أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - عن تحديد التخوم (ملاحظات حول وحدة اليسار)















المزيد.....

عن تحديد التخوم (ملاحظات حول وحدة اليسار)


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 09:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



توحيد اليسار فكرة تتردد منذ زمن طويل، ولقد أفضت إلى أشكال عمل وتحالفات وتوحيد في العديد من المرات، لكن لم تكن النتيجة مثمرة، حيث سرعان مع انفرط التحالف أو انتهت أشكال العمل أو أفضت الوحدة إلى انشقاقات. وظل اليسار يتشرذم دون أن يلمس الأسس التي أفضت إلى التفكك أصلاً، أو الأسباب التي تمنع الوحدة. وغالباً ما كان حدث معين هو الذي فرض التفكير في الوحدة، وربما يكون هو ذاته الذي فرض التفكك من جديد.
ومع نهوض الشعوب بثورات هائلة ظهر واضحاً عجز اليسار وهامشيته، وأيضاً تشتته وتفككه. لهذا أعيدت "مشروخة" توحيد اليسار تسيطر. وفي العادة يجري الركض وراء نقاط التوافق، وهي سهلة وممكنة، لكن سرعان ما تظهر الاختلافات، وأحياناً إلى حد التناقض الجذري. لماذا هذه المفاجأة؟ هذا يعني أن كل طرف لا يعرف الطرف الآخر، وأن الأمور تتعلق بـ "عموميات"، و"تجريدات" هي التي يجري اعتبار انها أساس التوحيد. لهذا ما تتحقق الوحدة حتى يصطدم كل طرف بحجم الخلاف مع الأطراف الأخرى، وتتحوّل الوحدة إلى تناقضات داخلية وصراع لا ينتهي، بدل الشغل في الشارع ومع الناس.
هناك فكرة طرحها لينين تستحق التوقف عندها، قالها والحديث يجري عن "توحيد" المجموعات الماركسية في حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، يقول لينين ""قبل أن نتحد ولكيما نتحد، ينبغي في البدء أن نحدد التخوم التي تفصل بيننا بحزم ووضوح" (لينين "ما العمل؟"). وهي الفكرة التي أسست لبناء حزب قوي ومتماسك، ومنتصر.
الفكرة تعني بان تحقيق الوحدة لا يفترض تحديد نقاط التوافق فقط للتوحد حولها، بل أصلاً تحديد النقاط التي هي مدار خلاف. بمعنى يجب ان تتحدد الخلافات قبل أن يجري تحديد المسائل المتوافق عليها. بالضبط لأن المسألة لا تتعلق باصدار "بيان مشترك" بل تتعلق بتوحيد نشاط وفعل، وبناء حزب، وفي هذا الأمر لا يفيد التوافق العام بل لا بد من أن يكون واضحاً لكل طرف ماهية الآخر، كيف يفكر، وماذا يطرح في كل المسائل، وبالتالي أين يكمن الخلاف، وكيف يمكن أن يحلّ؟ ومن ثم تحديد إمكانية أن تكون نقاط التوافق أساساً موحداً فعلاً، وأرضية لإنهاض الحزب.
ولا شك في أن كل تجارب "توحيد اليسار" كانت تصطدم بالممارسة أكثر مما كانت تصطدم بالتوافق على نقاط عامة توحد بين الأطراف المختلفة. لهذا حالما كان يتحقق التوافق ويجري الانتقال إلى العمل تدبّ الخلافات ويكتشف كل طرف أنه في تناقض مع الآخر، ويستغرب أنه توافق معه أصلاً. ويظهر بأن كل طرف يفكّر بـ "طريقة مختلفة"، وله سياسات مختلفة، وينكمش على ذاته.
عادة يجري الركض نحو التوافق انطلاقاً من أن الخلاف هو الأساس، وبالتالي يظهر في بعض الفترات أن هناك توافقاً ممكناً، لهذا يجري الركض للمسك به. وفي هذه اللحظة يجري تناسي أن الخلاف هو الأساس الذي أوجد هذه التكتلات والتجمعات، والمجموعات و"الأحزاب". وأن الصراعات هي أساس العلاقة من منظورات "أيديولوجية"، أو "حَرْفية"، أو "حِرَفية"، أو "ذاتية"، وهي كلها نتاج نوازع البرجوازية الصغيرة. وتعبّر عن تفككاتها. وعن "ذاتيتها".
لقد توزعت الماركسية "بين القبائل"، و"تفرقت أيدي سبأ"، ليصبح عندنا ماركسيات، ما الخلاف فيما بينها؟ هل لازال الخلاف القديم يحفر في الحاضر؟ وهل له معنى اليوم؟ وما هو موقع كل منها من الماركسية الأصلية، ماركسية الجدل المادي؟
ثم هل يمكن ألا نرى اختلافات المواقف، الثورية والليبرالية، التي تنطلق من الصراع الطبقي والتي تنطلق من الصراع السياسي، التي تريد الثورة والتي تريد الإصلاح، التي ترى الواقع والتي لازالت تختزن قوالب مستدعاة من الماضي؟
من يريد مصالح المفقرين ومن يعبّر عن مصالح ضيقة لفئات وسطى؟
وبالأساس هل يمكن التوافق على فهم الواقع؟
بالتالي ما هي الخلافات بين التيارات التي تشكلت خلال صيرورة الماركسية، وباتت متناحرة رغم أن كل منها يعيد إلى الماركسية (مع إضافة ماركسي ما)، وتشكلت في الواقع كشكل من أشكال الانقسام في الحركة الماركسية؟ هل تستطيع ان تخرج من قوقعها وتتجاوز أن لها مرجعية خاصة (شيخ طريقة مختلف مع الآخرين)، وأنها باتت تيار مستقل يعتبر ذاته هو الماركسية؟
فقد حل ستالين محل ماركس وإنجلز ولينين تحت مسمى الماركسية اللينينية. وحل تروتسكي محلهم أيضاً تحت مسمى الماركسية اللينينية. وحل ماو تسي تونغ محلهم كذلك، وأيضاً ظل يستخدم اسم الماركسية اللينينية. رغم أن التوصيف بات يحدد التيار الستاليني والتيار التروتسكي والتيار الماوي، والتي كلها باتت مفككة إلى مجموعات (شلل). والمسألة هنا لا تتعلق بصراعات سابقة فرضت هذا التشقق، بل أن كل شق بات له مرجعيته الخاصة، ومراجعه، ورؤاه و"خاصياته". ولكن أيضاً صراعاته، وحساسياته تجاه الآخرين. وله أحقيته كما يعتقد. فهل يمكن توحيد اليسار قبل فتح هذا الملف، والبحث في كل هذا التاريخ، وفي تاريخ الماركسية ذاتها؟
أيضاً، إذا كان الخلاف بين الدعوة للثورة والدعوة لـ "النضال السياسي" التي كانت الرائجة قبل الثورات، والتي كانت تشكل مجال الانقسام والخلاف بين التيارات، فكيف يمكن بلورة موقف الآن، والثورات مستمرة وتتصاعد؟ هل يمكن لمنظورات مختلفة، ومتناقضة كذلك، أن تؤسس لأرضية صحيحة في إطار الصراع الثوري الراهن؟
هذا إذا لم نشر إلى طابع الثورات، أي الخلاف بين الطابع الوطني الديمقراطي والطابع الاشتراكي للثورات، والى الإمبريالية والمسألة القومية، والصراع العالمي، ولا نريد فتح المجال لنقاش نظري أعوص.
طبعاً كل ذلك يُنسى حين هبوب العاطفة الجياشة نحو الوحدة، وهي كلها التي تجعل الوحدة قصيرة ومؤلمة. خصوصاً وأن هذه التيارات عموماً تؤسس تصوراتها على "المجردات" أكثر من فهم الواقع، والارتباط بالعمال والفلاحين الفقراء كما هو مفترض بماركسيين.
الأهداف العامة لا تكفي، فهذه ممكن أن تؤسس لتحالف مع قوى أخرى غير ماركسية في بعض الأوقات، حيث ان الوحدة تقتضي العمل المشترك، ووحدة الهدف، والتكتيك، لكي يتأسس التماسك، ويتحقق الفعل المشترك.
لهذا، ما يجب أن يُبدأ به هو "تحديد التخوم"، وتوضيح الاختلافات، وليس الركض نحو التوافق، وقبل تحديد التوافق. فالوحدة الصلبة تتأسس على المعرفة الواسعة، والتفهم المتبادل. وهذا ما يعزز التوافق، ويعمق فيه.
ليجرِ البدء من الاختلاف إذن. ولنفتح باب تحديد التخوم بدل الركض وراء "التجريدات" التي لن يكون لها معنى دون ذلك. هناك خلافات عميقة، وحساسيات أعمق، والأسوأ هو أن كل التكوين اليساري لازال منزرعاً في فئات وسطى، لازالت تعتقد بأن مصالحها هي مصالح العمال والفلاحين الفقراء، رغم الأمر يجب أن يكون معكوساً، أي أن تعبّر هي ليس عن مصالحها بل عن مصالح هؤلاء. وعلى يديها تحوّلت الماركسية إلى بضع أفكار متناثرة شكلت منها "منظومة متكاملة" هدرت الماركسية ذاتها. وتمسكت بالمنطق الصوري بدل استيعاب الجدل المادي كمنهجية تتجاوز ذاك المنطق وهي التي تؤسس لعلمية الماركسية. بالتالي بدل أن تمتلك المنهجية هذه وتنزرع وسط العمال والفلاحين الفقراء، فككت الماركسية وشوهتها وهي تجلس في "مقعدها"، ولا تريد مغادرة موقعها الطبقي.
قبل التوحيد إذن، لا بد من بناء رؤية نظرية متماسكة، تنطلق من امتلاكٍ للجدل المادي، وفهم عميق للواقع. فالرؤية غائبة، والبديل الطبقي الذي تطرحه الماركسية تلاشى، وليس إلا "التكتكة" في ما هو يومي هو ما تستطيعه، وتعودت عليه.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس للأغبياء حول الإمبريالية الروسية
- توضيحات ضرورية حول الماركسية
- الأسد أو لا أحد كأيديولوجية سلطوية
- بصدد رؤية مختلفة للعالم الماركسية والصراع الطبقي الراهن
- مصر وسوريا واليسار
- «جبهة النصرة» تمارس مهماتها
- عن التدخل الإمبريالي في سورية وعن فهم الثورة السورية
- نهاية وهم الأسلمة واستمرار دور العسكر
- الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟
- سمات النشاط الجماهيري ووضع الحركة الماركسية*
- الأسلمة في الثورة السورية
- نحو تأسيس ماركسي جديد
- النشاط العفوي وأهمية التنظيم
- عن التدخل في سورية ملاحظات على ملاحظات
- التدخل الدولي في سورية
- الاشتراكية والثورة في العصر الإمبريالي
- التوافق الأميركي الروسي و... نظرية المؤامرة
- عن «جبهة النصرة» وإنسانيتها وانضباطيتها
- عامان من الثورة
- لماذا يسيطر الإسلاميون؟ لكن أين اليسار؟


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - عن تحديد التخوم (ملاحظات حول وحدة اليسار)