أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - خبز أحلام لزمن قادم














المزيد.....

خبز أحلام لزمن قادم


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 2 - 04:09
المحور: الادب والفن
    



د. أحمد الخميسي

تشتعل شموع الأماني التي لم تتحقق مع مطلع العام الجديد. يهتز ضوؤها كارتجافة شفاه تبتهل للزمن القادم أن يكون شمسا، ونسيما، وبحرا تجري عليه مراكب أحلامنا بيسر. أحلام صغيرة، مثل حلمي الذي لم يفارقني أن يكون عندي كوخ على نهر يمنحني الشعور بأني نصف سمكة نصف إنسان أسبح في الكون الشاسع وأعود إلي الأرض. لكن هل أننا نبحث عن السعادة وهي كما قال تولستوي قريبة منا " كما نبحث عن النظارة وهي فوق عيوننا"؟. ربما يكون تولستوي على حق. ربما يكفي الإنسان امتلاء شعوره من الحياة والصحة. إلا أن الإنسان مهما أطعمته لا يشبع من خبز الأحلام المعجون بسحر الخيال، إنه يمد يديه بنهم إلي أحلام أبعد من سعادته الذاتية وأكبر من بيت على نهر أو زوجة لطيفة وأطفال جميلين. بعض تلك الأحلام الكبيرة يتحقق، بعضها لا يرى النور، يجف في الروح كما تجف زهرة مضغوطة بين أوراق كتاب. من أحلامي تلك أن أرى الشعب المصري العظيم وقد تخلص من الأمية. أن أشهد يوما أبصر فيه كتابا بيد كل مواطن، بطاقة دخول إلي المسرح في جيبه، فكرة نيرة في عقله، شعورا بحب الآخرين في قلبه، منزلا وتعليما ولاجا وحرية، بعد ذلك فليؤمن كل إنسان بما يشاء كما يشاء عن علم وكرامة واستنارة. معظم تلك الأحلام مستحيلة التحقق من دون محو الأمية، مطلب النهضة الذي انقضى عليه نحو مئتي عام منذ أن كتب محمد على رسالة إلي إبنه إبراهيم باشا سنة 1833 يقول له " إن محاولة النهضة لا تبدأ بتزويد الشعب بالكتنيات أو البنطلونات الضيقة، وبدلا من البدء بالملابس كان الأجدر بالباب العالي أن يهتم أولا بتنوير الأذهان"! مازلنا بعد مئتي عام إزاء المعضلة ذاتها " تنوير الأذهان"! فهل يقبل علينا العام الجديد حاملا بيده خطة قومية لمحو الأمية وإعلان آلية ومراحل تنفيذها؟
إننا لانستطيع الحديث عن حرية أو دستور أو اختيار أو موقف أو تنوير أو حتى وطنية ونحن مقيدون بسلاسل الأمية. وإذا نظرنا إلي إمكانيات وزارة الثقافة سنجد أن بوسعها القيام ولو بخطوات صغيرة على الطريق. يمكنها أن تعقد مؤتمرا للمثقفين حول قضية محو الأمية ودورهم في ذلك. بدلا من الحديث عن " مستقبل الأدب" أو بجوار الحديث عن الأدب. يمكنها أن تعيد إلي الميادين أكشاك الموسيقى التي ظهرت في زمن ما واختفت. يمكنها أن تنفخ الحياة في أطلال قصور الثقافة وأن توجه تلك القصور إلي الشوارع والأحياء الشعبية بشاشات عرض وفرق موسيقية وشعراء ومنشدين بدلا من الموت داخل حجرات البيروقراطية المتربة. ليس لنا قلب شاعر كبير مثل صلاح جاهين لنحلم لمصر ب " تماثيل رخام ع الترعة وأوبرا"، لكن ألا يمكننا أن نحلم بمحو الأمية؟! وإذا لم تضع الحكومة خطة لمحو الأمية فلماذا لا يقوم المثقفون والأحزاب التقدمية بطرح المشروع وتبنيه ودفعه إلي حيز الواقع بحشد أكبر عدد ممكن من الطلاب والمتعلمين في كل الأحياء حول الفكرة؟ لماذا يقتصر عمل المثقفين على كتابة الروايات؟! أليست إعادة كتابة الواقع عملا إبداعيا ؟! ألا يستطيع المثقفون الذين اعتصموا بوزارة الثقافة لتنحية وزير أن يعقدوا مؤتمرا يعلنون فيه خطة لمحو الأمية؟ ألا يستطيعون الاعتصام حتى تنحية الجهل؟. أفتح كتاب الروح مع مطلع العام الجديد، فتتمايل نحوي شوقا إلي الحياة زهرة كادت أن تجف.

***
أحمد الخميسي. كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منى مينا .. انتصار الحقيقة
- لغتنا احتفاء عالمي واختفاء قومي
- صحوة ضمير لكن ليس في اتجاه الإخوان !
- رقصة شرقية بين العلم والدولة
- بيت جدي - قصة
- قانون التظاهر إهانة بالغة لكرامة الشعب المصري
- اللي يشوف ببلاوى الناس ..
- الإهدار القومي لأعمار المصريين
- ليلة بلا قمر - قصة قصيرة
- الشاعر القطري محمد العجمي.. أنت حر وهم السجناء !
- من أطلق النار يامريم .. على قلبك الصغير ؟
- رئيس مصر القادم
- أشواق الوعي المصري .. حكاية الدساتير المصرية
- أنا وأنتِ - قصة قصيرة
- مواجهة الإخوان من الجغرافيا إلي التاريخ
- فض الاعتصام الفكري للإخوان في مصر
- كائنات الوهج الالكتروني
- مصر.. خطوة للأمام .. عشر خطوات للوراء
- رمق صغير لشعب كبير
- رؤوس الفن المقطوعة .. أم كلثوم وأبو العلاء وطه حسين


المزيد.....




- -أخت غرناطة-.. مدينة شفشاون المغربية تتزين برداء أندلسي
- كيف أسقطت غزة الرواية الإسرائيلية؟
- وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما
- الدراما العراقية توّدع المخرج مهدي طالب 
- جامعة البصرة تمنح شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية لإحدى ...
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- صدر حديثا : -سحاب وقصائد - ديوان شعر للشاعر الدكتور صالح عبو ...
- تناقض واضح في الرواية الإسرائيلية حول الأسرى والمجاعة بغزة+ ...
- تضامنا مع القضية الفلسطينية.. مجموعة الصايغ تدعم إنتاج الفيل ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - خبز أحلام لزمن قادم