أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج كتن - انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين















المزيد.....

انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1049 - 2004 / 12 / 16 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل زمان شعاراته السياسية التي تلخص الأهداف العامة التي يسعى إليها المجتمع بحكوماته وقواه السياسية، فقد اتكأ الحكم العثماني على أيديولوجيا إسلامية وشعارات مأخوذة منها للحفاظ على وحدة الإمبراطورية المتكونة من قوميات مختلفة. وعندما تبين مدى تخلفها بالنسبة للعالم الغربي، بدأت عملية تطوير مديدة تحت شعار "الإصلاحات"، إلى أن انهارت السلطنة نهاية الحرب العالمية الأولى ووقعت بلدان المشرق تحت الاحتلال الاستعماري وبالتالي انتقلت إلى مرحلة وشعارات جديدة.
قلة لا يعتد بها ظلت تنادي بشعارات المرحلة السابقة بالدعوة لعودة الإمبراطورية لسالف عهدها، إلا أن التيارات الأساسية الوطنية والقومية رفعت شعارات تناسب مرحلة الاستعمار: "التحرر" أو "الحرية" أو "الاستقلال". وترافق معه شعار إعادة توحيد دول المنطقة الناشئة حديثاً، وأضيف إلى ذلك منذ منتصف القرن شعار "تحرير فلسطين"، وشعار "الاشتراكية" التي انتشرت مفاهيمها بتأثير انتصارات الاتحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية.
هيمنت الشعارات الأربع على ساحة العمل السياسي في بلدان المشرق، وتوزعت بأشكال مختلفة في برامج حكوماتها وأحزابها. إلا أن التطور العالمي والمحلي لا يرحم، فالعالم يتغير والأوضاع المحلية لا تبقى على حالها، رغم أنف الذين استمروا في رفع نفس الشعارات واعتبارها "ثوابت" لا يمكن التخلي عنها، بالاستناد لأيديولوجيات قومية واشتراكية وإسلامية، تقود لمضمون واحد تقريباً ولكن بأشكال مختلفة. إن رفع نفس الشعارات رغم المتغيرات العالمية والمحلية أمر ممكن ولكن مع مخاطرة أصحابها بالتخلف عن مواكبة العصر.
شعار "التحرر" تجاوزه الزمن منذ أوائل السبعينيات حيث انحسر الاستعمار بمشاركة أطراف متعددة: حركات التحرر الوطني والأمم المتحدة والدول الكبرى، وكنتيجة للتطور الاقتصادي لدول العالم الصناعي الذي جعل الاحتلال العسكري والهيمنة على الدول المتخلفة لا يلبي مصالحها التي ضمنتها بتحرير التجارة العالمية ونقل الاستثمارات إلى بلدان العالم كافة، مما أدى لفائدة طرفين: البلد المصدر لرأس المال والبلد المضيف له.
رغم التطور العالمي والمحلي فإن شعار "التحرر" ما زال ساخناً لدى نخب وطنية ومغذياً لعقدة الخوف من "الأجنبي" ولأية علاقة معه، باختراع تفسيرات تؤكد أن هناك مؤامرة ما وراء أية سياسة "أجنبية"، "خارجية"، حتى أن البعض عاد لإنشاء "حركة تحرر عربية" – بيروت، تموز الماضي- من أحزاب وشخصيات ناصرية وغيرها تشابه "مناهضتها للاستعمار" حرب طواحين الهواء.
كما يفيد الشعار أنظمة استبدادية وصلت للسلطة بناء على انقلابات عسكرية، إذ تستغله لتأجيل التوجه للديمقراطية، التي تهدد هيمنتها المطلقة على السلطة والثروة، ففي ظل هذا الشعار يمكن اتهام أي معارض بأنه يسعى لتفتيت "الوحدة الوطنية". كما يفيد الشعار لتفسير توجيه معظم ما يتبقى من الدخل القومي، بعد النهب المبرمج له من أطراف السلطة، للأغراض العسكرية بدل توجيهه للتنمية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، فيما أن العسكرة والتسلح الذي يستنفذ ثروات الدول، لم "يحرر" شيئاً ولم تتجاوز فائدته منع تحرك المواطنين لنيل حقوقهم.
وعندما يتذرع البعض لاستمرار رفع شعار "التحرر" كأولوية، بما يحدث في فلسطين، يتجاهل أن دور جميع الدول العربية في تحريرها انتهى منذ حرب السبعينيات والسلام المصري الإسرائيلي، إذ تحولت المسالة بالدرجة الأولى لشعبها الذي يناضل لإنهاء الاحتلال بدعم دولي فيما يتراجع الدعم السياسي العربي ليصبح هامشيا، فمن يتوهم أن العرب يمكن أن يعاودوا شن الحروب "لتحرير فلسطين" يعيش في عالم آخر.
أما التذرع بالحالة العراقية لرفع شعار "التحرر" فيغلق العين عن حقيقة تحول القوات الأجنبية في العراق إلى قوة متعددة الجنسيات بقرار من مجلس الأمن يضع سحب هذه القوة بيد حكومة عراقية منتخبة تتأتى عن الاستحقاقات الانتخابية القادمة. كما يتجاهل المتذرعون بمجيء الأجنبي "لنهب خيرات العراق"، أن ميزانية العراق لا تتجاوز رأس مال شركة واحدة من مئات الشركات الغربية، وأن الديون التي أعفي منها العراق، والتي ترتبت عليه نتيجة حروب النظام السابق العبثية، تتجاوز كل ما يمكن للعراق إنتاجه في السنين المقبلة. ويبقى التأكيد على شعار "التحرر" في المناسبات بتدبيج المقالات الحماسية، ومنها مثلاً الافتتاحية "الفلوجية" لنشرة "الرأي" السورية – تشرين ثاني عدد 36- التي دافعت دون أن تدري عن عصابات القتل والإجرام من بقايا الأجهزة الأمنية الصدامية والمنظمات الأصولية الإرهابية العالمية، التي ثبت أنها الوحيدة الحاملة للسلاح داخل الفلوجة.
أما شعار "الوحدة العربية" الذي تصر على رفعه قوى سياسية في دول المشرق، فقد ثبت فشله طوال نصف قرن بعد الاستقلال، فالبحث عن القوة في الوحدة لمواجهة التحديات الخارجية، هو قفز عن حقيقة أن القوة تتأتى أولاً من المواطنين الأحرار والعلاقات الإنسانية الحضارية داخل المجتمع، ومن الحداثة والتقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، والدول التي تفتقد هذه الاولويات فإن جمعها سوياً بلا جدوى. إن الاستمرار في طرح الشعار تجاهل لوقائع راسخة، فقد أصبح للدول مصالح مختلفة ونشأت لها هويات خاصة لم يعد بالا مكان تجاوزها، والحدود لم تعد مفتعلة بل حدود واقعية تفصل بين أوطان متعددة، يعتبرها البعض أوطاناً نهائية، دون أن يلغي ذلك الهوية العربية كهوية ثقافية وحضارية يمكن تنميتها، كما يمكن تعزيز التعاون بين دول المنطقة في جميع المجالات.
إن طرح شعار الوحدة حالياً هروب للأمام من بناء دول ديمقراطية مندمجة تتوجه للتنمية الإنسانية والمادية، وتضييع للجهود بلا طائل في مسائل الهوية والانتماء، وطنية أم قومية أم إسلامية، فالهوية الوطنية الحالية تستند لوقائع قائمة وثابتة وليس لأيديولوجيات، وهي الأكثر أهمية في المدى المنظور، وهي ليست مخلدة على حساب المستقبل الذي يمكن أن تتطور فيه علاقات اتحادية واقعية، كما في الأمم المتحدة بعد إصلاحات يمكن أن تقربها من حكومة عالمية، وفي الاتحاد الأوروبي واتحاد الدول المستقلة المتعددة القوميات، والولايات المتحدة الاميركية كفيدرالية تتعايش فيها إثنيات متنوعة.
