أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الإيديولوجيا لدى بول ريكور















المزيد.....

نقض مفهوم الإيديولوجيا لدى بول ريكور


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 02:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقض مفهوم الأيديولوجيا لدى بول ريكور
هيبت بافي حلبجة
وددت أن أنتقد أولاُ مفهوم الهيرمينوطيقيا ، علم تأويل الخطابات ، لديه ، لكني آثرت أن أخوض معه تجربة الأيديولوجيا معه في المقام الأول ، تلك التجربة التي كان من الممكن أن أخوضها مع الكثيرين ، سيما مع ماركس وأنجلز ، كوندياك ، ريمون آرون ، وكارل جاسبرز ، لكن خوض هذه التجربة معه له طابع مميز وخاص لإنه يتعلق بالهيرمينوطيقيا بطبيعة التحليل .
بول ريكور ( 1913 – 2005 ) الفيلسوف الفرنسي اللامع يتناظر مع ذاته في طرح محتوى النص والخطاب عبر مفهوم التأويل من خلال مؤلفات عديدة نذكر منها ، نظرية التأويل ، من النص إلى الفعل ، الخطاب وفائض المعنى ، الأيديولوجيا واليوتوبيا ، الخطاب والتاريخ والزمن ، بأسلوب متزن ورزين ، ولكنه يعالج وظائف الأيديولوجيا وبالتالي معناها دون أن يرهق نفسه في البحث الجاد عن دلالاتها الفعلية ، دون أن يستعيد وعيه التأليفي في خواصها ، وألتزم بحدها الأولي ومعناها الظاهري السطحي لدى كارل ماركس ، كما لو كانت كلمة ( الأيديولوجية الألمانية ) نصاُ تابوياُ خارج التأويل نفسه ، دون أن يطبق عليه ذات المنهجية التي طبقها على الظاهراتية المثالية لدى هوسرل أو على مفهوم الكينونة والوجود الإنساني لدى مارتن هايدجر أو مسألة اللغة والبنيوية لدى دي سوسير ، أو حتى محتوى ومعيار الهيرمينوطيقيا لدى ديلتاي ، وشلايماخر ، وجادمير .
وقبل أن نعرض رأي بول ريكور حول مفهوم الأيديولوجيا أود أن ألخص محتوها لدى لالاند ، وستوت دي تراسي ( صاحب مصطلح الأيديولوجيا ) ، لما لها من قيمة تاريخية تحليلة ، ولما لها من قيمة في تأصيلها منذ البدايات ، فهاهو لالاند يعرفها على النحو التالي أنها العلم الذي يتخذ موضعاُ له دراسة الأفكار ، اي العلم الذي يبحث في صفات الأفكار وقوانينها وخاصة أصولها .
وهذا المعنى الذي ذهب إليه لالاند هو ذات المحتوى الذي أكد عليه ستوت دي تراسي قبله ، أي منذ حيثيات الثورة الفرنسية ، حيث أول ظهور لهذا المصطلح ، فيقول دي تراسي إن الأيديولوجيا التي هي علم الأفكار تقوم على أساس الملاحظة والتجربة بعكس مفهوم علم اللاهوت الذي يمثل حالة أولية وطفولية من التاريخ البشري حيث الإعتقاد المسبق والرؤيا غير الناضجة .
وهكذا تحدى دي تراسي المنظومات اللاهوتية والميتافيزيقية والدلالات الجافة في مقولات ماوراء الطبيعة بمفهوم ( الأيديولوجيا ) ، بمفهوم جديد ينتمي ، حسبه ، إلى مجموعة وقائع الوعي من حيث صفاتها أو قوانينها أو مظاهرها أو علاقاتها بالعلامات التي تمثلها ، تلك العلامات التي تأخذ بعدها العلمي الفعلي من ( كل ماهو جديد ) وتقف بالضد لكل ماهو قديم أو محافظ .
لذلك يؤكد المفكر المغربي ، عبد الله العروي ، إن الأيديولوجيا في مصطلحها اللغوي فرنسية الطابع وتختص بعالم الأفكار وقدرة الأتصال فيما بينها ، لكن تغيرت معالمها فيما بعد وباتت تعبر عن ممارسات معينة وتوجهات خاصة لدى مجموعات محددة ، وفقدت بالتالي أصلها اللغوي .
في حين إن أنجلس يؤكد إن الأيديولوجيا ليست سوى التعبير الفكري عن العلاقات السائدة في المجتمع ، تلك العلاقات التي تجعل من طبقة ما الطبقة السائدة على الطبقات ألأخرى ، لكنه يربط ذلك بالشروط المادية والروحية القائمة على صورة ناقصة ومشوهة للعلاقات السائدة في المجتمع ، ويرتكب بذلك حماقة مابعدها حماقة خاصة عندما يؤكد إن الأيديولوجيا هي نشاط فكري لاينبثق عن وعي حقيقي ، لإن هذا النشاط الفكري ( أنما يصدر عن وعي زائف مغلوط ذلك لإن القوى الحقيقية المحركة له تبقى مجهولة لديه ، أي لدى المفكر الواعي ، وإلا لما كان نشاطه الفكري ذاك أيديولوجياُ ) .
والغريب في الأمر إن ماركس وأنجلز قد أعتبرا إن الأيديولوجيا هي جزء من البنى الفوقية التي هي أنعكاس حقيقي عن البنى التحتية ، فكيف يستقيم الأمر ، أي كيف يلج الزائف والمغلوط في هذه العلاقة ، لدينا البنى التحتية التي لايمكن إلا أن تعبر عن ذاتها بصورة صادقة وإلا ما كنا إزاء مفهوم التشكيلة الأقتصادية التاريخية ، ولدينا البنى الفوقية التي لاتستطيع إلا أن تتوافق تماماُ مع البنى التحتية ، وإلا لأنتفت كافة المقولات الماركسية .
أما لينين فيرتكب الحماقة بنفسها عندما يمايز مابين الأيديولوجية البرجوازية والأيديولوجية الأشتراكية ، حيث الأولى هي النشاط الفكري الذي به تخدع البرجوازية نفسها والطبقات الأخرى وكافة الشرائح الأجتماعية ، وأما الثانية فهي النشاط الفكري الذي يقود كفاح ونضال الطبقة العاملة والشرائح المرتبطة بها ضد كافة النشاطات الفكرية المزيفة والمضللة والمخادعة التي تمارسها البرجوازية .
ويمارس مانهايم نفس الحماقة حينما يمايز ما بين الأيديولوجية الخاصة والأيديولوجية العامة ، فالأولى لديه يعتنقها شخص ما ليبرر موقفه داخل المجتمع ولإنها تعبر عن مصالحه الخاصة ، تلك المصالح التي تتعارض مع مصالح المجتمع في ذاك الصدد تحديداُ ، والثانية تعتنقها جماعة أو مجموعة معينة لتبرير موقفها داخل المجتمع ، بمعنى إن ألأيديولوجيا ، هنا ، هي تبريرية بأمتياز .
وعلى ضوء هذه المعطيات يبدي بول ريكور موقفه من الأيديولوجيا ويلج مباشرة في مستوى مايسميه بالوظائف الثلاثة للأيديولوجيا أو أستعمالاتها منطلقاُ من نقطة محورية هي أساس أدراكه لمحتوى ومدى الأيديولوجيا وهي الحضور الفعلي والممارساتي للوهم كجزء عضوي يسيل في ثنايا وأبعاد كل ما يتعلق بقضية الأيديولوجيا التي يسقط عنها بول ريكور كل ملامحها اللغوية ودلالاتها التاريخية ( أبان الثورة الفرنسية ) ويطيح برأي ستوت دي تراسي ، ليجنح نحو تصور نابليون بونابرت عن ( الأيديولوجيين ) وليناظرها مع محتوى الوهم ، وكإن لا أيديولوجيا خارج حضور هذا الأخير ، أو كإنها مجبولة منه بالدرجة الأولى والأخيرة ، أو ربما ، وفي أحسن الأحوال ، إن الوهم في ( صناعة الإختلال والتشويه والزيف ) في الأفكار يعبر عن ذاته عبر الأيديولوجيا كحالة مثلى ، أو كما يؤكد كارل جاسبرز في مؤلفه ، التمثلات ، إن الأيديولوجيا هي مجموعة معقدة من الآراء أو تجسدات تقفز إلى عيون الشخص لتمثل له حالة العالم أو وضعه الخاص ، وكإنها ، بالنسبة له ، حقيقة مطلقة لكن على صورة وهم ، ذلك الوهم الذي من خلاله يبرر ذاته ، يخفي ذاته ، يكشف عن ذاته بطريقة أو بأخرى ، لكن دائماُ لمصلحته المباشرة ، أي لمصلحة الشخص نفسه .
