أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - خيام محمد الزعبي - ثقافة الحوار في مؤسساتنا التربوية















المزيد.....


ثقافة الحوار في مؤسساتنا التربوية


خيام محمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 09:20
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


الحوار في مؤسساتنا التربوية
الدكتور خيام محمد الزعبي – كاتب وباحث أكاديمي سوري

يعد الحوار من أهم أسس الحياة الاجتماعية وضرورة من ضروراتها، فهو وسيلة الإنسان للتعبير عن حاجاته ورغباته وأحاسيسه ومشكلاته وطريقه الى تصريف شؤون حياته المختلفة، كما أن الحوار وسيلة الانسان الى تنمية أفكاره وتجاربه وتهيئتها للعطاء والابداع والمشاركة في تحقيق حياة متحضرة، ومن خلاله يتم التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم.
يتعزز اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، الشعور بضرورة دفع الحوار بين المجتمعات والثقافات نحو تحقيق الأهداف الإنسانية، فلا يمكن تصور أي تعاون أو أي حوار حقيقي بين الحضارات والثقافات في عالم يتغير باستمرار دون الإقرار بمبدأ التنوع الثقافي ومن ثم فلا بديل عن التربية على الحوار واحترام التنوع الثقافي وصونه باعتباره سبيلاً للتعايش بين البشر، ويقاس تطور المجتمعات الإنسانية بمدى قدرتها على الحوار للوصول الى الحلول الناجحة لحل مشكلاتها المختلفة (1).
ومن هنا فإنه من الضروري أن نتحدث في الظروف التي نعيشها اليوم عن دور الحوار والاعلام التربوي الهادف، الذي يخاطب الفئات العريضة من مجتمع التربية بكل شرائحه من إداريين ومعلمين وطلاب وأولياء أمور لنصل الى أعلى أشكال الحوار والخطابة وحضور العقل، كون مهارة الحوار من أهم المهارات التي بدونها يفشل الانسان في التواصل الإيجابي مع الآخرين وفي تبادل الأفكار معهم، وتقوية الروابط الاجتماعية بهم والاستفادة مما لديهم.
وبناءاً على ما تقدم وبغية تسليط الضوء على دور ثقافة الحوار في مؤسساتنا التربوية، فإن ورقتنا ترتكز على عدد من النقاط التالية:
-مفهوم الحوار:
الحوار في اللغة يعني المراجعة ويتحاورون يعني يتراجعون الكلام والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة.
والحوار في الاصطلاح هو نوع من الحديث بين شخصين أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والابتعاد عن الخصومة والتعصب (2).
-أهمية الحوار:
يؤكد المهتمون بأدبيات التربية بأن الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في المجتمع المعاصر لما له من أثر في تنمية الفرد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال، وبالتالي يعد الحوار من الأنشطة التي تحرر الانسان من الانغلاق والانعزالية وتفتح له قنوات للتواصل يكتسب من خلالها المزيد من المعرفة والوعي، ويعزز أهميته من كونه وسيلة للتآلف والتعاون وبديلاً عن سوء الفهم.
كما أن الشعوب أصبحت في حاجة ماسة لنقل حضارتها من خلال الحوار، وبالتالي فأن الحوار يساعد الإنسان على تقوية الجانب الاجتماعي في شخصيته من خلال حواره مع الآخرين وتواصله معهم، كما أن العصر الذي نعيش فيه دفع الانسان على أن يدرك مهارة الحوار من خلال ظهور القنوات الفضائية فأصبح في عالم متسارع من الاكتشافات العلمية والتطورات المعرفية في جميع مجالات الحياة المختلفة(3).
-مكونات ثقافة الحوار:
لكي نؤسس لثقافة الحوار لا بد من السير في بعدين متوازيين:
أولاً: القناعات والمبادئ: وتشمل:
• الإيمان بالحوار وسيلة للتواصل بين البشر.
• الإيمان بقيمة رأي الآخرين.
• الإيمان برأي الآخرين في التعبير عن رأيهم.
ثانياً: الممارسات والمهارات: وذلك من خلال:
• ممارسة الحوار مع الآخرين.
• الاستماع للآخرين عندما يطرحون آراءهم.
• التحلي بآداب الحوار.

