أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - ثقافة الهوان في دستور الإخوان















المزيد.....

ثقافة الهوان في دستور الإخوان


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 12:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كل نظام سياسي جديد – ناهيك عن ثورة – له فلسفة سياسية واجتماعية هي التي تحرك العملية الثقافية إجمالا. وعندما قامت ثورة يوليو بفلسفة العداء للاستعمار وتحرير المرأة والمساواة والمواطنة والتصنيع والاصلاح الزراعي تحركت العملية الثقافية تحت جناح تلك المبادئ، فتم إقرار مجانية التعليم لصالح الفقراء، وأنشئت أول وزارة للثقافة لتصبح ثامن وزارة ثقافة في العالم، وأخذت الدولة على عاتقها دعم نشر الكتب والمجلات والصحف بسعر رخيص، وأقامت الثقافة الجماهيرية لتصل بالفن إلي ظلمة الريف، ورفعت الفنون الشعبية إلي منصات المسارح. والنظم التي تطمح إلي تصفية الاستغلال والفقر تسعى إلي نشر ثقافة توائم فلسفتها، كما أن النظم التي ترى أن الظلم الاجتماعي والاقتصادي قدر الإنسان تسعى لثقافة من نوع مختلف يتواءم مع فلسفتها الاجتماعية التي ترى الفوارق الاقتصادية أمرا طبيعيا. وإجمالا فإن التوجهات الاجتماعية للنظام تحكم التوجهات الثقافية. وعندما دخل هتلر البرلمان عام 1929 ، بلور فلسفته بالدعوة إلي تفوق الجنس الآري وسيادته، والعنف ضد الأقليات والقوميات الأخرى، والعنصرية، وحين أنشأ وزارة الرايخ العام للتنوير والدعاية التي ترأسها جوزيف جوبلز عام 1933، حدد هدف الوزارة بأنه نشر الرسالة النازية من خلال الفنون والموسيقى والمسرح والأفلام والكتب والإذاعة والمواد التعليمية والصحافة. وتحركت العملية الثقافية إجمالا تحت جناح الفلسفة العنصرية. ومع وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم في مصر يحق لنا أن نسأل ما هي فلسفة نظامهم السياسية والاجتماعية ؟ وكيف ستنعكس تلك الفلسفة على المجال الثقافي؟
تقوم الفلسفة السياسية والاجتماعية لحكم للإخوان على الاستمرار بالنظام الرأسمالي التابع، بل وتقديم فروض الطاعة لمراكز الرأسمالية العالمية بتصريحات تضمن عدم المساس بكامب ديفيد ، وأخرى ترحب بعودة يهود انتفت عنهم صفة المصرية حين شاركوا في العدوان على مصر. إلا أن الإخوان – وهم يستبقون الرأسمالية – يخلعون عنها زينتها التاريخية من حرية صحافة وتعبير وتنوع فكري، ويمضون إلي فرض رؤاهم الشمولية العنصرية وخلق ثقافة توائم تلك الرؤى. ويمكن رصد معالم فلسفة الحكم الإخوانية من واقع تصريحات قادة الجماعة ، فعندما يصف بديع مرشد الإخوان لجريدة الحياة في نوفمبر 2005 أبناء مصر من الأقباط المصريين بأنهم" أهل ذمة"، فإنه يقدم لنا فلسفة عنصرية تميز بين المصريين على أساس ديني ولا ترتكز إلي أساس وطني. وعندما يصرح المرشد ذاته لجريدة البلاغ في 2008 بأن " مصر ديار كفر وأهلها لاعهد لهم ولا ذمة ولا ميثاق" فإنه يقدم لنا فلسفة ترى كل من خارجها " كافرا ولاعهد له"، ومن ثم فإن مصر كلها تقف في ناحية " كافرة لا ذمة لها " بينما ينعم المرشد وزملاؤه وحدهم بوقفة المؤمنين الأطهار. وحين يقول المرشد في خطبة مسجلة في شهر رمضان العام الماضي أن " لدي جماعته ماء طهورا من السماء سوف تقوم به بتطهير نجاسات المجتمع " ! فإننا نرى بوضوح فلسفة استعلائية وغيبية تضفى على أصحابها هالات سماوية ليست لهم وتعلى من قدرهم فوق الآخرين كافة. هذا الاستعلاء النظري والعملي لجماعة الإخوان – باعتبارها فوق الجميع - يتضح في كونها لاتقوم بتسجيل نفسها وفقا لقانون 84 لعام 2002 الذي ينظم عمل الجمعيات الأهلية بمصر، والسبب في ذلك كما صرح د. حسين محمود الأمين العام للجماعة مطلع يناير الحالي هو أن " جماعة الإخوان ليست جمعية خيرية حتى نقول أنها يجب أن تقع تحت إشراف الشئون الإجتماعية، لكنها جماعة دعوية وسياسية وإقتصادية وربانية ودينية، إلى غير ذلك كما وصفها الإمام البنا على أنها دعوة شاملة". وهكذا يضع الإخوان أنفسهم بصفتهم " جماعة ربانية "، بمعنى أنهم " نوع أرقى" لا يخضع لقوانين المجتمع ، فوق المساءلة والنقد والمحاسبة وأعلى من الآخرين جميعا.