وهكذا ينطلق بول ريكور ، في المقام الأول من تلك الممارسات الثلاثة ، من محتوى كتاب ( ألأيديولوجية الألمانية ) لماركس ويتمسك بمعنى الإختلال والتشويه اللذين يصيبان الواقع من جراء الممارسات المزيفة ، وهذا الرابط ، الذي أسسه ماركس مابين تمثلات الوعي وواقع الحياة العامة والذي يسمى بالممارسة ، يمنح للأيديولوجيا مفهوم العملية الفكرية التي من خلالها تبرز التمثلات الخيالية وتزيف حياة الناس الواقعية وتخدعهم في صميم وعيهم .
وفي المقام الثاني لايكتفي بول ريكور بمحتوى التشويهي والتزيفي الكامن في حاضنة الأيديولوجيا ، بل يتعدى ذلك إلى مضمون التبريري ، اي إن ألأيديولوجيا تمارس ، ضمن هذه الوظيفة ، ثلاثة مهام في ذات الوقت ، المهمة الأولى إنها تبرر خواصها ، المهمة الثانية إنها تتحدث بصفتها البنيوية كمدافع عن الحاكم المستبد المسيطر ، المهمة الثالثة إنها تتحول إلى ظاهرة تتجاوز حدود هذا ( الحاكم المستبد ) إلى حالة مرضية على كافة الصعد في المجتمع ضمن سياق مفهوم أداة القمع والقهر .
وتقلد الأيديولوجيا لهذه المهام الثلاثة ، هنا ، شيء طبيعي لإنها مرتبطة عضوياُ بتحول أفكار الطبقة المسيطرة في المجتمع إلى أفكار مهيمنة ذات أبعاد أكثر شمولية ، ويؤكد بول ريكور إن الأيديولوجيا حينما تربط مابين ظاهرة السيطرة السياسية ومفهوم الرعب ضمن حالة التهديد الوجودي ، تتجاوز محتوى الصراع الطبقي لدى ماركس وأنجلس ، وتنتقل ، حسب بول ريكور ، إلى مستوى ظاهرة شمولية تقتات من الخوف وتتغذى من حالة الذعر .
وفي المقام الثالث يتفرد بول ريكور بهذا الأستعمال الخاص الذي يسميه بالأدماج ، أو مهمة الإدماج مابين ثلاثة عناصر متشابكة متداخلة ، كوحدة حال ، وهي وجود الجماعة أو المجموعة ، وكذلك كافة المبادىء والأصول الأولية التي أعتمدت عليها المجموعة والتي كانت سبباُ في وجود محتوى هذه الأيديولوجيا تحديداً ، وكذلك ولادة عنصر جديد داخل البنية الذاكرة الجماعية ، تلك الذاكرة التي تبدي استعدادها لأحتياجها لهذه الأيديولوجيا كحالة ضرورية ، كحالة بنيوية .
وعلى ما يبدو ، إن وظيفة الإدماج تنغرس في طبائعية المجتمع أكثر من الوظيفتين السابقتين لإنها تقوم بممارسة الأحداث التاريخية الأولية لتلك المجموعة ، كهوية أصيلة وخاصة بها تميزها عن غيرها من المجموعات الأخرى ، بغية أدماج مفهوم العملية الفكرية في بنيوية الذاكرة الجماعية .
من الواضح أننا لن نكتفي بهذا الشرح خارج محتوى الهيرمينوطيقيا ، إنما لامناص من اللجوء إلى هذا الأخير لتأصيل فكرة الأيديولوجيا لدى بول ريكور ، وأساس التأصيل يبدأ من نقطة معقدة وهي وجود مساحة أكيدة مابين ( حضور من هم في السلطة ) ومحتوى الشرعية ومحاولة الأيديولوجيا لردم وتغطية هذه المساحة ( تصوروا حجم مفهوم الوهم هنا وكذلك مدى التشويه والتزييف ) للسيطرة على ( الشرعية) ذاتها من جهة ، وللأنتقال إلى محتوى الحقيقة المطلقة من جهة ثانية ( تصوروا أمكانية الفرق مابين الفلسفة والأيديولوجيا ) ، ومن هنا ،حسب بول ريكور ، نستشف أربعة أمور ، الأول مفهوم الصراع ما بين الأيديولوجيات نفسها ، الثاني محتوى الصراع مابين الأيديولوجيا ( المستوى المثالي ) والبراكسيس (المستوى الواقعي ) ، الثالث عدم وجود موقف لا أيديولوجي لدى الحديث عن الأيديولوجيا ، الرابع قيمة التأويل في الفكر الحديث ، أساس الهيرمينوطيقيا .
الآن أكتفي بهذا القدر لأبدي رأي على النحو التالي :
مهما يكن تعريف الأيديولوجيا ، ومهما تكن حيثياتها ، ومهما كان موقفنا منها كمقولة كمفهوم ، ومهما كان وضعها التاريخي ومهما كانت دلالاتها، فينبغي أن ندرك أمراُ في غاية الجوهرية وهو إن الأيديولوجيا مرتبطة بالممارسة ، وإن كانت تتغذى من الأفكار وتفاعلاتها ، وإن كانت أنعكاساُ للواقع الإجتماعي (ماركس وأنجلز ) ، وإن كانت تختزن الأفكار وخصائصها وقوانينها ( ستوت دي تراسي ) ، وإن جسدت علاقة هذه الأفكار بالرموز التي تستند إليها في المجتمع .
وأرتباطها بالممارسة وأنتمائها للواقع منفصلان عن مفهوم التشويه والتزييف ، والتبرير ، وحتى محتوى الإدماج ، لإن الأيديولوجيا هي ، بكل بساطة ، مرآة ذاتها ، أي أنها صادقة تماماُ - وينبغي أن تكون صادقة وإلا ما كانت ذاتها – في عمليتي النقل والتعبير عن الحالة التي تجسدها ، عن حالتها البنيوية ، فهي تعبر عن المحتوى المتضمن فيها غصباُ عنها ، تماماُ مثلما يعبر الملح عن ملوحته ، والسكر عن حلاوته ، واللون عن لونه ، ولقد غاب هذا المفهوم عن ( بول ريكور ، وماركس ، وأنجلز ، ولينين ) وأعتقدوا وكإن اٌلإيديولوجيا هي من تقوم بتزييف التاريخ ، وغاب عن ذهنهم إن ( التاريخ ) هو مايظهر على شاكلته ويحتوي على أيديولوجيته الخاصة ، سواء ظهر هذا التاريخ على شكل مجموعة ، أو على شكل حاكم مستبد ، أو على شكل نظام عام .
كما إن كل نظام أجتماعي وسياسي معين يتضمن شيئاُ من التاريخ ، وشيئاُ من الحقيقة التاريخية ( السلبية والإيجابية ) ، ويتضمن شيئاُ من الأيديولوجيا الموازية ، تلك الأيديولوجيا التي تنقل جوهر ذلك النظام إلى الواقع من خلال تلك المنظومة من الأفكار ، وتعيد أنتاج تلك الصورة إلى الوعي الخاص وإلى الوعي المجتمعي العام ، وهذا هو الأساس الفعلي لمحتوى الممارسة ودروها في شخيص مفهوم الأيديولوجيا المتطابقة معها ، تماماُ مثل شعاع هندسي س ص يحتفظ ينفس القيمة كيفما أتجهنا من س إلى ص أو من ص إلى س .
وهكذا فإن الأيديولوجيا لاتخفي الواقع الإجتماعي ، وليس لدينا أيديولوجيا خاصة وأيديولوجيا عامة ، وليس لدينا أيديولوجيا رأسمالية مزيفة وكاذبة وأيديولوجيا أشتراكية صادقة ، وليس لدينا أيديولوجيا تاريخية وأخرى لاتاريخية ، لإن هذه التقسيمات ، أو هذه الأطروحات تشبه حالة من يطلب من اللون الأحمر ، كي يكون لوناُ أي يعتبر لوناُ ، أن يتمظهر كاللون الأخضر مثلاُ ، طالما ، حسبهم ، إن الأخضر صادق والأحمر مزيف وكاذب ، أو كإن على الأيديولوجيا أن تعلن عن أسفها في ( الممارسة ) وتعلن أنها لاتستطيع إن تنقل الأستغلال والأستعباد والظلم في الأنظمة الشمولية وفي الأنظمة الرأسمالية ، أو وعلى الطرف الاخر ماذا لو نقلت الأيديولوجيا ممارسات ومعاني ( سلطات الأنظمة الشمولية ) على خلاف حقيقتها في الواقع ، أو قدمت صورة رائعة عن النظام الرأسمالي ، فهل ، حينها ، سنسمح لأنفسنا أن ننعت الأيديولوجيا بالصدق ، مع العلم إنها قد تخارجت عن سياقها وغدت مزاجية !!.