-منهجية الحوار وشروط نجاحه:
لكي ينجح الحوار لا بد أن يمتلك منهجية معينة وشروط عديدة أهمها:
• لا بد من وجود طرفين أو أكثر حتى لا يكون الحوار مجرد خطاب للذات.
• جعل جميع الأطراف تشعر بالمساواة، بعيداً عن الإحساس بالدونية.
• اعتراف كل طرف بالآخر وقبول الاختلاف معه.

-أنواع الحوار:
من أهم الأنواع التي يشملها الحوار:
• الحوار التربوي: تعمل المؤسسات التربوية في تحديد العديد من الموضوعات التربوية للحوار حولها مع المعنيين بالشأن التربويي من مثقفين وباحثين تربويين.
• الحوار الوطني: هو الحوار الذي يجري بين أبناء المجتمع لمناقشة القضايا الوطنية من خلال مؤسسات المجتمع المدني أو الأمني.
• الحوار الاجتماعي: وهي حوارات تعقد في المؤسسات الاجتماعية لمناقشة القضايا الاجتماعية من خلال المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية.
• الحوار السياسي: وهذه الحوارات مهمة في حياة الدول إذ أنها تعمل على مناقشة قضايا الحدود ومشكلاتها وإيقاف الحروب وتبعاتها، كما أنها تعمل على عقد اتفاقيات صلح ومعاهدات بين الدول وغيرها.
• الحوار الاقتصادي: ويعنى هذا الحوار بالجوانب الاقتصادية التي تتناول المواطن أو المؤسسات الاقتصادية وتتخذ هذه الحوارات أدوات متعددة من خلال اللقاءات التلفزيونية او المنتديات الاقتصادية أو من خلال المؤتمرات الاقتصادية.
• الحوار الديني: وهو حوار الذي يجري بين مجموعة من الناس للتعرف على تعاليم الدين الإسلامي.
• الحوار الرياضي: هو مجموعة من الحوارات تعقد في الأندية الرياضية من خلال المعارض أو المؤتمرات التي تعقد وتستخدم فيها وسائل الإعلام المتنوعة لنشر الأفكار والمعلومات والقوانين الجديدة وغيرها.
• الحوار التلقائي: وهي أكثر الحوارات التي تجري في حياتنا اليومية من خلال لقاءاتنا في المناسبات الاجتماعية والمنازل وفي اتصالاتنا الهاتفية وهي حوارات تبدأ فجأة وتنقطع وغالباً لا تركز على موضوع معين ولا تتوصل الى نتائج محددة (4).




-الحوار التربوي وأهميته:
للحوار في الميدان التربوي أهمية كبيرة لأنه يغرس في نفوس المتعلمين أهمية الحوار الذي يعتمد على تعاون المتحاورين من أجل الوصول الى الحقيقة والتوصل إليها.
إن ما يدعو للحوار مع الطلاب داخل المدرسة والحوار بين العاملين في المؤسسات التعليمية هو الإيمان بضرورة تقبل الطرف الآخر عن طريق التواصل اللفظي وغير اللفظي وهذا الأمر لا يتحقق إلا من خلال الحوار الإيجابي الذي يتيح الفرصة للنمو والتطور والتقدم، والحوار التربوي الذي ننشده في المؤسسات التعليمية من شأنه أن يقرب وجهات النظر والاتصال والتواصل بين العاملين في تلك المؤسسات، وهذا الحوار يمتلك العديد من الفوائد أهمها، تشجيع الطلاب على المشاركة الإيجابية في عملية التعلم، ويسهم في حل المشكلات الطلابية عن طريق طرح المشكلات في صورة أسئلة ودعوتهم للتفكير في اقتراح الحلول لها مع تكوين شخصية سويّة للطالب تجعله يعتمد على نفسه في التعبير عن آرائه وأفكاره واكتساب مهارات الاتصال والتواصل والتفاعل مع الآخرين، وتوثيق الصلة بين المعلم وطلابه، لان الحوار يعتمد على احترام وتقدير كل طرف للأخر، كما يشجع الطلاب على الجرأة في إبداء الرأي مهما كانت نوعيته وزيادة تفاعلهم في المؤسسة التربوية (5).