وعندما يكون حجر الزاوية في فلسفة الأخوان ونظامهم أنهم"جنس متفوق" أرقى من غيرهم، فلابد أن ينعكس ذلك على تصورهم للثقافة التي سيعملون على نشرها، وهي تحديدا " ثقافة إسلامية . شمولية . ذات مرجعية تاريخية وفكرية واحدة ". وهم لايرون من الأدب إلا " أدبا إسلاميا " . طيب وشكسبير نعمل فيه إيه ؟ وليف تولستوي الذي كان الإمام محمد عبده يبعث إليه برسائل يخاطبه فيها بداية بقوله " يانبي البشرية " ؟ وتشارلز ديكنز؟ وفولتير؟ نرميهم ؟ . أما عن السينما والمسرح وغيرها فإنها عندهم محصورة في الأعمال الأخلاقية أو التاريخية أو الوثائقية، وليس للفن التشكيلي مجال لديهم لا اللوحات ولا التماثيل التي شرعوا يغطونها بالقماش في القاهرة، أما الموسيقى فإنها قد تقتصر على الأناشيد الدينية. وهذه الفلسفة الاستعلائية العنصرية التي تقوم على " تفوق جنس الإخوان" على البشر كافة تسعى لنشر ثقافتها ويتضح ذلك في برنامج حزب الحرية والعدالة الذي جاء فيه تحت عنوان " القوالب الأدبية " أنه لابد من " توجيه مسارات الإبداع الأدبي لخدمة قضايا المجتمع " وصولا إلي الحديث الصريح عن " ضوابط إدارة الحياة الثقافية "! وبضوابط الإخوان لإدارة الثقافة يمكن بأثر رجعي شنق عنترة بن شداد الذي قال مزهوا أمام عبلة :" ولو صلت العرب يوم الوغى .. لأبطالها كنت للعرب كعبة"! ألم يتجرأ ويشبه نفسه بالكعبة ؟! ثم كيف يمكن للصلاة أن تكون لبشر أيا كانوا ؟! إجمالا تنعكس فلسفة حكم الإخوان على نظرتهم للثقافة ومن ثم فقد تجلت في مواد الدستور المشئوم الذي صاغوه ، بدءا من المادة 12 التي جاء فيها " تحمى الدولة الوحدة الثقافية " ، كما يفهمون هم الحماية وأيضا الوحدة التي تعنى أن هناك مفهوما واحدا لا يمكن الخروج عنه ، مرورا بالمادة 213 التي تدعو لانشاء هيئة عليا لحفظ التراث وتنظيم وسائل حمايته والإشراف على جمعه وتوثيقه ، وتوثيق ثورة 25 يناير. هذا بدون أن توضح المادة كيفية تشكيل الهيئة أو دورها أو مصير الهيئات القائمة المسئولة عن جمع التراث وحمايته ومنها دار الوثائق ودار الكتب والجهاز القومي للتنسيق الحضاري ومركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بمكتبة الإسكندرية وغيرها .ومعنى ذلك فعليا كما يرى د. عاصم دسوقي أن دور الهيئة الجديدة فعليا هو إعادة كتابة تاريخ مصر بمعرفة الدولة، ليكون الإخوان زعماء الثورة، الأمر الذي يذكر بقرار أنور السادات بإنشاء لجنة لكتابة تاريخ مصر، وباللجنة التى شكلها الملك فؤاد الأول لكتابة تاريخ والده الخديو إسماعيل! وعمليا فإننا إزاء هيئة لن تكتب تاريخ مصر بل ستبذل قصارى جهدها لتمحوه!
وهكذا فإن إعادة " كتابة التاريخ " أو للدقة محوه ستتم بمنطق تحويل القاتل إلي بطل ، والضحية إلي مجرم ، وهو المنطق الذي اعتمده الرئيس مرسي حين عين الأخ صفوت عبد الغني عضوا بمجلس الشورى ، مع أن الأخ صفوت نفذ حكما بالسجن عشر سنوات من عام 1994 حتى 2004 بتهمة اغتيال د. رفعت محجوب! فجعل مرسي من القاتل بطلا ! جدير بالذكر أن المثقفين لم يشاركوا في صياغة ذلك الدستور ، وعندما رشح اتحاد الكتاب كاتبا كبيرا هو بهاء طاهر لعضوية التأسيسية التي تصوغ الدستور تم رفض الترشيح ! .
في الوقت ذاته كان من المفترض تخصيص باب للثقافة فى الدستور المشئوم ينص على (التزام الدولة بحماية الحريات الثقافية، وتقديم الخدمة الثقافية بطريقة تصل إلى كل المواطنين)، كما كان منصوصا عليه فى دستور 71، وفى عهد جمال عبدالناصر، لكن الإخوان رفضوا ذلك، حتى أن د. صابر عرب وزير الثقافة صرح بأن " المساحة التى منحها الدستور للثقافة ضئيلة جدا " ، وربما تحرج بصفته وزيرا من قول " مساحة معدومة".
تعيش الثقافة المصرية لحظة خطر، ويتم جرجرتها بالقوة لإخضاعها لفلسفة عنصرية ، استعلائية ، منغلقة ، رجعية ، ومنقطعة الصلة بكل منجزات الثقافة الإنسانية. فهل نقول مع ذلك إن مصر أكبر من الظلمة ؟ نعم . هي أكبر. وهل نقول إن شاعرا مصريا كتب في عصر المماليك ، منذ ألف عام ، يقول عن حق :
مـصر لها الأفـضـال إذ لم تـزل
على العـدا منصورة ظاهـرة ،
ماغـولبت ، كلا ولا قـوهـرت
إلا وكانت مصر والقـاهــرة !
نعم . هي مصر القادرة على التمرد وعلى العطاء وعلى تحطيم الأغلال . نعم . وهي ماغولبت ولا قوهرت إلا وكانت هي القاهرة! نعم .
***



