أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد جميل حمودي - ثورة في التعليم أم على التعليم؟!














المزيد.....

ثورة في التعليم أم على التعليم؟!


أحمد جميل حمودي

الحوار المتمدن-العدد: 4237 - 2013 / 10 / 6 - 20:00
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


منذ أيام حضرت دورة في علم المخطوطات وتحقيق التراث (دورة عامة) حاضر فيها العديد من الأكاديميين المصريين والسوريين والمغاربة قُصد بها تقريب التراث والتعامل معه للمثقف العام! ورغم ما قدمته هذه الدورة من فائدة في مجال الاختصاص إلا أنها من وجهة نظري أبعدت المهتم بالتراث عن هذا التراث نفسه! لأنها قُدّمت بطريقة تقليدية لا تقوم على التفاعل والتعلم التعاوني وإنما على طريقة المحاضرة والاتجاه الواحد (مرسل فقط)، سوى فسح المجال لبعض الحضور بطرح الأسئلة آخر المحاضرة التي يجاب عنها بعجل، وليس فيها استخدام للوسائط المتعددة، وليس فيها زيارة عملية لإحدى مكتبات المخطوطات مثل دار الكتب المصرية وغيرها للتعرف عن قرب على كيفية التعامل مع هذا الفن والعلم اليتيم بآن واحد.

البارحة وقع بالصدفة بين ناظريّ فيلم "EUC" يعالج مشكلة التعليم الجامعي وقضية البيداغوجيا التعليمية/طرق التدريس التي تستهدف تسلط المعلم على تلامذته وانتشار "ثقافة التلقين" الذي سماه باولو فريري- المربي البرازلي- بالتعليم البنكي، بمعنى أن هدف التعليم التقليدي حشو ذهن التلاميذ بالمعلومات دون تركيزها على مخرجات التعليم التي تلبي متطلبات سوق العمل، في حين أننا بتنا في "مجتمعات الممارسة" Communities of Practice التي تركز على المهارات التي ينبغي أن يكتسبها المتعلم لينزل بها إلى الواقع. وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الشباب الذين يقومون بإنشاء جامعة خاصة بعد فشلهم في الحصول على نتائج مرتفعة بالثانوية العامة، ثم يكشفون من خلال هذه الجامعة الكثير من الأخطاء والمعوقات في النظام التعليمي، والتي تؤثر على حياتهم الشخصية. وبعد ذلك تكتشف الدولة هذه الجامعة الوهمية- من وجهة نظر القائمين على التعليم- وتُقّدم أبطال الفيلم للمحاكمة القضائية، وينتهي الفيلم نهاية تراجيدية حيث تسيطر وزارة التعليم العالي على الجامعة، وتعود حليمة لعادتها القديمة! حيث يعود الأسلوب التقليدي وأسلوب الملخصات وسيطرة الأستاذ على الطالب، وكأن الكاتب يريد أن يقول لنا أن التعليم "الحزين" سيتسمر كما هو دون جدوى!

لقد بشّر "ايفان اليتش" Ivan Illich ، الفيلسوف الأمريكي، منذ عقود بفكرة الثورة على التعليم من خلال كتابه "مجتمع بلا مدارس" Education Without School ما عرفت بعد ذلك بـ "اللامدرسية" والتي أنتجت نوعا من التغيير وفرته تكنولوجيا المعلومات مثل التعلم الذاتي وتعليم الكبار والتعلم الإلكتروني الذي بات بديلا جزئيا عن التعليم التقليدي. ويرى إيليش أن المدرسة في كل مجتمعات اليوم تمثل خطرا على هذه المجتمعات. كونها تحولت كمؤسسة تربوية إلى أداة تطويع تسلب الإنسان كل أسلحته التي تمكنه من الحياة الحرّة الكريمة، لتجعل منه كائنا بلا إرادة وبلا اختيار يقبل كل ما يعرض عليه في سلبية وعجز تام. ما يعني أننا نحتاج إلى ثورة حقيقية على التعليم القائم الذي يهدف إلى تحصيل الشهادات أو الوثائقية Credentialism خصوصا الدرجة الأكاديمية، والتي تعمل على تحديد سياسات التوظيف أو الترقية، حيث استندت السياسات التعليمية على عدد من الافتراضات حول التعلم، على سبيل المثال، القبول الصريح بأن التعلم هو المعني أساسا باكتساب شكل المعرفة أو المهارات المبررة بالمؤهلات Qualifications، والقبول الضمني لبعض الأفكار المؤكدة حول عملية التعلم، والتي تمتد جذورها في علم النفس المعرفي. ونتيجة ذلك ظهرت أشكال أخرى من اكتساب المعرفة التي هي جزء لا يتجزأ من الواقع أو تقع في أنواع مختلفة مما يسمى بـ "مجتمعات الممارسة" Communities of Practice (على سبيل المثال، الأوساط العلمية، والأوساط المحلية على الانترنت). وهكذا، فإن التعلم عملية دينامية اجتماعية تتضمن الأفراد الذين لديهم فرص للمشاركة في الممارسات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بـمجتمعات الممارسة المختلفة.

والسؤال هل عجز العقل البشري عن إبداع التعليم الجديد من حيث البنية والوظيفة على خلاف الذي نراه اليوم؟! وأصبحنا نرى علماء لا معلمين ومتلقنين لا باحثين منتجين! ولماذا تصر النخب الأكاديمية والسياسية الإبقاء على هذه العلاقة الرأسية بين الأستاذ ومعلمه؟! البعض يؤوّلها على أنها جزء من السلطوية التربوية المستمدة من السلطوية الثقافية التي ورثناها عبر قرون، والبعض الآخر يؤوّلها على أنها مقاومة من الأساتذة للأنماط الجديدة التي ممكن أن تتأثر بها مصالحهم! فلو انتهى اكتساب العلم بطريقة التدريس البيداغوجي فكيف سيعتاش هذا الأستاذ؟! والتأويل الثاني هو الأقرب إلى الصحة نظرا لأن نظام التعليم الحالي هو نظام عالمي تأثر بالتربية الغربية، وأن هذه المقاومة للتغيير الجذري للتعليم ظاهرة عالمية ليست خاصة بالمجتمع العربي.

لقد حاولت كتابات عديدة أن تدعوَ لثورة على التعليم، مثل كتابات المدرسة النقدية في علم الاجتماع، ولكن يبدو أن لا جدوى من ذلك! فقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي! ما يعيد للأذهان رواية تولستوي "موت ايفان إيليتش" والتي تتناول تيمة الموت، و ينتقد من خلالها تولستوي تفاهة حياة الطبقات المتوسطة للمجتمعات التي تلت الثورة الصناعية، وتسرد الرواية كيف يحول احتضار بطيء ومعذب، حياة موظف ناجح اجتماعيا، إلى وعي مؤلم بتفاهة حياته و بزيف علاقاته الأسرية و الاجتماعية. ورغم أن المطابقة الزمنية الموضوعية بين موضوع الرواية وزمن إنتاجها وبين ايفان اليتش صاحب اللامدرسية- والذي ولد بعد تولستوي بعقود- غير مباشرة إلا أن المأساة واحدة، وما زالت مستمرة مأساة الإنسان في العصر الصناعي الذي كوّنته الرأسمالية المتوحشة، رغم ما يقال ويقال عن مجتمع المعرفة وعصر المعرفة وغير ذلك من العناوين البرّاقة.



#أحمد_جميل_حمودي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ملالة- والبروميثية الغربية
- هل هناك بوادر حرب طائفية في المنطقة ؟!
- العدالة الانتقالية والربيع العربي
- عقوبة الفئة الصامتة.. من وحي الثورة السورية
- صعود تركيا كقوة إقليمية
- جودة التعليم الجامعي في ماليزيا: دراسة حالة جامعة المالايا
- الربيع العربي: ما الذي يعني بالنسبة لنا؟
- تسمية جمعة -من جهز غازيا فقد غزا- بين تصويب اللغة وشرعية الح ...
- دعوة للحوار حول -مطالب الثورة السورية-
- عام على الثورة السورية.. الحالات الراهنة والمستقبلية
- عيد يبحث عن وردة
- ماذا بعد تفجيرات حلب؟ مستقبل الجيش الحر..
- بعد الفيتو.. البدائل الممكنة لإسقاط النظام
- هل الورقة العربية ورقة النظام السوري بامتياز؟ -رؤية تحليلية-
- سورية وسيناريوهات التغيير
- مخيم اللاجئين.. المعادلة الصعبة
- النظام السياسي في سورية بين دستور الحاكم ودستورية الحكم: نحو ...
- الله... لماذا؟ رؤية نقدية (الجزء الأول)
- النمط القيادي والاتصال الاداري بالمدارس الثانوية
- الاعتماد الجامعي في ضوء متطلبات عصر المعرفة


المزيد.....




- -لم يتغير شيء-.. إيران تحاول إعادة تسليح وكلائها في العراق و ...
- وجه رسالة للبدو والدروز بسوريا.. الكلمة الكاملة لأحمد الشرع ...
- فيديو منسوب لـ-اشتباكات عشائر بدوية- مع مسلحين دروز بالسويدا ...
- بريطانيا ترفض دفع تعويضات للأفغان الذين تعاونوا مع القوات ال ...
- إصابة 30 شخصا في حادث دهس بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية
- رغم إعلان وقف إطلاق النار.. تسجيل عدد من الخروقات في السويدا ...
- التوترات تزداد في أوروبا.. 49% من الألمان يرون في روسيا تهدي ...
- ندوة بعنوان “ما زلنا نقاوم” بمناسبة الذكرى الـ 53 لاستشهاد ا ...
- محمد باسو: -دائمًا ما أبحث عن المواضيع التي تمسّ جوهر اهتمام ...
- سنغافورة تتعرض لهجوم سيبراني خطير وسط اتهامات للصين وبكين تن ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد جميل حمودي - ثورة في التعليم أم على التعليم؟!