أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - الثعلب التركي ومثقفو الحقيقة















المزيد.....

الثعلب التركي ومثقفو الحقيقة


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الذي حدث في عام 2002 م تركياً أن المثقف العضوي الأمريكي وعالم اللسانيات الشهير " نعوم تشومسكي " كان مدعواً إلى تركيا ليحاضر في جملة مسائل تؤرق الأتراك , فأستغلها هذا المثقف الجميل مناسبة لتعرية تركيا الطورانية والكشف عن أوجه من سياساتها القائمة على لغة المجازر والعنف والإقصاء والتهجير .
جاءت به الفعاليات التركية ليكحل عينيه بمدن الغرب التركي فإذا بالرجل ينعطف شرقاً ليلتقي مدن الأكراد ومعاناتها تحت وطأة جزمة المحمدجليك الطبعة الجديدة من الجند الانكشارية . جاءوا به ليحاضر عن تركيا وعضوية الاتحاد الأوروبي وإظهار ديمقراطية تركيا فإذا بالرجل ينبري في محاضرته المعنونة بـ " احتمالات السلام في الشرق الأوسط " (1) للتنديد بالسياسات التركية وممارساتها اللاقانونية والمنافية لحقوق الإنسان ولم يوفر الولايات المتحدة الأمريكية من وجبة نقده الجريئة التي عوّد القرّاء عليها .
يرى تشومسكي بأنّ " للأكراد تاريخ بائس محبط في ظل الدولة التركية " . ويرى أيضاً أن تركيا لم تكن وحدها في المعركة بمواجهة الأكراد , فالولايات المتحدة كانت تشدد من أزرها فـ " بتسليطنا الضوء على المساعدات الأمريكية لتركيا , وهذا مؤشر سياسي هام , نرى أن المساعدات الأمريكية العسكرية تعززت عند بدء الحرب ضد التمرد عام 1984 , ولا ننسى أصلاً أن تركيا حليف استراتيجي ذو حصة عالية من المساعدات العسكرية . كل ذلك مع غياب ذريعة الحرب الباردة " .
وكانت نتائج المساعدات الأمريكية التي وصلت بحسب تشومسكي إلى قمتها عام 1997م مروّعة بحق الأكراد " فهناك عشرات الآلاف من القتلى مع 2-3 مليون لاجىء وتطهير عرقي شامل وتدمير حوالي 3500 قرية وهذا يعادل سبعة أضعاف ما دمره الناتو في كوسوفو . لم يكن في المعركة إلاّ سلاح الطيران التركي المزود بطيارات أمريكية أرسلها كلينتون مع معرفته الكاملة بأهداف الحملة ".
ولا يغفل تشومسكي ذكر المغامرات التركية في كردستان العراق ومحاولاتها الحثيثة لخلق موطىء قدم هناك تحت حجج وذرائع لا تحصى لعل منها ذريعة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني ولعبها القديم الجديد بورقة التركمان الذين تتحول أعدادهم بحسب المصادر التركية إلى أرقام خيالية وهي أرقام نسفتها برأيي الانتخابات العراقية الأخيرة . يقول تشومسكي " إن العمليات في شمال العراق تشابه تماماً العمليات التي قامت بها إسرائيل في لبنان لمدة 22 سنة وذلك باحتلالها الجنوب اللبناني , وانتهاكها الفاضح لقوانين مجلس الأمن . " .
بعد ثلاث سنوات من زيارة تشومسكي . هاهو أحد المنظرين الكبار للسياسات الغربية والنظام العالمي الجديد , نقصد " صاموئيل هانتنغتون " يزور تركيا وبدعوة من أحد البنوك التركية " Ak bank " وفي مقابل الآلاف من الدولارات لقاء محاضرة عن دور تركيا في الخارطة السياسية للعالم الجديد .
ماذا كانت تنتظر تركيا من هانتنغتون ؟.. وهو المعروف بنظريته صدام الحضارات المبنية على أسس مركزية الغرب . حيث تغيب كل حضارة أخرى ما خلا حضارة الغرب , لا سيما الأمريكية منها , وحيث العالم يعيش في فكره على مفهومة الصراع وفي شريعة غاب تحت رحمة الأقوى بترسانات أسلحته العابرة للأيديولوجيات والأمم والمنظومات السياسية .
في أحضان الأتراك قام هانتنغتون بنتف ذقون ولحى الأتراك والانقضاض على البقية الباقية من حلمهم القديم الجديد في رؤية دولتهم خلف أسوار أوروبا ولكن هذه المرة من الداخل . فتركيا بحسب الرجل هي خارج أوروبا وخارج التجانس الأوروبي المفترض دينياً وثقافياً وتاريخياً , ومكانها الطبيعي ومجالها الحيوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي هو خارج الحرم الأوروبي . وهذا الرفض الأوروبي للانضمام التركي يتأتى بحسب صاحب صدام الحضارات من مسكونية المخيلة واللاشعور الأوروبي بفكرة تمايزهم واختلافهم عن هذه الثقافة الخارجة من رحم البعد الشرقي والإسلامي التي تطرق أبوابهم بذلٍ واستكانة الآن , وكانت قبلاً تطرق أبواب أوروبا انطلاقاً من فيينا بالحراب والسيوف . وهانتنغتون يكيل الصفعات حتى لأشد الأتراك تفاؤلاً فهو يرى أن تركيا حتى لو دخلت أوروبا الموحدة ستكون معزولة ومهمشة ومنبوذة , ولا نختلف مع طرحه هذا فأمس شاهدنا ما فعله الفرنسيون بالدستور الأوروبي إذ غلبوا البراغماتية المرحلية والآنية على الوعود بمستقبل غازي ينتظرهم . ولم يفلت مؤسس تركيا أتاتورك من سهام نقد منظر صدام الحضارات , فهو اعتبر الأتاتوركية أو الكمالية سمها ما شئت متخلفة وأسهمت إلى حد بعيد في تخلف تركيا وإرجاعها القهقرى 75 سنة ويلزم برأيه لتتأقلم تركيا مع الوضع العالمي الجديد أن تتعامل بطريقة مختلفة ومغايرة مع هذا الفكر المتخلف .
آراء هانتنغتون لن تعجب بالطبع الكماليين والكماليين الجدد . فهؤلاء وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية ماضويون وتشوب علاقتهم مع كل طرح ينادي بإعادة النظر في ثوابتهم الفكرية والمرجعية حالة مباشرة من الكره والحقد والتعسف في التهميش والإقصاء . كما يفعلون وعبر عقود مع خيرة مثقفيهم لعل منهم إسماعيل بيشكجي وأورهان باموك وآخرين .
منذ عقود يعري الأكاديمي التركي إسماعيل بيشكجي سياسات تركيا الداخلية ويدخل حقل الألغام الطوراني ويكتب عن المحرمات التركية مثل : شعارات الكمالية وحقوق الأكراد والأقليات الأخرى والازدواجية الأخلاقية للنظام التركي والاستعمار التركي وإفلاس الإيديولوجية الرسمية المتمثلة بالكمالية , وبعض هذه الموضوعات لا سيما إفلاس الإيديولوجية الكمالية تطرق له هانتنغتون في زيارته الأخيرة لكن الفارق أن هانتنغتون يتقاضى عن آراءه الجريئة المعرية للعقل التركي آلاف الدولارات في حين أن بيشكجي كان يتقاضى الإرهاب النفسي والجسدي والسجن مراراً كمكافأة على أطروحاته الجريئة . نفس الأمر يتكرر منذ سنوات مع الروائي المبدع أورهان باموك , لأن الرجل بدوره يعري العقل الفصامي للدولة التركية ويقبح سياساتها المنتهكة للحريات فإنه يعيش حالة منفى .
إن علاقة تركيا مع المثقفين هي علاقة لا صحية متبادلة مبنية على التوجس والخوف ومحاولات التجنيد . لكن ليس كل المثقفين يمكن أن يدخلوا السلة الطورانية وفي حالة تشومسكي وبعده هانتنغتون ألا تبدو تركيا وكأنها تراهن على أحصنة خاسرة في المضمار .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول علاقة الأكراد بالدراسات الاستشراقية
- (الثقافة الكردية .. غياب النقد وتفاقم ظاهرة التقديس (التعامل ...
- فيلم الكيلومتر صفر وحصان المؤامرة العربي
- هل الفيدرالية الكردية رعب نووي ؟..
- يوميات الكاهن الكوباني في كنيس الغبار - تمارين ما قبل الرحيل
- عزيزي الديكتاتور .. أمريكا لا تستحم في مياه النهر مرتين
- العمال في مهب الكوكاكولا
- الديناصور هو القارىْ الأخير
- الأرمن .. الأكراد .. الآشوريون ..والمسلخ التركي
- الصحافة الكردية بين الفواتح القصوى والنهايات القصوى للقرون
- فصل المقال فيما بين آية الله المحتجبي والانترنت من اتصال
- شطحات العمامة القومجية الفارسية
- ورقة المجازر الأرمنية تكشف عورات تركيا
- البعث العراقي وتأميم القرآن
- الجعجعة التركية لن تنتج طحيناً
- اذا كانت أمريكا عدوّة الله فمن هو صديق الله ؟ ..
- سياسة الفكر المحروق
- راعي خراف الرب وفقهاء الظلام
- الكورد أمة .. من ما قبل جنكيزخان الى ما بعد سقوط صدام
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...


المزيد.....




- أين اختفى اليورانيوم الإيراني -عالي التخصيب-؟.. و-قيصر- أقوى ...
- زيلينسكي: يجب محاكمة جميع مجرمي الحرب الروس بمن فيهم بوتين
- الاحتلال يقصف نازحين ويجدد استهداف المجوعين في غزة
- -قرار أميركي صارم- بعد تسريب نتائج الضربات على إيران
- إسرائيل تتساءل: أين 400 كيلوغرام من يورانيوم إيران المخصب؟
- قوات إسرائيلية في إيران.. زامير يكشف -مفاجأة ما بعد الحرب-
- هل انتهى «العد التنازلي لزوال إسرائيل»؟ فرانس24 تتحق
- الناتو يرسم مستقبل الامن الجماعي في لاهاي
- ويتكوف يأمل باتفاق سلام مع إيران وماكرون يدعوها للتعاون مع و ...
- إيران تعيد فتح مجالها الجوي جزئيا بعد وقف إطلاق النار مع إسر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - الثعلب التركي ومثقفو الحقيقة