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعونا نجرب عاما جديدا
- الطوابير المؤنثة .. وصانعة المستقبل
- استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة
- مصر والدستور .. زكيبة الدقيق والعصا
- مرسي والإخوان .. كلهم تكلموا باسم الدين !
- ومض
- الثقافة والجلافة فيما جرى مع علاء الديب
- الإخوان ذراع الطغيان
- قبضة الفاشية في إعلان دستوري بمصر
- يكفي أيها اليوم أنك جئت.. لكي لا أعاتبك
- كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟
- خمسون زهرة ياصاحب الوجه الكئيب
- الدولة العزيزة .. من فضلك لاتحمي الوحدة الثقافية
- الفاشية في مصر تدق الكعب !
- إسرائيل تدك غزة .. لن نغفر ولن ننسى
- - بوس الواوا - .. تهدد الأمن القومي المصري ؟!
- نجيب سرور .. ذكرى الرحيل
- الرئيس مرسي : مظهر قرآني - جوهر أمريكاني
- دراما الثورة والبشر .. من تاريخ الحركة الطلابية
- سنوات عبد الناصر والوحدة الوطنية


المزيد.....




- جامعة الدول العربية تشارك فى أعمال القمة الاسلامية بجامبيا
- البطريرك كيريل يهنئ المؤمنين الأرثوذكس بعيد قيامة المسيح
- اجعل أطفالك يمرحون… مع دخول الإجازة اضبط تردد قناة طيور الجن ...
- ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟ ...
- الرئيس الصيني يؤكد استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الإ ...
- الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء شعائر ...
- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- لماذا تحتفل الطوائف المسيحية بالفصح في تواريخ مختلفة؟
- هل يستفيد الإسلاميون من التجربة السنغالية؟
- عمارة الأرض.. -القيم الإسلامية وتأثيرها على الأمن الاجتماعي- ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - ثقافة الهوان في دستور الإخوان