|
صفحة من تاريخنا الثقافي الفلسطيني
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4261 - 2013 / 10 / 31 - 08:24
المحور:
الادب والفن
صفحة من تاريخنا الثقافي الفلسطيني شاكر فريد حسن بدأت حركتنا الثقافية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر بتاسيس بواكيرها في اواسط الخمسينات ، واستطاعت أن ترسخ جذورها في حركة الثقافة العربية وفرض أسماء أدبية ابداعية عليها ، احتلت مواقع أماميه فيها بمختلف ضروب وحقول الأدب والإبداع . وكانت الحياة الفلسطينية شهدت في تلك الحقبة حراكاً أدبياً زخماً مباركاً ، ونهضة ثقافية واسعة ، وحركة أدبية فعالة ونشطة ، تمثلت بصدور المجلات الأدبية والثقافية والفكرية كالمجتمع والهدف والفجر ، فضلاً عن أدبيات الحزب الشيوعي (الاتحاد ، الجديد، الغد) ، التي كان لها الدور الهام والفاعل والطليعي في تأطير وتنشيط حركة الأدب والنشر ، وتعميق الوعي السياسي والايديولوجي ، وصيانة هويتنا الثقافية الوطنية وتاريخنا الفلسطيني ، وحماية لغتنا العربية ، ومواجهة سياسة التجهيل والعدمية القومية السلطوية ، والمساهمة في نشر ثقافة وفكر التقدم والحرية والالتزام ، ثقافة الإنسان الطبقية الشعبية . ناهيك عن المهرجانات الشعرية في قرى ومدن الجليل والمثلث ، التي ازدهر من خلالها سوق القصيدة المهرجانية الخطابية الحماسية ، وشارك فيها لفيف من شعراء الشعب والكفاح والمقاومة ، برز منهم : سميح القاسم ومحمود درويش وراشد حسين وتوفيق زياد وسالم جبران وعصام العباسي وحنا أبو حنا وحنا ابراهيم ومحمود دسوقي وغيرهم . وكذلك انتشار المكتبات الشعبية ، أبرزها مكتبة "النور"في حيفا لصاحبها المناضل والمثقف والشاعر المرحوم داود تركي (أبو عايدة) ، التي كانت تحتوي على تشكيلة واسعة من الكتب والمطبوعات الأدبية والسياسية والاجتماعية والفكرية ، عدا عن الصحف العربية والعبرية والانجليزية . وكان يؤمها الكتاب وعشاق الحرف والكلمة الجميلة واصحاب القلم من محبي القراءة والمعرفة ، وشكلت ملتقى للكتاب والمبدعين والمثقفين منهم : علي عاشور ومحمد خاص وعصام العباسي وسميح القاسم وعلي رافع ومحمود درويش ومحمد ميعاري ويعقوب حجازي وسهيل عطاللـه ويوسف حمدان وعودة الأشهب وسواهم من المثقفين والمبدعين ورجالات الحركة الوطنية التقدمية . بالإضافة الى مكتبة الشعب أو المكتبة الشعبية في بيت الصداقة بالناصرة، التي كان يديرها الكاتب والناقد والروائي الأستاذ المرحوم عيسى لوباني ، ثم انتقلت ادارتها الى المناضل الراحل سهيل نصار . وقد اقامها الحزب الشوعي من أجل نشر وتوزيع الكتب التقدمية الصادرة في الدول الاشتراكية سابقاً ، وخاصة دار "التقدم" ، واهتمت بنشر مؤلفات التراث الماركسي الكلاسيكية ، واصدار عدد من أعمال مؤلفات كتابنا وشعرائنا ومنتجينا في هذا الوطن . وعلاوة على ذلك تأسيس وانشاء أول رابطة للكتاب والمثقفين العرب سنة 1957 ، وكان من مؤسسيها عيسى لوباني ونمر مرقص وعدنان ظاهر ، ومن اعضائها راشد حسين وحنا أبو حنا وعصام العباسي ومصطفى مرار وشكيب جهشان وحبيب قهوجي وفريد وجدي الطبري وحسني عراقي . وشهدت تلك الأيام ايضاً، مهرجانات أول أيار ، عيد العمال العالمي ، والأمسيات السياسية والثقافية والحلقات الفكرية والندوات الأدبية والشعرية ، التي كان يشارك فيها المئات بل الآلاف من أبناء شعبنا ، المتعطشين للوعي والمعرفة والثقافة والتنوير . لا شك ان مرحلة الخمسينات والستينات في حياة جماهيرنا الفلسطينية الباقية والمنزرعة في أرضها ووطنها ، من ذلك الزمن الجميل ، هي مرحلة خصبة وغنية ومكللة بالنشاط الادبي والثقافي الإبداعي ، رغم الفقر وقساوة الظروف وصعوبة الوضع الاقتصادي وقلة الموارد . وظل هذا الزخم حتى بدايات التسعينات ، حيث تلاشى الحلم الثوري وتبددت الأماني بفعل انهيار الوطن الاشتراكي وما أصابه من زلزال وتسونامي كبير . فسادت حياتنا الميوعة السياسية والخلخلة الفكرية واهتزاز القناعات الايديولوجية الثورية ، واختلطت الاوراق ، وفقدت الكلمة معناها ورونقها واصالتها ومصداقيتها ، وسيطرت عقلية الانتفاخ الذاتي والنرجسية المأزومة ، وصار كل من كتب حرفاً ونشر قصيدة في صحيفة أو موقع الكتروني وانضم الى احد التنظيمات او المجموعات الأدبية ، يعتقد بأنه أشعر من درويش والبياتي والمتنبي والمعري وشوقي وطوقان ..! . كما تهمش دور القراء بل أنهم كانوا سبباً في هذا التهميش ، ولم تعد تهم الناس أو تثيرهم الاعمال العظيمة والمنجزات الفكرية العميقة ، ولا القيم التي نافحنا في سبيلها ومن أجلها ، حتى الشهادات الاكاديمية والعلمية فقدت قيمتها وبريقها وأصبحت تشترى بالمال لتزين البيت وتزيد الراتب الشهري وترفع من غرور وانتفاخ صاحبها . ولا تسل عن المكتبات البيتية ، فقد غدت للزينة ولا تختلف كثيراً عن التحف والأواني والصحون الانجليزية ..! ان ما كتبته هو صورة نوستولوجية ، وحنين وشوق غوالي لتلك الأيام البسيطة الجميلة ، البعيدة عن المظاهر الفارغة والشكليات الخداعة ، التي لن تعود أبداً ، لان عجلة التاريخ لن ترجع للوراء وانما للأمام ، وحالنا اليوم هو افضل من القادم . ويبدو ان مقولة الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت " اجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد " لم يعد لها معنى في زماننا ، وان أجمل الأيام هي التي عشناها في الماضي .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد دكروب .. وداعاً أيها الشيوعي الاخير ..!
-
على هامش عملية الوراق الارهابية ..!
-
شفيق كبها .. الغياب القاسي !
-
اصدار عدد تشرين أول من مجلة (الإصلاح) الثقافية
-
هموم انتخابية ..!
-
مصمص يا بلدي !!
-
في أزمة مجتمعنا..!
-
التحرش الجنسي آفة اجتماعية خطيرة ، فهل نتخلص منها ؟!
-
الحالة السورية وسقوط مثقفي -اليسار- ..!
-
الإسلام السياسي ما بين الصعود والأفول ..!
-
المساجد للعبادة وليس للسياسة ..!
-
ماذا وراء الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور احمد الطيب ..؟!
-
إنهم يحرقون الكتب ويغتالون الفكر ..!
-
سوريا تصنع تاريخها ..!
-
رحيل المقكر والكاتب الفلسطيني د. فوزي الأسمر
-
نحو انتخابات السلطات المحلية ..!
-
عدد جديد من مجلة -الإصلاح- الثقافية
-
صفحة من تاريخ جماهيرنا العربية الفلسطينية / الاضراب الوطني ا
...
-
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا..!
-
في رحيل الدكتور أسامة الباز عميد الدبلوماسية المصرية
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|