فض الاعتصام الفكري للإخوان في مصر

أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شهدنا منذ فجر اليوم 14 أغسطس فض اعتصامي الإخوان في النهضة بالجيزة ورابعة بمدينة نصر. وأعقب ذلك عصر اليوم إعلان حالة الطوارئ. ومع أن جماعة الإخوان في تقديري جماعة إجرامية يقع نشاطها خارج إطار العمل السياسي إلا أن لدي بعض الملاحظات على طبيعة المواجهة التي تتم :
1- كان لدي الحكومة الانتقالية فرصة كافية لمحاكمة الرئيس مرسي محاكمة علنية وليس بالتهمة المضحكة وهي الهروب من سجن النطرون، بل بتهمة التخابر مع أمريكا ( قضية الكربون) وبتهمة إشعال الفتن الدينية ( انظر موضوع الشيعة وموضوع الأقباط) وبتهمة ضرب مكاسب 25 يناير( انظر اعلانه الدستوري الديكتاتوري)، وتهمة إفساد الحياة الاقتصادية، وتهمة دعم العمليات الارهابية للإخوان بحكم موقعه كرئيس( انظر صمته على محاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الانتاج) وغير ذلك. وكلها تهم سياسية جديرة بالمحاكمة حقا ، أما اختيار تهمة الهروب من وادي النطرون فهو إشارة إلي عدم جدية الحكومة الانتقالية في التعامل الجاد مع الإخوان أصلا.

-2 كان لدي الحكومة الانتقالية الفرصة ومازال لاصدار قانون يمنع تكوين أية جماعات سياسية على أساس ديني، والنص على ذلك في الدستور، ولم تفعل.

3- كان لدي الحكومة فرصة محاكمة قادة الإخوان علنا على التحريض على القتل والكراهية وتأجيج الفتنة الطائفية وحمل السلاح وترويع المواطنين والتعدي على المنشآت العامة ولم تفعل. وكان يمكن لتلك المحاكمات أن تشكل فرصة لتعرية الطبيعة الفكرية الإرهابية للإخوان، وأساليب عملهم التي لا تربطها صلة ب " آليات الديمقراطية " التي يتباكون عليها. كنا نتمنى لو تمت تلك المحاكمات وتم بثها علنا على المجتمع ليتفهم العامة جوهر تلك الجماعة.
4- بفض اعتصامي النهضة ورابعة يبدو واضحا أن القرار الوحيد للحكومة ومعها الجيش، أو للجيش ومعه الحكومة هو الحل الأمني البوليسي للصراع مع تلك الجماعة الإرهابية. وإذا كان رفض الجماعة المستمر للحلول السياسية يكشف جوهر الجماعة، فإن الاستقرار على الحل الأمنى وحده عند الحكومة يكشف أيضا جوهر سياسة الجيش والحكومة التي لاترى في قضية متعددة الأبعاد سوى الحل الأمني.
5- المؤكد عند النظر لما يجري الآن أنك لا تجتث فكرة ما بالقوة، ولا بالتصفية البشرية. لقد تم إعدام سيد قطب سابقا واثنين آخرين من قادة الإخوان في أغسطس 1966، ومازالت الفكرة الإرهابية تسعى. وعام 1959 توفي أو قتل شهدي عطية الشافعي تحت وطأة التعذيب، ومازالت فكرة العدالة والاشتراكية حية ومزدهرة. إنك تستطيع دائما أن تحرق الكتاب لكنك لا تستطيع أن تبيد الفكرة حتى لو كانت رجعية وإرهابية إلا بوسائل أخرى غير الإحراق.
6- كان المطلوب ومازال فض - ليس فقط الاحتشاد البشري لاعتصام النهضة ورابعة - بل فض الاعتصام الفكري لنهضة ورابعة. تعرية تلك الأفكار وذلك النهج وعزله. ولا يكفي لهذا أن تقوم وسائل الاعلام بحملة دعائية ضد الإخوان في الصحف والمجلات والتلفزيون وغير ذلك. كان المطلوب من الحكومة الانتقالية المؤقتة ومازال تقديم نموذجا في حل المشكلات يختلف عما قدمه الإخوان خلال حكمهم . أي كان المراد أن تحل الحكومة مشكلات الناس من أزمة المرور، والبطالة، والإسكان، وتدهور مستوى التعليم، والفوارق الصارخة في الدخول، واستنهاض الزراعة والصناعة وغير ذلك. حينئذ فقط كان الناس سيقارنون - بأمثلة عملية - بين عجز الإخوان عن تقديم أية حلول للمشاكل وبين نجاح الحكومة الجديدة في ذلك. حينئذ كان الناس سينفضون عن الإخوان فكريا. أما أن نترك كل المشكلات التي يختنق بسببها المواطن المصري كما هي من دون حل ، ثم نفض اعتصاما بالقوة، فإن ذلك لا يمثل مخرجا . الأهم أن اعتماد الحل الأمنى منفردا يكشف عن غياب رؤية متكاملة للمواجهة. كان المطلوب ومازال فض الاعتصام الفكري للنهضة ورابعة. وفض ذلك الاعتصام فكريا مستحيل إلا بتقديم نموذج حقيقي لحل مشكلات الناس. وبنفي الفقر والبؤس الاقتصادي الذي تنمو فيه أيديولجية الإخوان الرجعية.
7- مع إعلان حالة الطوارئ علينا أن نتوقع تزايد العمليات الارهابية الاخوانية الموجهة ضد الكنائس لحرف الصراع عن اتجاهه السياسي ودفعه إلي مجري طائفي ديني داخل مصر، بينما تتواصل العمليات في سيناء.
8- مازلنا إزاء " غياب خطة للمواجهة " ومازال المطلوب خطة متكاملة. أو أن ما يجري سيقود للأسف إلي المزيد من تدهور الأوضاع.

***
أحمد الخميسي – كاتب مصري

#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل