حسين الشويلي
الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 11:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المشائيين
حسين الشويلي
( نسبةٌ الى أولئك الملاين من المسلمين الذين يسيرون نحو كربلاء )
الأبعاد الأيجابية في النزعة الأنسانية المتدينه .
مما لاجدال فيه عند أصحاب العقول الناضجة فكرياً , أنّ العقائد تُعد من ألصق الأشياء بحياة الأنسان . فالأيمان ضرورة نفسية وفكرية وعضوية , وليس أنها - حاجةٌ أو غايةٌ أو ترفٌ فكري أو تبريراً لضعف,, أو قصور في تفسير الظواهر الطبيعية فتعزى الى قوة,, خارقة تقف وراء تلك الظواهر .
وهذه خلاصة لكل ما جاءت به المدارس الوضعية كالوجودية والشيوعية بمراحلها الأشتراكية والماركسية , ونستثني الرأسمالية لأنها مذهبٌ لايفسر الكون تفسيراً ميتافيزيقياً , بل أنّه يقف على عمودين . الربح والخسارة .
وللأجابة على تلك المغالطات سوف نعمد الى طريقة مبسّطة تتوائم وضعف أدراك البديهيات عند البعض حول أصالة الدين في الطبيعة الأنسانية , وبأن الفرد الأنساني كائنٌ متدين فطرياً وليس بالتبعية أو نتيجة أفرازاً ثقافياً أو أجتماعياً موروث.
على طول مسيرة البشرية ومنذ بداياتها حينما كان الفأس الحجري والأزميل غاية ما يملكوه . نحتوا بتلك الأدوات البدائية آلهة ليتعبدوا لها !
قبل تفكيرهم بأي عمل,, آخر .
ونجد في كل الحضارات الغائرة في القدم وكل الدول والممالك وحتى القرى , منها من لايملك المدارس أو أماكن للتطبيب أو منظومات زراعية أو أقتصاديات ريعية . لكن حوت جميعاً على دور,, للعبادة . بغض النظر عن نوع تلك العبادة . ولم يتوصل أصلب نقّاد الأديان والتدين الى أنّ هنالك حقبةٌ تأريخيةٌ خلت من التديّن بمعناه , الشعور المفعمُ بالأنتماء الى وجود حقائق لاتنتمي الى هذا الوجود الحسّي .
وعلينا أن نتساءل عن سبب تلك الظاهرة الدينية وتلك النزعة نحو المثل الأعلى ؟ لَمَا تلك الحضارات والدول والممالك قد فقدت شئ من مؤسساتها لكنها لم تتخلى عن نوع من التدين أو العبادة للمثل الأعلى . المصطلح عليه بالدين ؟
مفهوم اللجوء الى قوّة,, خارج قوانا المادية متأصل في أصل الأنسان وليس أضافات أسبغتها عليه مسيرته في الحياة . والاّ بماذا نفسر هذه الظاهرة التي وجدت حتى قبل مفهوم شيوع المادة ؟
وهذه حقيقة مفروغ منها وقد أكدتها البراهين والأدلة المادية كالحفريات والمخطوطات , وأدلة أخبارية أو نقلية تواترت عبرأجيال العلماء والمؤرخين .
والأسلام كديانة سماوية جاء لينظّم عمل تلك النزعة الفطرية لدى الأنسان , وكذالك ينظّم العلائق بين الفرد ومحيطه الخارجي وبينه وبين نفسه . فالأسلام صانعٌ للأنسان والأنسان صانعٌ للحياة من صناعات وأكتشافات والى ما هنالك من علوم طبيعية وأنسانية . فالأسلام لايصنع مصنعاً وليس من أختصاصه ذالك بل هو يصنع الأنسان ككائن حضاري يتحرك ضمن مجموعة ضوابط أخلاقية .
فالأسلام لم ينتج مسلماً ويتركه كقطعة تائهةٌ تتقاذفها الصُدف ! بل جعل له منظومة عقلانية تتلائم وفطرته وناموس الوجود . وأحدث ممارسات وفعاليات يصطلح عليها دينياً ( بالشعائر ) كي تقوم على عملية أرتقائه نحو مديات أوسع وأشمل أفقاً .
وواحدةٌ من تلكم ( الشعائر ) ما يحدث الآن في العراق من ممارسات موجودة في الأصالة وليست أفرازات تأريخية أو حزبية .
وواحدةٌ من مصاديق النظم التي أوجدها الله كي تساهم في تحصين أنسانية الأنسان من التصدأ والتآكل بسبب تراكم أخطاء الفكر عند المفكرين الوجودين . ونرى بلاد الغرب تنوء مولولة بنكساتها الأخلاقية والأجتماعية التي تتجه نحو التعقيد رغم وفرة التقنية الصناعية . التي لاتستطيع أن ترفع تلك القشرة السميكة من الصدأ النفسي التي تكبل أنسانية الأنسان .
وفق المفهوم الأسلامي لاشيْ يُقصد لذاته .فالعبادة والشعائر أنما هي ممارسات ترمز الى حقائق تكاملية . ففي المشائيين أو الزائرين في هذه الأيام الى , مقام الأمام الحسين عليه السلام .
أنما هي لأعتبارات كثيرة ومنها - رمزيّة الثورة ورفض الأستسلام الى القيد . ووضع النفس على مقصلة الحرية فداءاً للمُثل العليا التي بها كان الأنسان أنسانا !
وفي الجانب الواقعي يمكن أستحصال مكسب وطني وأنساني من خلال هذا التجمع المليوني والذي يحوي على قوميات وخلفيات ثقافية وفكرية متعددة .
فالعمل على تحويل هذا الجمع البشري المتلاطم والذي يُعد أكبر تجمع بشري عرفته الأنسانية ليومنا هذا . من تجمع بشري الى شعار , يختزل بطياته , كل الخصائص الأنسانية والحضارية التي يشتمل عليها الأسلام المحمدي الذي لم يلوث بلوثة الوهابية , هذه الهجمة البدوية على الحضارة الأنسانية .
ومن خلال هذا التجمع يمكن الأعلان عن الأيديولوجية الأسلامية بمفهومها الأنساني الذي يقبل الآخر ويحتويه ( ومصداقنا على رحابة الأسلام وجود وفد الفاتيكان _ عاصمة الكاثوليك _ في مدينة أور من جنوب العراق وفي مدينة النجف الأشرف التي تحتضن القائل ( الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق ) الأمام علي عليه السلام .
ومن خلال هذا الحشد البشري الهائل يمكن فضح وتعرية مجاميع كالوهابية والسلفية والأخوان وهيئات عملت على أحتكار الأسلام لنفسها . ونصوص الحكمة الأسلامية جعلت الأسلام دين للبشرية وخاطبت الأنسان بأنسانيته التي هي أعم من ديانته أو قوميته أو جغرافيته .
العاشورائيون والمشائون هم تجسيداً لتلك النزعة المتأصلة في روع الأنسان , وتجسيداً لأنسانية التشريع الأسلامي . ونظرةٌ الى هذه الأيماءة الأنسانية المتدينة تفضح تلك المجاميع القابعة في الصحارى والكهوف والتي تبحث عن القتل لأحياء الخلافة الوهابية .
#حسين_الشويلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