أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الطائفية و«النظام الطائفي» في سورية















المزيد.....

الطائفية و«النظام الطائفي» في سورية


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة في سورية باتت تُختزل في ما يظهر على السطح من صراع بين قوى أصولية والسلطة، التي بات يميل البعض الى التأكيد أنها طائفية، وبالتالي ليصبح الصراع صراعاً طائفياً. إذاً، الشعب والثورة باتا في خبر كان. البعض يقول إنها بدأت ثورة وانتهت صراعاً طائفياً.

ما المنظور الذي يحكم النظر الى ما يجري؟ المنظور الطبقي أم السياسي أم الديني؟ في المنظور الطبقي، لا بد من أن نحدد طبيعة السلطة طبقياً، حيث إنها سلطة «رجال الأعمال الجدد»، أي المافيا التي نهبت «القطاع العام» وأصبحت تسيطر على مفاصل الاقتصاد، وتنهبه، وتصدر المال إلى الخارج. هذا هو جوهر السلطة الطبقي. في المنظور السياسي، هي سلطة مستبدة شمولية، مارست قهر المجتمع لعقود. وفي المنظور الديني، فإن العائلة الحاكمة هي من الطائفة العلوية، لكن هل يسمح ذلك بالقول إن السلطة علوية؟

في التدقيق في منظورات بعض «النخب»، نلمس أن المنظور الديني هو الحاكم على رغم ما تقول هي عن ذاتها. فكما أشرنا، إذا كان المنظور طبقياً، يمكن تحديد طابع السلطة، وهو هنا التحديد الجوهري من منظور يساري. وإذا كان المنظور سياسياً يسهل التحديد، وهذا هو المنظور الليبرالي. بالتالي حين نرى السلطة كـ «نظام طائفي»، يكون المنظور الذي ننطلق منه هو المنظور الديني. هذا هو أساس موقف جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين عموماً، التي لا ترى الآخر إلا من منظورها الديني. وحين يحدد يساري أو ليبرالي النظام بأنه نظام طائفي، يكون قد وقع في إشكال المعنى والمصطلحات. أو يكون قد انحكم الى «تراثه» (الى وعيه التقليدي). وقد أظهرت النقاشات أن معنى الطائفية مجهول، وأن كل طرف يعطيه المضمون الخاص به. فالإخوان والسلفيون يعتبرون كل منتمٍ الى الطائفي طائفياً، أي أن الانتماء الموروث كافٍ للتوصيف. ويبدو أن المنظور الشكلي الذي يحكم قطاعات من اليسار والليبراليين يدفعهم إلى اتخاذ الأساس ذاته في التحديد، لهذا تكون علوية الأصل كافية للقول إن «النظام علوي».

إن التمييز بين الطائفة والطائفية ضروري هنا، لأن الطائفة ترتبط بوجود تاريخي، أصبح لها وجود متمايز في المجتمع من الزاوية الدينية. وكانت التطورات تلغي مسألة ارتباط العلاقات بالدين لمصلحة الوجود الاجتماعي ذاته، بالتالي تشكل وجوداً اجتماعياً واحداً يحتوي على تمايز ديني وطائفي، ربما حوى بعض الاحتكاكات، لكنه كان مترابطاً، في وضع فلاحي كان مشتتاً أصلاً، ومدينياً متوافقاً. هذا الوضع الاجتماعي يتحوّل إلى طائفية في اللحظة التي تصبح الأيديولوجيا (العقيدة) هي أساس العلاقة مع الآخرين المختلفين. أي حين يصبح التمايز الواقعي أيديولوجيا ترفع من شأن الطائفة، وتؤسس للتضاد مع الآخرين. أي حين تصبح «عقائد» الطائفة عبارة عن مشروع سياسي (أو طبقي) للسيطرة، أو الصراع مع الآخر... وحين يشغّل كل التراث الديني والطائفي الذي يعزز هذه الطائفة ويحرّض ضد الطوائف الأخرى، أي أنها الميل الى فرض سلطة باسم الطائفة، واستناداً الى موروث صراعي قديم. هذا المنظور موجود عند «الجهاديين» و «السلفيين» و «الإخوان»، وكل القوى التي تتحدث باسم الإسلام السنّي، كما هي عند السلطة في إيران، وعند «حزب الله». فهي قوى قائمة على أساس ديني، وتحدد الأنا والآخر على هذا الأساس، بغض النظر عن طابع العلاقة مع الآخر، حيث إن البعض يدفعها نحو العنف والتصفية (الحالة الجهادية)، والبعض يريد إخضاع الآخر، وتحويله إلى مرتبة أدنى.

الطائفية تتسم بالانغلاق والتعصّب، ورفض الآخر. لهذا تتحوّل إلى أساس الصراع السياسي لدى القوى التي تتأسس انطلاقاً منها. هل إن النظام في سورية يستند إلى ايديولوجية (عقيدة) طائفة؟ كل ما يرد هو الإشارة إلى أن بنية السلطة والمراكز الأساسية فيها هي بيد علويين، وهذا صحيح. لكن، هل المنظور الذي يحكم هؤلاء هو المنظور العقائدي العلوي؟ وبالتالي تتحدد علاقتهم بالمجتمع انطلاقاً من أنه سنّي؟ لكن، من ثم، لماذا كان معنياً بنشر المعاهد الدينية السنّية، وتعميم بناء الجوامع، والحفاظ على علاقة متينة مع المؤسسة الدينية «السنية»؟ ولماذا كان تجار دمشق وحلب شركاء في النهب، على رغم تميّز «العائلة» (وحدث مثله في مصر وتونس، بغض النظر عن الجانب الطائفي)؟ كما سنلاحظ أن المنظور الطائفي يتجاهل كل ذلك، ويحصر السلطة بـ «العائلة»، و «البنية الصلبة»، هذه البنية التي تشكل الضامن للسيطرة الاحتكارية للعائلة في الاقتصاد.

الطبقة المسيطرة تتشكل من تحالف «رجال الأعمال الجدد» (العائلة خصوصاً)، والبورجوازية التقليدية (في دمشق وحلب خصوصاً)، على رغم أن العائلة (آل مخلوف والسد وشاليش) وحواشيها هي المهيمنة في هذا التحالف الطبقي الذي يشكل جوهر السلطة. وهؤلاء، من المنظور الأيديولوجي، غادروا الأفكار القومية البعثية، وانخرطوا في منظور ليبرالية العولمة. وباتت الفئة المهيمنة في ترابط مع الرأسمال الخليجي والروسي والأوروبي (والتركي في مرحلة الصفاء).

إذاً، المسألة التي تحتاج إلى تحليل سوسيولوجي هي مسألة تحكّم أفراد من الطائفة بمفاصل السلطة، وتشكيل «البنية الصلبة» لها، ومن ثم بعض «الامتيازات» التي كانت تتحقق لبعض أفرادها. هنا سنلمس مبدأ استغلال بعض الفئات الاجتماعية لتحقيق المصالح الطبقية أكثر مما نلمس الارتباط الطائفي، وإنْ كانت العلاقات الطائفية تُستغل لتحقيق ذلك. فمن يدرس وضع كل النظم التي سيطرت فئات فلاحية عليها، باسم القومية، يجد أنها تنحكم الى ديكتاتور، الذي بدوره يعتمد في مفاصل السلطة على «بيئته»، أي مناطق الريف التي هو منها... لأن تكوين الوعي التقليدي الذي يحكمه يعتمد على الثقة بـ «البيئة» وليس بأي شيء آخر، لا بالدين ولا بالأيديولوجيا ولا حتى بالصداقة. لهذا يقيمون أدواتهم من تلك البيئة وليس من أي مكان آخر. هذا حدث في العراق وفي الجزائر وليبيا واليمن كما في سورية.

ولأن السلطة تريد أدوات، فقد أبقت الساحل من دون تنمية، وفي وضع مزرٍ، مهمّش ومفقر، حيث تستطيع استخدام المفقرين في تكوين أجهزة قمعها. لكنها عند الضرورة تستثير «الشعور الطائفي» لديها لكي تضمن ولاءها. هي إذاً ليست طائفية، لكنها تستخدم الطائفية لكي تحمي سلطتها التي تعبّر عن حكم مافيا وحشي.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممكنات نجاح مؤتمر جنيف 2
- أزمة الثورة في سورية: تعدد الأعداء وتعدد مصالحهم
- الثورة السورية وآفاق صراع متعدد
- عن تحديد التخوم (ملاحظات حول وحدة اليسار)
- درس للأغبياء حول الإمبريالية الروسية
- توضيحات ضرورية حول الماركسية
- الأسد أو لا أحد كأيديولوجية سلطوية
- بصدد رؤية مختلفة للعالم الماركسية والصراع الطبقي الراهن
- مصر وسوريا واليسار
- «جبهة النصرة» تمارس مهماتها
- عن التدخل الإمبريالي في سورية وعن فهم الثورة السورية
- نهاية وهم الأسلمة واستمرار دور العسكر
- الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟
- سمات النشاط الجماهيري ووضع الحركة الماركسية*
- الأسلمة في الثورة السورية
- نحو تأسيس ماركسي جديد
- النشاط العفوي وأهمية التنظيم
- عن التدخل في سورية ملاحظات على ملاحظات
- التدخل الدولي في سورية
- الاشتراكية والثورة في العصر الإمبريالي


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الطائفية و«النظام الطائفي» في سورية