أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل بقي ببيروت مكانٌ لقبر آخر؟














المزيد.....

هل بقي ببيروت مكانٌ لقبر آخر؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

لماذا تحوّلت "ست الدنيا" بيروت إلى مقبرةٍ موحشةٍ للعرب؟

كيف أصبحت صاحبةُ الأساورِ المشغولةِ بالياقوت، وذاتُ الخاتم السحري والضفائر الذهبية مذبحاً للعرب يسلخون فيه جلود معارضيهم؟

من قتل الفرح الناعم في عينيها الخضراوين، كما تساءل "والي بيروت الشعري" نزار قباني ؟

من شطبَ وجهها بالسكين؟

وألقى ماء النار على شفتيها الرائعتين؟

من سمَّم ماء البحر، ورشَّ الحقد على الشطآن الوردية؟

من قتل فيها امرأة كانت تُدعى الحرية؟



-2-

لم يرثِ الشعراء المعاصرون مدينة كما رثوا بيروت الحزينة منذ ثلاثين سنة.

كان الشعراءُ في رثائهم للمدن يركّزون على الأسباب التاريخية التي أدت إلى سقوط المدن، فيذكرون فساد الحكام، وانتشار الظلم، وتعفّن المجتمع.

لكن الشعراء الذين رثوا بيروت، غنّوا لها من حسنها في موتها، ولم يبكوا عليها.

محمود درويش اعتبر بيروت فضاءً ، لا مدينة

كوناً واسعاً ، تفاحة البحر وزبده

أُمُّ البحر، وصرخته الأولى

قصيدة الحجر، وردة مسموعة، وشطرنج الكلام

منتصف اللغة

الخيمة الوحيدة والنجمة الوحيدة

نرجسة الرخام، وزنبقة الحطام

-3-



لماذا حوّلنا - نحن العرب - بيروت إلى مسلخ للأحرار؟

هل لأنها مدينة رقيقة وجميلة ومسالمة كالعصفور الدوري؟

هل لأنها حقل اللؤلؤ، وميناء العشق، وطاووس الماء؟

هل لأنها بدون عسكر، ولا حُرّاس ؟

هل لأنها لا تعرف غير الحب والجمال والغناء؟

هل لأنها بحر وشجر؟

ليل وقمر؟

فمتى يعترف العرب بأنهم أخطأوا بحق بيروت؟

-4-

لماذا جعلنا من بيروت مجزرةً لكل أحرار لبنان، ولكل أحرار العرب؟

فمن أراد من الأنظمة العربية أن يتخلص من معارضيه يدفعهم إلى بيروت، دفع الكابوي لأبقاره عند المساء، لتدخل حظيرة الموت، استعداداً لسكين الجزّار!

ومن أراد من الأنظمة العربية الخلاص من الأشقياء بالحرية، فبيروت هي المقصلة!

لماذا حوّلناها إلى نهر من الدماء؟

إلى فوضى؟

إلى عسكر وحرامية؟

إلى قاتل؟

إلى مُفخخ؟

إلى سعيد ومسعود وأسعد وسعدان؟

إلى ذبح من الشريان إلى الشريان؟

-5-

معظم الأنظمة العربية من عهد عبد الناصر إلى الآن تخلّصت من معارضيها في بيروت، مقبرة العرب الشوكية.

معظم القبائل العربية صفَّت أعداءها من القبائل الأخرى في بيروت.

بيروت "ست الدنيا" أحالتها الأنظمة العربية بما فيها النظام اللبناني إلى مقبرة ليست للغُزاة، ولكن للهُداة.

كل معارض حر من المثقفين العرب والصحافيين العرب والمفكرين العرب والسياسيين العرب، يعلم أن مقبرته في بيروت ، ورغم هذا يسعى إلى الاقامة في بيروت، والموت في بيروت.

بيروت الممات

بيروت الحياة

-6-

بيروت الساحرة الفاتنة قتلت بحبها كلَّ من أحبها.

قتلت أبناءها من الشيوخ والمفكرين والسياسيين والصحافيين الأحرار : نسيب المتني، كامل مروة، الشيخ حسن خالد، وسيم تقي الدين، ادوار صعب، نايف شبلاق، سليم اللوزي، رياض طه ، الياس شلالا، محمد الحوماني، حسن فخر، سهيل طويلة، حسين مروة، مهدي عامل، بشير الجميل، رينيه معوض، إيلي حبيقة، محمد شقير، سمير قصير، وقائمة طويلة من العرب والعجم.

-7-

لا أمن في بيروت وأنظمة القمع قائمة في العالم العربي.

لا أمن في بيروت ومقاصل الطُغاة منتصبة في العالم العربي.

ضدان لا يجتمعان: بيروت والإستبداد العربي.

شرقان لا يلتقيان: بيروت السُكَّر، وحكمُ العسكر.

ولن تصبح بيروت حديقة جميلة إلا بعد أن تسود الحرية والديمقراطية في العالم العربي كله، حيث لا نظام سياسياً يُقدم على قتل أو خطف معارضيه في بيروت.

-8-

لن أرثي سمير قصير

خلص الكلام

لا كلام عندي يصلُح لهذا المقام

معظم ما قيل تافه ومبتذل ومعجون بالكسل

لا كلام يليقُ بسمير

لقد استنفذنا كل الكلام

طحناه، علكنا الكلام، وطقطقنا به

سمير يريد منا أن نستفيق

ونوقد النار.. نار الحرية

دمُ سمير زيت سراج الحرية

-9-

من قال لكم أن الحرب انتهت في بيروت؟

الحرب لم تنته بعد من بيروت !

ما زالت الحرب مستمرة منذ 1975

المحاربون أخذوا استراحة قصيرة، وعادوا من جديد يحاربون

عادوا يطلقون النار على الأحلام

على الحب وعلى البحر وعلى الشمس

عادوا يكسرون الأقلام

ويسرقون العمر الجميل

سرقوا "الروشة"، وسرقوا الزيتون والكرز ومناقيش الزعتر وتمثال الحرية

سرقوا المسجد والكنيسة

سرقوا النهار

-10-

منذ ثلاثين عاماً وبيروت لم تلد غير الموت

لم تلد زهراً ، ولا ورقاً ، ولا ثمراً

لم ينـزل فيها مطر

لم تنبت فيها زهرة ياسمين

أصبحت مجزرة القبائل

فهل بقي ببيروت مكان لقبر آخر؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصاد التوغّل الأمريكي في الشرق الأوسط
- هل غرقت أمريكا حقاً في -المستنقع العربي-؟
- كيف دخلت أمريكا جهنم العرب؟
- الطريق إلى الديمقراطية السعودية
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟!
- الكويت تولد من جديد للمرة الرابعة
- لماذا لم يشربوا دم العفيف الأخضر حتى الآن؟
- العَلمانية والديمقراطية جناحان لطائر الحرية
- العَلمانية في العالم العربي : إلى أين؟
- لماذا يحبُ العربُ أمريكا كلَّ هذا الحب؟!
- أولويات العهد العراقي الجديد
- ما أحوجنا الآن الى ثورة التغيير في الإسلام
- فوبيا التغيير تفتك بالعالم العربي
- أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
- العرب بين تحديات العصر وعوائق التغيير
- العراق في العام الثاني بعد الميلاد
- لماذا ننادي بثقافة التغيير؟
- عودة الوعي السياسي الفلسطيني: -حماس- أنموذجاً
- البغدادي وتجديد الفكر الديني
- محنة العقل العربي: البغدادي أنموذجاً


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل بقي ببيروت مكانٌ لقبر آخر؟