أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سهر العامري - التعصب الطائفي صنو التعصب القومي (1)














المزيد.....

التعصب الطائفي صنو التعصب القومي (1)


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 4328 - 2014 / 1 / 7 - 21:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


التعصب الطائفي صنو التعصب القومي (1) سهر العامري
لا يستطيع أحد أن ينكر أن التعصب من أي لون وشكل هو مرض يستبد في نفوس بعض الناس ، فيحجب الحقيقة عن عقولهم ، ويعمي أبصارهم عن رؤية الواقع ، ويتفاقم خطر هذا المرض حين يصيب حركة سياسية ، أو شخص يقود بلدا ما ، مما يتسبب بكوارث رهيبة تصيب البلد ذاك ، والناس فيه .
ولا أراني بحاجة الى طرح الكثير من الأمثلة هنا ، ولكن المثال الصارخ في عصرنا الحالي هو تلك الكارثة الرهيبة التي تسبب بها مهوس أماني هو هتلر الذي وضع العنصر الجرماني فوق بقية البشر ، وهذا ما أدى الى دمار فظيع لم يصب شعوبا كثرا فحسب وإنما أصاب الشعب الألماني نفسه .
في العراق ابتلى الشعب العراقي بهذا الداء حين صعد حزب البعث الى الحكم فيه ، خاصة حين آلت القيادة فيه الى صدام حسين الذي أعماه تعصبه القومي عن رؤية الواقع السياسي في العراق بعين صحيحة لا قذى فيها ، فراح يشن حربه على كل من يخالفه في الرؤية والفكر ، وصارت هذه المخالفة سببا كافيا لقتل الناس في العراق ، والدوس على كراماتهم بأحط الصور وأخسها .
وسأضع أمام القارئ العزيز هذه الحادثة ، وهي واحدة من عدة حوادث تعرضت لها أنا أيام صدام ، لا لشيء إلا لأنني كنت أختلف عن البعث وصدام في التوجهات أو الفكر ، فهم عرب متعصبون ، وأنا عربي غير متعصب ، لكن عدم تعصبي هذا ، ووقوفي ضد حرب صدام مع أكراد العراق صارا تهمة تطاردني عليها أجهزة المخابرات والأمن في عهد صدام ، ويقينا أنهم طاردوا غيري بسببها ، ممن هم على شاكلتي .
لا زالت أتذكر تلك الليلة السوداء التي نزلت بي ، وكانت الساعة قد ( رمت نفسها نحو الثانية بعد منتصف الليل ، هببت مسرعا نحو الباب ، وصحت.
- من الطارق ؟
- افتح الباب !
- من أنتم ؟
- نحن ضيوف ونريد أن نشرب الشاي عندك !!
- ضيوف في هذه الساعة المتأخرة من الليل ، وتريدون أن تشربوا الشاي كذلك ؟ رددتُ متهكما .
- افتح الباب . لن يطول حديثنا معك كثيرا.
تيقنت أن طراق الباب هم عناصر من الشرطة السرية ولهذا بادرت الى فتح باب الدار ، ليندفع من خلالها ثلاثة رجال كان يقودهم رجل كبير الرأس ، كثيف الشعر ، منتفخ البطن ، طويل القامة ، فظ اللسان ، ويبدو أنه هو من يقود تلك العصابة التي اشترك فيها الى جانبه شخصان من حزب السلطة .
- لماذا تقف - يا أستاذ - ضد الوحدة العربية ؟ سألني الرجل الضخم بلسان قوي وفظ ، تصحبه نظرات شزر حادة ، يريد من ورائها بث الرعب في نفسي.
- أنا أقف ضد الوحدة العربية ؟ تساءلت .
- نعم أنت .
- هل لديك مشروع في جيبك لتلك الوحدة ؟ سألت شرطي الأمن الضخم .
- ماذا تقصد ؟
- قلت هل تحمل معك مشروعا لتلك الوحدة .
- ولكن ماذا تقصد . كرر الرجل القول ثانية .
- إذا كنت تحمل مشروعا للوحدة العربية أخرجه من جيبك الآن وسأوقع موافقا عليه بأصابعي العشرة هذه. قلت ذلك رافعا يديّ أمام وجه الرجل ، فاتحا أصابعي العشرة ، وهذا ما جعل أحدهم ينفجر بضحكة مسموعة .
- لكنكم على أية حال تعادون الوحدة العربية.
- يا أخي ! نحن لم نعاد ِ الوحدة العربية ، نحن نطالب بالوحدة المادية ، وليس بالوحدة التي يتحدث عنها الرؤساء العرب .
- ماذا تعني بالوحدة المادية يا أستاذ ؟ سألني أحدهم.
- أعني بها الوحدة التي تقوم على مد طرق السيارات ، والسكك الحديدية بين الأقطار العربية ، ربط الوطن العربي بشبكة كهربائية واحدة ، إقامة مشاريع مشتركة بين الدول العربية ، توحيد النظم الكمركية والإدارية ، وغير ذلك من المشاريع التي تعود بالنفع على الناس في هذه الرقعة الجغرافية المسماة بالوطن العربي. فهل أنا متهم بمعاداة الوحدة بعد ذلك ؟ تساءلت في نهاية حديثي .
- ولكنك تؤيد الأكراد في الانفصال عن العراق ! قال شرطي الأمن في تهمة أخرى يلقي بها على مسامعي.
- أنا لم أأيد انفصال الأكراد عن العراق ، ولكن الأكراد أمة كما تعلم حالهم في ذلك حال الأمة العربية، مثلما يعرفها مؤسس حزبكم ميشيل عفلق ،هل قرأت كتابه في سبيل البعث ؟ فتعريف الأمة عنده لا يختلف كثيرا عن تعريف ماركس لها ، وكما تلاحظ أن الأكراد ينتمون الى قومية واحدة ودم واحد، ويقطنون رقعة جغرافية واحدة ، وبهذا هم أمة واحدة ، فلماذا تحللون أن يكون العرب أمة واحدة ، بينما تحرمون على الأكراد أن يكون مثل العرب أمة واحدة كذلك . ومع هذا أنا لا أأيد انفصالهم عن العراق إلا إذا تحررت أجزاء كردستان الأخرى في إيران وتركيا ، وعادت كردستان واحدة .
- يبدو أنك لا تريد أن تقتنع بما أقوله لك . قال شرطي الأمن ذلك ثم استوى واقفا .
- لكنك لم تقل لي شيئا . رددت .
- لتعلم أننا نملك أساليب أخرى ستجعلك تقتنع بما نريده منك !! قال ذلك ، ثم توجه هو ومرافقوه نحو باب الدار الخارجي .)*
هذا شيء عن حديث العراق أيام التعصب القومي عند صدام وحزب البعث ، فكيف هو حديث العراق أيام التعصب الطائفي عند المالكي وحزب الدعوة ؟ هذا ما سآتي عليه في الحلقة الثانية .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
* المقطع بين الأقواس من روايتي : مدن أخرى ، التي صدرت في السويد ، ولكن بتصرف.






#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي في أمريكا !
- الارستوقراطيون هم قتلة الحسين !
- التغلغل الإيراني في بلاد الشام (3)
- التغلغل الإيراني في بلاد الشام (2)
- التغلغل الإيراني في بلاد الشام (1)
- انهيار ركن من أركان - الشرق الأوسط الجديد -
- المتدينون والاستبداد الديني
- انحسار وباء انفلونزا الاخوان !
- الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (2)
- الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (1)
- نقمة الامطار في العراق
- سقوط الاخوان في مصر
- القذافي حيّا !
- وما أدراك ما لندن ! (4 )
- وما أدراك ما لندن ! (3 )
- وما أدراك ما لندن ! (2 )
- وما أدراك ما لندن ( 1 ) !
- الطبقات والصراع الطبقي
- حال المرأة بعد الثورات العربية !
- برافو


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سهر العامري - التعصب الطائفي صنو التعصب القومي (1)