حسين الشويلي
الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 11:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقول الحكمة ( الأمة أذا ماتت فكرياً خُلق فيها الأستبداد )
الأستبداد معنى منبسط على التأريخ الأسلامي . ولا تكاد تخلو مرحلةٌ تأريخيةٌ من أبعاده السلبية . وفي حاضرنا قد بلغ هذا الأستبداد ذروته بفضل التقنية في الأتصالات من شبكات للأتصال الأجتماعي وفضائيات ووسائل أتصال حديثة , ساهمت هذه التقنية من أخراج الأستبداد ( الديني ) من نصوصه الفقهية المتراكمة في بطون الكتب الى براح الواقع ليكون ثقافة مجتمع .
بيد انّ أنكفاء فقهاء السلطة والسياسة الى تحديث مناهجهم وتنويعها بما يتناسب ومتطلبات المرحلة , ساهم بطريقة,, مباشرة,, في صنع جيوشاً تبحث عن الموت في سبيل أحياء الخلافة ( الدينية ) .
وهي واقعاً أنما نوع من الأستبداد السياسي بلبوس دينية . و ليس بمعاونة أيديولوجيات على قطيعة مع الدين لكنها في سلم معه كما في العلمانية واليسارية , بل أيديولوجيات متخاصمة مع الدين وتعمل على أستفراغه من مفهومه الحضاري الأنساني .
ومن خلال هذا التزاوج بين السلطة السياسية المستبدة وبين المؤسسة الفقهية , مستغلين بذالك النزعة الشعوبية العربية في تقديس النص الفقهي , والهيئة الدينية دون دراسة واعية للنص الفقهي وللشخص المتفقه . ومن دون عناء البحث او التفكير في جدارته العلمية الدينية للتصدي لأطلاق الفتاوى الدينية , وهذا التجاوب مع الفتوى ( الدينية ) ترجم واقعياً الى أعمال قتل وتخريب للدول والتي عادةً تأتي تلك الفتاوى من خارج حدود تلك البلدان .
ومصداقنا الأكثر واقعية ما حدث في مصر أبان التحرك الجماهيري لتصحيح الثورة بأقتلاع تنظيم الأخوان . والتي عمل هذا التنظيم على أخونة الحياة المصرية بكل أبعادها , وحتى وزارة السياحة طالتها يد تنظيم الأخوان , والسياحة لمصر تعد الواجهه الحضارية والركيزة الأقتصادية المهمة لأقتصاد البلد .
قد جاءت الفتاوى التي تدعم حكم الأخوان وتضفي عليه قدسية وأي خروج عليه هو بمثابة تمرد معلن على النصوص الدينية والشرعية الألهية ! والتي بطريقة,, ما جعلوا من تنظيم الأخوان ظل الله في الأرض ! وما يزيد في فضاعة تلك الفتاوى أنها أنطلقت من دول تعد الأكثر تخلفاً وسحقاً لكرامات وحريات الأنسان وأقصاء لحقوق المذاهب الدينية المختلفة معها , وتهميشاً بل ألغاء وجودي للمرأة . وأنتهاك لحقوق العمالة الوافدة .
فتركوا هؤلاء هواة الفتاوى الفقهية بلادهم تعج بالأنتهاكات الفضيعة التي تمارسها السلطة السياسية , وفزعت نخوتهم صوب شعوب تتقدم عليهم حضاريا وأكثر أنفتاحاً وقبولاً للأخر . فأفتوا بتجريم كل مَن يخرج منتقداً حركة الأخوان المحظورة في بلاد أصحاب الفتاوى ! كما أنطلقت فتاوى : العريفي , من السعودية لمناصرة تنظيم الأخوان المحظور سعودياً !
لاأعلم مدى السذاجة التي يتمتع بها المواطن العربي الذي يبحث عن العدالة والمساواة والتعايش السلمي في نصوص فقهية أستحدثتها المخيلة السياسية أبان حكم الممالك الأسلامية ؟ والتي حكمت بأسم الأسلام لكنها لم تحكّم الأسلام كنظرية مهمتها صنع الأنسان من الداخل ليكون كائنٌ حضاري منتج على أرض الواقع . ولم يأتي الدين لينتج ذبّاحين وقطّاعي طرق وقنابل بشرية تتفجر وسط البؤساء , بسخافة تبريرية كون عملهم ينطلق من غيرة,, على الله !
ومثالنا الآخرالذي هو مصداقٌ آخر لسوء أستخدام الدين والفتوى الدينية لقتل الأنسان البريئ وتهشيم عظام الوطن . وأعطاء مبرر مجاني لتدخل الأجندات التخريبية المبتزّة للمواطن وللوطن كمساحة جغرافية .
هو ما حدث ومازال يحدث في العراق من أعمال أرهابية متفقهه. والذي يبعث على الدهشة والتساؤل كيف تحول سقوط البعث الديكتاتوري الذي بنفاقية واضحة أدّعى أنه علماني ! أن تثأر له أكثر الحركات ( الدينية ) تشدداً ؟ كالقاعدة , وجيش العراق والشام وما تناسل عنهما من مجاميع تحمل ذات النفس الأقصائي الذي ينتمي الى عهود ما قبل الأسلام .
أنها مفارقةٌ لكنّها أنطوت على السطحيين والبسطاء الذين طالما مثلوا عبأً ثقيلاً على شعوبهم من خلال سطحيتهم المبتذلة , فتحولوا من بسطاء الى معاول لتهديم الوطن . وهم ضحايا كضحاياهم , والمتهم الحقيقي بهذا الحريق الأنساني العربي هم أصحاب الفتاوى الذين ملئوا راهننا بالمحرمات التي عقوبتها الذبح والسحل . لكن كان عليهم أن يلجئوا الى مكامن الأنسانية في دواخلهم ليسئلوها عن أي رب يمنح جنانه للجزّارين لبني الأنسان ؟
فأي محاولة وطنية لأسعاف راهننا العراقي المتداعي والذي يشكو الأرهاب المتأسلم خطابياً . هو بث الوعي عند الجماهير لأنتاج حالة من المناعة الذاتية التي لا تستقطب وتتبنى أفكاراً أجراميةً ترتدي عباءة التدين للتمويه .
خدمة الوطن تكمن في بث الوعي عند الجماهير . وتفعيل مفهوم أن العامل الوطني يتقدم على العامل الخارجي . المتمثل في ( الفتوى الفقهية ) والتي مصدرها الوحيد الذي تصدر عنه وتتجه نحونا هي المؤسسة الدينية السعودية , والتي تقف على عمود الفكر الوهابي المنحرف أنسانياً . فلم يعد ما نقوله لهؤلاء الوهابيون الذين ملئوا بلداننا بضحاياهم . سوى فضحهم دينياً لأنهم يتحركوا ويستقطبوا المغفلين دينياً .
فالحملة التي يتعرض لها المسلمين الشيعة خصوصاً والعراقيين عموماً بأعتراف الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية هي أبادة جسدية وأقتصادية وأجتماعية وقيمية . وهذه الحملة كما جاءت لمصر من خارج الحدود وجاءت لسوريا من ذات المصدر , كذالك العراق فالمصدر الوهابي واحد , لكن فهمه متغير .
فمن المسؤولية الوطنية والأنسانية فضح , تلك العقلية القبلية المتخلفة وفق المفهوم الزمني والحضاري القائم . فشعار هؤلاء ( نحن الذبّاحون بأسم الله , نحن الوكلاء على الله , المتجردون لتمكين دين الله ) وكل من هو ليس على أسلامنا فهو هدفنا وطريدتنا ! وهذا الأحتكار للحقيقة الأسلامية حسب الفهم الوهابي , لايتصل بالأسلام الذي جاء مخاطباً الناس بلغة,, واحدة,, _ ياأيها الناس . ونصوص الحكمة الأسلامية تؤكد على عالمية وأنسانية الأسلام
, ففي قول الأمام علي خلاصة للفهم الأسلامي للحياة ( الناس صنفان أمّا أخٌ لك في الدين , أو نظيرٌ لك في الخَلق ) .
#حسين_الشويلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