أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلّموا العربية وعلّموها للنّاس - ألحلقة الثالثة عشرة (13): في المرفوعات والمنصوبات والمجرورات















المزيد.....

تعلّموا العربية وعلّموها للنّاس - ألحلقة الثالثة عشرة (13): في المرفوعات والمنصوبات والمجرورات


شوقي إبراهيم قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4224 - 2013 / 9 / 23 - 20:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أكرِّرُ بعضَ ما جاء في قوانَين الإعراب 2 - 4 (الحلقة العاشرة):

ألأساس في الكلمات المعربة - الأسماء والفعل المضارع - هو الرفع. تُنصبُ الأسماء إذا وقع عليها فعلُ فعلٍ أو ارتبطت به ولم تكن الفاعلَ، كذلك تُنصبُ بالأحرف المشبّهة بالفعل. تجرُّ الأسماء بحروف الجرِّ أو بالإضافة.
في الواقع، هذا كلُّ ما تحتاجُه لتشكِّلَ أواخرَ معظم الأسماء المعربة والمنصرفة تشكيلاً صحيحاً. على أنّ كُتُبَ تدريس النّحوِ تقول إنّ الفاعل ونائب الفاعل (أنظر لاحقاً) والمبتدأ والخبر جميعها تكون مرفوعة، ولعلّه من الأسهل أنْ تنظرَ إليها على أنّها رُفِعَت لأنّ الرَّفعَ هو الأساس ولم يطرأ على هذه الأسماء ما يوجبُ النَّصب أو الجرّ. وحسب قانونِ الإعراب الأساسي الثّالث يكونُ المفعولُ به، والذي وقع عليه فعلُ الفعل، منصوباً، وحسبَ القانون الرابع فإنّ المضافَ إليه والاسم الّذي دخل عليه أحدُ أحرفِ الجرّ يكونان مجرورَين. وجميع هذه القوانين، وكثيرٌ غيرها، وُضِعتْ على أساس كلامنا الفصيح وليس العكس. وعليه، نحن نجدُ ثلاثَ مجموعاتٍ من الأسماء، المرفوعات والمنصوبات والمجرورات. وقد يكونُ أيٌّ من هذه الأسماء مبنيّاً لا معرباً، أو قد يكون جملةً كاملة؛ وفي الحالتين نقولُ إنّ هذا الاسمَ أو هذه الجملةَ في محلّ رفع أو في محلّ نصب أو في محل جرّ.


مقارنة لغوية:

مَن يرغب من الأساتذة يمكنُه إجراءُ مقارنة لغويّة مع الإنجليزية للفت انتباه الطّلاّب إلى أنّ حالات الرفع والنصب والجرّ في الأسماء موجودة أيضاً في لغاتٍ أخرى كالإنجليزية، رغم أنّ أواخرَ الكلمات في هذه اللغة لا تتغيّرُ حسبَ الوظيفة في الجملة. فالاسم في الإنجليزية له في الجملة واحدة من وظائف ثلاث: 1. ما يسمّونه (Subject) ويقابله في العربية المبتدأ والفاعل (ويسمّون الخبر "Predicate")، وحالة الإعراب هي الرفع أو (Nominative case´-or-Subjective case). 2. ما يسمّونه (Object) ويقابله في العربية المفاعيل، وحالة الإعراب هي النّصب أو (Accusative case). 3. ما يسمّونه (Governed by preposition) ويقابله في العربية المجرورات بحرف الجرّ وبعض أنواع المضاف إليه، وحالة الإعراب هي الجرّ أو (Genitive case). كذلك من المفيد لفتُ انتباه الطالب عند الكلام عن حالات الإعراب أو عن الضّمائر إلى أنّ لغاتٍ أوروبيةً كالإنجليزية فيها ضمائر مستقلّة لحالة الرّفع (I, He) ولحالة النّصب (Me, Him) ولحالة الجرّ (My, His).


توابع المرفوعات والمنصوبات والمجرورات:

على أنّه غالباً ما يتبع المرفوعات والمنصوبات والمجرورات، أو يرتبط بها، أسماءٌ أخرى (وجُملٌ أيضاً)، وهي جميعُها تتبعُ في إعرابها الاسمَ الّذي ارتبطت به، وهذا منطقيّ. فما ارتبط بالمبتدأ المرفوع يكون هو أيضاً مرفوعاً، ولأجل ذلك ألخبر هو أيضاً مرفوع، وكذلك الأمر بالنّسبةِ لأيّ اسم ارتبط بالخبر أو بالفاعل أو بنائب الفاعل. وما ارتبط بالمفعول به يكونُ منصوباً هو أيضاً، وما ارتبط بالمضاف إليه أو بالاسمِ المجرورِ بحرف الجرّ يكونُ مجروراً. والرَّبطُ أو التَّبعيةُ يكون بالعطف أو بالوصف أو بالتوكيد أو بالبدل. وسأبيِّنُ خلال استعراض هذه التّابعات الأربع أنّه لا توجدُ حاجةٌ لتلقين الطّالب هذه التَّسميات في دروس منفصلة (وقد خصّصت كتب تدريس القواعد دروساً عديدة لها)، ولا لزومَ لتلاوةِ قوانينِها الّتي ما هي إلّا تردادٌ لما نقوله في الفصحى وفي العاميّة. وتكفي الإشارة إلى أنّ أيَّ واحدٍ منها هو تابعٌ في إعرابِه أو في حركةِ آخِرِه للاسمِ المذكور.

ألعطف:
لدينا تسعةُ أحرفٍ تستعملُ للعطف، وتختلفُ عن بعضِها من حيثُ المعنى وشروطِ استعمالِها، وأكثرُها استعمالاً هي "واو العطف" الّتي تجمعُ بين المعطوفِ والمعطوفِ عليه دون أيِّ دلالةٍ كانت. أمثلة لارتباط المعطوف بالمعطوف عليه في حركة الآخِر:

1. سافَرَ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ إلى المدينةِ. 2. دَرَسْتُ الْعَرَبِيّةَ وَالْعِبْرِيةَ
3. ذَهَبْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ إلى الْمَدينةِ 4. هذِهِ دارُ مُحَمَّدٍ وزَوْجَتِهِ

في المثال الأوّل كلمة "مُحَمَّدٌ" مرفوعة (فاعل)، وكلمة "عَلِيٌّ " معطوفة عليها، فهي أيضاً مرفوعة. وفي المثال الثاني "العربيّةَ" منصوبة (مفعول به)، فنصبنا "العبريّةَ" لأنّها معطوفةٌ عليها. وفي الثالث "محمدٍ" مجرورة بحرف الجرَ، و "عليٍّ" مجرورة أيضاً لأنّها معطوفة عليها. و "محمدٍ" في المثال الأخير مجرورة بالإضافة، فجُرَّت كلمة "زوجتِهِ" لأنّها معطوفة عليها. غنيٌّ عن القول أنَّنا قد نعطف اسماً على اسم وفعلاً (جملةً) على فعلٍ (جُملةٍ). أمّا حروفُ العطفِ التسعةُ فأقترحُ أنّ يُدرَّسَ كلٌّ منها ويُقارَنَ بالواو فقط حين يأتي ذكرُه في النّصّ، وهذه هي مع أمثلة عليها:

ألواو: تجمع بين المعطوف والمعطوف عليه من غير دلالة على الترتيب أو التفضيل كما في الأمثلة 1 – 4 أعلاه. ملاحظة: بالإضافة إلى واو العطف يوجد لدينا واوَ رُبَّ (مرّتْ سابقاً) وواو الحال (أنظر لاحقاً) وواو القسم (وحَقِّكَ، واللهِ).

ألفاء: وتفيد الترتيب والتعقيب، نحو: [دَخَلَ الْغُرْفةَ مُحَمَّدٌ فَسَعيدٌ]، أي أنّ سعيداً دخل الغرفةَ بعدَ محمَّدٍ بوقت قصيرٍ جدّاً، ونحو: [تَوَلّى الْخِلافةَ أبو بَكْرٍ فَعُمَرُ فَعُثْمانُ فَعَلِيُّ بْنُ أبي طالِب]. ونستعمل الفاء أيضاً إذا كان المعطوف عليه سبباً للمعطوف، وذلك لأنّ المُسَبَّبَ يحصل بعدَ السبب، نحو: [رَكَضْتُ فَزَلَّتْ قَدَمي].

ثُمَّ: تختلفُ عن الفاء في أنّها تُعبِّرُ عن مُهلةٍ (أو تراخٍ زمنيٍّ) بين حدثَين أو أمرَين، فهي للتَّرتيب مع التّراخي الزّمنيّ، كما في قولك: [تقدَّمَ إلَيَّ ثُمَّ سَلَّمَني الْجائِزة]، أو: [دَخَلَ غُرْفَتي ثُمَّ قالَ].

أو: نستعملُها لدلالات عدة، منها: ألشك أو عدم التأكد، نحو: [رَأَيْتُ ذِئْباً أو كَلْباً يَجْري نَحْوَنا مِنْ بَعيدٍ]. وقد تُفيدُ معنى التقسيم، كَأَنْ تقول: [يأتي الاسْمُ مَرْفوعاً أوْ مَنصوباً أَوْ مَجْروراً]، أو الإباحة، كأنْ تُقول: [إقْرَأْ شِعْراً أَو نَثْراً]. ولها معانٍ أخرى، أهمُّها التّسويةُ والتخيير.

أَمْ: تُستعمَلُ غالباً بعدَ همزةِ الاستفهام، وتدلُّ على التسوية كما تدلُّ على طلب التعيين، نحو: [سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمِ] أو [أَهُوَ الْقائِلُ ذلِكَ أَمْ أَخوه؟].

لا: نستعملها لإثبات المعطوف عليه ونفيِ المعطوف، نحو: [ابْتَسَمْنا بَسْمةَ الْأَنبِياءِ لا بَسْمةَ الْأَغْبِياءِ].

لكِنْ: تُستعمَلُ للاستدراك، وهي، على عكس "لا"، تثبت المعطوف وتنفي المعطوف عليه، نحو: [لَيْسَ أَبو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ فَقيهاً لكِنْ نَحَوِيّاً].

بَل: وهي، مثل "لكِنْ" تسلب الحكم عمّا قبلَها وتُثبِتُهُ لِما بعدَها، وتُسمّى حرفَ إضرابٍ، نحو: [ما قَصَدْتُ مُحَمَّداً بَلْ سَعيداً].

حتى: تُستَعملُ للغاية، ويكون معطوفُها جزءاً من المعطوفِ عليه، نحو: [تَسَلَّقْتُ الْجَبَلَ حَتّى قِمَّتَهُ].


ألوصف:

ألصّفة أو النّعت هي من أهمِّ الأسماءِ (والجُمل) الّتي ترتبطُ بالمرفوعاتِ والمنصوبات والمجرورات وتتبعُها في علامة الإعراب. وقد تكون الصِّفة أو النّعت جملةً أو شبهَ جملة (جارّ ومجرور أو مضاف ومضاف إليه). والصِّفة، حين تكون اسماً مفرداً، تتبعُ الموصوفَ في التَّعريفِ والتَّنكيرِ، وفي الإفراد والتَّثنية والجمع، وفي التّذكيرِ والتّأنيث، وهو أمرٌ معروف ونستعملُه في كلامِنا الفصيح والعاميّ. أمثلة:

1. أَلْمَدينةُ الْكَبيرةُ مُزْدَحِمةٌ. 2. ضِعْتُ في مَدينةٍ كبيرةٍ.
3. رَأَيتُ عُصْفوراً جَميلاً. 4. قَرَأْتُ كِتاباً صَدَرَ قَبْلَ أُسْبوعٍ. 5. شاهَدْتُ مَسْرَحِيّةً شَخْصِيّاتُها مُثيرةً.

لاحظْ، في الجُملِ 1 – 3، كيف تبِعَت الصّفةُ (الْكَبيرةُ، كَبيرةٍ، جَميلاً) الموصوفَ (ألْمَدينةُ، مَدينةٍ، عُصْفوراً) في حركةِ الإعراب وفي التَّذكيرِ والتَّأنيث وفي التَّعريفِ والتَّنكير. ولاحِظْ أنّ الصِّفةَ في 4 هي جملةٌ فعلية (صَدَرَ) وفي 5 هي جملةٌ إسميّة (شَخْصِيّاتُها مُثيرةٌ).


ألتوكيد:

لا يهمُّنا هنا التوكيدُ اللَّفظيُّ الّذي نكرِّرُ فيه كلمةً واحدةً أو جملةً كاملةً لتأكيدها، ولا يهمّنا نون التوكيد الّتي تتّصلُ بالمضارع. ما يهُمُّنا هو التوكيدُ المعنويُّ، وفيه نؤكِّد الاسمَ بكلماتٍ معروفة حصرها النَّحويّون في ثماني كلماتٍ هي: نفس، عَيْن، ذات، كُلّ، جَميع، عامَة، كافّة، كِلا (مع مؤنَّثِها، كِلْتا)، ويُضافُ إليها توكيدات "أَجْمَع" و "أَجْمَعون" و "جَمْعاء"، والّتي لا تِحتاج إلى ضميرٍ رابِطٍ. وإذا تأمَّلْنا كلامَنا الفصيحَ والمحكيَّ نرى أنّنا حين نستعملُ إحدى هذه الكلمات للتوكيد نضعُها دائماً وراءَ الاسم المؤكَّدِ، ونجعلُها تتَّصلُ بضمير يعود إلى المؤكَّد. كمثالٍ، أنظرْ إلى قول محمود درويش واصفاً العدوَّ / الغريبَ من قصيدةِ "عندَما يَبْتَعِد":

فَلِماذا يَزورُ الضَّحِيّةَ كُلَّ مَساءْ؟ // وَيَحْفَظُ أَمْثالَنا مِثْلَنا // وَيُعيدُ أَناشيدَنا ذاتَها // عَنْ مَواعيدِنا ذاتِها في الْمَكانِ الْمُقَدَّسْ.

فكلمة "ذاتها" أكَّدت مرّةً كلمة "أَناشيدَنا" المنصوبةَ فَجاءت منصوبةً، وأكَّدت كلمة "مَواعيدِنا" المجرورةَ مرّةً أَخرى فجاءت مجرورة. إنتبهْ إلى أنّه في هذه الجملة الشعرية جاءت كلمةُ "كُلَّ" منصوبة بفعل الفعل "يَزورُ"، وجاءت كلمةُ "مِثْلَنا" منصوبة بفعلِ الفعل "يَحْفَظُ" (وذلك بغض النّظر عمّا تقوله كُتبُ تدريس القواعد عن إعراب كلٍّ منهما)، وسوف أبحث في المنصوبات لاحقاً. أكتفي هنا بأنْ أُشيرَ إلى أنّ كلماتِ التَّوكيد هذه قد نستعملها قبل الاسم، فتُضافُ إلى الاسم، وتُعربُ حسبَ وظيفتِها في الجملة، نحوَ: [جاءَ جَميعُ المَدعُوّين، واسْتَمَعْتُ إلى جَميعِ الخُطَباءِ في الحَفْلِ]، فجميع الأولى هي فاعل مرفوع، والثّانية هي اسمٌ مجرورٌ بإلى. وهذه التراكيب نستعملها في المحكية أيضاً. أمّا باقي التَّفاصيلِ عن التَّوكيد، والّتي صرفتْ كتبُ القواعدِ صفحاتٍ عديدةً في وضعها على شكل قوانين، فما هي إلّا ترداد لما نقوله بالسَّليقةٍ في كلامنا، ومفضَّل أن يتجنَّبَها المدرِّسون.