أي اتحاد لدول الشرق الأوسط في المستقبل القريب أو البعيد لن يقوم على أساس الهوية بل على أساس المصالح. وهو لن يتحقق إذا لم تتطور هذه الدول إلى مجتمعات ديمقراطية ساعية لجسر هوة تخلفها عن العالم. فالتركيز على المسألة القومية وشعار الوحدة تسبب بكوارث وأزمات منها ضم العراق للكويت بالقوة على "الطريقة البسماركية" المبنية على شعار "الوحدة"، أو إجبار القسم الأكبر من الشعب اللبناني على قبول وصاية سياسية واقتصادية من جاره بناء على وحدة المسار المشتقة من شعار الوحدة أيضاً. بالإضافة للأثر السلبي للشعار على الاندماج الوطني للمكونات المختلفة لدول المنطقة وخاصة حيث توجد أقليات كبيرة.
لسنا بحاجة لتبيان تهافت شعار "الاشتراكية" الذي تهاوى على المستوى العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي مما أثبت أنه لا يمكن تطبيقه إلا بالعنف الموجه للأكثرية. رغم هذه النتيجة فإن نخباً عديدة تتمسك بالشعار، أو ترنو إليه من بعيد عندما ترفض الخصخصة وتدافع عن القطاع العام الإنتاجي الذي ثبت فشله وفساده الغير قابل لإصلاح.
المرحلة التي يمر بها العالم والمنطقة تفترض شعارات جديدة تتجاوز القديمة المناقضة للوقائع الراهنة، ونظن أن الأولوية في دولنا المتخلفة لشعارات: الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية وإنهاء الصراعات بالطرق السلمية والضمانات الاجتماعية لذوي الدخل المحدود ومقاومة الإرهاب... كشعارات لعصر جديد ينهي حكم الاستبداد والفساد والتخلف، ويوقف مسيرة خروج شعوب المنطقة من التاريخ لتعود لصنعه بالمشاركة في الحضارة الإنسانية، ولا نظن أننا بحاجة لأيديولوجية ما لإثبات أولوية هذه الأهداف، فهي ما تفرضه الوقائع المحلية والعالمية.
لسنا هنا في وارد التفصيل حول هذه الشعارات ولكننا على الأقل طرحنا رأينا حول فوات الشعارات القديمة، فهي كالدواء الشافي أثناء مدة صلاحيته، لينتهي مفعوله بعدها فيصبح تناوله عديم الفائدة أو حتى ضاراً.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لجان إحياء المجتمع المدني..هيئة أهلية أم حزب
- هل تدب الحياة في أوصال الديمقراطية الفلسطينية ؟
- المعارضة السورية بين الديمقراطية العلمانية والمحافظة
- الامازيغية والكردية صنوان
- محمد سيد رصاص وصب الماء الكردي في طاحونة المعارضة السورية
- الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية
- ملاحظات حول بيان ليبرالي سوري
- اليد الممدودة بين الكرد والعرب
- العلاقات العربية –الكردية في ظل العولمة
- العملية السياسية العراقية ونخب عربية
- انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح
- الخارج يطرق أبوابنا
- المثقف والحوار الكردي –العربي
- بين الإرهاب والحكم المطلق والسلفية والإصلاح السعودية إلى أين ...
- طلال سلمان والعروبة المقاومة
- جمع الأصفار العربية
- اشكالية الممارسة الديمقراطية في حركة القوميين العرب
- خطاب سياسي عربي، زوبعة في فنجان عراقي
- لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار
- قراءة في المبادرات نحو شرق أوسط أفضل


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج كتن - انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين