أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جورج كتن - الهولوكوست اليهودي : حقيقة أم أسطورة















المزيد.....

الهولوكوست اليهودي : حقيقة أم أسطورة


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1209 - 2005 / 5 / 26 - 10:34
المحور: حقوق الانسان
    


أثارت الإبادة النازية لملايين اليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية جدلاً في أوساط مؤرخين وكتاب غربيين، رأى بعضهم أنه جرت مبالغة في أرقام ضحاياها وفي نوعية وسائل الإبادة. واستنادأ إلى هؤلاء، وهم قلة، شكك كتاب عرب بحدوث المحرقة –الهولوكوست-، وذهبوا إلى أنها أسطورة زائفة اخترعتها الصهيونية العالمية لتبرير إقامة دولتها في فلسطين، مستندين بشكل خاص للمفكر روجيه غارودي الذي نشر كتاباً حول "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية".
بينما آخرون شككوا بالعدد الرسمي المعلن للضحايا على أنه أقل بكثير من 6 ملايين، أو أن الملايين المبادة بالاستناد لنظرية تفوق الجنس الآري، ليست من اليهود فقط بل من شعوب أخرى، أو أنه لم يثبت عملياً استخدام غرف الغاز للإعدام في معسكرات الاعتقال النازية، وأن وجودها لاستخدامها في تطهير الملابس والأدوات الشخصية للجنود لمنع انتشار الأوبئة.
كما أن المحارق الموجودة لم تستخدم للإبادة بل لحرق جثث القتلى من المسجونين ومن الألمان أيضاً لمنع انتشار الأمراض. وأضافوا اتهاماً للحركة الصهيونية بالتعاون مع النازية بإجراء لقاءات بين قادة صهيونيين ومسؤولين ألمان قبل بدء الحرب للمطالبة بتسهيل هجرة اليهود كمصلحة مشتركة بين النازية والصهيونية. وجرى اتهام بعض القادة الصهيونيين بالمشاركة في عملية الإبادة، لأن مصلحتهم حمل اليهود الباقين على النجاة بأنفسهم، ولإقناع العالم بأن الحل الوحيد لإنقاذ اليهود، دعم قيام دولتهم.
ورغم استخدام الإبادة النازية ليهود أوروبا بين مبررات أخرى لإقامة دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، فهي جريمة ضد الإنسانية، لا يقلل من بشاعتها عدد أقل من الضحايا، فالعدد دائماً مسألة خلافية غير محسومة لصعوبة الوصول للأعداد الحقيقية. كما لا يقلل من بشاعة الجريمة أنها لم تكن موجهة لليهود فقط، أو نوعية الوسائل المستخدمة في القتل، بالغاز أو بالحرق أو رمياً بالرصاص أو بالغارات الجوية، أو ترك الأسرى للجوع والعطش في معتقلات تفتقد جميع الخدمات الصحية، مما أدى لفتك الأوبئة بهم. علماً بأن التمهيد للإبادة بدأ منذ وصول النازيين للسلطة، بمنع اليهود من مزاولة أعمالهم ومصادرة ممتلكاتهم، ثم انتزاعهم من بيوتهم وتجميعهم في معسكرات تمهيداً لإبادتهم بأعداد كبيرة في أوائل الأربعينيات بعد أن أصبح 9مليون منهم تحت سيطرة ألمانيا التي احتلت أوروبا بكاملها تقريباً.
وإذا لم يكن للعرب من دور في الكارثة التي حلت بالشعب اليهودي، فهذا لا يعني إنكارها أو اعتبار الاعتراف بها تطبيعاً مع العدو الصهيوني، فالتنديد بها كجريمة ضد الإنسانية أمر هام، رغم دفع العرب والفلسطينيين ثمناُ باهظاً لهذه الكارثة باغتصاب أرضهم. إن كارثة نكبة فلسطين وما تلاها من حروب لا تبرر نفي الكارثة الأولى ولكن تفرض حلولاً إنسانية للكارثة الثانية الفلسطينية التي ما تزال جرحاً مفتوحاً.
رغم عدم تمكن المجتمع الدولي من إيقاف مجزرة الهولوكوست، فقد تعامل معها باهتمام بالغ، إذ جرت محاكمات علنية للقادة النازيين في نورمبرغ لجرائمهم ضد الإنسانية، كما دفعت ألمانيا ودول أوروبية تعويضات مالية لدولة إسرائيل بلغت مليارات الماركات، وصدرت قوانين أوروبية تفرض عقوبات على كل من يعادي السامية وينكر الجرائم ضد الإنسانية أو الكارثة التي حلت بالشعب اليهودي وكافة الشعوب، كما أدخلت تفاصيل الكارثة في المناهج التعليمية، وجرى تخليد الذكرى بنصب ومتاحف في معسكرات الإبادة وأماكن أخرى، ويجري الاحتفال بالذكرى كل عام، وكان آخرها إحياء الأمم المتحدة لذكرى المحرقة الستين في كانون الثاني من هذا العام، الذي تجاهلت تغطيته وسائل الإعلام العربية.
وساهمت الفاتكان في العام 1962 من جانبها بتبرئة اليهود من دم المسيح، للتقليل من العداء لهم في المجتمعات المسيحية، حيث انتشر كرههم لهيمنتهم على التجارة وتعاملهم بالربا الفاحش وبخلهم وانعزاليتهم، وتلفيق الاتهامات ضدهم بخطف الأطفال وإباحة دمهم كطقس ديني، إلى جانب مسؤوليتهم عن صلب المسيح، حتى أن المصلح الديني "لوثر" طالب بحرقهم وإزالتهم من الوجود. وهي جميعها الأجواء التي مكنت النازية من ارتكاب جرائمها الوحشية ضدهم.
الإبادة بشكل عام وسيلة لاستئصال الآخر نهائياً بدوافع التعصب والتمييز القومي أو الديني ضد المفاهيم والآراء والثقافات المخالفة، والتمييز بين البشر يبدأ من اعتبار الإنسان الآخر أقل شأناً وقيمة، مما يبيح أي عمل ضده، فكما أن نظرية تفوق العرق الجرماني على غيره من الأمم كان ذريعة للمحرقة النازية تجاه اليهود والشعوب الأوروبية، فضمن العديد من الشعوب تيارات قومية أو دينية متشددة تعتبر نفسها الأفضل والأحق بالحياة أو الأنقى عرقاً أو الأكثر حضارة ورقياً وعلماً أو حملاً لرسائل خالدة... والعرب والمسلمون ليسوا استثناءً، فمنهم من يعتقد أنهم خير أمة أخرجت للناس، أو أنهم مجتمع الإيمان بينما جميع العالم الآخر مجتمع الكفر مما يستوجب الجهاد الذي يمكن أن يتحول إلى إبادة واستئصال للذين لم يلتحقوا بدار الإيمان. كما لا تخلو الديانة اليهودية من التحريض ضد "الأغيار" وأن اليهود شعب الله المختار. وذلك يبرر اللجوء للتهجير والإبادة للشعوب والديانات الأخرى كأحد الحلول التي تتبناها وتطبقها الجماعات المتطرفة، كما تفعل مثلاً المجموعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في العراق تجاه الشيعة- ثلثي الشعب العراقي- باعتبارهم "أرفاضاً" يحل ذبحهم.
إن تضافر البشرية جمعاء للتخلص من الوحش النازي ومحاكمة رموزه والتعويض على ضحاياه وتخليد ذكراهم، يجب أن يكون مثالاً يحتذى لمواجهة كافة كوارث الإبادة الجماعية التي حلت بالشعوب في التاريخ القريب، كأحد الوسائل لمنع تكرارها في المستقبل، ومنها مثلاُ مجازر كمبوديا وراوندا ودارفور، والمجازر التي ارتكبها النظام البعثي الفاشي في العراق بممارسة التطهير العرقي ضد الأكراد، وبإصدار قانون دموي يعدم أي منتسب لحزب الدعوة الإسلامية طبق على عشرات آلاف الشيعة. إلغاء هذه القوانين والتعويض على ضحايا عمليات الإبادة وتخليد ذكراهم، من وسائل منع تكرار الجرائم ضد الإنسانية في مختلف بلدان العالم.
وحتى مجازر التاريخ البعيد، مثل ملايين الأفارقة الذين قتلوا في حروب العبيد وفي السفن التي نقلتهم للعمل الشاق في بلدان الاسترقاق، التي تمت أثارتها في مؤتمر ديربان لمكافحة التمييز العنصري بالمطالبة بتعويضهم معنوياً ومادياً، لم تلق استجابة من الدول الغربية وأميركا خاصة، التي كان لها الدور الأكبر في تجارة العبيد التي أدت لإبادة أعداد كبيرة منهم، كما أنها مسؤولة عن إبادة 90 % من سكان أميركا الأصليين، الذين لم يحصلوا بعد على ما يعوضهم عن الكارثة التي حلت بهم نتيجة الغزو الأوروبي للقارة الأميركية.
أن فشل المجتمع الدولي حتى الآن في وقف عمليات الإبادة في أنحاء العالم لا يقلل من أهمية العمل لمعالجة آثارها ووضع حلول عادلة لها وتكوين رأي عام ضد تكرار حدوثها، وسن القوانين التي تعاقب مرتكبيها. وحسناً فعلت الأمم المتحدة بإنشاء محاكم الجنايات الدولية وتقديم المسؤولين عن التطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة أمامها، فضلاً عن تصرفها بمسؤولية لمنع استمرار مجازر دارفور في السودان.
إن نشر المفاهيم والمناهج الديمقراطية والعلمانية في أرجاء العالم وتربية الأجيال على احترام الحياة الإنسانية والإنسان الآخر المختلف سياسياً أو قومياً أو طائفياً، وتحويل الاختلاف إلى ثقافة الحوار والتنافس السلمي وتلاقح الحضارات والثقافات وإنهاء صراعاتها، تمهيداً لتأمين الوسائل لتصرف المجتمع الدولي بكل طاقاته وبأسرع وقت لوقف أية عملية إبادة تحصل مستقبلاً، دون اعتبار لذرائع "السيادة" و"الشؤون الداخلية للدول" التي يجب تجاوزها لإنهاء الاستبداد والتمييز وانتهاك حقوق الآخر الإنساني في أي مكان بالعالم، الذي يزداد توحداً وتشابكاً ويسرع الخطى نحو الانتماء الإنساني كأولوية تتجاوز أي انتماء آخر قومي أو قبلي أو ديني.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يكون المؤتمر القطري الأخير
- المجزرة الأرمنية المنسية في ذكراها التسعين
- هل يتسارع الإصلاح السوري السلحفاتي؟
- هواجس معارضين سوريين وعقدة عدم الاستقواء
- انعطافات هامة في حياة الأيزيديين
- الربيع السياسي السعودي
- الزلزال اللبناني - كرة الثلج الديمقراطية
- لكي لا تتكرر أحداث القامشلي
- المستقبل للليبرالية: سمة العصر
- أيمن نور بعد رياض سيف
- هل تنبع السياسة من صندوق الاقتراع أم من فوهة البندقية؟
- انتصاران عربيان للديمقراطية والسلام والتنمية
- عبر لبنانية برسم المعارضة السورية
- هل يقود إصلاح الأمم المتحدة نحو حكومة فيدرالية عالمية؟
- الحصاد الهزيل للإصلاح في -منتدى المستقبل-
- حلول جذرية لوقف التمييز ضد القبط
- انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين
- لجان إحياء المجتمع المدني..هيئة أهلية أم حزب
- هل تدب الحياة في أوصال الديمقراطية الفلسطينية ؟
- المعارضة السورية بين الديمقراطية العلمانية والمحافظة


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم -ا ...
- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جورج كتن - الهولوكوست اليهودي : حقيقة أم أسطورة