ألبدل:

والبدلُ، بأنواعه المختلفة، هو أيضاً من التوابع. وتلقينُ جميعِ أنواع البدل وشروطِها هو من باب توضيح الواضح، ومفضَّلٌ الامتناع عن تلقينِها للطّالب. وأكتفي بهذه الأمثلة الّتي تبيِّنُ أنّ البدلَ يتبعُ المُبدَلَ منه في حركة الآخِر:

جاءَ الْمُعَلِّمُ مُحَمَّدٌ

وَقَدْ لامَني في حُبِّ لِيْلى أَقارِبي
أَخي وابنُ عَمّي وابْنُ خالي وَخالِيا

إذا أَبو قاسِمٍ جادَتْ يَداهُ لَنا
لَمْ يُحْمَدِ الأَجْوَدانِ الْبَحْرُ وَالْمَطَرُ

عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
بِمُنىً تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها

كل واحدة من الكلمات الّتي تحتها خطّ في الأمثلة الأربعة هي بدل من كلمة قبلَها، فهي تابعة لتلك الكلمة. "محمَّد" في المثال الأول استبدلت كلمة "الْمُعَلِّمُ" فهي تابعة لها في المعنى وفي الإعراب. كلمة "أخي" في بيت الشعر الأول مرفوعة على إتباع "أقاربي" المرفوعة على الفاعلية، وكلمتا "ابنُ" مرفوعتان بعطفهما على "أخي"، وكذلك كلمة "خالِيا". أمّا كلمة "الْبَحرُ" في البيت الثّاني فهي بدل مرفوع من "الأَجْوَدان" (نائب فاعل مرفوع)، والْمَطَرُ معطوفة عليها. ألبيت الثّالث هو مطلع معلّقة لبيد بن ربيعة العامري، وكلمة "مَحَلُّها" مرفوعة على إتباع كلمة "الدِّيارُ" المرفوعة كفاعل، و "مُقامُها" معطوفة على "مَحَلُّها". ومعنى البيت هو: عَفَتْ ديارُ الأحباب وانمحت منازلُهم، ما كان منها للحلول دون الإقامة الدائمة وما كان للإقامة. "مُنىً": اسم موضع. "غَوْل" و "رِجام": جبلان.

أقلُّ أنواعِ البدل استعمالاً هو ما أسمته كتبُ القواعدِ "بدَلَ اشتمال"، نحو [أَطْرَبَني الْبُلْبُلُ تَغْريدُهُ]، فكلمة (تَغريدُهُ) مرفوعة على إتباع كلمة (الْبُلْبُلُ) المرفوعة؛ وواضحٌ أنّ التعبيرَ الأكثرَ استعمالاً هو قولُك [أَطْرَبَني تَغريدُ الْبُلْبُلِ]. لننظرْ إلى قول الشاعر:

بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناؤُنا
وَإنّا لَنَبْغي فَوْقَ ذلِكَ مَظْهَرا

فكلمة "مَجْدُنا" هي بدلٌ – وغيرُ مهمٍّ أيُّ نوعٍ من البدل - من ضمير الرّفعِ في "بَلَغْنا"، أو تابعة لضمير الرّفع، فجاءت مرفوعةً.


نائبُ الفاعل:

من المفيدُ أن أشيرَ إلى بعضِ الأمورِ المتعلّقةِ بنائب الفاعل وببناء الفعلِ للمجهول: أوّلاً، لا شكَّ أنّ نائب الفاعل هو مرفوعٌ أيضاً رغم أنّه يوحي بالمفعولية، ولك أن تجعلَ البيِّنةَ على ذلك استبدالَ ضمير النَّصب بضمير الرَّفعِ حين تبني الفعلَ للمجهول، ففي استعمال الفعل المعلوم أنت تقول مثلاً [دَرَّسْتُكَ]، وحين تبني الفعل للمجهول يصبحُ قولُك [دُرِّسْتَ]، فتحوّل ضمير النّصب (الكاف) إلى ضميرِ رفعٍ (التاء). ثانياً، في الأفعال المتعدية يصبح المفعولُ نائبَ فاعل، وإذا تعدّى الفعلُ لأكثرَ من مفعولٍ يصبحُ المفعول الأوّلُ نائبَ فاعل ويبقى المفعولُ الثّاني مفعولاً ثانياً، فقولُكَ [أَعْطَيْتُ الْفَقيرَ دِرْهَماً] يصبحُ في المجهول [أُعْطِيَ الْفَقيرُ دِرْهَماً]، فأصبحت كلمةُ "الْفَقير" نائباً للفاعل وبقيت كلمةُ "دِرْهَماً" مفعولاً ثانياً. ثالثاً، أعتقدُ أنّه من المفضل عدم تلقين الدّارس كيفَ يُبنى الفعل (الماضي والمضارع) للمجهول، فهو أمرٌ يعرفُه كلُّ عربيّ. أخيراً، يمكنك بناء الفعلِ للّازمِ للمجهول، وعندها يكون نائبُ الفاعل جاراً ومجروراً، أو ظّرفاً أو مصدراً مختصَّيْن متصرِّفَيْن:
معلوم مجهول
1. فَرِحوا بِنَجاحِ أَخي فُرِحَ بِنَجاحِ أَخي
2. سَجَدوا سُجودَ الْخاشعين سُجِدَ سُجودُ الْخاشِعين
3. ازْدَحَمَ النّاسُ ازْدِحاماً شَديداً في الأَسْواقِ ازْدُحِمَ ازْدِحامٌ شَديدٌ في الْأَسْواقِ

إنتبهْ إلى أنّه يمكنُك أن تبني للمجهول فقط حين يكون المصدرُ مُعرَّفاً (كما في 1 و 2) أو على الأقلِّ مخصَّصاً (كما في 3)، فلا يمكنك أن تحوِّلَ جملة [سجَدوا سُجوداً] للمجهول وتقول [سُجِدَ سُجودٌ] بل عليكَ أن تخصِّصَ المصدر (على الأقلّ) وتقول [سُجِدَ سُجودٌ كَثيرٌ].

أخيراً، ملاحَظٌ أنّه قلّما نستعمل الفعل المجهول في عامّيّتِنا، وغالباً ما نستعيضُ عنه بوزنِ [انْفَعَلَ]، فنقول [انْكَسْرَتِ الزُّجاجة] بدل [كُسِرَتِ الزُّجاجةُ]. على أنّ هناك فرقاً دقيقاً بين التّعبير بالمبني للمجهول وبين التعبير بوزن انْفَعَلَ، حيث في المبني للمجهول مسبِّبُ حدوثِ الفعل هو طرفٌ آخر مجهولٌ كلّيّاً، بينما في "انْفَعَلَ" قد يكون المسبِّب هو الذاتُ نفسها، كما في "دُفِعَ" مقابل "انْدَفَعَ" أو "كُسِرَ" مقابل "انْكَسَرَ".


كان هذا عن المرفوعات. أمّا المجرورات فقد ذكرت أنّ الأسماء تجرّ في حالتين فقط: إذا سُبقت بأحد أحرف الجر (في الْمَدْرسةِ)، وإذا كانت مضافاً إليه (كتابُ الطّالِبِ). ألمنصوبات هو موضوع الحلقة القادمة.



#شوقي_إبراهيم_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو العلاء المعرّي (973 – 1058)
- تعلّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثانية عشرة (12): ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الحادية عشرة (11) - ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة العاشرة (10) - ألمع ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة التاسعة (9) - ألمبن ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس – ألحلقة الثامنة (8) - ألحا ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة السابعة (7) - ردود ...
- تعلَّموا العربية وعلِّموها النّاس – ألحلقة السادسة (6) - أئم ...
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الخامسة (5) - تشكي ...
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الرّابعة (4): ألهم ...
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثالثة (3)
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثانية (2): في ال ...
- تعلَّموا العربيّة وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلّموا العربية وعلّموها للنّاس - ألحلقة الثالثة عشرة (13): في المرفوعات والمنصوبات والمجرورات