ميدان الشجرة... ذاكرة مدينة

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4268 - 2013 / 11 / 7 - 21:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ميدان الشجرة... ذاكرة مدينة

عبد السلام الزغيبي

ميدان الشجرة يعتبر من أشهر ميادين مدينة بنغازي، يأتي في نهاية شارع العقيب، ويربط بين شارعي الاستقلال وعمرو ابن العاص، كانت تزينه شجرة ارز كبيرة تتوسط الميدان، تحيط بها مساحة ترابية تزرع بها زهور. وكانت الشجرة تزين بالاضواء كل عام في عيد الملك المعظم ادريس الاول..
كان يطل على الميدان، مبنى اول برلمان في تاريخ ليبيا( مجلسي الشيوخ )، المقهى الرياضي ، حلاق سي سليم طرخان، شركة عبد الله عابد، محل بوزر ، عمارة بن هلوم ومحل سيدتي الجميلة، محل احذية عبد الصمد، محل رجب التركي، وأعلاه كان مقر نادي النجمة، معرض بوقعيقيص، محل تحف اليوناني الليبي كاريذاكيس، محل سي رجب الجهاني( السكليسته).
عرف الميدان اثناء العهد الايطالي باسم (بياز كاني) ثم تحول اسمه الى ميدان 9 اغسطس بعد استقلال ليبيا عام 1951، ثم الى اسم (عمر طوسون)، تكريما لدور الامير المصري في استقلال ليبيا، ومن ثم عرف باسم (ميدان الشجرة) نسبة الى شجرة الارز الموجودة في وسط الميدان. ثم تغير اسمه في عهد القذافي الى (ميدان الخالصة) لكن لا احد اعار هذا التغيير الاهتمام وبقي على اسمه القديم ميدان الشجرة.
شهد الميدان الكثير من الاحداث المهمة في تاريخ بنغازي وليبيا، ومنه انطلقت تظاهرات الطلبة في العهد الملكي عام 64، وتظاهرات الطلبة ضد حكم القذافي في جامعة بنغازي في عام 67، وحاول نظام القذافي طمس المكان بازالة الشجرة في التسعينيات، لكنه شهد ، احداث السفارة الايطالية عام 2006، وكذلك التظاهرات المطالبة باسقاط النظام في 15 ، 16، 17 فبراير 2011
ومن الميدان كانت تمر مواكب الطلبة والكشافة احتفالا بعيد الاستقلال، كما مر منه موكب الزعيم جمال عبد الناصر بصعوبة، وهو في طريقه من مطار بنينه الى قصر الضيافة عام 1970..
هذه الشجرة التي كانت تمثل الرمز والذكريات، واحد معالم مدينة بنغازي التاريخية، انتزعت من مكانها في عهد الطاغية، نهاية الثمانينيات، حيث حضرت قوة من بلدوزرات منتزه بنغازي اثناء ادارة ( احميده بوزيد) اجتثثت من مكانها، بحجة هرمها وجفاف عروقها، نتيجة الاهمال المتعمد والمقصود من قبل اصحاب القرار التعسفي الجائر، الذين لم يبالوا برد فعل سكان المنطقة القريبة من المكان، ونفذوا الاوامر التي صدرت لهم من سلطات النظام الغاشم، بقطع الشجرة التي كانت تمثل ذكرى مرتبطة بشكل او باخر بالميدان وبالشجرة...
هذا الميدان الذي شهد سقوط جرحى وشهداء، بهروات البوليس في العهد الملكي في 64، ورصاص الحرس الجمهوري على صدور الطلبة الأبرياء في عام 76، وقوة مكافحة الشغب والقبعات الصفراء في عهد نظام القذافي عام 2011. يجب ان يعاد له الاعتبار تحية ووفاء لهذه الدماء الزكية.
كنت اتمنى ان تظهر مبادرة شعبية لاعادة تهيئة المكان الذي اصبح الان، مرتعا للاوساخ، وتحويله الى مكان عام تتوسطه شجرة ارز كبيرة تليق به، تعيد لنا ذكريات الماضي الجميل، وتحي ذكرى الذين سقطوا فيه جرحى وقتلى، ويبقى منارة لعشاق الحرية.

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل