حمزة الشمخي
الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 12:05
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إهتمت وسائل الإعلام المحلية والدولية إهتماما كبيرا وإستثنائيا، بعرض صور جديدة للدكتاتور صدام في سجنه وبأوضاع مختلفة ، حيث أصبحت حديث المهتمين بالسياسة وعموم الناس، وعلق البعض عنها، بأن عرضها بهذا الشكل للسجين صدام وهو نصف عار من الملابس، تتنافى مع حقوق الإنسان السجين وتتعارض مع القوانين الدولية لحرمة السجين في سجنه ، وفسرها البعض الآخر بأنها أمر طبيعي، لأن الدكتاتور صدام قد كان يظهر عاريا كالصور ذاتها تماما أمام شاشات التلفاز، ويمارس السباحة بشكلها الإستعراضي لكي يثبت لشعب العراق، بأنه لا زال موجودا ويحكمهم بالقوة .
أما الحدث الآخر الذي شغل العالم أيضا، فهو يتعلق بما مدى صحة المعلومات عن الوضع الصحي للإرهابي أبي مصعب الزرقاوي ، وهل إنه لا يزال حيا ؟؟، بعد نشر الأخبار عن إصابته بجروح خطيرة ، وإحتمال وفاته أثر ذلك ، أو إنه قد نقل الى بلد مجاور للعراق من أجل العلاج، والى آخره من هذه الروايات التي إهتمت بها كل وسائل الإعلام .
يبدو إننا نعيش في عالم يجعل من بعض القضايا الثانوية التي لا تشبع جوعان ولا تكسي عريان ولا تحقق الأمان في مقدمة إهتماماتنا وتطلعاتنا ومصالحنا ، وإلا ما معنى أن تنشغل كل المنظومة الإعلامية العربية والدولية، وتشغلنا معها أيضا بصور صدام وملابسه وكأنه السجين الوحيد في عالمنا هذا ، أو تبث الأخبار لحظة بلحظة حول موت أو بقاء الإرهابي الزرقاوي ، وكأن موته هو الذي سوف يوقف الإرهاب والإرهابيين في العالم ويقضي عليهم الى الأبد ، نعم إنه سيساهم بإضعاف قدرة هؤلاء القتلة، ولكنه لا ينهيهم تماما كما يعتقد البعض، لأن هذه الزمر الإجرامية لها إمتداداتها وعلاقاتها المحلية والإقليمية والدولية، والتي لا يمكن أن تنتهي بنهاية الفرد حتى لو كان أحد قادتها .
إن المرء يستغرب شديد الإستغراب، عندما يجد السلطة الرابعة لا تهتم بقضايا الناس الحياتية ومعاناتهم اليومية وحرمانهم من الحريات والديمقراطية وإنتشار الفقر والمجاعة والتشرد والإمية في عموم منطقتنا العربية بقدر إهتمامها بالأيام الفائتة بمجرمي العصر صدام والزرقاوي .
نحن اليوم بحاجة الى وسائل إعلام صادقة وأمينة، وبعيدة كل البعد عن الإثارة الإعلامية، والتي لا تخدم الإنسان لأنها لا تعرض الحقيقة له كما هي، وتدخلنا في عالم المسلسلات الخيالية التي لا تنتهي، وتشغل الجميع بما لا يفيد ولا ينفع ، وهذا ما حدث بعد نشر صور السجين صدام والأخبار المتضاربة عن مصير المجرم أبي مصعب الزرقاوي والتي أصبحت حديث الناس ، وكأنها مفاتيح لحل مشاكلنا وهمومنا ومصائبنا التي تزداد يوما بعد آخر، في العراق الصابر المكافح بشكل خاص وعموم منطقتنا بشكل عام .
#حمزة_الشمخي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