لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(الاخير)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 17:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

اصبح وضع تروتسكي داخل المكتب السياسي،واللجنة المركزية،خانقا،ومربكا،فقد كان معزولا فيهما،ومداخلاته،غير مسموعة،ولاتأثير لها،وحتى بوخارين،المتعلق به،كان يبتعد عنه،ويقترب حثيثا من الثالوث!.فمن بين الاربعين عضوا في اللجنة المركزية الجديدة،المنتخبة،لم يعد لتروتسكي مناصرين،سوى:راكوفسكي،ورادك،ومياتاكوف،واضحت جلسات المكتب السياسي،محظ شكليات،وكل القرارات كانت تتخذ بغيابه!وضده سلفا!بدأ يشعر بالضغط والمحاصرة،وانه بمتناول قبضة الثالوث،في نهاية ذلك العام.وحين كانت الاستعدادات للمؤتمر التداولي الثالث عشر مستمرة،وفي ذروة الصراع مع المعارضة،ساءت صحة تروتسكي،وامره اطبائه،بمغادرة موسكو،ليمضي فترة علاج،على ساحل البحر الاسود.افتتح المؤتمر في16كانون الثاني/يناير1924والذي غاب عنه تروتسكي.وبدأرحلته نحو الجنوب،في18كانون الثاني،دون انتظار صدور الحكم،بشأن قرار الادانة،ضده وضد مجموعة ال46 المعارضة،واتهامه،ب"انحراف برجوازي صغير"!!حيث كانت الامانة العامة،مسيطرة على المصوتين،للخروج بأكثرية الى جانب الادانة!ولم يعارض مشروع ادانته،سوى ثلاث اصوات!.بعد ذلك بثلاثة ايام،وهو في قطاره بمحطة تفليس،وصلته برقية من ستالين،تعلمه بوفاة لينين،والتي كانت صدمة هائلة له هزت مشاعره المحبطة اساسا،وكانت بمثابة نكبة فظيعة،وغير متوقعة،هدمت ماتبقى من له من امل،في شفاء لينين،فحتى النهاية ظل متعلقا بهذا الوهم،عودة لينين!..وقد حرر للصحف،رسالة حداد قصيرة،قال فيها:"لينين لم يعد حيا.هذا الخبر ينهال علينا كصخرة في البحر"فقد تروتسكي اخر آماله:لن يعود لينين،ليتضامن معه،ويلغي،ويسحق،قرارات الثالوث المعادي له.قرر تروتسكي العودة الى موسكو،وطلب من ستالين نصحه!فأجابه هذا:"بان تشييع لينين سيتم في الغد!وانه لن يستطيع العودة في الوقت المناسب،وان من الافضل له البقاء،لينهي علاجه"!في الواقع كان ستالين كاذبا!!لان مأتم لينين جرى بعد ايام عديدة،اي في27 كانون الثاني!!.وطبعا كانت لدى ستالين اسبابه المقصودة في عدم حضور تروتسكي للتشييع،وابقائه بعيدا عن موسكو خلال المراسيم!!والتي قدم قيها الثالوث نفسه،كخليفة للينين!.وفي سوكوم وتحت شمس مدارية،وفي وحدته القاسية،ومرضه،استعاد تروتسكي،شريط ذكرياته مع لينين،والصداقة التي ربطت بينهما،في بداية لقائه معه،في لندن عام1902،ثم اختلافهما وخلافاتهما العنيفة،والصراع الفكري والسياسي،والذي امتد لسنوات بينهما،ثم المصالحة النهائية،والسنوات العاصفة لانتفاضة اكتوبر الظافرة،والتي مسكا بها معا بدفة الثورة.كما لو ان الجزء المشرق والمنتصر،قد مات مع لينين!وسط حمى الذكريات،وحمى المرض والوحشة،وصلته رسالة حارة،من رفيقة درب،وارملة لينين الحزينة.فحملت له شيئا من العزاء،فقد كتبت له كروبسكايا:"انه قبل وفاة لينين،اعاد قراءة،الصورة التي رسمها له تروتسكي،بقلمه،وكان شديد التأثر،لدى قراءته المقارنة التي عقدها تروتسكي،بينه وبين ماركس،واخبرته ان يعلم جيدا:بان لينين احتفظ له حتى النهاية بالصداقة ذاتها التي محضها اياه،اثناء لقائهما الاول في لندن.ووصلته ايضا رسالة من ابنه،ليوفا،يصف فيها :مراسيم مأتم لينين الضخمة في موسكو،والطواف الشعبي الهائل حول نعشه،وابدى ليوفا دهشته لعدم حضور والده،ومدى قلقه لغيابه.ادرك تروتسكي خطئه بعدم حضوره تأبين لينين،فالجماهير التي مرت امام نعشه،لابد ان تكون لاحظت اعضاء المكتب السياسي،والذين شكلوا حرسا للشرف،ولاحظت ايضا غياب تروتسكي،وربما تساءلت او استغربت،وهي في تلك الحالة النفسية المؤلمة،عن سبب غياب تروتسكي؟!،وتصورت،كتفسير لغيابه:الم يكن ذلك،بسبب الخلافات التي وضعته،ووفق رواية الثالوث،بمواجهة القائد الراحل؟!الم يكن ذلك بسبب"انحرافه البرجوازي الصغير"؟!.ترك تروتسكي الميدان خاليا لخصومه،وغذى غيابه الاقاويل والشائعات.اعقب موت لينين فترة حافلة بالنشاط الكثيف،وترتيب الاوضاع،والقرارات المهمة،والتي كانت تجري داخل الكرملين.فقد تمت تسوية خلافة لينين،في الحكومة والحزب،وبالشكل الاكثر رسمية:فقد خلف لينين في رئاسة مجلس مفوضي الشعب،ريكوف،وحل،دزرجينسكي،محل ريكوف،في المجلس الاعلى للاقتصاد القومي_تم تعين ريكوف رئيسا لانه كان نائبا للينين،ولو كان تروتسكي قد قبل هو الاخر ان يكون نائبا للرئيس،لكان من الصعب تخطيه وتعين ريكوف-.تحرك الثالوث ليشرف على مفوضية الحرب،فأزاح،سكليانسكي،المساعد المخلص لتروتسكي،وحل محله،فرونزي،ولم يمر عام حتى اخذ،فرونزي،محل تروتسكي في مفوضية الحرب!.تم تجريد الجنرال من جميع اسلحته،تمهيدا للاجهاز عليه!.وبدأت الجهود تبذل،لوضع الاسس،وارساء تقاليد،عبادة لينين!!والتي كانت تستخدم بموجبها،كتابات لينين،ك"انجيل"!للرد على كل اعتراض او نقد او اختلاف!تلك العبادة،التي اعدت اصلا،ك"سلاح ايديولوجي"ماض ضد ما سيسمى لاحقا،ب"التروتسكية"!!.مات لينين،واصبح تروتسكي وحيدا دون ناصر،في وسط بيئة سياسية وحزبية معادية له،خلقها،ورباها ستالين!لتصبح شجرة،ثمرها الدم!..انتهت تلك العلاقة الحية التي ربطت بين لينين وتروتسكي،ولكن ظلت الروابط الفكرية والروحية بينهما عروة لاتنفصم.تلك العلاقة التي لم تخلو من تذبذب،بين:الصراع،والوفاق،بين،التناقض،والتجاذب،والتنافر،والابتعاد،والاقتراب،في الرؤى،والاطروحات،والاراء،وهذا طبيعي وسمة في اغلب العلاقات بين الثوار..حاولنا تسليط بقعة ضوء على تلك العلاقة من خلال السرد التاريخي المختصر،والوقوف على اهم المفاصل،وامحطات في تلك السيرورة المشتركة،والتي ارتبطا بها معا..اما حكاية علاقة تروتسكي بستالين!فتلك اكبرمن حكاية !فهي تراجيديا طويلة ودموية،بالمعنى الكامل!والتي لم يحلم بتصور حبكتها،وكتابتها،ابرز كتاب المآسي من:سوفوكليس الى شكسبير!والتي يموت شخوصها طيلة العرض قتلا!على يد الشخصية الرئيسية فيها ليسدل الستار،وهو يلعق دماء ضحاياه-رفاقه-!!!!!.............
......................................................................................................................................................
المصادر:
مهامنا السياسية/تروتسكي
نتائج وتوقعات/تروتسكي
لوحات ثورية/لوناشارسكي
النبي المسلح/اسحق دويتشر
تاريخ الثورة الروسية/تروتسكي
حياتي/تروتسكي
لينين/جورج لوكاش
عشرة ايام هزت العالم/جون ريد
دروس ثورة اكتوبر/تروتسكي
الدولة والثورة/لينين
دفاعا عن الثورة الروسية/تروتسكي
لينين وتروتسكي-ماهي مواقفهما الحقيقية؟/الان وودز،وتد غرانت
....................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي..

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل