أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة














المزيد.....

استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في نهايات القرن 18، زمن المماليك، ظهر في صعيد مصر شاعر شعبي عظيم اشتهر باسم " ابن عروس" بدون أن يعرف أحد اسمه الحقيقي. وذاعت في البلاد حينذاك أزجاله وقصائده في شكل " مربعات" وهي قالب شعري شعبي يتألف من أربع شطرات. من ضمن تلك المربعات قوله " مسكين من يطبخ الفاس .. ويريد مرق من حديده .. مسكين من يصحب الناس .. ويريد من لايريده ". والذين ينتظرون نتيجة الاستفتاء على الدستور كمن ينتظر المرق من الحديد، والحديد لن يعطي المرق مهما فعلت. ومن يعرف الإخوان منهجا وعملا وتاريخا يعرف أنهم سيزورون نتيجة الاستفتاء بكل الطرق، بما في ذلك الطرق الدموية. ومن ثم فإن نسبة الموافقين على الدستور في الاستفتاء قد تصل إلي ما يقارب السبعين بالمئة.
هكذا – لأسباب كثيرة- نجد أنفسنا أمام استفتاء غير شرعي على دستور غير وطني. وهو استفتاء غير قانوني على الأقل لأنهم يأخذون رأينا في مواد دستورية سارية المفعول قبل التصويت. وهذا يشبه أن تسألني : " هل أتزوج فلانة أم لا؟ " بينما أنت متزوج منها فعلا. فماقيمة رأيي أو صوتي في هذه الحالة؟. لا شيء. والمادة رقم 225 لنفاذ الدستور توفر أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين . وإذن فإننا – كما لاحظ د. نور فرحات- نستفتى على مادة تدخل حيز التنفيذ بغض النظر أوافقنا عليها أم لا ! وكان المكان الطبيعي لتلك المادة هو إعلان دستوري مستقل وليس ضمن الدستور.
أما عن الدستور إجمالا فإنه مطعون عليه بدءا من جمعيته التأسيسية التي تشكلت على أساس طائفي من خمسين بالمئة من الإسلاميين وخمسين بالمئة من المدنيين حتى قاطعتها وانسحبت منها معظم القوى المستنيرة. وقد أكد هذا التشكيل الطائفي وجوده بالمادة 219 التي نصت على " أن مباديء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة " . وبدلا من أن تكون أدلة الشريعة هي الأدلة " الكلية القاطعة " ، ينفتح الباب على مصراعيه لمختلف التفسيرات من مختلف الجماعات، وبالتالي ينفتح الباب لسن قوانين وتطبيقات متعددة تعتمد على النظرة الشخصية والاجتهادات المريضة لتلك الجماعات. أضف إلي كل ذلك أنه ما إن يتم تمرير الدستور حتى يتولى مجلس الشورى – بتكوينه الإخواني الحالي – سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد . ويعنى ذلك كله أنه سيتم سن جميع القوانين وفقا لنظرة رجعية متخلفة تكرس الطغيان والطائفية والعداء للعلم والثقافة وحرية التعبير.
والاستفتاء لكل ذلك ليس سوى جرجرة مصر إلي سلخانة دستورية تراق فيها دماء الحرية والتطور والعدل والنقابات والصحف ووحدة الوطن وما تبقى للطبقات الشعبية من مكتسبات اجتماعية. وسوف يهبط الإخوان بذلك الدستور على رقبة كل هذا مسلحين بمنح الصلاحيات المطلقة للطاغية وتحصينه من أى مساءلة أوحساب. سيتم تمرير الاستفتاء بالتزوير، لأننا لم نعد نواجه الإخوان كتيار سياسي، بل أصبحنا نواجههم وهم قابعون في مفاصل الدولة ومتربعون على قلب أجهزتها، وهي أجهزة ذات تاريخ عريق في تزوير كل شيء بما في ذلك درجة حراراة الجو. وربما تكون النسمات التي نتنشقها الآن هي آخر نسمات نتنشقها من الحرية. لأننا بعد وقت قليل سنجد أنفسنا أمام دستور فاشي تحكم البلاد بموجبه.
الكثير من الأفراد والمنظمات والأحزاب السياسية قال" لا" في وجه من قال" نعم". لكن المشكلة كانت ومازالت هي كيف نجعل من " لا" هذه قوة مؤثرة في الواقع السياسي؟ وبعبارة أدق كيف نطور تأثيرها ؟
لقد اتفقت قوى المعارضة على رفض الاستفتاء والدستور. لكنها انقسمت إلي حد كبير بين القائلين بمقاطعة الاستفتاء لأن ذلك في تصورهم كفيل باسقاطه، وبين القائلين بالمشاركة والتصويت ب " لا" لأن ذلك أيضا كفيل بإسقاطه. والحق أنه ليس لدي أي من الطرفين أية ضمانة في مواجهة التزوير الذي تم وسيتم . والمطلوب في اعتقادي خطوة أخرى تتيح لنا تكتيل وحشد وجمع " لا " في حالة مؤثرة حتى بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء المعروفة سلفا. وأظن أنه ينبغى على كل الأحزاب والقوى والشخصيات التي ترفض المشروع الفاشي أن تشكل " لجنة استفتاء شعبي " برعاية فقهاء القانون المعارضين، وأن تقيم استفتاء شعبيا مواز، بصناديق يدلي فيها الرافضون للدستور بأصواتهم، وتوثيق وتسجيل ذلك، وحساب عدد تلك الأصوات بمراقبة المنظمات المختلفة وبمساعدة القضاء الشرفاء الذين وقفوا ضد الإطاحة باستقلال القضاء. لابد من اجراء استفتاء شعبي آخر ، لأن المشكلة التي نواجهها هي " التزوير " الذي سيخفي حقيقة حجم المعارضة ، ومن ثم فإن علينا أن نحسب نحن بأنفسنا أصواتنا بدقة ونزاهة. وسيظل هذا الاقتراح صالحا حتى بعد الاعلان عن نتيجة الاستفتاء. من ناحية أخرى فإن الاستفتاء الشعبي قد يصبح وسيلة لدفع القوى السياسية المختلفة للمزيد من التوحد وبلورة برنامجها بشكل أكثر وضوحا.
ربما لا تكون المهمة سهلة ، لكنها اختبار لقوة المعارضة ، ولقدرتها على رفع درجة المواجهة من مجرد الاعتراض إلي فعل آخر حي . ولنبدأ بصناديق استفتاء شعبي في ميدان التحرير وغيره من الميادين . فلنبدأ .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر والدستور .. زكيبة الدقيق والعصا
- مرسي والإخوان .. كلهم تكلموا باسم الدين !
- ومض
- الثقافة والجلافة فيما جرى مع علاء الديب
- الإخوان ذراع الطغيان
- قبضة الفاشية في إعلان دستوري بمصر
- يكفي أيها اليوم أنك جئت.. لكي لا أعاتبك
- كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟
- خمسون زهرة ياصاحب الوجه الكئيب
- الدولة العزيزة .. من فضلك لاتحمي الوحدة الثقافية
- الفاشية في مصر تدق الكعب !
- إسرائيل تدك غزة .. لن نغفر ولن ننسى
- - بوس الواوا - .. تهدد الأمن القومي المصري ؟!
- نجيب سرور .. ذكرى الرحيل
- الرئيس مرسي : مظهر قرآني - جوهر أمريكاني
- دراما الثورة والبشر .. من تاريخ الحركة الطلابية
- سنوات عبد الناصر والوحدة الوطنية
- إوعى الأجنحة تكون صيني ؟
- في ذكرى رحيل سعاد حسني
- انتخبوا أنفسكم !


المزيد.....




- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...
- لماذا رشحت باكستان ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام؟
- تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنود
- كاتب أميركي: 4 أسئلة حاسمة على ترامب التفكير فيها قبل الضربة ...
- إجلاء رعايا عرب وغربيين وصينيين من إيران
- على وقع الاقتحامات.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بالضفة ...
- تحذير خليجي من استهداف المنشآت النووية بإيران
- كاتب إسرائيلي: لهذه الأسباب الثلاثة تفشل إسرائيل في غزة
- عاجل | الجيش الإسرائيلي: نهاجم حاليا بنية تحتية عسكرية في جن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة