أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الرواية ( الشعرية ) ..من يكتبها ..؟















المزيد.....

الرواية ( الشعرية ) ..من يكتبها ..؟


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 06:32
المحور: الادب والفن
    


الرواية ( الشعرية ) ..من يكتبها ..؟

نعيم عبد مهلهل


ولكن إذا ما استأنس رجل ما بحزنه،
فَلْيؤتَ به إلى ضوء النهار! والرأي عندي
أن يُقْتَلَ، وإِلاَّ
فستقوم فتنة..!

سان جون بيرس ( آناباز )

البعض ممن لايفقه معنى أن ينزفَ أحدهم من روحه ..وتراهم يتأبطون رؤاهم بكبرياء قيصر دون خوذة وسيف وكيلوباترا ، يطلقون الحكم المسبق بدافع ما يتأبطونه مما تجود عليهم صحف الصباح وبعضٍ من احلام اليقظة ، وكتابٍ عابر قرأوه واستقروا عند فهرسته ، عباقرة او نقاد او كتبة اعمدة يومية عن البطاطا ومتشردي محطات المترو والحكومات الزائفة التي تعيش فينا . هؤلاء لايفقهوا أصلا أن هناك رواة وشعراء ينبغي أن نتركهم كأباطرة وملوكٍ جرمانيين.
هذا تفكير الروائي الفرنسي آلن روب غريه أصنعه أنا في متخيل مشاكس تماما لما يفكر فيه غروب غريه في رده على سؤال صحفي وهو يحدد قيمة أن نترك أولئكَ الذين يدفعهم حرصهم وصمتهم وموهبتهم ليكتبوا رواية ، وأنا هنا أترك كل هواجس الكتابة الروائية ومذاهبها وأتجهْ الى الرواية ( الشعرية ) معتقدا ومؤمنا أنها وحدها لقادرة أن تفهم العالم بمستوى الوعي السقراطي الذي ينبغي أن نحصل عليه ومن خلاله يمكن تفسير العالم بالنظرة المثالية التي حملتها الحكايات السماوية ومراثي صلب القديسين والانبياء وتلك المآثر الحقيقية والحزينة التي كتبها العشاق والفقراء واصحاب الموهبة.
لااعرف سوى أن أكتب رواية شعرية ، هذا قدر تفكيري وصنعة نبض قلبي ، معتقدٌ وبحرص كموروثٍ من جيب ابي المخروم ودمعته : أن التعامل مع الأشياء عن طريق موسيقى الكلمات وجدواها يؤدي بالغرض المثالي لتكون أنتَ وحدكَ من ينظر الى منجزكَ في مرآة الشعور بالفخر .
أما الذين يقرأوك فلهم الورد دائما دون الحاجة للحديث عن راقصات حفل في ناطحة سحاب او الآئي يقشرن البطاطا في المطاعم الآسيوية أو سباق المنابر الساذجة لنيلِ موافقة الشعب ( الأثيني ) لتنصيبه سيناتورا مدى الحياة.
ذلك الشِعرْ الذي ينمو في الحكاية ويجعلها بلمعان تزاوج المحار على وسائدِ الرمل بمقدورهِ أن ينجزَ شيئاً للتراثِ الروائي العالمي ، وربما يستطيع أن يستوعبَ كل التراث الشعري المحكي قصائدا وأساطيرا منذ خليقة الحرف والى اليوم ، وبحياء وصمت سينسحب الشعراء الى زاوية المتحف وليتركوا الروائي ( الشاعر ) ليؤسس القدر الجديد للأدب ، الأدب الذي اشعر أن متعته توازي تماما متعة الأصغاء الى موسيقى حالمةٍ لحظة الارتماء في حضنِ امرأة شهية.
قد ينزعج الشاعر من فكرة الغاء موهبته واحساسه ، ووربما سيلجأ الى مجده الغابر في أحقيته ليقول أنه المنشد الأول في هذه الحياة ووحدهم الشعراء من جعلوا الحناجر تطلق اغانيها والقيثارات تعزف الحانها ، وعلينا أن نعترف أن هذا الحق الازلي يرتهن بالشعراء وحدهم لكن التفكير الذي صنع الثبات الحضاري وطور التفكير في ذاكرة البشر وجعلهم يكتشفون قبل أيام أن حشرات طائرة آتية من كواكب بعيدة تعيش اليوم في الغلاف الجوي للارض هو نتاج النص المبتكر بطريقة السرد والوصف والموعظة الدينية والمقال العلمي والبحث النفساني وحتما وراء كل هذه النصوص التي صنعت هكذا ظواهر وعصور حضارية هناك حكايات واحداث تعتمد في أغلبها على الشعور الذي يتحول الى فعل بفضل مايروى عنه.كما في الكتب السماوية واساطير الشعوب وتواريخ الملوك والامم والاكتشافات العلمية.
لا أعرف لماذا سكنني الهوس بشعرية ( الحَكيّْ ) وقدرته على انتاج الهاجس الجميل الممتلئ بالمشاعر الانسانية والروحية والعولمية ، حتى انني اشعر أن النص الذي يفتنني في قصيدة شعر مثلا يقودني الى تخيل العالم المنظور في رواية شيء ما يسكن قلب الشاعر ليرويه بأيقاعه ليتحول الموزون لديه الى حكاية العالم الذي يراه بطريقة المغشي عليه ولكنه هنا كرواية يؤسس لحدث الحكاية وليس لقصيدة يُطرب فيها سامعيه. وعليَّ الآن جعل قصيدة ( آناباز ) لسان جون بيرس انموذجا لشعرية الروي في قلب احدهم ، ودائما يطلق على آناباز ملحمة وليس قصيدة لانها واحدة من روايات الحكاية الانسانية في موقفها الصعب والحرج ولكن هذه الرواية كتبت بشعرية فائقة التصوير والدهشة والبلاغة والغموض والحكمة.
كتب بيرس قصيدته تحت تأثير القصة الاغريقية المؤسطرة في الرؤية البطولية والحكيمة للقائد الأغريقي ( الأكزينون ) في حملته العسكرية المساة ( حملة العشرة آلاف جندي ) وراح يسرد الحكاية بالشكل السمفوني العالي المفردة والايقاع جامعا قدرة الوصف والحديث عن المشاعر والمصائر بصيغة الانشاد المروي ، وكأنه يجر في حكايته وقائع ما فاتنا ليحذرنا مما سيكون ، انه كما عند ديستوفسكي الروح الشعرية القلقة مما تعيشه وتراه وتحسه وتقوده ليكون مجرما او تائها او مرتعشا مما فيه من انطواء وطموح وشهوة .
هذه الرواية ( الشاعرة ) التي كتبها بيرس تمثل في معناها واحدة من خيال الوصف المقتدر للتبشير برؤية جديدة لهذا العالم ، وكأنه هنا يريد أن يجعل هذا الروي مفتاحا للتبشير بالمتغيرات التي ستبشر بفتوحات جنونية بدأت مع الحرب الكونية الاولى وانتهت بانهيار ابراج منهاتن والربيع الجديد للاوسط الشرقي الذي كان من بعض روايات بيرس الشعرية يمثل الوقوف عند اسوار صور وبابل ومجاملة الاسكندر في تفكيره بالذهاب مع حكايات ذاكرته الاستعمارية الى أبعد من زمجرته للكاتب الذي يرافقه في فتوحاته :اكتب ما أحققه في انتصاراتي شعرا على شكل حكاية ليفهمها الجميع.
وربما هذا المقطع من آناباز يرينا حجم المروي الشعري في نبض وحبر قلم شاعر كبير مثل سان جون بيرس :
((شعوبكم المبادة تنبثق من العدم، ومليكاتكم الطعينات يتحوّلن إلى يمامات في العاصفة، في اقليم الصواب عاش آخر فرسان القرون الوسطى، ورجال العنف ينتعلون المهاميز لأجل العلم. وبكتابات التاريخ الهجائية تلتحق نحلة الصّحراء، وعزلات الشرق تمتلئ بالخرافات. والموت ذو القناع الإسبيداجي يغسل يديه في ينابيعنا.)
أنه هنا يختصر الشعر كله في رواية التأريخ لكل احداثه والرؤى التي شكلت منذ ابدية آدم وحتى حوارات التعايش الحضاري بين الفاتيكان والازهر ، صورة المعاش قديما وحاضرا ومستقبلا.
أميل للرواية ( الشعرية ) وأفكر بكاتبتها والابقاء على احساسي ضمن ما تفكر فيه حواسي مع كل تفكير جديد بصفحة اخرى في مشروع كتابة عن جمع ( الآلهة والجواميس في زنزانة في مديرية امن مدينة الناصرية ) ، أحتفي بالموسيقى النثرية التي تسكن ذكرياتي وانا اتلبس شخصية البطل والبطلة واتخيل المرئي في تفكيرهما وحكايتها في سيناريو لن يكون مكتوبا دون موسيقى خيال رومانسي وجميل حتى مع ايقاع صفعات المحققين ما دمت انا اشتغل المحكي في رواياتي على هاجس شريط الذكريات واستعادة ما حدث لأخت بطل رواياتي بعد غياب بعيد له في مهجره.
اشعر أن المنفى المروي بدون شعرية يبدو باهتاً وغير مكتمل التفاصيل وأن الواقعية لم تعد تعطي ما يبتغيه العولمي في الحصول على جمال مبتكر يتفوق على منافسة الفضائيات ومقاطع اليوتيب والموضة المنفلتة في كل شيء بدءاً من مبتكرات الايفون وانتهاء بمهزلة سرقة مشاعرنا في فوضى البرنامج السياسية.
وسط هذه المحنة تأتي اساطير المحكي ( الشعري ) لتخلصنا من الضجر الذي كان أول دافع للملوك ليموتوا مبكرين ومن الضجر كما يصفه جاك بريفير ، وهو ايضا يحكي في نصه الهائل هذا رواية البشر في تعاقب وجودهم وتصنيفاتهم ووطبقاتهم عندما يضع نهاية الانسان الى عدم واحد تختلف طرائقه في قوله ( جاك بريفير ) :
(( الكل يموت ..الملك والحمار وأنا ..الملك من السأم ، والحمار من الجوع ، وأنا من الحب ...!))
لهذا أجعل وعلى هدي من بريفير الرائع روايتي تتفوق على أي مشاعر اخرى ليكون الحب ( لُبها وقصيدتها ) وبذلك يرتفع في وجداني الهاجس السقراطي وأستطيع أن اقف امام المرآة بغرور أني استطيع أن انتج مادة جيدة ، امضي بها لصناعة المرح والفائدة في افئدة آخرين اتألم تماما حين اراهم يصيرون ابناء بررة لاباءهم الطغاة واللصوص أو اولئك الذين يقتنعون ببؤس من خَلَفَهُم ليكونوا مثلهم قانعين بقدر أن يظلوا عمال طين أو وقودا للسيارات المفخخة.
أن قدرية التاريخ هي المتغير ابدا ، ولن يوقف هذا المتغير أي صاروخ بالستيكي ولا حاملة طائرات أو فتوى ارهابي ملتح..أو قس متعنت ، أنما الحركة بوجودها وارثها ومنتجها مرتهنة بالأنسان الذي يقترب من وجدان الحلم وتخيل ما كان موجودا ليؤسس عليه ما يريد أن يُوجده.
وعلينا أن نختصر حركة التاريخ وطموحنا في هذه الرؤية ونمضي معها بعيدا في صناعة منتج يجعل حضارتنا اكثر ثمرا ومبررا وحقيقة لتُعاش كما كان يتمنى أجدادنا أن تُعاش في تفكيرهم :
ابحث عن الفردوس الذي في الارض قبل أن تبحث عنه في السماء.
وحتما الفردوس الارضي لن نجده دون أن تكون هناك مشاعر محفزة وتفكير جميل على مستوى الثقافة والعلم ومجمل ظواهر الابداع من الموسيقى الى التبشير بالحب عن طريق قناني العطر.
الرواية ( الشعرية ) من يكتبها ، هنا العودة الى بدء المقال ، وفي قناعتي ان من يكتبها ، الذي يستطيع ان يتفوق على صفاء المرايا في اول نظرة لها ، وعندما لايستطيع لن يستطيع ابدا كتابتها حتى لو وضعوا بين اصابعه الف كمان والف قاموس والف وردة..........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الريادة ((عراقيا)) في الجمع بين شاعرين استثنائيين ((سان جون ...
- الفرق بين روايات ماركيز وسلمان المنكوب
- الرواية والميثولوجيا ودبابة بول بريمر ....!
- المدينة الرياضية وهمُ الخليج وكأسه
- بورخيس ينظر اليها ...وماركيز يسميها أمرأة ( الرواية )*
- الناصرية مفخخات وأوربا وداخل حسن
- خاطرتان عن الرواية
- حرب الجوامع والحسينيات
- يا أولاد الحلال ( محدش شاف مصر ؟)
- الفقراء والسياسة.......!
- جنكيزخان في دبي بحزامهِ الناسف
- البغدادية وحالة الرئيس الطلباني الصحية...!
- يزورهُ القديس كل ليلة
- قل لنار قلبي لاتنطفىء...!
- المنابر لم تُحسمها بعد ...؟
- موسيقى الدمعة في تفجيرات الناصرية
- في مديح الراحل شيركو بيكاس
- مُوسيقى المِفراس..!
- رثاء الى فلك الدين كاكائي...!
- عبد الستار ناصر ..من الطاطران الى موت في كندا ........!


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الرواية ( الشعرية ) ..من يكتبها ..؟