أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي















المزيد.....

اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 00:07
المحور: المجتمع المدني
    





في 2 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام يحتفل العالم أجمع باليوم العالمي للاعنف، وهو يوم ميلاد الزعيم الهندي الكبير مهاتما غاندي مؤسس الهند الحديثة وقائد الاستقلال ورائد فلسفة اللاّعنف والمنظم لحركتها الاستراتيجية .

ومنذ العام 2008 ينعقد الاحتفال سنوياً بعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، (الدورة الحادية والستون- في 15 يونيو/حزيران 2007)، اعتبار يوم ميلاد غاندي (2 أكتوبر/تشرين الأول) يوماً عالمياً للتسامح بموجب قرارها المرقم 271/61/ARES، وجاء في قرار الجمعية العامة “إن هذا اليوم هو مناسبة لنشر رسالة اللاّعنف بما فيه عن طريق التعليم وتوعية الجمهور مع تأكيد الأهمية العالمية لمبدأ اللاّعنف والرغبة في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاّعنف” .

قدّم القرار للتصويت عليه 140 دولة، وهو أمر نادر الحدوث أن يعرض هذا العدد من الدول على الجمعية العامة مشروع قرار، وهو ما يؤكد اتساع وتنوع حجم المشاركة في تدعيم القرار الذي هو تعبير عن الاحترام العالمي للزعيم الهندي غاندي من جهة، والأهمية الراهنة لفلسفة اللاّعنف من جهة أخرى، فاللاّعنف حسب غاندي “هو أقوى قوة في متناول البشرية . إنه أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان” .

وكانت حياة غاندي وأسلوب كفاحه العنيد مصدر إلهام لحركات اللاّعنف على المستوى الكوني، تلك التي تدعو إلى احترام الحقوق الإنسانية، ولاسيّما الحقوق المدنية للبشر، المقدّمة الأولى والتي لا غنى عنها للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فضلاً عن التغيير الاجتماعي السلمي في مختلف مناحي الحياة، حيث ظلّ غاندي مخلصاً وملتزماً باللاّعنف في أقسى الظروف العنفية التي تعرّض لها الشعب الهندي على يد بريطانيا العظمى المحتلة لأراضيه .

هنا، لا بدّ من استذكار ما حصل لمسيرة الملح التاريخية العام 1930 حين استخدمت بريطانيا أقسى درجات العنف ضد الهنود، في حين ظل غاندي يجابهها بالمقاومة اللاعنفية واستخدام “الوسائل العادلة التي تفضي إلى غايات عادلة”، وهكذا حاول الجمع بين الغايات الشريفة والوسائل الشريفة، تلك التي لا يمكن أن تنفصل عنها أو تتعارض معها، إذ ليس من المعقول استخدام العنف لتحقيق السلم، وكان غاندي يؤمن بأن الهنود يجب عليهم عدم استخدام العنف أو اللجوء إلى الكراهية في كفاحهم من أجل التحرّر والاستقلال .

ومنذ غاندي الذي نحتفل بذكرى ميلاده مع العالم أجمع، تظهر الحاجة أكبر إلى اللاّعنف، لاسيّما وأن العنف لا يزال يغطّي مساحات شاسعة من العالم، ومنها بلداننا العربية، التي دفعت ثمناً باهظاً بسبب العنف والاحتلال والعدوان “الإسرائيلي” المتكرر على الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، وأدت تلك السياسات، إضافة إلى أسباب داخلية تتعلق بنظم الحكم ومساحة الحريات، إلى تعطيل التنمية ومقايضة الإصلاح والتوجه نحو الديمقراطية بسباق التسلّح الذي عرفته المنطقة والذي أدّى إلى تبديد ثرواتها، والذي استخدمته العديد من الأنظمة “مبرراً” لتكميم أفواه شعوبها ولجم تطلعاتها نحو الحرية والديمقراطية والتنمية والسلام .

لقد ارتفع منسوب العنف في السنوات الأخيرة، من خلال حركات وتيارات جهادية وأعمال إرهاب دولية ومحلية أدت إلى توتير الأجواء، بل سمّمت الهواء بفايروس العنف والإرهاب، وقد شهد العراق عنفاً لا نظير له منذ احتلاله العام 2003 تداخل فيه ما هو عدواني دولي بما هو إقليمي وداخلي، وخصوصاً في ظل نزعات طائفيات وإثنية لا تزال تعصف بالمجتمع العراقي، وتشهد سوريا اليوم عنفاً لا مثيل له، حين يسقط 100 قتيل كل يوم منذ أكثر من سنتين ونيّف وتُدمّر المرافق الحيوية والبنى التحتية والقوى البشرية المادية والمعنوية، ويرتفع حجم اللاجئين لأكثر من أربعة ملايين ومثلهم نازحون، منذراً بكارثة إنسانية مرعبة، حيث تقدّر الدوائر الدولية المختصة باللاجئين، أن الأزمة السورية هي الأكثر مأساة منذ الحرب العالمية الثانية، ولعلّها ستؤثر في جميع دول المنطقة، إنْ لم يتم وضع حد لها وإنهاء حالة العنف والتوجه صوب السلم الوطني والتحوّل الديمقراطي .

لقد استخدمت الحركة التحررية الفلسطينية وم .ت .ف جميع الوسائل العنفية واللاّعنفية لتحقيق أهدافها، لكن مقاومتها اللاّعنفية إبان انتفاضة العام 1987 وما بعدها والتي استمرت لسنوات وعرفت بانتفاضة الحجارة كانت الأكثر نجاعة والأكثر قبولاً على المستوى العالمي والأكثر فضحاً لآلة العنف “الإسرائيلية” التي بدت عاجزة أمام سلاح المقاومة الفلسطينية اللاّعنفي . ولولا مفاوضات مدريد- أوسلو وما أفضت إليه “اتفاقية أوسلو” العام 1993 لكان من الممكن إقناع أوساط واسعة على المستوى العالمي لدعم حقوق الشعب العربي الفلسطيني في إقامة دولة وطنية مستقلة على أساس حق تقرير المصير والقرارات الدولية التي تمثل الحد الأدنى لمطالبه العادلة والمشروعة ولحقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرّف .

وحسب البروفيسور جين شارب، وهو أحد المختصين في قضايا المقاومة اللاّعنفية، فإن العمل اللاّعنفي هو أسلوب يستطيع فيه الناس الذين يرفضون السلبية والخضوع والذين يرون أن الكفاح ضروري أن يخوضوا صراعهم من دون عنف، والعمل اللاعنفي ليس محاولة لتجنّب أو تجاهل الصراع، بل هو استجابة لإمكانية العمل بفاعلية في مجال السياسة، خصوصاً باستخدام القدرات بفاعلية .

لقد تبنّت الكثير من الحركات السياسية والاجتماعية، لاسيّما التي تدعو إلى السلام فلسفة اللاّعنف في نضالها من أجل التغيير الاجتماعي، سواء على الصعيد الخارجي، برفض اللجوء إلى الحرب وسيلة لحل الخلافات وعبر الحوار والمفاوضات وطبقاً لقواعد القانون الدولي، أو على المستوى الداخلي الذي يفترض موافقة الناس على قرارات الحاكم، تلك التي تقتضي تفويضها له أو سحبها منه بقدر لجوئه إلى اللاّعنف والسلم في حلّ مشكلات البلاد .

وينقسم العمل اللاعنفي إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول يبدأ بالاحتجاج ومن ثم بالإقناع بعدالة المطالب ووجاهة الأهداف وقانونية وشرعية الوسائل، مثل المسيرات والاعتصامات، أما القسم الثاني فهو رفض التعاون مع السلطات تمهيداً لنزع الشرعية عنها بالعصيان المدني، ويتم ذلك بالمقاومة المدنية السلمية للاحتلال وبعض الرموز المتعاونة معه للارتقاء بالكفاح اللاعنفي إلى العصيان المدني، أي شلّ أجهزة الدولة ومؤسساتها، والقسم الثالث يتجه إلى التدخل غير العنفي بالضد من عمليات حصار الأمكنة واحتلال المواقع، من خلال مواجهة بشرية لا عنفية ضد استخدامات العنف أو احتمالات استخدامه، مثل الدروع البشرية والاقتحامات السلمية ومواجهة العنف باللاّعنف، ولعل أسطول الحرية نموذجاً لذلك، فحين أقدمت “إسرائيل” على قتل 9 مواطنين أتراك، تحركت قوى ومنظمات دولية لاستنكار العمل العدواني “الإسرائيلي” ونشبت أزمة دولية بين تركيا و”إسرائيل” لا تزال ذيولها مستمرة حتى الآن على الرغم من اعتذار الأخيرة كما كانت تطالب تركيا .

وعلى الرغم من أن غاندي ذهب ضحية العنف حين هاجمه متطرف هندوسي في 30 يناير/كانون الثاني 1948 وأرداه قتيلاً، لكن حياته اقتربت من حد التقديس لدى الشعب الهندي بمختلف توجهاته وقومياته وأديانه وطوائفه وطبقاته الاجتماعية، لاسيّما حين اختار طريق اللاّعنف ملحقاً هزيمة بأكبر إمبراطورية في العالم، فهذا الرجل الأعزل نصف العاري، بنمط حياته البسيط وعلاقاته الحميمة بشعبه استطاع أن يؤكد للعالم أجمع أن اللاّعنف إحدى وسائل المقاومة، لا سيّما حينما حمل هذا القدر الفائض من التسامح في إنجاز مشروع التحرير والاستقلال واستعادة الحقوق .

ترك غاندي تأثيره في ما سمّي حركة اللاّعنف العالمية أو المقاومة السلمية، الأمر الذي دفع دعاة العديد من القادة إلى استلهام تجربته من مارتن لوثر كنغ إلى نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا . وحسب المطران جورج خضر: لا يمكن رد العدوانية بهجوم معاكس أي بعدوانية مقابلة، فذلك يضعف موقفك (إزاء العدو أو الخصم) .

وإذا كانت منطقتنا تتعرض منذ ستة عقود ونصف العقد إلى العدوان والإرهاب والعنف بجميع صوره وأشكاله، فإن ما تشهده منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية الإجرامية، يفوق كل أنواع العنف على المستوى العالمي، فتارة تحت تبرير أن الدين الإسلامي يحضّ على الإرهاب، وأخرى أن المنطقة بيئة خصبة للإرهابيين، وينسى هؤلاء الذين يستخدمون العنف بزعم ردع العنف، أن العنف والإرهاب لا دين لهما ولا قومية ولا جنسية ولا لغة ولا أصل، إنهما ينموان في ظروف اجتماعية واقتصادية تشجع عليهما، وقد شهد الغرب أعمال إرهاب وعنف من دون أن يتم اتهامه بالعنف بالكامل، ولعلّ نشر الثقافة الحقوقية وثقافة اللاّعنف بشكل خاص كفيل بتقليص ظاهرة العنف، خصوصاً بإزالة الأسباب التي أدت إلى استفحالها، وكان تأسيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان في العالم العربي (أونور) ومقرّها بيروت مناسبة أخرى، في ما يمكن أن يقدّمه العالم العربي لنشر ولتعميم ثقافة اللاّعنف .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس ما بعد النهضة
- من القوة الخشنة إلى القوة الناعمة !
- التفكير السياسي لسسيولوجيا المعرفة الإسلامية!
- حيرة المثقف!
- ما بعد الكيمياوي!
- في الحاجة إلى التسامح: منظور إليها عراقياً!
- اللاجئون السوريون والضربة العسكرية: متى تنتهي المأساة؟
- ساعة الصفر السورية في واشنطن!
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون
- المبدع في حضوره وغيابه
- وجها الإرهاب: القاعدة ونظام المحاصصة!
- الجامعة وهجرة العقول!
- تصادمت السياسات فانفجر الدم
- مثقف اليوم
- العراق ومشاريع التقسيم!


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور جبهة جديدة في دارفور
- تصاعد الدعوات من أجل استئناف الأونروا مهامها في قطاع غزة
- برنامج الأغذية العالمي ينتظر بناء الممر البحري للمباشرة بنقل ...
- شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والأمراض تنهك النازحين بالقطاع
- الأمم المتحدة: الآلاف بمدينة الفاشر السودانية في -خطر شديد- ...
- بينهم نتنياهو.. هل تخشى إسرائيل مذكرات اعتقال دولية بحق قادت ...
- الأمم المتحدة تعلق على مقتل مراسل حربي روسي على يد الجيش الأ ...
- مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من مخاطر ظهور جبهة جديدة في ...
- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي