أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد -جنيف 2-















المزيد.....

ما بعد -جنيف 2-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 15:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يستطع النظام السوري، القضاء على المعارضة التي انطلقت شعبياً منذ 15 مارس/آذار العام 2011 والتي تستمر حتى الآن، بصورة سلمية وسياسية وإعلامية، وإنْ أصبح قسمها الأكبر عسكرياً وعنفياً . كما أنها هي الأخرى لم تتمكّن من إطاحة النظام، على الرغم من تحالفاتها الإقليمية والدولية . ولا شكّ في أن الأزمة مستمرة والمأساة متعاظمة، خصوصاً في جانبها الإنساني، سواء عدد الضحايا الذي زاد على 100 ألف أو عدد اللاجئين والنازحين الذي تجاوز 8 ملايين إنسان، إضافة إلى تهديم البنية التحتية والمرافق الحيوية والاقتصادية .

خلال السنتين ونيّف الماضيتين لم يتمكّن أي من الفريقين من فرض شروطه على الآخر، وقد دخل العامل الإقليمي والدولي باعتباره عاملاً مؤثراً سلباً وإيجاباً، فلولاه لما كانت المعارضة، ولا سيّما المسلحة تستطيع الاستمرارية بالزخم ذاته بما فيها الجماعات الإرهابية المختلفة والمتفرعة من تنظيمات القاعدة سواءً “دولة العراق والشام الإسلامية”، أو “جبهة النصرة”، أو غيرها من مسمّيات أخرى، لبعض الجماعات السلفية التي تصبّ في الإطار ذاته، ولولا العامل الدولي والإقليمي أيضاً لما تمكّن النظام من البقاء والاستمرارية، خصوصاً في قمع المعارضة بما فيها الوطنية المدنية السلمية التي تطالب بالتغيير الديمقراطي .

وظلّت مؤسسات الدولة، ولا سيّما العسكرية والأمنية والحزبية والدبلوماسية متماسكة حتى الآن بفعل الدعم الدولي والإقليمي، وإن تعرّضت إلى انشقاقات أو انسحابات أو شهدت تمرّدات، لكنها ظلّت محدودة وأحياناً غير مؤثرة، ولا يزال الطاقم الحاكم مستمراً، حتى وإن انشق رئيس وزراء أو هرب قائد عسكري، لكن الجسم الأساسي للدولة ومؤسساتها ولا سيّما للجيش وقوى الأمن لا يزال هو الأقوى على الرغم من ضعفه .

وبفضل الدعم الدولي والإقليمي استمرّت المعارضة، خصوصاً المسلحة، ولقيت مساندة متنوّعة، من عدد من العواصم الدولية والعربية بما فيها جامعة الدول العربية التي اعترفت بها “بديلاً” عن الحكومة السورية الرسمية، بل إن بعض الدول قَبِلَ سفراء للمعارضة في سابقة دولية جديدة، كان الكثير من الدبلوماسيات الدولية، ولا سيّما العربية تعارضها، بل يتشبث بعضها بميثاق جامعة الدول العربية، الذي يحرّم التدخل بالشؤون الداخلية ويصرّ على احترام مبادئ السيادة، وقد رفض مجلس الجامعة في أوقات سابقة مناقشة أو إدراج أي بند على جدول أعماله يخصّ انتهاكات حقوق الإنسان .

ولكن النظام باعتباره “أقوى الضعفاء” لم يتمكن من الإجهاز على المعارضة أو إسكات صوتها على الرغم من تفوّقه، كما أن المعارضة بمفردها لم تتمكن من إطاحة النظام وظلّت تتطلع، إلى التدخل الخارجي لإسقاطه، بل إن بعضها يدعو إلى ذلك صراحة ومن دون مواربة، بما فيه تشجيع الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا بحجة قيام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري في الغوطة قرب دمشق .

ولعلّ الكرّ والفرّ يجعل الوضع السوري أقرب إلى مصارعة على الطريقة الرومانية، تلك التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاك الطرفين، بحيث يموت أحد الأطراف ويصل الطرف الآخر حدّ الإعياء الذي قد يؤدي به إلى الموت أيضاً .

إن السجال المستمر والتقدم والتراجع لجبهة المعارضة أو لجبهة النظام هو الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقول “لم يعد الحلّ العسكري في سوريا ممكناً” وهو ما يعكس فشل الفريقين المتصارعين من تحقيق اختراق بحيث يؤدي إلى ترجيح كفة أحدهما، كما أن العنصر الدولي والإقليمي بقدر ما يريد تحقيق مصالحه “المشروعة” وغير المشروعة، فإنه بدأ يفكّر بعد تدهور الوضع الإنساني في سوريا بحل سياسي، عسى أن يضع حدًّا لهذه المأساة من خلال تفاهمات دولية تحرص على “توازن” حقوق الجميع، الدولية والإقليمية، وتطال المعارضة والسلطة في نهاية المطاف .

ولعب الوسيط الدولي ممثل الأمين العام الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي دوراً في إقناع أطراف دولية وإقليمية وسوريّة بضرورة إجراء جولة أخرى من المفاوضات استكمالاً ل”جنيف 1”، التي تقضي تطبيق بنودها تحقيق انتقال سلمي للسلطة ومشاركة جميع الأطراف على أساس التعددية وإجراء انتخابات ديمقراطية، وبالدرجة الأساسية وقف القتال والعنف .

وافقت روسيا حليفة سوريا على عقد مؤتمر “جنيف 2” ووافقت حليفتها الأساسية إيران أيضاً، مثلما وافقت الحكومة السورية مباشرة، وتوافق واشنطن وقوى غربية وأطراف من المعارضة على اللقاء في جنيف، وهذه الأخيرة افترضت طبقاً ل”جنيف 1”، إطلاق سراح المعتقلين ووضع جدول زمني للانتقال السلمي بتشكيل حكومة انتقالية وتهيئة مستلزمات ذلك بإشراف دولي، لا سيّما من جانب الأمم المتحدة .

وكانت لقاءات وزيري خارجية روسيا وأمريكا لافروف- كيري الأساس في التفاهم الدولي الذي بدأ روسيّاً- أمريكياً، بهدف إبعاد رهان الحرب والتوجه نحو التغيير السلمي وفقاً لمسار جنيف، لا سيّما بعد مقايضة النظام السوري، الأسلحة الكيمياوية، بعدم توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا من جانب الولايات المتحدة، التي هدّدت بذلك وأصبحت قاب قوسين أو أدنى، لولا مسارعة الحكومة السورية بقبول تفكيك وتدمير الأسلحة الكيماوية والتعاون مع لجنة التفتيش الدولية، وهو الأمر الذي فعله النظام الليبي الذي كان يقوده معمر القذافي في أواسط التسعينات، مقدّماً تنازلات تتعلق بسلاحه الكيماوي ومشروعه النووي، فانتقل من كونه نظاماً منبوذاً دولياً، حيث كانت ليبيا قد تعرضت لحصار دولي منذ العام ،1993 إلى نظام بدأ يتأهل دولياً ويُستقبل زعيمه في الغرب وفي الولايات المتحدة، إلى أن جاء “الربيع العربي” الذي أطاح به وبنظامه، مثلما أطيح قبل ذلك زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر وفي ما بعد تنحيّ علي عبدالله صالح في اليمن .

وسواء انعقد “جنيف 2” أو لم ينعقد، فإننا سنكون أمام خيارات جديدة ما بعد “جنيف 2”، وهي إما “الرحيل السلس” بتفاهمات دولية وإقليمية، في سيناريو يضم أجزاءً من السلطة والمعارضة وبإشراف دولي، إدراكاً لمخاطر الانفلات الأمني على الجميع، لا سيّما في ظل وجود الانقسام المجتمعي الديني والطائفي والإثني وتأثيراته على دول المنطقة، أو خيار التأهيل الطويل الأمد، وهذا يتطلب أيضاً مشاركة وإصلاحات داخلية، مع ضمانات دولية، وبذلك أيضاً سيتم تجاوز “جنيف 2” .

لعلّ انعقاد أو عدم انعقاد “جنيف 2” سيضع الحكومة والمعارضة أمام هذين الخيارين أو أن المجابهة ستكون أكثر طولاً وأشدّ ضراوة باستمرار الحصار الاقتصادي والعسكري والسياسي وتشظي الوضع المجتمعي وارتفاع منسوب المأساة الإنسانية، خصوصاً أن الحسم لم يعد قراراً داخلياً فحسب، بقدر ما هو قرار إقليمي ودولي، ولعل تأخّر مثل هذا القرار سيجعل سوريا تعيش مصارعة على الطريقة الرومانية بكل معنى الكلمة .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟
- الإرهاب ومعادلة الأمن والكرامة
- الهجرة غير الشرعية . .الأحلام تتحوّل إلى كوابيس
- العرب وبعض تجارب الحقيقة والمصالحة
- الحقوقي والسياسي وما بينهما
- اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي
- تونس ما بعد النهضة
- من القوة الخشنة إلى القوة الناعمة !
- التفكير السياسي لسسيولوجيا المعرفة الإسلامية!
- حيرة المثقف!
- ما بعد الكيمياوي!
- في الحاجة إلى التسامح: منظور إليها عراقياً!
- اللاجئون السوريون والضربة العسكرية: متى تنتهي المأساة؟
- ساعة الصفر السورية في واشنطن!
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون


المزيد.....




- حدث جوي نادر سمح للناس برؤية الأضواء الشمالية في أمريكا؟! هل ...
- الكويت.. تداول مقاطع فيديو للحضور الأمني حول مجلس الأمة بعد ...
- واشنطن تمنح كييف حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 400 مليون د ...
- فيديو لمعلمة تصفع طفلاً من ذوي الإعاقة يثير موجة استياء في ا ...
- كوريا الشمالية تعتزم نشر راجمات صواريخ جديدة ستحدث -تغييرا ن ...
- أوكرانيا باتت وسيلة إيضاح لأصدقاء روسيا
- فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية يحمل خطرًا جديدا ...
- طلاب أمريكيون يغامرون بمستقبلهم من أجل العدالة في غزة
- هجوم شرس على بايدن بعبارة -من تظن نفسك بحق الجحيم؟-
- السلطات الأوكرانية تجلي مئات السكان غداة هجوم برّي روسي على ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد -جنيف 2-