أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - شرنقة الفصل السابع















المزيد.....

شرنقة الفصل السابع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4143 - 2013 / 7 / 4 - 20:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد 23 عاماً خيّمت بثقلها وقسوتها على العراق أصدر مجلس الأمن الدولي في 27 حزيران (يونيو) 2013 قراراً برقم 2107 اعتبر "تاريخياً" يقضي بإخراجه من طائلة العقوبات الدولية المفروضة عليه بموجب الفصل السابع، منذ غزو الكويت في العام 1990، لا سيّما بعد تسوية ملفات كانت عالقة مع الكويت تتعلق بتثبيت الحدود بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 الصادر في 27 أيار (مايو) 1993 وإنهاء ملف الخطوط الجوية العراقية بدفع العراق تعويضات مناسبة، وتعهّد العراق باستمرار دفع التعويضات من واردات النفط والتي لم يبق منها سوى ما يقارب 11 مليار دولار، وكان العراق طيلة السنوات الماضية يدفع 5% تعويضات للحكومة الكويتية.
وقد صوّت أعضاء مجلس الأمن الدولي البالغ عددهم 15 عضواً بالإجماع على القرار 2107 الذي قضى: بأن قضية المفقودين الكويتين (البالغ عددهم 260) والأرشيف الكويتي والممتلكات المفقودة، ينبغي أن يتم التعامل معها ضمن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحل النزاعات بصورة سلمية، بدلاً من الفصل السابع الذي يجيز استخدام إجراءات عقابية تصل إلى التدخل العسكري.
ولعلّ موقف مجلس الأمن الدولي هذا، يأتي استكمالاً لقرار اتخذه في 22 كانون الأول (ديسمبر) 2008 برقم 1859 وانسجاماً مع متطلبات تسوية الملفات الخاصة بالكويت، فقد تقرر بموجب القرار 1859 الذي صدر بالاجماع أيضاً ومهّد للقرار 2107 إنهاء ولاية القوات متعددة الجنسية من العراق، ليكون العراق في وضع دولي مشابه لذلك الذي كان عليه قبل صدور قرارات مجلس الأمن الدولي والتي بلغت نحو 60 قراراً منذ العام 1990 ولغاية الاحتلال العام 2003، وما يزيد عن ثلاثة عشر قراراً بعد احتلال العراق، حيث بلغت مجموع قرارات مجلس الأمن أكثر من 73 قراراً.
وقد صدرت هذه القرارات جميعها ضمن الفصل السابع باستثناء القرار 688 الذي صدر في 5 نيسان (ابريل) 1991 الخاص بكفالة احترام حقوق الإنسان ووقف القمع الذي تتعرّض له المنطقة الكردية وبقية مناطق العراق، وهو ما أطلقت عليه في حينها "القرار اليتيم"، ثم "القرار التائه والمنسي"، خصوصاً وأنه ظلّ حبيس الأدراج في حين أصرّت الولايات المتحدة على تطبيق جميع القرارات الدولية المذلّة والمجحفة بحق العراق.
وجاء قرار مجلس الأمن الرقم 2107 بعد توصيته من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إثر مذكرة مشتركة وقعها كلٌّ من العراق والكويت، أشارت إلى اتفاقية وقّعها البلدان بهذا الشأن، وذلك بعد زيارة رئيس مجلس الوزراء الكويتي سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح إلى بغداد 12 حزيران (يونيو) 2013.
وتعدّ هذه الخطوة دعماً سياسياً للحكومة العراقية، لا سيّما بعد عشر سنوات من الاحتلال، فالعراق موضوعياً لم يعد يهدّد أحداً من جيرانه أو يقوم بخرق قواعد القانون الدولي، وقد أوفى بالتزاماته المنصوص عليها في القرارات الدولية ويتعهّد باستكمالها، لكن ثمة إشكالات فنية لا بدّ من مواجهتها، لإنجاز إخراج العراق كلياً من طائلة الفصل السابع، وتحرير إرادته السياسية وأمواله وثرواته.
الإشكالية الأولى تتعلق بصندوق تنمية العراق الذي أنشئ بعد الاحتلال بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 والصادر في 22 أيار (مايو) 2003 وبموجبه تم "شرعنة" الاحتلال، وهي الصيغة التي تم تغييرها لاحقاً بموجب ما سمّي قرار نقل السيادة رقم 1546 الصادر في 8 حزيران (يونيو) العام 2004 والذي أطلق اسم القوات متعددة الجنسية على قوات الاحتلال، لكنه لم يحسم موضوع السيادة التي ظلّت معوّمة، علماً بأن القرار 1859 الذي صدر وبعد توقيع الاتفاقية العراقية- الأمريكية، كان قد أبقى على صندوق تنمية العراق لمدّة عام جرى تمديدها لاحقاً.
وبالعودة إلى إشكاليات الفصل السابع فقد برّرت الجهات العراقية المسؤولة عشية التوقيع على الاتفاقية العراقية – الأمريكية في 14/12/2008 أن ذلك سيؤدي إلى خروج العراق من طائلة العقوبات المفروضة عليه منذ العام 1990 بموجب الفصل السابع، حتى بدا التوقيع على الاتفاقية وكأنه مقايضة للخروج من طائلة الفصل السابع. وفي الوقت الذي كانت فيه الاتفاقية أقرب إلى عقد إذعان بين طرفين غير متكافئين أحدهما قوي ومحتل والآخر ضعيف ومحتلة أراضيه، ظلّ الفصل السابع قيداّ مكبّلاً للسيادة العراقية المعوّمة والمجروحة، وكأنه عقوبة مؤبدة ولا إنسانية، وزاده إشكالاً وجود أموال عراقية مجمّدة.
لم تحرّر الاتفاقية العراقية- الأمريكية أموال العراق المجمّدة، كما لم تعيد العراق إلى وضعه القانوني الذي سبق غزو الكويت. ولكن القوات الأمريكية بعد ثلاث سنوات (أواخر العام 2011) اضطرّت للانسحاب لاعتبارات أخرى منها: الخسائر المادية والعنوية التي تعرّضت، ولا سيّما الخسائر البشرية، وضغط الرأي العام الأمريكي بشكل خاص والغربي بشكل عام المناوئ للحرب، وبالتالي لاحتلال العراق، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة التي تعرّضت لها الولايات المتحدة، خصوصاً بانهيار مصارف كبرى وشركات عملاقة.
ولذلك لم يعد بإمكان واشنطن البقاء العسكري في العراق وإن كانت اتفاقية الإطار الاستراتيجي المفتوحة وغير المحددة بزمن تضمن لها بقاءً تعاقدياً يمنحها صفة الدولة الأكثر رعاية والتي تستطيع أن تفرض الكثير من تأثيراتها فيما يتعلق بالسلاح والنفط والجوانب الاقتصادية تحت عناوين "التحالف" و" التعاون" و" تبادل الخبرات".
وقد حاولت واشنطن بعد تغيّر صفة الاحتلال الإبقاء على طبيعته ومهماته، وذلك باستبداله من احتلال عسكري إلى احتلال تعاقدي ومن احتلال بالقوة إلى احتلال ناعم ومن احتلال لم يحظ بالشرعية الدولية إلى احتلال "مشرعن" بموجب القرار 1483 الصادر في 22/5/2003، لكن ذلك كله لم يمكّن القوات الأمريكية المحتلة من البقاء في العراق أو فرض الهيمنة على شعبه الذي جابه الاحتلال بالمقاومة المدنية السلمية والعنفية والاعتراض بجميع أشكاله.
وظلّت حماية أموال العراق من المطالب الأمريكية التي تقدّر بتريليون دولار (1000 مليار دولار) مستمرّة وهو الأمر الذي يحتاج إلى تسوية سياسية، خصوصاً وأن هذه التعويضات تتحمل فوائد قد لا تنتهي لسنوات طويلة، وهو ما عبّر عنه بواقعية وزير الخارجية هوشيار الزيباري في حينها عند طلب الإبقاء على صندوق تنمية العراق، حتى بعد صدور القرار 1859.
ولعلّ موضوعاً من هذا القبيل بحاجة إلى عمل وطني عراقي موحّد في إطار جهود دبلوماسية وحقوقية حكومية وغير حكومية بما فيها من جانب منظمات المجتمع المدني تطالب واشنطن بإلغاء مطالبتها بالتعويضات وفوائدها، إذْ أن ما حصل للعراق بسبب الاحتلال من تدمير مادي ومعنوي وخسائر بشرية، وهو ما يحتاج إلى تعويض وليس العكس، وللأسف فإن توقيع بغداد على الاتفاقية العراقية-الأمريكية واتفاقية الإطار الاستراتيجي، أسقط هذا الملف من المطالب والحقوق العراقية المشروعة والقانونية.
أما مصدر هذه الديون، فقد جاءت من حق كل أمريكي أكان عسكرياً أم مدنياً الادعاء بأنه تضرّر جراء الحرب على العراق، سواءًا احتجز أو اعتقل أو تم أسره أو أهين، بما يحق له المطالبة بالتعويض، وقد حصل بعض الأسرى الذين أسقطت طائراتهم أيام الحرب على العراق العام 1991 بقرار قضائي على مبلغ قدره مليار دولار، وكان القرار 1483 قد نص على استلام جميع عائدات النفط ومراقبة صرفها من قبل الحكومة العراقية، من قبل الصندوق الذي يشرف عليه ممثلون عن الأمين العام للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وممثل عن الحكومة العراقية.
ولعلّ استمرار صيغة الصندوق يعني إن مفعول الفصل السابع، لم ينته كليّاً وتلك إشكالية لا بدّ من التوقف عندها وهو أمر يحتاج إلى حسم للبت في موضوع التعويضات غير الكويتية، إضافة إلى تقييد صادرات العراق وتصنيعه، ولا سيما حقه في التسلح، وهي إشكالية ستبقى في إطار متابعة تنفيذ متطلبات الفصل السابع والقرارات الدولية سلمياً، وفي إطار الفصل السادس.
وثمة إشكالية أخرى ليست على الدرجة ذاتها من الأهمية تتعلق الصلاحيات التي منحها القرار 1770 الصادر بتاريخ 17/5/2007 للأمم المتحدة لتوسيع دورها في التطور الداخلي فيما يتعلّق بالنظام الإقليمي والاداري والقضائي والاحصائي ومواعيد وشكل الانتخابات، إضافة إلى اللاجئين وحقوق الانسان، وهو وإن كان دوراً إيجابياً استشارياً وإيجابياً حتى الآن، لكنه قد يدفع ببعض التجاذبات الداخلية إلى الاستقواء به وإلى إدامة بعض الصراعات.
لقد تآكلت شرنقة الفصل السابع وتقطّعت خيوطها الأساسية وبقي ضرورة إزالة كل بقاياها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، لإعادة العراق إلى مكانه اللائق كعضو مؤسس في الأمم المتحدة وعنصر فاعل لحفظ سلم وأمن المنطقة وعامل من عوامل الاستقرار والتوازن، وهو ما يضمن له دوراً تنموياً وحضارياً لائقاً!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دبلوماسية حقوق الإنسان
- النهضة والمشروع النقدي
- الزيوغانيفية ولعبة الكراسي
- الاختفاء القسري قضية إنسانية
- بصمات الفوضى وإرث الاحتلال
- السويد والآذان !!
- عن العدالة الانتقالية
- الدستور مليء باختلالات وألغام انفجرت بعضها وستنفجر غيرها
- عن الكرد والنجف والثقافة
- الطائفية وانعكاسات الجغرافيا السياسية
- التفكير الديني وفقه المعرفة
- حكاية الحوار العربي- الكردي
- المثقف ونقد الثورة
- -إبادة- التعليم!
- بول وولفويتز ورسائله المثيرة
- حقوق الإنسان: سلاح ذو حدين
- بغداد عاصمة الثقافة العربية!!
- الثورة ومبادرة حكم القانون
- حلبجة ورائحة التفاح
- التغيير والتنوير


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - شرنقة الفصل السابع