أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - المرأة العربية في الدين والمجتمع















المزيد.....


المرأة العربية في الدين والمجتمع


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 22:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



إعداد إيمان أحمد ونوس

في كتابه( المرأة العربية في الدين والمجتمع) يستعرض المؤلف حسين العودات واقع المرأة منذ أقدم العصور وحتى عصرنا الراهن، موّضحاً أن واقع المرأة المسلمة اليوم، هو مُعطى قيم تراكمت وفرضت نفسها منذ ما قبل الإسلام وحتى ومننا هذا، حيث تضافرت مصالح الطبقات الحاكمة ورجالها وفلاسفتها وفقهائها ومثقفيها الذين لم يروا للمرأة سوى دوراً هامشياً في المجتمع، واعتبروها مناط إشباع رغبات الرجل الجنسية، ونزوعه إلى الهيمنة عليها واستغلالها وقمعها.
ورغم أن الأديان حاولت إنقاذها في فجر مجيئها، إلاّ أن المتأولون والمفسرون والفقهاء انقضّوا على ما جاءت به تلك الأديان وأعادوا المرأة إلى أوضاعها التي كانت عليها من خلال تفسيرات عرجاء وتأويل خاطئ للدين.
وقد استعرض واقع المرأة العربية وموقف الديانات منها على مرّ تاريخ البشرية.
- المرأة في الديانات الشرقية والقديمة:
إن بعض الديانات القديمة قد برّأت المرأة من الخطيئة الأولى كالزرادشتية والهندية، لكنها لم تعفها من تحمل الآفات والأعباء، وبالتالي تحمل ظلم المجتمع والرجل، إذ بقيت في المرتبة الثانية بعد الرجل، وعملت على فرض الحجاب وتعدد الزوجات ومنعت الاختلاط.
غير أن الديانات الفرعونية هي الوحيدة التي رفعت من شأن المرأة، وذلك بسبب تأثيرات عصر الأمومة الذي امتد حتى الإمبراطوريات الوسطى، ومن هنا كان للمرأة منزلة خاصة في المجتمع الفرعوني بما يختلف عن المجتمعات الرافدية والفارسية والهندية.
يقول ماكس ملر:
" ليس ثمة شعب قديم أو حديث رفع منزلة المرأة مثلما رفعها سكان وادي النيل."

وقد استقى أيضاً بعضاً من شريعة حمورابي المتعلقة بالمرأة والتي كانت على النحو التالي:
1- إذا اتّهم رجل زوجة رجل آخر دون أن يثبت ضدها شيء، يُحال إلى القضاء ويُقص نصف شعره.
2- في حال الزنا، يُربط الاثنان ويُلقيان في النهر.
3- إذا اغتصب رجل امرأة مخطوبة عذراء، يُقتل ولا تُعاقب المرأة.
4- إذا أُخِذَ رجلٌ أسيراً، وكان في بيته ما يكفي من الزاد، تلتزم المرأة بالاستمرار في بيت زوجها، وإذا تزوجت تُلقى في النهر.
5- إذا طلّق الرجل زوجته التي لم تحمل منه، يعطيها مالاً بقيمة هدية زواجها ويرد المهر الذي أحضرته من بيت أبيها.
6- إذا تركت المرأة بيتها وأهملته لتعمل، يحق للرجل طلاقها من دون أن يدفع لها شيئاً.
7- إذا كرهت المرأة زوجها واضطرت لطلاقه، فإن كان ماضيها حسناً وكانت ربة بيت صالحة يحق لها أن تأخذ مهرها وتطلق زوجها، أما إذا كانت العكس فإنها تُرمى في النهر.
8- إذا تزوج الرجل امرأة محمومة وأراد الزواج من أخرى فبإمكانه أن يتزوج دونما حاجة لطلاق الأولى إن رغبت في البقاء معه.
9- للرجل أن يهب ما يشاء لامرأته، ولا يحق لأولادها منازعتها هذه الهبة بعد موت زوجها، ولها الحق أن تهب تركتها لأيّ من أولادها وليس لغريب.
10- ليس لأب الزوجة استعادة مهرها بعد وفاتها إذا كان لها أولاد لأنه من حقهم.
- المرأة في اليهودية:
بينما كانت الديانة اليهودية هي الوحيدة من بين الديانات(باعتبار المسيحية مجددة لليهودية) التي ألقت عبء الخطيئة الأولى على المرأة وحدها، بينما ظهر الرجل ضعيفاً مستلباً..؟؟!!! رغم أن مجتمع الأمومة كان سائداً في العهود الأولى لليهودية، وكان النسب يرتبط بالأم( وما زال دينياً حتى اليوم) لكن، وبعد سيادة المجتمع الأبوي خسرت المرأة اليهودية معظم امتيازاتها، وصار المجتمع ينظر إليها على أنها أدنى مكانة من الرجل بكثير، فصار من حق الأب بيع بناته القاصرات أو إيجارهن كالرقيق أو حتى قتلهن، واعتبرت المرأة من متاع الرجل، وخفيفة عقل، حتى أنه لم تعد النساء يُحسبنّ في العدد الواجب لاكتمال أداء الصلاة.
وكان يُطلق على الزوجة اسم( بولة) أي المملوكة، وكان الزواج يتم بطريقة الشراء، كما كان الطلاق من حق الرجل وبغير رضا الزوجة التي يحق لها طلب الطلاق فقط في حالة قسوة معاملة الزوج أن عنيناً أو بخيلاً.
أما المسيحية فقد أكدت على مسؤولية المرأة تجاه الخطيئة الأولى، لكنها كانت أكثر تساهلاً تجاه المرأة في دعوتها الأولى، واعتبرت ثورة على الظلم والاضطهاد بشكل عام، وخاصة الظلم الواقع على المرأة، إلاّ أن رسائل الرسل وتعليماتهم وآراء بعض المفسرين أدت إلى انتكاسة في هذا الاتجاه فصار على المرأة المسيحية أن تخضع لزوجها كما خضوعها للرب، وتحملت أعباءً لم تكن موجودة في تعاليم المسيحية الأولى. لكن المسيحية منعت تعدد الزوجات كما منعت الطلاق إلاّ في حالات خاصة، واعتبرت الزنا خطيئة تستوجب الطلاق، إلاّ أنها وضعتها في إطارها الاجتماعي تأييداً لقول المسيح في هذا المجال: " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر."
لقد وقف المسيح مع المرأة بوضوح. لكن التعليمات اللاحقة والطقوس والشريعة الرومانية، والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية القائمة قد قلّصت كثيراً مما أعطاه المسيح للمرأة.
- المرأة قبل الإسلام:
أمّا المجتمع العربي ما قبل الإسلام، فكان مجتمعاً أبوياً- ذكورياً، الرجل هو السيد المطلق والمرأة تابع له عليها طاعته وخدمته، وتعتبر من ممتلكاته وتركاته، وربما تجلب له العار ما دفع بالبعض لوأد البنات حين يولدن. ومع كل هذا لم ينظر هذا المجتمع للخطيئة الأولى كما نظرت إليها المجتمعات والديانات الأخرى، وبالتالي لم يحمّل المرأة تلك التبعية، ومن هنا فقد احتلت بعض النساء مكانة هامة فكانت الشاعرة والمثقفة وسيدة المجتمع، لكن رغم ذلك كان المجتمع يستخف بالمرأة ويعتبرها دنسة أحياناً، حيث كانت الحائض تُعزل حتى تنتهي من حيضها ولا تدخل الكعبة أو تلمس الأصنام.
لم ينحدر مستوى المرأة العربية كما انحدر مستوى المرأة اليهودية فقد ذكر المستشرق نيكلسون:( كانت مكانة المرأة في الحياة الاجتماعية قبل الإسلام على مستوى كبير من الرفعة، فقد تمتعت بالحرية في اختيار الزوج، والطلاق، كما كانت نداً أو شريكاً للرجل أكثر منها مملوكة أو أسيرة لإرادته.)
- المرأة والإسلام:
أما في الإسلام، فقد تعرّض القرآن للخطيئة الأولى ثلاث مرات من خلال سور
( البقرة، الأعراف، طه) حيث وقعت مسؤولية الخطيئة الأولى على الذكر والأنثى في آيتين، وعلى آدم وحده في الآية الثالثة، وهذا يؤدي لأن يتحمل آدم وزر هذه الخطيئة أكثر من زوجه، ويكون القرآن قد برأ المرأة من خطيئة الخطايا، وعارض أدياناً ومذاهب كانت سائدة قبل ظهوره.
لقد غيّر القرآن موقف العرب من المرأة تغييراً نوعياً، فاعترف جزئياً بمنزلتها وحقوقها، فهي مساوية للرجل بالخلق، كما اعتبرها حاجة أساسية للرجل مثلما هو حاجة لها.
إلاّ أن هذا الموقف الذي ينحو باتجاه المساواة لم يستمر بالنهج نفسه بعد الاستقرار النسبي للدين الجديد، فنشأ تيار ذكوري أخذ يضغط باتجاه الحدّ من إعطاء حقوق أكثر للنساء، وبدأت التشريعات تتجه إلى تفضيل الرجل والإبقاء على شيء من عدم المساواة الذي كان سائداً قبل الإسلام.
غير أن القرآن ذاته قد اتخذ من المرأة موقفاً غير مساوٍ للرجل في بعض الأمور والقضايا مثل:
- النشوز، فإذا نشزت النساء( فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) أما إذا نشز الرجل( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير.)
- الشهادة، وكان هذا مرتبط بظروف معينة قائمة( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر أحدهما الأخرى) غير أن شهادة المرأة ليست ناقصة دائماً، ففي حالات كثيرة تعتبر شهادة كاملة وهذا ما يمكن للفقهاء أن يستنبطونه من أحكام القرآن لو استخدموا المنهج العلمي في التأويل والأدوات المعرفية التي تساعدهم على استيعاب النص مربوطاً بزمانه وأحداثه وظروفه لا بلفظيته المطلقة.
- الميراث فقد أقر لها القرآن بالورث، لكنه ليس ورثاً متساوياً( للذكر مثل حظ الأنثيين)
- موقف الفقهاء:
يصح القول أن صحة التأويل أمر نسبي، ومع ذلك فقد أخضع المفسرون والمتأولون كثيراً من تعاليم القرآن وأحكامه وتشريعاته إلى تفسيرات مختلفة ومتناقضة في بعض الأحيان، مما أتاح الذهاب بعيداً عن التعاليم القرآنية، والشطط والتطرف في مواقفهم وإخضاع النص القرآني لآرائهم، وتأويله بما يناسب موقفهم أو حدود معارفهم وثقافتهم.
وتماشياً مع مرحلة التطور، والظروف الاجتماعية والاقتصادية القائمة في عصرهم، ومع منظومة القيم السائدة التي أفرزها النسيج الاجتماعي، واستجابة لسيطرة الرجل المطلقة، غيّر الفقهاء تغييراً نوعياً في موقف الإسلام من المرأة، وتجاهلوا في حالات عديدة نصوصاً قرآنية صريحة، وتبنوا روايات وأحاديث أو سنّة عن الرسول مشكوك بصحتها وضعيفة في أغلب الأحيان.
لقد هُمِش دور المرأة في القرون اللاحقة لصدر الإسلام، وازداد حصار حقوقها وتحولت لملك يمين أو أمة مميزة، وهذا ما أدى لتراجع دور المرأة وفاعليته في الحياة العامة مقابل قوته ونفوذه في القصور، وما الشهرة التي نالتها بعض نساء الخلفاء إلاّ بسبب نفوذ وشهرة حصلن عليها لأنهنّ نساء وأمهات حكام متنفذين.
بالمقابل استطاعت المرأة في مصر الفاطمية أن تؤكد وجودها بقدر ما أتاحت لها الظروف، فشاركت في الحياة العامة، وحاولت الدفاع عن حقوقها وحريتها، فلم تستسلم للأوضاع القائمة. ومع أن المماليك قد تساهلوا قليلاً تجاه حركة المرأة وعلاقتها بمجتمعها، إلاّ أن هذا التساهل لم يُعِدْ لها أياً من حقوقها المهدورة التي منحها إياها القرآن، بل بقي في إطار التعامل اليومي والمشاركة في النشاطات الاجتماعية من بيع وشراء وإخراجها من انزوائها.
أما في العهد العثماني فقد ازداد قهر المرأة لأن الرجل أصبح أسوأ من أي عهد مضى، وذلك حتى مطلع حركة النهضة العربية.
- المرأة في خطاب النهضة في القرن التاسع عشر:
دخلت أحداث وعوامل هامة حرّكت المنطقة العربية أوائل القرن/19/ وزعزعت سكونها، فأحدثت صدمة في مسار تطورها، واضعة البذور الأولى لتغيّرات شاملة، من هذه الأحداث( الحملة الفرنسية على مصر، حكم محمد علي باشا في مصر، التدخل الأوربي بالشؤون العربية وخاصة بلاد الشام، الإرساليات الدينية وإقامة مدارس وجامعات.)
هذه العوامل دفعت بروّاد النهضة الأوائل للتجديد اللغوي والديني والنهوض القومي، حيث نادوا بموقف جديد من المرأة مطالبين برفع الحيف عنها بعد أن تردّت أحوالها، فجاءت أفكار هؤلاء الرواد نهضوية بمفهوم وظروف ذلك العصر، حيث كان مجرد الخوض في مبدأ المساواة بين المرأة والرجل يعتبر شذوذاً عن رأي الجماعة.
في هذه الفترة برز تياران نهضويان في النصف الثاني من القرن/19/ في مجال حقوق المرأة:
1- تيار ليبرالي يضم مثقفون درسوا في أوربا أو زاروها واطلعوا على نمط حياتها وتشبعوا بمبادئ الثورة الفرنسية وفصل الدين عن الدولة من مثل( رفاعة طهطاوي، أحمد فارس شدياق، بطرس البستاني وغيرهم.)
2- تيار ديني متجدد نادى بفهم جديد للإسلام يعود إلى الدين الصحيح من مثل( الأفغاني، محمد عبده، عبد الرحمن الكواكبي وغيرهم.)
اهتم المفكرون العرب الليبراليون الذين شكلوا نواة البرجوازية العربية، والتي استلمت السلطة في أكثر من بلد، بمشكلة المرأة، فطالبوا بإصلاح وضعها وتعليمها لتستطيع إدارة بيتها وتربية أطفالها بشكل أفضل، لكنهم لم يتعرضوا لقضاياها الأساسية كالمشاركة في الحياة الاجتماعية، أو الولاية، والتعدد والطلاق، أو إلى رفع الظلم عنها، لأن ظروفهم آنذاك لم تسمح بأكثر من التعليم من جهة، ومن جهة أخرى لأنهم لم يروا في مشكلة المرأة قضية أساسية، لكنهم في مطلق الأحوال قد أطلقوا شرارة تحرير المرأة.
أما التيار الديني التنويري، فقد نادى بفهم جديد للدين يزيل عنه ما علق به من زيف وبدع، وعمل على إعادة حق الاجتهاد والتأويل ليفهم المسلمون دينهم في ضوء المنهج العلمي، فرفض الأخذ بكل ما جاء به السلف، لا سيما في مجال المراة، حيث رأى أن الإسلام الصحيح يخالف ما كان عليه وضعها، كما يخالف القوانين والأحكام الفقهية المعمول بها، فطالب المتنورون بمواقف جديدة وتشريعات من شأنها أن ترفع مستوى المرأة وتنصفها وتتيح لها الظروف المناسبة لتقوم بدورها الطبيعي في الأسرة والمجتمع، ومن أهم ما طالبوا به تعليم المرأة والسماح لها بالعمل، ورفع الحجاب والتخلي عن الانزواء، وتقييد تعدد الزوجات والطلاق، واعتمدوا القرآن والسنة مرجعية لاجتهاداتهم في هذا الشأن، وهذا ما اعتبر ثورة على ما كان قائماً، ومبادرة رائدة بهدف إعطاء المرأة بعض حقوقها.
لكن لا بد من الاعتراف بأن طرح مشكلة المرأة من خلال طلب المساواة المطلقة بينها وبين الرجل بمفاهيمنا الحاضرة كان أمراً متعذراً لسببين:
1- اعتمادهم القرآن والسنة كمرجعية، وهما لم يقررا هذه المساواة.
2- منظومة القيم السائدة حينها لم تكن لتسمح بأكثر مما طالبوا به.
- خطاب المرأة في مطلع القرن/20/
لم يكن هناك ما يسمى بحركة نسائية في القرن/19/، وإنما وجدت نساء عملن بالأدب والصحافة والثقافة، وحاولن متفردات الكتابة عن ضرورة تعليم المرأة وتشجيعها على العمل والمشاركة بالحياة الأدبية والثقافية وقضايا المجتمع، ثم تطور خطابهنّ جزئياً فتعرضنّ لبعض القضايا مثل تخليص المرأة من الحجاب واختلاطها بالرجل. لكن هذا الخطاب لم يأخذ قضية المرأة كهدف وهمّ رئيسي من همومه، ولم يكن لينادي بالمساواة أو حتى شبه المساواة.
وبعد افتتاح مدارس البنات ازداد عدد النساء المتعلمات والمتنورات مطلع القرن/20/ فكان هذا من العوامل التي ساعدت على نشوء حركة نسائية أخذت تتبلور، لكن عبر مطالب متواضعة وخطاباً إصلاحياً يدعو للتعاطف مع المرأة لم يصل لمستوى ما طرحه قاسم أمين بسبب عدم قدرة هؤلاء الرائدات أن يطرحن القضية طرحاً جذرياً بسبب طبيعة التطور آنذاك وعدم وجود حركة نسائية لها قوة اجتماعية أو قانونية، وأيضاً بسبب قلة عدد النساء اللواتي يساهمن في هذه الحركة.
غير أن هدى شعراوي تعتبر الأبرز لأن قضية المرأة كانت واضحة في ذهنها منذ وقت مبكر، ساعدها أيضاً إخراجها لمظاهرات نسائية عام/1919/ لدعم الثورة، فكانت أول مظاهرات نسائية في تاريخ العرب الحديث.
يُلاحظ أن مطالب النساء الرائدات في هذه الحركة النسائية كانت متواضعة، لكنها ثابتة وناهضة تتسع وتتعمق باستمرار وإن لم تكن لتصل إلى المطالبة بالمساواة أو تربط قضية المرأة بقضية المجتمع، إضافة لأن معظم هؤلاء الرائدات هنّ من بنات الأسر البرجوازية الناشئة والتي تبنت خطاب أحزابها السياسية.
- من البرجوازية إلى الإخوان المسلمين.
ساهمت البرجوازية العربية بالإفراج عن المرأة، ووضعتها في أول طريق التحرر لاسيما عندما بدأت تشارك في السلطة مثلما فعل حزب الوفد في مصر، والكتلة الوطنية وحزب الشعب في سورية، وقد شجعت هذه الأحزاب على قيام جمعيات نسائية، وأصدرت تشريعات تسمح بعمل المرأة، وقوانين جديدة للأحوال الشخصية أعطت فيها المرأة بعضاً من حقوقها، كما أعطتها حق الانتخاب فكانت بداية الاعتراف بالحقوق السياسية للمرأة.
أما مثقفو الرجعية الإسلامية فقد تراجعوا مع مطلع القرن العشرين تراجعاً واضحاً عمّا طرحه قاسم أمين، وتغيّر خطابهم الذي أخذ طابع المحافظة والحذر مع شيء من مضمون الخطاب السلفي.
إن هذا النكوص كان يمكن أن يكون هيناً لو بقي رأي التيارات الدينية الإسلامية مثلما كان أيام السلف، لكنهم أخذوا يعودون بخطابهم لآراء الغزالي وابن تيمية، منادين بإيقاف الاجتهاد والاكتفاء باجتهاد السلف الذي كاد يصبح مقدساً لديهم، فأعطوا الحق لنفسهم بتمثيل الإسلام والنطق باسمه، وخاصة الإخوان المسلمين، الذين قرر مرشدهم العام حسن البنا أن الأعوج في المرأة رأسها، والمعتدل قلبها
– فأية حكمة هذه التي تقال في القرن العشرين..؟-
أما سيد قطب فيؤكد أن الرجل متفوق، والإسلام قرر هذا التفوق( متى..؟)
كما رأى الشيخ عمر عبد الرحمن أن النظام القانوني الحالي الذي يرفض تعدد الزوجات، ويعتبر الطلاق ظلم للمرأة هو نظام كافر.
وأيضاً رأى محمد سعيد البوطي أن الضمانة الكبرى لبقاء الأمور على نهجها السوي هي أن لا تنزل المرأة إلى ميدان العمل من أجل الرزق إلاّ في أضيق الظروف.
- المرأة في خطاب التيارات القومية والتقدمية.
ظهرت التيارات القومية والتقدمية في البلدان العربية ما بين الحربين العالميتين، لكنها لم تتمكن من وضع نظرية كاملة وشاملة لمعالجة مشاكل وقضايا المجتمع كافة، وفي هذه الظروف لم تكن مشكلة المرأة مدرجة في سلم أولويات هذه التيارات والأحزاب التي كانت تكتفي بشعارات المساواة، والمرأة عماد الأسرة والمجتمع. غير أن هذه التيارات لم توضح موقفها من المرأة، وتعمق هذا الموقف بعد استلامها السلطة وإصدارها دساتير البلاد وقوانين الأحوال الشخصية، فكانت مواقفها قلقة ينقصها الكثير من الجدية والحزم، كما أن هذا القلق في الخطاب لم يرافقه قلق في الممارسة تجاه قضايا المرأة، فقد استجاب أنصار هذا الموقف لطبيعة التطور ومارسوا مواقف تقدمية تنم عن إيمان بحقوقها وقناعة بمساواتها نوعاً ما، لكن افتقادهم للنظرية الشاملة لم يتح لهم إدراج قضية المرأة في برامجهم كما كان متوقعاً.
ومع أننا بدأنا نلحظ في العقود الأخيرة من القرن المنصرم وبداية القرن الحالي تعيين النساء كوزراء، وهذه خطوة هامة إلاّ أنها لم تأتِ في سياق خطوة عامة تعترف بحقوق المرأة، بل ربما كانت خطوة تُجاري التطور العالمي وتعوض شكلياً عن مشكلة المرأة المستعصية، خاصة وأن مفهوم المرأة القيادية لم يدخل في مخزوننا الثقافي بعد.
من الواضح أن النصوص الدستورية في البلدان التي تولت السلطة فيها أحزاب أو تيارات قومية وتقدمية، خطت خطوات هامة نحو وضع قضية المرأة في إطارها الصحيح، إلاّ أن هذه الدساتير نفسها نصت على أن الإسلام دين الدولة، والقرآن والسنة هما مصدر التشريع الأساسي، كما نوهت بأهمية العادات والتقاليد كمرجعية، لذلك جاءت كل القوانين والتطبيقات مختلفة عن النصوص الدستورية أو مخالفة لها في كثير من الأحيان، ولم ترقَ للمستوى الذي وصلته هذه النصوص، ولا تنبئ بالمساواة أو تأخذ حقوق المرأة بالجدية والشمولية التي أخذت بها هذه الدساتير، فمثلاً جميع الدساتير سمحت بتعدد الزوجات، والطلاق أيضاً بقي من حق الرجل، أما الإرث فبقيت الشريعة مرجعيته، وأخيراً فإن ولاية المرأة المُطَلَّقة على أبنائها الذين يقعون ضمن حضانتها معدومة، فهي ليست أكثر من مربية وخادمة لهم وما عدا ذلك فليس من حقها.
إن قصور هذه القوانين لا يعود فقط للعادات والتقاليد أو الشريعة، وإنما لعدم القناعة الحقيقية والجدية لهذه الأحزاب والأنظمة بقضية المرأة وحقها الطبيعي في المساواة والحياة.


في فجر صباح تشريني
تراقصت قطرات المطر
وتناثرت في فضاء الكون
فصاغت أجمل أنشودة
ورتّلت أروع قصيدة حملت اسم المازن
فصار عمري سمفونية فرح
كل عام وأنت الأمل والعطاء والنقاء حبيبي
وعقبال المائة من الفرح والتألق والشباب المتجدد على المدى
كل عام وانت بخير وأمل بني.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلاب وتلاميذ سوريا في مهب الريح
- هل بات العنف سمة المجتمع السوري اليوم.؟
- المواطن السوري بين سندان الحكومة والتجار... ومطرقة الولايات ...
- القانون السوري يُجرّم الضرب... والعرف أقوى تجاه المرأة
- أمريكا.. نشوء دامي وتاريخ إجرامي ما زال مستمراً
- متى يتنحى العرف أمام القانون..؟
- قانون مكافحة الدعارة في مجتمع يعجُّ بها بأشكال متعددة...
- تمييز لا إنساني ضدّ المرأة والطفل في قانون الجنسية السوري
- تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص قضايا المرأة
- تعديل قانون الأحوال الشخصية ضرورة يفرضها الواقع
- لنجدد المطالبة برفع التحفظات عن السيداو
- المجتمع السوري.. والحاجة إلى إعادة التأهيل
- كيف نتصدى للأزمة والغلاء وجشع التجّار؟
- الحكومة تُدربنا على رفع الدعم..!!!!
- في عيد العمال العاملة السورية بين الواقع والتحديات
- الاغتصاب أحد أسلحة الحروب تداعياته.. وآلية التعامل مع الضحاي ...
- الأمم المتحدة تُقرُّ إعلاناً لإنهاء العنف ضدّ النساء والعنف ...
- قضايا المرأة في بوتقة الشأن العام فلتكن حاضرة في كل تحرّك وط ...
- أمهات سوريا.. وقفة خشوع لصبركن العظيم
- شروخ الأزمة السورية تنتهك كيان الأسرة


المزيد.....




- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - المرأة العربية في الدين والمجتمع