أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الرسالة الأمريكية لسورية!















المزيد.....

الرسالة الأمريكية لسورية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 21:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا كان العالم يترقّب بقلق انتظار تحديد ساعة الصفر الأمريكية وبدء الهجوم على سورية، فإن الكثير من الأسئلة تحتدم وتتشابك مصحوبة بتكهنات واحتمالات عديدة، فهل سيكون الهجوم رمزياً ومحدوداً، أي باستهداف مقار قيادة ومخازن أسلحة ولا سيّما الكيمياوية ومراكز عسكرية حيوية بحيث تلحق ضرراً بالقدرات العسكرية السورية، أم أن المسألة ستكون أبعد من ذلك، وستؤدي إلى الإطاحة بالنظام أو تكون مقدمة لذلك؟ وكان الرئيس أوباما قد طلب مراراً من الرئيس السوري بشار الأسد التنحّي عن السلطة، فماذا سيحصل؟
حتى الآن فإن معظم المعطيات المتوفّرة تقول أن توجيه ضربة عسكرية إلى سورية يأتي على هامش اتهامها باستخدام أسلحة كيمياوية محرّمة دولياً أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص في الغوطتين الشرقية والشمالية. وبأن الهجوم سيكون محدوداً ومحدّداً، وستكون الضربة العسكرية بمثابة رسالة قوية إلى الحكومة السورية لعدم عبور الخطوط الحمراء التي سبق أن تحدث عنها الرئيس الأمريكي، وحذّر من مغبة تجاوزها، وهذه الرسالة تحمل معها عقوبة شديدة ردّاً على مجزرة الغوطة التي تتهم الإدارة الأمريكية الحكومة السورية بارتكابها، في حين أن نتائج تحقيقات البعثة الدولية لم تصدر حتى الآن.
ولعلّ الحوار والبحث في واشنطن جاريان بشأن إيجاد المبررات القانونية الدولية لتكييف الخطة الأمريكية، لتأتي متوافقة مع القانون الدولي، لا سيّما في موضوع استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً والذي يؤدي إلى تهديد السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن أن مثل تلك الانتهاكات تعتبر تهديداً للأمن القومي الأمريكي الذي لا تنتهي حدوده بحدودها الجغرافية ، بل يمتد ليشمل جميع دول العالم حسب ما درجت على توصيفه العقيدة السياسية الأمريكية، بحيث يصبح أي خطر وشيك أو محتمل يتهدد مصالحها في أية منطقة من العالم يمثّل تهديداً مباشراً لأمنها القومي الداخلي، وهذا يمتد ليشمل "إسرائيل" أيضاً، الأمر الذي يحتاج إلى ردّ استباقي، وكأن الخطر قائم على حدودها، وفي ذلك استقواء وتعسف وعودة للقانون الدولي التقليدي الذي كان يجيز الحق في الحرب.
الجوانب اللوجستية لبدء الهجوم تستكمل على نحو سريع وحاسم، فالقوات البحرية الأمريكية ولا سيما المدمّرات الأربعة قبالة السواحل السورية بكامل جهوزيتها وتنتظر الأوامر وتحركت باستعداد كبير مدمّرات بريطانية الى شرق المتوسط، لا سيما من القاعدة القبرصية ويستعد الفرنسيون بحماسة شديدة للعقوبة العسكرية لسوريا جرّاء استخدامها الأسلحة الكيمياوية كما برّرت باريس، ومثل هذه الاستعدادات الثلاثية الأمريكية، البريطانية والفرنسية جاءت على هامش محادثات الرئيس الأمريكي أوباما مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف لتثير نوعاً من الارتباك حدّ البلبلة في أوساط مختلفة عربية وإقليمية ودولية، عندما أجاب ردّاً على سؤال: هل ستتدخل روسيا عسكرياً لحماية سورية في حال قررت الادارة الأمريكية وحلفائها توجيه ضربة عسكرية؟ فكان جوابه: "روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد". وإذا كانت روسيا تسعى لتأمين مصالحها في سورية وفي المنطقة من خلال إعاقة استخدام القوة المسلحة للاطاحة بالنظام، لكنها وهو أمر واقعي ويتعلق بجوهر السياسة الخارجية وتوازن القوى، لا تذهب إلى حد دخول حرب من أجل سورية حتى وإن تهدّدت في مصالحها، لأنها تدرك أنها في الحرب ستخسر أكثر مما تربح، لا سيّما وإن طرف الحرب الثاني هو الولايات المتحدة.
