أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الزغيبي - حكايات بنغازية.. الحاجة فاطمة الزغيبية














المزيد.....

حكايات بنغازية.. الحاجة فاطمة الزغيبية


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4146 - 2013 / 7 / 7 - 22:10
المحور: الادب والفن
    




الحاجة فاطمة، او الحاجة الزغيبية حسب الوصف الذي اطلق عليها، بسبب انتسابها لعائلة الزغيبي، بحكم زواجها من سيدي فرج الزغيبي يرحمه الله..

كان أكثر ما يميزها عن بقية النساء جسمها الصغير وقصر القامة وتقاطيع الوجه المميزة، والوشم الجميل على الوجه، الى جانب ميزة اخرى تتميز بها وهي ذاكرتها القوية الوقادة، فيما يتعلق بتواريخ احداث مرت ومواعيد تواريخ ميلاد كل ابناء العائلة والاقارب، بحيث تسرد لك مولده وتاريخ وظروف الولادة، حتى سميت بذاكرة الاسرة.

فهي لا تؤرخ بالتاريخ الميلادي, ولا بالتاريخ الهجري، فهي عاشت في جيل كان يؤرخ بشهور خاصة بهم مقابلة للشهور العربية مثل" أمنا عيشة،ويقابله شهر جماد الاخر، واقصير،الذي يقابل شهر شعبان،واتويبع الاول ويقابله شهر ربيع الثاني،واتويبع الثاني ويقابله شهر جماد الاول، وهكذا... " والحوادث بدل الأيام والسنوات. بعد الحرب، وعام المجاعة، وبعد عودتنا من الجلاء، وهكذا..

ولهذا لاتستطيع اي من نساء العائلة مجاراتها، في المعلومات، ويعرفن قدرها، وان كن في بعض الاحيان يحاولان مشاغبتها.

اذكر زيارتها المنتظمة لبيتنا، وتناول الفطور وشرب الشاهي مع المرحومة امي واخواتي وبعدها مع زوجة اخي، اما طعام الغذاء فمن النادر ان تتناوله خارج بيتها المجاور لبيتنا، فهي تصحو عند اذان الفجر، ووجبة الغذاء عندها تكون مع صلاة الظهر، وقد تعودت على ذلك من ايام المرحوم زوجها، واستمرت على ذلك بعد وفاته.

عاشت الحاجة فاطمة وحيدة بعد وفاة عمي فرج، تطهو طعامها، تغسل ثيابها، وترقعها، تطحن الدقيق، وتخبز الخبز، وتربي صغار الطيور، تنظف الصحون، تكنس المنزل،ماهرة في غزل الصوف، وكل هذه الاشياء زالت عنها الهموم وزادتها نشاطا وحيوية وحسن صحتها وأطال في عمرها.

كانت جسمها ليس بالنحيف او بالسمين، متوسطة القامة شعرها مصبوغ بالحنة الحمراء، وتربط منديلا ملونا يتدلى على جانبي الرأس، ورغم بلوغها العام الثمانون واكثر، لم تفقد يوما ذاكرتها ولا نظارتها وخلا وجهها من الغضون، ولم اسمع يوما انها مرضت مرضا كبيرا، ولا اتذكر يوما اني عدتها في المستشفى.وان تعبت في اخر ايامها وابحت تقطع الطريق من بيتها الى بيتنا بصعوبة..

لم يكن للحاجة الزغيبية اطفالا، لكنها عوضت عن ذلك بأن جعلت من جميع اطفال الاسرة اولادها، ومن اطفال شارع الحشر اطفالها، تعطف عليهم، وتحضر لهم الحلويات.

كان الجميع يحترمها ويقدرها، ونادرا ماغابت عن المناسبات الاجتماعية للعائلة، وحريصة على مشاركتنا في رحلاتنا الترفيهية للجبل الاخضر، واذا غابت عن اعيننا اياما، فهي تذهب عادة الى بيت أحد اخوتها( ال الهري) أو، لبيت ابنة زوجها(ربيبتها)،( زكية).
كانت هناك فتحة تفصل بين بيتها وبيتنا،وكنت اتحين الفرصة لدخول حجرتها، لاشم رائحة الغرفة التي توشي بالماضي الجميل، واتنفس عطر الذكريات، فقد كانت تحرص على جمع الاشياء التقليدية وترتيبها وتزيين الحجرة بها.
كانت رحمها الله تملك صفاءا ذهنيا، وذاكرة وقادة تحفظ كل التفاصيل الدقيقة من حياة عائلتنا واقاربنا، وغادرت الدنيا الفانية دون ان تترك عداوات او ضغينة مع احد.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الوطني .. والقطط الجائعة..
- عدو الشعب..
- الليبيون أمام الاختبار الحاسم.. دولة أو لا دولة
- الليبي من يكون؟
- القانون لايحمي المغفلين
- العدل أساس الحكم..
- شعوب تحكم بالسوط، وشعوب تحكم بالقانون
- فصيلة القرود الصينية الرابعة..
- المؤتمر الوطني العام... وإدارة عموم الزير..
- شاهد عيان على جرائم القذافي..
- الاغتصاب وطبائع الاستبداد
- زيدان.. هل يخرج ليبيا من الدوامة
- الموضوع رقم 100
- ليبيا الى أين؟
- خبزه حلوزي..
- قطة مريم..
- في اليوم العالمي للمرأة .. أرفعوا أيديكم عن المرأة الليبية
- محاكم التفتيش تظهر من جديد في ليبيا
- شخصيات بنغازية.. عمر الصادق الورفلي ( عمر المخزومي)
- الاحتكام للقضاء في العزل السياسي


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الزغيبي - حكايات بنغازية.. الحاجة فاطمة الزغيبية