-أهم المؤسسات التربوية والتعليمية:
• الأسرة(المنزل): وهي الخلية الأولى التي يتكون منها نسيج المجتمع، كما أنها الوسط الطبيعي الذي يتعهد الانسان بالرعاية والعناية منذ سنوات عمره الأولى، وتتكون الاسرة في الغالب من مجموعة أفراد تجمعهم المحبة والمودة والتعاون، كما تعد الاسرة من اهم المؤسسات التربوية الاجتماعية التي لها الكثير من الوظائف وعليها العديد من الواجبات حيث تعتبر بمثابة المحضن الأول الذي يعيش فيها أطول فترة من حياته، كما يكتسب ويأخذ الانسان من الاسرة الاخلاق والعقيدة والأفكار والعادات والتقاليد وغير ذلك من السلوكيات الإيجابية او السلبية.
• المدرسة: وهي من أبرز وأهم المؤسسات الاجتماعية التربوية التي أنشأها المجتمع للعناية بالتنشئة الاجتماعية لأبنائه وتربيتهم وإعدادهم للحياة، فتعمل على تبسيط ونقل التراث المعرفي و الثقافي من جيل الى آخر بما يتناسب مع استعداداتهم وقدراتهم المختلفة وتعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعديل السلوك الخاطئ و تكوين ثقافة الطالب وينتج من ذلك كله جيل متعلم ومثقف.
• المسجد: يعد المسجد من أهم المؤسسات الاجتماعية التربوية التي ارتبطت بالتربية الإسلامية ارتباطاً وثيقاً، كونه يعد مكاناً للتعليم والتوعية الشاملة التي تفيد منها جميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم وثقافاتهم.
• وسائل الإعلام: وهي مؤسسات اجتماعية تربوية إعلامية، تعتبر هذه الوسائل الأكثر تأثيراً على تربية وثقافة ووعي الإنسان، وتمتاز بقدرتها الفائقة على جذب اهتمام الناس من مختلف الاعمار والثقافات المختلفة ولها تأثيراً قوياً على الرأي العام وهنا لا بد من استثمارها لخدمة نشر ثقافة الحوار الإيجابي بين الافراد.

• المكتبات العامة: وهي أماكن خاصة تتوافر فيها كافة الكتب، ومن أبرز مهامها تسهيل مهمة الاطلاع والقراءة على القراء وطلاب العلم، وللمكتبات العديد من المناشط التي تسهم من خلالها في نشر الثقافة والمعرفة وخدمة القضايا التربوية والاجتماعية وغيرها.

• النوادي: هي مؤسسات اجتماعية تربوية تكون في الغالب ثقافية أو رياضية أو اجتماعية، حيث تقدم إمكانات كبيرة لحياة اجتماعية يأتي إليها الأفراد باختيارهم وطواعيتهم، ليتمتعوا في رفقة زملائهم بجو من العمل والتعاون، وتكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين ولها دور في خدمة المجتمع وتلبية احتياجات أفراده (6).


-دور المؤسسات التربوية في نشر ثقافة الحوار:
أكدت نظريات علم النفس التربوي أنه ليس هناك من مهمة خطيرة وعظيمة مثل مهمة بناء الانسان عقلياً وسلوكياً، وإذا كانت الأسرة هي أصغر وحدة اجتماعية تضطلع بنصيب كبير في أداء المهمة، فإن للمدرسة الدور الأكبر كونها هي إحدى المؤسسات التي تسهم مع الاسرة في إعداد وبناء الأفراد وتربيتهم وتعليمهم، كما تسهم بشكل فاعل في نشر ثقافة الحوار وترسيخ آدابه في نفوس الطلاب وتحقيق العديد من الأهداف التربوية المنشودة.
وبالتالي فإن المعلم ليس فقط ناقلاً للعلم للطلاب وإنما يعتبر الأداة الأمثل لغرس القيم النبيلة في السلوك والأخلاق، وبناء شخصية الفرد تحقيقاً للأهداف التربوية والاجتماعية التي يسعى اليها المجتمع، وخصوصاً فيما يتعلق بثقافة الحوار التي أضحت ضرورة حياتية لبلوغ الأهداف المشتركة للإنسانية، وهذا لا يتم إلا من خلال إرساء قاعدة تربوية وتعليمية تتولى إنجاز هذه المهمة، وهنا لا بد من سياسة تعليمية جديدة تقوم على عنصرين أساسيين هما:
العنصر الأول: التحويل الجذري للعملية التعلمية من عملية تقوم على تلقين وتقوية الذاكرة الى عملية تقوم على الحوار والنقاش.
العنصر الثاني: التسامح مع الاختلاف، والحرص على التعددية (7).
ولكي تقوم المؤسسات التعليمية بدورها في نشر ثقافة الحوار، لا بد من توفر بعض المقومات لهذه المؤسسات من حيث:
أولاً: إعداد المعلم:
المعلم هو حجر الزاوية في العملية التربوية وهو القدوة الصالحة بالنسبة للطالب، وعليه لا بد من حسن إختياره من حيث:
• أن يكون من المتفوقين علمياً.
• أن يكون له رغبة في مهنة التعليم.
• أن يحسن إعداده فنياً و مهنياً وعلمياً.
• أن يهيأ له الجو المناسب للتدريس.
• إعادة صياغة المناهج بما يتلاءم وثقافة العصر وتغيراته السريعة.
ثانياً: إصلاح نظم التعليم السائدة:
وذلك عن طريق:
• وجود أهداف واضحة للعملية التعليمية.
• ملاءمة النظم للواقع المعاصر وتلبيتها للحاجات الأساسية.
ثالثاً: إعادة النظر في الأهداف التربوية:
تحقيق التوافق المنطقي بين الأهداف التربوية، بحيث تصبح متناسقة تبدأ بالفرد وتنتهي بالإنسانية آخذة بالاعتبار المهارات العملية والأخلاق الفردية والقيم الاجتماعية والتطور المتسارع للحياة المعاصرة.
رابعاً: تهيئة البيئة المناسبة في المؤسسات التربوية:
وتتمثل بالآتي:
• بث روح الحوار البنّاء البعيد عن التعصب.
• إحداث موازنة بين الانفجار السكاني، والرغبة في التعليم وارتفاع تكاليف العملية التربوية بما يؤدي التدني في مستوى التحصيل وعدم مواكبة العملية التعليمية لتسارع معدلات التغيير في المجتمع المعاصر مما ينتج عنه ضعف مخرجات العملية التعليمية.
• وجود فلسفة تربوية متوازنة تساير التطور الاجتماعي والفكري والثقافي (8).

-دور آليات الحوار في المؤسسات التربوية:
لا بد من أن تكون هناك آلية إدارية علمية تقوم بالآتي:
• وضع المناهج الخاصة بثقافة الحوار وربطها بالمناهج الدراسية وأهدافها.
• وضع الاستراتيجيات والأهداف العليا لنشر ثقافة الحوار.
• عقد الدورات التدريبية لمعلمي مراحل التعليم المختلفة في أسس وأهداف ثقافة الحوار وكيفية ربطها بالمنهج الدراسي.
• توظيف وسائل الاعلام الحديثة في إنتاج برامج تصب في نشر ثقافة الحوار عن طريق برامج تلفزيونية وأقراص مدمجة وبرامج حاسوب.
• تفعيل النشاط التربوي اللاصّفي وتوظيفه في نشر ثقافة الحوار عن طريق الرحلات والمسارح والرياضة والأنشطة الثقافية.
• تفعيل دور المكتبات في المدارس في توسيع مدارك الطلاب وزيادة المعرفة وتنمية روح البحث العلمي(9).

-دور المعلمين في نشر ثقافة الحوار:
يحتل المعلم مكانة بارزة في الميدان التربوي لأنه هو الذي يباشر العملية التربوية وهو القدوة الحسنة أمام الطلاب لأنه يقضي معهم وقتاً طويلاً وتقتضي عملية التعليم اختيار أساليب التدريس المناسبة من أجل توصيل المعلومات للطلاب وتعليمهم المهارات وإكسابهم اتجاهات إيجابية في الحياة ولكي يقوم المعلم بنشر ثقافة الحوار بين الطلاب لا بد أن يقوم بالآتي:
• إشعار الطلاب بأهمية طرح آرائهم المختلفة.
• إتباع أساليب الحوار في طرق تدريس الطلاب.
• تنمية مهارت الحوار لدى الطلاب.
• تعزيز مصادر المعرفة وتوجيه الطلاب إليها.
• احترام آراء الطلاب وتشجيعهم على التساؤل والاهتمام بالإجابة عليها.
• توفير جو من الأمان وحرية التعبير وحفز الطلاب وتشجيعهم على إبداء الرأي والتفكير في حل المشكلات التي تواجههم.
كما يمكن لمدير المدرسة أن يوظف الحوار تربوياً من خلال:
• العلاقات الحوارية بين إدارة المدرسة والمشرفين التربويين.
• العلاقات الحوارية بين إدارة المدرسة والمعلمين.
• العلاقات الحوارية بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور.
• العلاقات الحوارية بين إدارة المدرسة والطلاب.
• العلاقات الحوارية بين إدارة المدرسة ووزارة التربية.
أما المرشد الطلابي فيستطيع أن يوظف الحوار تربوياً من خلال:
• العلاقات الحوارية بين المرشد الطلابي وإدارة المدرسة.
• العلاقات الحوارية بين المرشد الطلابي والمعلمين.
• العلاقات الحوارية بين المرشد الطلابي والطلاب من خلال، متابعة التحصيل العلمي والأنشطة الطلابية وذلك عن طريق المسارح واللقاءات والندوات المختلفة بالإضافة الى متابعة مشاكل الطلاب مع المعلمين والأسرة.

-تبعات انعدام لغة الحوار:
في حال تغّيب ثقافة الحوار يسود التسلط والعنف وهذا من شأنه أن يوّلد عند الطلاب إحساساً بانعدام الثقة وعدم التوازن والشلل الذهني ويفقد القدرة على التفكير والتحليل والتحاور، وإذا ما تسربت ثقافة القمع والتسلط الى أسلوب الشباب مع بعضهم البعض فستنتقل بدورها الى طريقة تفكيرهم وحديثهم ومفرداتهم وسيؤثر ذلك على علاقتهم ببعضهم، ومن ثم سيؤدي الى خلق العنف الاجتماعي وتغييب ثقافة الحوار يبدأ من خلال علاقة الاب مع أبنائه والقائمة على قانون التسلط الذي يحكم تلك العلاقة، فيغرس الأب الخوف والطاعة في نفوس أبنائه، فيحرمهم من النقد الحواري فيما يتعلق بشؤون الأسرة ويتعرضون الى قائمة لا تنتهي من الأوامر والنواهي باسم التربية الخلقية، وتتمدد ثقافة التسلط الى المدرسة والعلاقة بين الهيئة التدريسية والطالب الذي اعتاد التلقين وحرم من الحوار و التفكير(10).
ومن أهم أسباب إنعدام لغة الحوار:
• الانفصال غير المقصود بين الأب والابن فلا يتكلم الأب مع الابن باهتمام في مستجدات الحياة أو في الأمور العائلية.
• عدم اصطحاب الابن في المناسبات والندوات والمنتديات.
• عدم السماح للابن بالتكلم بحضور الرجال وكبار السن حتى لا يسبب الحرج للأب فنجده ينهره حتى أمام الحضور.
• لا يسمح للطالب بالتكلم أثناء الدرس، بل يطلب منه أن يستمر في الجلوس منصتاً للدرس وعند إبداء الرغبة في مناقشة المعلم داخل الصف حول أمور خارجة عن الدرس دائماً ما يكون الجواب سأناقشك لاحقاً يجب أن أنهي الدرس (11).

ولكي نصل بطلابنا الى مستويات متقدمة في الحوار فإنه ينبغي علينا كمربيين تدريب طلابنا على ممارسة الحوار بآدابه وأساليبه المختلفة، ولكي يكون الحوار ناجحاً ومفيداً لا بد من أن تتوافر به شروط وآداب منها، حسن النية واحترام الآخر وتقديره والبعد عن الانفعال والتعصب، لأن الحوار يعد من أفضل الوسائل لتربية الأبناء في المجتمع.
وبهذا يعد الحوار نقطة الالتقاء الذي يجتمع حوله الرؤى والتطلعات، وحجر الزاوية للارتقاء بقيم التفاهم والتعايش السلمي والتسامح، وهو أيضاً أفضل السبل لتقليل فرص الاختلاف وسوء الفهم، والطريق السليم الى تعزيز واكتشاف إمكانيات التعاون وتبادل الخبرات والتجارب والعمل المشترك، وإيجاد مساحات واسعة من أجل النقد وتقبله وتصحيح مسار العمل(12).
إن الحوار والتواصل له أهمية كبيرة في بناء نهج تعليمي واضح وتحقيق غايات تعليمية سامية هدفها بناء الانسان ودور التعليم في بناء الشخصية الإنسانية، فإنه من الأهمية الإشارة الى تعدد وتنوع وسائل الاتصال والحوار ووجود أدوات إتصال سريعة سهلت من سرعة التواصل التربوي وأسهمت في إيجاد مجتمع تربوي متفاعل، كما ساهمت في تعزيز الشراكة المجتمعية في التعليم ، ومع ذلك يبقى الحوار وفهم الآخر هو العامل الرئيسي في إزالة أي إشكالية قد تحدث في فهم عملية التفاعل المطلوبة بين عناصر المنظومة التعليمية المختلفة، ليكون الحوار محور الاهتمام ونقطة الانطلاق نحو منظومة تعليمية تسعى لتحقيق الجودة والفاعلية وترسيخ مبادئ وقيم العلم والعمل والإنتاج.
ومن هنا يبرز دور وزارة التربية السورية والمؤسسات التربوية في تبني الإعلام التربوي الذي ينسجم مع مجمل التحديات التي تواجه مجتمعنا العربي في عصر العولمة، خاصة ونحن نعيش قرن التحدي والمهارات، ذلك أن العملية الإعلامية في بعض جوانبها عملية تربوية.... والعملية التربوية في بعض جوانبها عملية إعلامية.... وبالتالي فإن التربية عملية تأثير وتفاعل وتوجيه الأفراد بشكل يتماشى مع القيم والمبادئ والمحافظة على ثقافة المجتمع وشخصيته بدلاً من أن تذوب في الثقافات المستوردة.
كما سعت وزارة التربية في إيجاد القنوات الإعلامية التربوية والمواقع الإلكترونية القادرة على تحقيق أهدافها إعلامياً لتصل الى كل فرد في المجتمع وكذلك العمل على إيجاد الكوادر الإعلامية المتخصصة في هذا المجال، التي تعتمد على سياسة تربوية صرفة هدفها الارتقاء بالعمل التربوي وتطويره ونموه لتكون أكثر ملامسة لواقعنا التربوي وأكثر صلة بالميدان (13).
كما عملت على إعادة النظر في بعض الممارسات والتشريعات والسياسات الحاصلة في المنظومة التعلمية وبشكل خاص ما يتعلق بالمعلم والمنهج والطالب والتقويم وعمليات التطوير التربوي، هذا بالإضافة الى وجود العديد من البنى التنظيمية والآليات العملية التي طوّرتها لتشجيع الحوار التربوي وضمان إنسيابيته على كافة المستويات والتي تحتاج الى توظيفها بشكل عملي يضمن تحقيقها لنتائج مرضية يشعر بها المعلم والطالب وجميع العاملين في منظومة التعليم.
إن حاجتنا الى إعلام متخصص في مجالات التربية يختصر الوقت والجهد على جميع من له علاقة بالتربية والتعليم ويتيح المجال للمهتمين من المعلمين بأن يطوّروا أنفسهم باستمرار من خلال الاطلاع على ما ينشر حول المشاريع التربوية الرائدة التي تدفعهم نحو عجلة التطور والتقدم.
نريد إعلاماً تربوياً يكون معنيّاً بالطلاب والمعلمين والكوادر الإدارية في تقريب وجهات النظر وتأصيل القيم النبيلة، كي نعزز في طلبتنا ثقافة الحوار وتقبل الآخر، فكم نحن بحاجة الى فهم صريح لمضامين رسالة سورية المبنية على الفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة التي جاءت لتكون قاعدة للعمل انطلاقاً من التأكيد على قيم التسامح بشكل يسهم في تنمية مجتمعنا السوري وتطوره والتكيف مع الظروف المعاصرة والوضع الراهن، والإنسان السوري اليوم بحاجة ماسة الى تجديد إيمانه بأهمية الحوار والتواصل لبناء حصون السلام والأمن وتحقيق التنمية والازدهار وأن ينفتح على كل ألوان الحوار وأشكاله وأنماطه وأن ينطلق الى آفاق جديدة أرحب وأوسع في واقعه الاقتصادي والاجتماعي وفي كل الميادين (14).
ومن أهم التوصيات التي خرجت بها هذه الدراسة لتعزيز ثقافة الحوار في المؤسسات التربوية:
• انطلاقاً من أهمية التعلم فإنه من الضروري الإنطلاق من رياض الأطفال وإعداد الملصقات التي توحي للطفل بالمحبة وحب الآخرين وتعليمه قيم التسامح والعفو عند ارتكاب أي خطأ أو شجار مع زميله في الصف، بالإضافة الى إنتاج أفلام كارتونية تعزز هذه النظرة التسامحية لدى الطلاب.
• إدخال معلمي رياض الأطفال والمعلمين والمدرسين في دورات وورش عمل تدريبية، والعمل على تشكيل اللجان الخاصة بإعداد كوادر متخصصة في نشر وتعزيز ثقافة الحوار وتدريسها في مقررات على كافة المستويات الدراسية والفئات العمرية.
• إصدار النشرات الدورية التي تعزز وترسخ ثقافة الحوار مع الآخر وتعزيز دور الأسرة في العملية التربوية.
• تفعيل دور مجالس الأباء والمعلمين ووضع الخطط الميدانية لمراقبة السلوك الصفي والأسري للطالب والاهتمام باحتياجاته الفكرية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية وتوفير الإمكانيات لتعزيز الممارسات التعليمية الأفضل من أجل تنمية روح طلابية عالية قادرة على التفاعل مع الثقافات الأخرى مع تعزيز المواطنة والتسامح وحوار الحضارات.
• إطلاع الأفراد على التاريخ الإنساني بكل سلبياته وإيجابيات وتنقية المناهج التربوية والتعليمية من الإرث التمييزي والتعصب ضد الآخر الديني والمذهبي.
• إنشاء المواقع الالكترونية على شبكة الأنترنت للإسهام في نشر وتعزيز ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع.
• تخصيص ساعات محددة في القنوات التلفزيونية المحلية والفضائية لعرض الأفلام الوثائقية للحضارات والشعوب المختلفة وعاداتهم واحتفالاتهم التقليدية والدينية، وكيفية التعايش السلمي بين هذه الشعوب، وكيف استطاعت أن تبني مجتمعاً ينعم بالسلام الاجتماعي والاستقرار السياسي على الرغم من اختلافاتها.
في إطار ذلك يمكن القول بأن الحوار هو الوسيلة المثلى لاستيعاب الخلاف بين الافراد مهما كانت معتقداتهم وديانتهم، وهو أيضاً وسيلة للالتقاء لا غنى عنها، ووسيلة للتعاون والتنسيق بين الجهود المفرقة والطاقات المتبعثرة، ويسهم في تنمية المعرفة وتنقيتها وتحقيق التعايش السلمي بين الأمم والشعوب.
وأختم بحثي بالقول إن غرس ثقافة الحوار في نفوس طلابنا وممارسته في البيئة المدرسية مطلب تربوي وتزداد حاجتهم الى الحوار في ظل المتغيرات الدولية والعالمية التي نوعت أساليب الحصول على المعارف والمعلومات والأفكار، وأن غياب الحوار عن مدارسنا ومؤسساتنا التربوية سيؤدي الى كبت أفكار الطلاب وهمومهم وطغيان الأنانية ومحدودية رؤيتهم للأمور والأحداث من حولهم، لذا يجب تفعيل دور المؤسسات التربية في مجتمعنا بكافة مستوياتها وأركانها لتكون آداه فاعلة وجسر تواصل بين المجتمع والتعليم من جهة وبين مؤسسات التعليم من جهة أخرى لتعزز من مستوى التكامل والتعاون وتعمل على تكوين حلقات ربط قائمة على الشراكة بين البيت و الاسرة والمدرسة والجامعة، كون الحوار يعتبر من الأساليب التربوية التي استخدمها الإسلام في تربية العقل الإنساني والتفكير السليم وتحرير العقل من الخرافات والأوهام وتحرير الانسان من الظلم



#خيام_محمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الشباب العربي: بين التطلعات والتحديات
- العلاقات السورية الأمريكية : بين التأزم و الانفراج
- المصالح المشتركة و غير المشتركة بين إيران و سوريه من منظور ا ...
- التقارب العربي بين التحديات و الفرص
- الثابت و المتغير في السياسة الخارجية السورية
- العلاقات السورية الليبية حول جلاء القواعد البريطانية عن ليبي ...
- دور ليبيا و المواقف البطولية من ازمة دارفور
- المغزى من تعيين سفير أمريكي في دمشق
- الولايات المتحدة الأمريكية لا تحترم إلا الأقوياء
- الولايات المتحدة لا تحترم الا الأقوياء
- الموقف المصري من قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن البشير
- جدلية العلاقة السورية الليبية حول جلاء القواعد البريطانية عن ...
- وعد أوباما بالتغيير و ازدواجية السياسة الأمريكية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - خيام محمد الزعبي - ثقافة الحوار في مؤسساتنا التربوية