أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى اسماعيل - الشيخ الخزنوي وضريبة التفكير في زمن التكفير















المزيد.....

الشيخ الخزنوي وضريبة التفكير في زمن التكفير


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1218 - 2005 / 6 / 4 - 07:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم أن الكثيرين في المجتمع الكردي كانوا لا يعرفون – ربما – الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي عن قرب وشخصياً . رغم أن الكثيرين من الأجيال الشابة في المجتمع الكردي لا تطيق المحددات الدينية التي تنهب الله والحقيقة وتصادرهما لصالح ثقافة ماورائية وفتاواتية وطقوسية تتنامى بشكل سافرٍ في الآناء الأخيرة . رغم أن الكثيرين منا لم يتعرفوا على الأطروحات الجريئة للشيخ الشهيد إلاّ مؤخراً وعقب اختطافه تحديداً . ورغم اختلاف المواقع وزوايا النظر إلى أيّما موضوع كان بين الأجيال العلمانية ( وإن في حدودها الدنيا ) ورجال الحقل الديني , يبقى اتخاذ القتل وسيلة للتصدي للفكر التنويري والمتحرر من الظلاميات الدينية والسياسية والاجتماعية , والحيلولة دون انتشار الحداثة الفكرية في مجتمعات متآكلة ودول منخورة بفعل آليات القمع والإرهاب أمراً مرفوضاً . لا بل يشكل نوع التعامل السابق أحطّ نماذج التعامل مع ثقافات الاختلاف التي تتأتى كنتيجة طبيعية لسيرورة المجتمعات ومن هنا هذا التعاطفُ مع خبر اغتيال الشيخ الذي أثار عاصفة من التنديد والتظاهرات والاستياء , فلا يمكن التعاطي مع الفكر بلغة الدم والإجرام . الفكر يحتاج إلى تعامل نقدي مؤسس على الحجج والحجج المضادة , شريطة أن تكون عقلانية وموضوعية ودامغة ومقنعة تخاطب العقل لا الغرائز .
قلّما تخرج المؤسسة الدينية الببغائية أصوات مختلفة وأقلام جريئة وقامات وقورة وأفكار تجديدية مثل الشيخ الشهيد . قلّما يمزق رجال الدين جسورهم مع السكونية البليدة ويبتعدون عن عقلية الارتزاق والتكسب المؤسسة على تخدير وعي العامة وخطب ود أهل الحل والعقد .
كان يمكن للشيخ الشهيد النجاة من العقاب إذا ما دعا – مثله مثل الكثيرين من رجال الدين وكراكي الموعظة – إلى القيام بعمليات إرهابية في العراق تستبيح دماء المسلمين أكثر من دماء الأمريكان . كان بإمكانه النجاة من القتل لو كان شرعن الإرهاب والإسلام الإرهابي وإسلام العبوات الناسفة والسيارات المفخخة . كان بإمكانه النجاة لو ساق أكراده كالقطعان إلى مذبح الانسلاخ عن المفاهيم القومية والرؤى التجديدية التي تمثل رداً مزلزلاً ومخيفاً على الفكر الإسلامي الراكد والمنطوي على نفسه , وعلى مسلماته الإطلاقية منذ مئات السنين .
كان الخزنوي الشهيد يعتمد منطق الحداثة العقلانية , لا المتطرفة في مواجهة مركزية الايديولوجيا , ويريد بذلك إنتاج نخبة كردية عصرية تجديدية , لا مريدية بمختلف تلاوينها السياسية والاجتماعية والدينية . لكن المرجعية الإيديولوجية بلا منطقها السكوني وتصوراتها المثالية المحكومة بالجاذبية العاطفية المريعة , المحكومة بالحلم المسخ المضحك المبكي المتأزم ستعزل كل عقل عمقي خارجي ومريب بنظرها وستهمشه وتعارضه , وإن اقتضت الضرورة نحره كما حدث مع الشيخ رحمه الله .
إن أصحاب المشاريع التنويرية والعلمانية وحتى الإصلاحية يدفعون الضرائب الباهظة في مجتمعاتنا ودولنا المستبسلة في الدفاع عن حقولها الرمزية , وأية مقاربة لحقول المقدسات السياسية والدينية يعتبر هرطقة , فيحكمون عليها بالخراب العميم واللغة الفظة , ثم خاتمة المطاف تمزيقها بالحشرجات .
لا يمكنك إعادة النظر في المفاهيم السائدة والمتعين الملموس القروسطي .
لا يمكنك إعادة النظر في فصل المسارات بين الدين والدولة . بين السلطة السياسية والمؤسسة الدينية في تعاونهما الملفت منذ مئات السنين واجتماعهما تحت سقيفة تقويض الدولة والدين والأخلاق والسياسة والمجتمع والمبادىء والقيم والحراك المجتمعي والاقتصادي .
إن مشكلة الخزنوي وغيره من التنويريين هي في خروجهم من أسر الإيديولوجيات المتسلطة التسطيحية والتاريخ الإله الذي يفاقم عمقيا أزمات المجتمع بعيدا عن مقاربات المعرفة وأنظمة التفكير الواعية بالتاريخ وسيرورة القوانين , والتي لا تسوغ لأيما فكر تسلطي شمولي أدلوجوي عنيف يرفض في سبيل نزعاته الاقصائية والميتاواقعية كل صياغة جريئة من شأنها بعث الإشكاليات وإثارة المؤشرات المعبرة والتهديمية لكل أشكال الطغيان والتعصب بالتواجد على الساحة .
قدر متأصل في المثقفين العضويين التنويريين أن يواجهوا طرائق هدم البناء العقلي ويدعوا إلى العلم في مواجهة العلموية . ويدعوا إلى حقائق نسبية بدلاً عن الحقيقة المطلقة الوحيدة المكرسة . لهذا تجهض قوانين التطور والمناهج التجريبية في مواجهة الإيمانوية الدينية والسياسية المفروضة فرضا إلى حدود اليقين الأعظم والشامل , فمن يبدد كل هذه الاتجاهات المطلقة ويستخلص المضمر والمنفي والجزئي في مواجهة الكلوي التوتاليتاري .
من بإمكانه هندسة واقعه بعيدا عن الهندسات الطوباوية واليوتوبيات اللفظية التي لا تعير أدنى أهمية تذكر لموقع الإنسان في المجتمع والتاريخ .
كان الشيخ الشهيد يقول , لا سيما في محاضرة ألقاها في مدينة كولن الألمانية يوم 19/2/2005 ما يلي :
- منذ 15سنة وأنا بعيد عن خط العائلة ولا أبحث عن المريدين .
- الملالي لا يفهمون في السياسة وعليهم أن يبتعدوا عنها .
- الإسلام ليس نظاما سياسيا .
- رسالتي هي السؤال عن الإنسان الكردي وقضيته لأنني كردي أيضا .
- لست بديلا للحركة السياسية الكردية ولكنني سند ودعامة لها .
- إننا نعيش على منهج العرب والمسلمين .
- تم صهر شعبنا الكردي باسم الإسلام .
- مهمتي هي إضعاف وإفراغ الممارسات الدينية المستغلة ضد الأكراد .
- العرب استثمروا الإسلام منذ عشرات السنين لمصالحهم ولو لم يكن الإسلام لما وجد العرب .
- الإسلام دخل في خدمة المحافظة على الثقافة العربية .
- كل الشعوب مررت الإسلام خلال فلترها الخاص إلا الأكراد .
- لا يمكن فرض الإسلام على أحد .
- مجيء الأمريكان إلى المنطقة يشابه الفتوحات الإسلامية , الشعوب ترغب في التحرر من الطغاة .
- كل شخص حر في تسمية أحداث 12 آذار , أنا أسميها انتفاضة .
- لكل شعب أن يمارس العبادات بلغته , لكن اللوبي العربي في الإسلام يرفض هذا الطرح .
- لا يمكن لقدسية الشيوخ أن تستغل وتوظف العلم .
هذا غيض من فيض , ويبدو من الأقوال / الشواهد أعلاه إلى أية درجة كان الشيخ الشهيد يفكر بصوت عال ويبحر عكس التيار ويحلق خارج السرب .
وهكذا , وكمكافأة على التفكير في زمن التكفير قطعوا له جواز السفر إلى عالم آخر , حيث الحقائق هناك – ربما – تكون أنصع ولا أحد يدوسها باسم المقدس الرمزي والتراث الهائل من الممارسات الظلامية القمعية العفنة .
كان الشيخ الخزنوي رحمه الله قامة تنويرية في وسط ظلامي وفانوساً ديوجينياً في زمن القتلة ووسط ركام هائل من لغة الإقصاء ومصادرة الاختلاف وقصلُ الحقائق .





#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية حية ترزق والمطلوب هو تجديد المشروع الاشتراكي
- الثعلب التركي ومثقفو الحقيقة
- ملاحظات حول علاقة الأكراد بالدراسات الاستشراقية
- (الثقافة الكردية .. غياب النقد وتفاقم ظاهرة التقديس (التعامل ...
- فيلم الكيلومتر صفر وحصان المؤامرة العربي
- هل الفيدرالية الكردية رعب نووي ؟..
- يوميات الكاهن الكوباني في كنيس الغبار - تمارين ما قبل الرحيل
- عزيزي الديكتاتور .. أمريكا لا تستحم في مياه النهر مرتين
- العمال في مهب الكوكاكولا
- الديناصور هو القارىْ الأخير
- الأرمن .. الأكراد .. الآشوريون ..والمسلخ التركي
- الصحافة الكردية بين الفواتح القصوى والنهايات القصوى للقرون
- فصل المقال فيما بين آية الله المحتجبي والانترنت من اتصال
- شطحات العمامة القومجية الفارسية
- ورقة المجازر الأرمنية تكشف عورات تركيا
- البعث العراقي وتأميم القرآن
- الجعجعة التركية لن تنتج طحيناً
- اذا كانت أمريكا عدوّة الله فمن هو صديق الله ؟ ..
- سياسة الفكر المحروق
- راعي خراف الرب وفقهاء الظلام


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى اسماعيل - الشيخ الخزنوي وضريبة التفكير في زمن التكفير