ولكي تتضح الصورة أكثر نود أن نبدي ملاحظتين أثنتين ، الملاحظة الأولى علينا أن نمايز مابين قضيتين أثنتين لاعلاقة لهما ببعضهما البعض ، القضية الأولى موضوع الأيديولوجيا ومعناها ، والقضية الثانية محتوى الأيديولوجيا ، ومحتوى الأيديولوجيا ( محتوى النظام الرأسمالي أو محتوى النظام الأشتراكي ، محتوى أي حالة مجموعة ) لايغير من طبيعة الأيديولوجيا ، كما إن قيمة رؤيتنا الخاصة في السمات القبيحة في هذا النظام أو في السمات الرائعة في نظام آخر لاتحدد معنى الأيديولوجيات ، لإن الأيديولوجيا هي مثل المرآة ( موضوع الأيديولوجيا ومعناها ) تعكس الوجه القبيح كما تعكس الوجه الجميل ، كما تعكس صورة الوردة أو الحجر أو العاصفة ( محتوى الأيديولوجيا ) ، فالصورة المعكوسة لاتؤثر على عملية الأنعكاس كما لاتحدد شروطه ، إنما هي المرآة .
وأما الملاحظة الثانية فهي تتعلق بجوهر الأرتباط مابين الأيديولوجيا والتاريخ ، إذ من المستحيل أن توجد أيديولوجيا خارج محتوى التاريخ ، وهي لاترتبط به بصورة أعتباطية أو بصورة إرادية أو رغبوية خالصة ، لذلك ، وإيماناُ منا بصدق المنطلقات النظرية الماركسية ، يمكننا القول أنه توجد أيديولوجية مرحلة الرق والعبودية ، والأيديولوجية الأقطاعية ، والأيديولوجية الرأسمالية ، والأيديولوجية الأشتراكية ، وكل واحدة منها تعبر بصدق عن محتواها ، أي عن محتوى الأستغلال والأستعباد والظلم والقهر والقمع في المراحل الثلاثة الأولى ، كما انها تعبر بصدق عن المساواة والديمقراطية والليبرالية في المرحلة الأخيرة ، وكذلك يمكننا الحديث عن البشاعة والأجرام في الأنظمة الشمولية ( فرانكو ، هتلر ، موسوليني الأسد ، صدام ، القذافي ، ستالين ، كوريا الشمالية ، بول بوت ) ، وكذلك عن روح القوانين واليمقراطية في الأنظمة الدستورية ، وكذلك عن الشعائر والطقوس في المعتقدات الدينية ( البوذية ، الزرادشتية ، الأيزيدية ، الأسلام ، المسيحية ، واليهودية ) .
ويمكننا أن نشبه ذلك بالمبدأ الفيزيائي ، مبدأ أنكسار الضوء ، فالقلم الذي يبدو مكسوراُ عند أنغماسه في الماء يعبر ، بالنسبة لنا ، عن ظاهرة صادقة تماماُ مثل صدقها حينما يكون القلم مابين يدينا ، وتعبر ، لدى بول ريكور ، عن زيف وتشويه .
وهكذا نحصل ، في الملاحظة الثانية حصراُ، على رؤيتنا الخاصة بصدد مفهوم الأيديولوجيا التي لايمكن أن تكون خارج النسق التاريخي كمكون لاعضوي ، بل لامناص من أن تكون تاريخية كمكون عضوي ، أي أنها تاريخية وتاريحية فقط ، ولانعترف بأيديولوجيا لاتاريخية . وإلى اللقاء في الحلقة السادسة والأربعين .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقض الخصاء الرمزي لدى جاك لاكان
- نقض اللاشعور لدى جاك لاكان
- نقض آركيولوجية ميشيل فوكو
- نقض الإبستمولوجية التكوينية لدى جان بياجيه
- نقض مفهوم القطيعة الإبستمولوجية لدى باشلار
- نقض مفهوم التفكيك لدى جاك دريدا
- الثورة ومرحلة مابعد العولمة
- نقض مفهوم الصورة لدى أرسطو
- نقض مفهوم المادة لدى أرسطو
- نقض مفهوم الإحساس لدى أبيقور
- جنيف 2 أم أنهيار سايكس بيكو ؟
- نقض مفهوم الوجود لدى أفلاطون
- نقض مفهوم المثل الإفلاطونية
- نقض النوس ( العقل) لدى أناكساغوراس
- نقض مفهوم العقل لدى هيراقليطس
- نقض أنطولوجية بارمنيدس
- نقض المنظومة الفلسفية لدى القديس أوغسطين
- نقض مفهوم الزمن لدى القديس أوغسطين
- نقض المنظومة الفلسفية لدى سبينوزا
- نقض مفهوم العلل العرضية لدى مالبرانش


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الإيديولوجيا لدى بول ريكور