية ولكنها فشلت أمام صلابة وصمود اللاجئين، وقد نجحت بعض قوات الشرطة في التسلل إلى بعض حارات المخيم، إلا أنها واجهت مقاومة كبيرة، أجبرتها على الانسحاب تحت وابل من الحجارة، التي تساقطت على رؤوس أفرادها وكأنها زخات المطر...
ولان العيد كان على الأبواب، فقد اضطرت القوات المحاصرة للمخيم إلى الانسحاب مؤقتا بعيدا عن حدود المخيم.. وبعد انتهاء أيام العيد مباشرة، فوجئ سكان المخيم باقتحام واسع النطاق للمخيم، من قبل قوات الجيش والشرطة وعناصر المخابرات، وبعد أن تمت السيطرة الكاملة عليه، نفذت تلك القوات حملة كبيرة من الاعتقالات، طالت حوالي أل 35 شخصية من شخصيات المخيم، ضمت بعض المخاتير والوجهاء وأساتذة المدارس، وخاصة المعروفين بانتمائهم الشيوعي، ويقول محدّثي الذي كان هو ضمن المعتقلين مع والدي واثنين من أعمامي، أن كافة المعتقلين وحتى الشيوخ منهم قد تعرضوا للضرب والإهانة والتعذيب في سجن نابلس لمدة 17 يوما، وان قضية اعتقالهم تحولت إلى قضية وطنية، انشغل بها الرأي العام على المستوى الوطني كله، وتدافعت جماهير غفيرة من مدينة نابلس والقرى المجاورة، وحتى من أقاصي البلاد للقدوم إلى سجن نابلس، لزيارة معتقلي الفارعة، وإعلان التضامن معهم، وقد تطوع في حينها المحامي المعروف الأستاذ محمد اليحيى للدفاع مجانا عن جميع المعتقلين.. وأصدرت المحكمة العسكرية حكمها على المعتقلين بالنفي إلى مناطق نائية، كمدينة الزرقاء والكرامة والشونة وأريحا والجفتلك، وقد فرض على بعض المعتقلين الإقامة الجبرية واثبات الوجود المنتظم في المخيم..
وقد علل محدّثي القسوة المفرطة التي استخدمتها الحكومة أثناء محاولتها قمع احتجاجات المخيم بالقول أن ذلك جرى لكون أحداث المخيم كانت الأولى من نوعها التي حصلت في البلاد--- بعد عملية الاعتقالات الواسعة التي طالت عددا كبيرا من السياسيين الفلسطينيين وعلى رأسهم الشيوعيين، والتي تمّ خلالها جر المعتقلين مكبلين بالسلاسل خلف الخيول، ليسيروا مشيا على أقدامهم من نابلس إلى عمان، مما تسبب حينها باستشهاد المناضل الشيوعي المعروف روحي زيد الكيلاني.. وقد زاد من غضب الحكومة آنذاك، رؤيتها لما يحدث وكأنه عصيان مدني، بتدبير وتخطيط من القوى السياسية المناوئة لها، التي وبنظر الحكومة تستغل حالة الجمهور السيئة للتحريض على النظام الحاكم..
إن سوء الأوضاع المعيشية للاجئين، وانتشار آفة الفقر والمرض والجوع والبطالة، وترافق ذلك مع شعور اللاجئين بالغبن من سكوت المجتمع الدولي عن ماساتهم، بل وقناعتهم بان مؤامرة دولية كبرى قد حيكت ضدهم، بالإضافة إلى تنامي مشاعر الإحباط السياسي عندهم تجاه الأنظمة العربية الرسمية، التي لم تفعل شيئا لنصرتهم وإعادتهم إلى بلادهم، وتركتهم يعيشون كلاجئين منسيين مشردين، تتولى أمورهم الهيئات الدولية لتعالج الجوانب الإنسانية فقط من قضيتهم... كل هذه العوامل أبقت المخيمات كبرميل بارود قابل للانفجار في أي وقت ولأي سبب.
• (( بعد الحادثة بوقت قليل سقطت الحكومة.. وقد اعتقد سكان مخيم الفارعة، أن سقوط تلك الحكومة كان على اثر معركة المقثاة ))

خالد منصور
مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
27/5/2005



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات في ذكرى النكبة الفلسطينية
- شعارات لمسيرة في ذكرى النكبة الفلسطينية 2005
- ذكريات لاجئ من جيل النكبة
- في الذكرى السابعة والخمسين للنكبة الفلسطينية - سلام عليك يا ...
- الاغاثة الزراعية الفلسطينية تسهم في تعزيز الديمقراطية
- هتافات في مسيرة تضامن مع اضراب المعلمين الفلسطينيين
- هتافات لمسيرات عمالية في عيد العمال العالمي
- من أدب الانتفاضة الفلسطينية.. شعارات للمجلس التأسيسي
- شعارات سياسية مطلبية - للمجلس التشريعي الفلسطيني - من اجل قو ...
- عودوا الى بيوتكم
- انهم يحاصرون نابلس بالدبابات والنفايات
- الاغاثة الزراعية الفلسطينية تطالب السلطة باعادة النظر في الا ...
- مهرجان يوم الارض في مدينة نابلس
- لتحزم السلطة امرها
- بالعزيمة والاصرار-- تفرض المراة وجودها وتنال المزيد من حقوقه ...
- جمعية تنمية المراة الريفية - نابلس - تحيي يوم المراة العالمي ...
- التنمية شعار وممارسة
- من لهؤلاء الناس ..؟؟
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - و ...
- الانتخابات .. عرس الديمقراطية وماتم الاصلاح


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - من ذاكرة المخيم الفلسطيني - معركة المقثاة