أسئلة أخرى يطرحها موضوع الضربة العسكرية على سورية: هل ستبقى "إسرائيل" خارج دائرة الهجوم والتنسيق، بعدما أعلنت دولاً عربية وغير عربية استعدادها للتعاون على هذا الصعيد، وكانت تركيا أولى الدول التي رحّبت بخطوة من هذا النوع لردع النظام السوري ولمنعه من الانفراد بشعبه، ولكن ماذا لو استخدم النظام السوري صواريخ سكود التي ما تزال بحوزته، تلك التي لها قدرة على ضرب العمق "الإسرائيلي"؟ ثم ماذا لو دخلت إيران وحزب الله، المعركة لا سيما وأن الأخير يمتلك صورايخ على بعد " شمرة عصا" من العمق "الإسرائيلي"؟
ويقدّر أن يشمل الهجوم الغربي على المواقع السورية، تدمير نحو 80% منها، مشددة أن الغاية هو ردع النظام السوري من استخدامها. وقد رأت صحيفة هآرتس "الاسرائيلية" الواسعة الانتشار أن إسرائيل لم تعد بعيدة عمّا يجري في سوريا، وكان بنيامين نتنياهو قد دعا إلى فكرة العمل العسكري الغربي مشيراً إلى مخاوف استمرار الرئيس الأسد في الحكم الذي هو حليف ستراتيجي لإيران، مؤكداً أن إسرائيل لن تقف مكتوفة اليد أو متفرجة على ما يجري، مشيراً إلى دور حزب الله ونقل السلاح إليه من سوريا.
قد لا تنتظر الولايات المتحدة الحصول على ترخيص دولي للقيام بعملياتها العسكرية ضد سوريا، وقد جاء مبرر استخدام الأسلحة الكيماوية، ليضيف إليها رصيداً جديداً في اتخاذ قرار حاسم بتوجيه ضربة عسكرية، وقد حصل مثل الأمر إبان السيناريو العراقي لإعلان الحرب من طرف واشنطن، فعند عدم تمكن واشنطن من استحصال قرار دولي لغزو العراق بعد اعتراضات روسية وتحفظات ألمانية وفرنسية وصينية، صدر القرار 1441 في تشرين الأول (اكتوبر) العام 2002، وإن تضمن شروطاً حاسمة ضد النظام العراقي، لكنه لم يذهب إلى حد تفويض واشنطن لتجهيز خطتها العسكرية مشفوعة بموافقته لغزو العراق.
ولهذا اضطرّت واشنطن إلى جمع حشد كبير من حلفائها لغزو العراق، ضاربة عرض الحائط التحفظات الدولية، ومخالفة قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية، ثم لجأت إلى الأمم المتحدة طالبة مساعدتها في إصدار قرار، باعتبارها "قوة احتلال" ينطبق عليها اتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الإنساني، وهو ما حصل حين صدر القرار 1483 في 22 أيار (مايو) 2003، وبذلك تم تقنين الاحتلال وإضفاء شرعية عليه، وهو ما ينبغي أن يؤخذ بالحسبان في السيناريو السوري، إذ أن المسألة العراقية اتجهت وفقاً لهذا السيناريو، الذي يبدو اليوم أكثر قرباً إلى الواقع السوري.
وقد تذهب الولايات المتحدة وبتشجيع من تركيا وتحت عنوان حماية المدنيين إلى إعلان ملاذ آمن في شمال سورية وجنوبها وهو ما تطالب به الجماعات المسلحة وبعض أطراف المعارضة لمنع وصول النظام إليها، وهو السيناريو الذي اتّبع عراقياً في منطقة الملاذ الآمن في شمال العراق (كردستان) safe haven وفي منطقة الحظر الجوي No Fly Zone في جنوبه.
ومع استمرار الحصار الاقتصادي والضغط السياسي والحظر العسكري يمكن أن يصل الأمر إلى تآكل النظام السياسي وتمزّقه، لا سيّما على قاعدة التشظي الديني، مسلمون ومسيحيون، والتشظي القومي، عرب وأكراد، والتشظي الطائفي، علويون وسنّة ودروز وتفريعات أخرى لهذه العناوين جهوياً ومناطقياً، في إطار مشروع تقسيم كبير لا يخصّ سورية وحدها، بل عموم دول المنطقة.
وإذا كان الحكم في العراق قد دخل الحرب بلا حلفاء داخليين، حيث ظلّ حتى اللحظة الأخيرة يرفض التنازل لشعبه، فإن الحكم السوري ليس بعيداً عن هذا التعنت، فحتى من هم يدافعون عن سوريا ضد التدخل الخارجي، تعرضوا إلى ما تعرض إليه الشعب السوري ودفعوا ثمناً باهظاًَ.
وقد انقسم العالم العربي إلى فريق يؤيد الحرب للقضاء على الدكتاتورية ولوقف المجازر والارهاب وهو لا يرى أية امكانية للحل السلمي والسياسي بإزاحة النظام، وفريق يقف ضد الحرب حتى ولو بقي النظام واستمرّ الحال، بمبرر أن العدوان الخارجي سيكون أكثر خطراً من الطغيان الداخلي. وتلك محنة لكثير من المثقفين العرب في الأزمة العراقية حين وقعوا تحت ضغط الفريقين، وهو ما يتكرّر في اليوم في المسألة السورية، حيث كانت قلّة قد اتخذت موقفاً ضد الطغيان وضد العدوان، الأمر الذي يتطلب حملة عربية ودولية لنزع الفتيل بالعودة إلى مؤتمر جنيف 2 على أساس الانتقال السلمي للسلطة وإجراء انتخابات ديمقراطية يإشراف دولي، مقابل ضمان عالمي لوقف العمل العسكري والسعي لعدم توسيعه فيما لو حصل، ويمكن اعتماد فترة انتقالية تتولى فيها أطراف المعارضة مع بعض أطراف من السلطة مقبولة من المعارضة، لغرض التهيئة للانتخابات العامة وكتابة دستور مدني والتوجّه لوضع حدّ لاستخدام السلاح. ولعلّ من قرأ التجربة العراقية جيداً يدرك حقيقة ما وصل إليه الوضع العراقي من مأساة مستمرة على الرغم من مرور عشر سنوات ونيّف على الاحتلال.
إن طبول الحرب تدقّ على الأبواب، بل فوق الرؤوس وتسير الخطط العسكرية على نحو حثيث، الأمر الذي ينذر باحتمالات امتدادها لعموم المنطقة، لا سيما تفريعاتها الخطيرة ومع ذلك فإن السيناريو العراقي سيظل ماثلاً، بما فيها مغامرة واشنطن خارج نطاق القانون الدولي الذي عرّضتها إلى ردّ فعل كبير ضد سياساتها داخلياً وأثارت الرأي العام الأمريكي والأوروبي ضدها، فاضطرت إلى الانسحاب بعد تعرّضها إلى خسائر كبيرة مادية ومعنوية، ثم جاءت الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة لتدفع واشنطن إلى المزيد من التراجع على المستوى العالمي. فهل سيتكرر السيناريو العراقي وماذا بعده؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون
- المبدع في حضوره وغيابه
- وجها الإرهاب: القاعدة ونظام المحاصصة!
- الجامعة وهجرة العقول!
- تصادمت السياسات فانفجر الدم
- مثقف اليوم
- العراق ومشاريع التقسيم!
- آفة التمييز العنصري: هل من علاج؟
- لاهاي وهاجس العدالة!
- نشيد موطني والأَخوَان فليفل
- 45 مليون لاجئ يؤرقون العالم
- مكبّ النفايات الأمريكية
- العدالة الانتقالية: مقاربات عربية للتجربة الدولية!
- العدالة الانتقالية: عفو مستتر أم آلة انتقام؟
- شرنقة الفصل السابع
- دبلوماسية حقوق الإنسان
- النهضة والمشروع النقدي
- الزيوغانيفية ولعبة الكراسي


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الرسالة الأمريكية لسورية!