أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الثورة السورية وآفاق صراع متعدد















المزيد.....

الثورة السورية وآفاق صراع متعدد


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 18:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مصر، وتونس اتخذ الصراع شكل التركيز على إسقاط النظام قبل أن تنفتح صراعات أخرى، حيث ظلّ الإخوان المسلمين "في الخلف"، وعقدوا الصفقات مع النظام المنهار عبر قيادات الجيش وبيروقراطية الدولة التي قررت التخلي عن الرئيس. ومن ثم وصلوا إلى السلطة بدعم هؤلاء، لينفتح الصراع الشعبي معهم ( وكذلك مع حلفاء الأمس)، فسقطوا في مصر، وسيسقطون في تونس.
تصاعد "مثالي" للصراع لم نستطعه في سورية، حيث تفجرت الصراعات في الآن ذاته مع قوى متعددة. لا يتعلق الأمر بدعم قوى إقليمية ودولية للسلطة، ولا بدور "أصدقاء سورية" الذي ظهر كمكرس للسلطة عبر آليات متعددة لتخريب الثورة وتطييفها، بل أصبح يتعلق الآن بالصراع في الثورة ذاتها. فالنظام لم يسقط بعد، ولقد انسحب من مناطق كثيرة لأن قوته العسكرية تهلهلت، ليس بفعل العمل العسكري ضدها بل بفعل الثورة الشعبية بالتحديد، ولا ننسى بأنه انسحب بعد مرور عام على الثورة، وقبل أن يصبح العمل المسلح هو الفعل الأساسي، الذي بات كذلك بعد إذ. ولا شك في أن مناطق قد "تحررت" بقوة الكتائب المسلحة بعد إذ (دون أن نناقش هنا هل كانت السياسة العسكرية صحيحة أو لا).
لكن هذا الأمر أنشأ الفوضى في المناطق التي انسحب منها، بفعل التنافس على السيطرة بين الكتائب المسلحة، وظهور العصابات التي تعمل باسم الجيش الحر، ولكن من ثم "القوى الأصولية" التي ظهرت فجأة في المناطق التي باتت خارج سيطرة السلطة. وهذه منطقها لا يقوم على مبدأ إسقاط السلطة بل يقوم على مبدأ إقامة "الخلافة الإسلامية"، وهو الأمر الذي دفعها إلى محاولة فرض السيطرة وفرض "قوانينها" وأحكامها. فبات الشعب في صراع معها، بالضبط لأنها هي التي "تتحشر" به عبر محاولة جعله يخضع لمنطقها القروسطي (تطبيق قيم أخلاقية بالية). وخصوصاً أنها باتت تعتقل وتقتل بشكل مشابه لـ (وربما أسوأ من) ممارسات السلطة.
هنا بتنا في صراعين: ضد السلطة ومن أجل إسقاطها من جهة، وضد داعش والنصرة، وربما آخرين، من جهة أخرى.
لكن ظهر مؤخراً ما هو أعقد من ذلك، ويشير إلى انقسام عميق في الثورة ذاتها، حيث أعلنت فصائل مسلحة توحدها في "جيش الإسلام"، وسعيها لإقامة "الدولة الإسلامية". ومنابع قادتها هم من ذات المنبع الذي أنتج جبهة النصرة وداعش وأحرار الشام، أي هؤلاء الذين عملوا مع القاعدة كجهاديين، ويتبعون الاتجاه السلفي في تشابك علاقاته السعودية الخليجية.
هؤلاء هم كتائب مسلحة قاتلت ضد السلطة، وضمت كثيراً من الشباب المفقر الثوري الذي يريد تحقيق التغيير العميق، لكن القدرة المالية التي كانت بحوزة مجموعات سلفية جهادية دفعت بهم إلى الالتحاق بهذه الكتائب، وكثير منهم لم يكن متديناً، فبات يتأسلم (شكلاً أو فعلاً، والكثير شكلاً). ولا شك في أن دموية السلطة ووحشيتها كانت تعزز التدين بشكل طبيعي، في ظل غياب رؤى سياسية وفكرية حاكمة ومؤثرة. وكذلك استعصاء الصراع نتيجة ضعف قدرات الكتائب المسلحة التسليحية وضعف خبرتها العسكرية، مقابل الدعم القوي للسلطة من قبل روسيا وإيران وأتباعها، كان يخلق الإحساس بالأزمة، خصوصاً مع فشل المراهنات على تدخل "غربي" ظلت معارضة الخارج تلحّ عليه معتبرة أنه المخرج الوحيد، والإيهام بأنه قادم مما كان يربط نشاط الكتائب المسلحة بكل هذه "الإشاعات"، وهي تواجه عنف السلطة وانسداد الأفق أمامها. لهذا كان سهلاً، بعد صراع عامين ونصف بكل عنفه ودمويته، أن تجذب فئات مؤدلجة سلفياً إلى مسار كانت تريده من الأصل، مستغلة كل هذا الوضع، ومتأثرة به ومؤثرة فيه.
بهذا نشأ "جيش الإسلام" الذي يريد إقامة "الخلافة"، دولة الإسلام. وهذا يعني بأن طرفاً قد قرّر خوض الصراع ضد السلطة وحده، ولمصلحته، وبغرض تحقيق "ايويولوجيته". وهو الأمر الذي يفرض انقسام الثورة، والتأسيس لتصارع أطراف فيها. ليكون صراع الشعب متشعب أكثر، ومشتت. لكن الأخطر من ذلك هو أنْ ليس من إمكانية لقطاع كبير من الشعب أن يقبل الاختيار بين السلطة التي ثار عليها من أجل إسقاطها والحصول على الحرية والعدالة الاجتماعية، وبين سلطة بديلة أسوأ، بديل يعيد إلى القرون الوسطى، ويعمم الاستبداد لكي يطال "ما هو شخصي"، وإنساني، ويفرض تنميطاً هو من مخلفات قرون الانهيار والتخلف والجهالة. سواء في الأشكال أو الأفكار أو البنى المجتمعية والتكوين السياسي والحقوقي.
هنا بتنا في صراع جديد من أجل نقاء الثورة، ومن أجل ان تسير في السياق الذي فرضها، ومن أجل الأهداف التي طرحتها. فالشعب لم يثر لأن النظام "علوي" أو "علماني" او كافر، هذا آخر ما كان يفكر به، بل أن ظروفه الواقعية هي التي فرضت عليه الثورة، ظروف العيش حيث بات أغلبه إما عاطل عن العمل أو أن أجره لا يكفي عيشه. وفي ظل سلطة مستبدة شمولية تستغل هذا الشكل السلطوي لكي تزيد النهب والسيطرة على الثروة. لهذا أراد الخبز والحرية، بالضبط لكي يستطيع العيش ويدافع عن وجوده. ولهذا إذا قدم هدف "الدولة الإسلامية" الآن وهماً لبعض القطاعات فإنه لا يقدم للكثير منها هذا الوهم بل يبقيها في إطار هدفها الأساس. كما أنه إذا قدّم حافزاً لهؤلاء المقاتلين فإنه يبعث الخوف لدى قطاعات كثيرة. ولهذا فهو يفتح على احتمالات صراعات متعددة، مع عديد من الأطراف التي ترفض الأيديولوجية التي تراد فرضها، كما أنه يضعف الثورة عموماً نتيجة ما يوجده من تشكك ويأس ورفض.
الشعب يخوض صراعه مع السلطة وهو مستمر، وسيستمر. وهو يخوض الصراع ضد داعش والنصرة اللتين تحاولان فرض سلطة "سخيفة" (سخيفة بهزلها الاستبدادي وتمسكها بقيم أخلاقية مرضية، وتصور قروسطي متخلف جداً آتٍ من عصر الانحطاط)، وهو صراع مسلح أحياناً وشعبي أحياناً أخرى (مظاهرات وأشكال احتجاج مختلفة). ومن الواضح أن إستراتيجية داعش تحديداً تقوم على السيطرة الشاملة على الشمال، وتصفية الكتائب المسلحة الأخرى، ربما لتسهيل عودة السلطة إليها (وهذا احتمال كبير) بعد أن عجزت السلطة بقواتها فعل ذلك. ولقد بات هذا الصراع يومياً، وينزع إلى التحوّل إلى صراع مسلح شامل.
وربما تنزع التشكيلات الجديدة (جيش الإسلام) إلى السيطرة كذلك، وهو يتخلى عن الكتائب المسلحة الأخرى حين تتعرض لهجوم من قبل السلطة لكأنه يريد أن تنتهي بسحق السلطة لها لكي يبقى وحيداً في الصراع. ونتيجة كل الأخطار والمخاوف التي يجلبها تشكّلها لا بد من خوض صراع فكري سياسي معها التي تريد إقامة "دولة الإسلام"، صراع لكشف خطرها على الثورة، وآثارها المفككة لها. في سياق إعادة بناء الثورة. فما جرى هو خطوة خطيرة على مسار الثورة لأنها تزيد الخوف واليأس والتشتت والتناحر، تضعف القوى التي تقاتل السلطة والفئات الداعمة للثورة، وبالتالي تزيد من الاستعصاء القائم، ومن الميل لقبول "أي حل". هل هذا هو هدف الدول الداعمة لهؤلاء؟
لقد تشابكت الصراعات، وباتت مواجهة الشعب متعددة، ليس السلطة فقط، بل التكفيريين والسلفيين والأصوليين وكل الذين يريدون، وقبل انتصار الثورة، فرض تصورهم ورؤيتهم و"حكمهم". بالتالي هل سيحسم الصراع مع السلطة ومع الأصولية في الآن ذاته في سورية؟ أظن ذلك.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تحديد التخوم (ملاحظات حول وحدة اليسار)
- درس للأغبياء حول الإمبريالية الروسية
- توضيحات ضرورية حول الماركسية
- الأسد أو لا أحد كأيديولوجية سلطوية
- بصدد رؤية مختلفة للعالم الماركسية والصراع الطبقي الراهن
- مصر وسوريا واليسار
- «جبهة النصرة» تمارس مهماتها
- عن التدخل الإمبريالي في سورية وعن فهم الثورة السورية
- نهاية وهم الأسلمة واستمرار دور العسكر
- الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟
- سمات النشاط الجماهيري ووضع الحركة الماركسية*
- الأسلمة في الثورة السورية
- نحو تأسيس ماركسي جديد
- النشاط العفوي وأهمية التنظيم
- عن التدخل في سورية ملاحظات على ملاحظات
- التدخل الدولي في سورية
- الاشتراكية والثورة في العصر الإمبريالي
- التوافق الأميركي الروسي و... نظرية المؤامرة
- عن «جبهة النصرة» وإنسانيتها وانضباطيتها
- عامان من الثورة


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الثورة السورية وآفاق صراع متعدد