أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلَّموا العربية وعلِّموها النّاس – ألحلقة السادسة (6) - أئمّة اللّغة والنّحو















المزيد.....

تعلَّموا العربية وعلِّموها النّاس – ألحلقة السادسة (6) - أئمّة اللّغة والنّحو


شوقي إبراهيم قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 21:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد تكلَّمَ العربُ لغتَهم الأمَّ بشكلِها الفصيح بالسّليقةِ ودونَ الحاجةِ إلى معرفةِ قوانينِها. لكنْ عندما دخلتْ أممٌ أعجميةٌ كثيرةٌ في المجتمعِ العربيِّ الإسلاميِّ، وبدأتْ تستعملُ العربيةَ كلغةِ الاتّصالِ الرَّئيسيّةِ، كثُرَ اللّحنُ، فظهرتِ الحاجةُ في القرنين السّابعِ والثّامن لوضعِ وكتابةِ قوانين اللّغةِ، فنشأتْ في أواخرِ العصرِ الأمويِّ وأوائلِ العصرِ العباسيِّ مدرستان مشهورتان للنّحوِ، واحدةٌ في البصرة والثّانيةُ في الكوفة. ازدهرتِ المدرستان في القرنِ الثّامن الميلادي، وكان سيبويهِ إمامَ مدرسةِ البصرة، والكسائي إمامَ مدرسةِ الكوفة. برزَ خلالَ هذين القرنين عددٌ من العلماء في علومِ اللّغة والنَّحوِ، أشهرُهم أربعةٌ وهم: أبو الأَسْوَد الدُّؤَلي، ألخليل بن أحمد الفراهيدي، سيبويه، والكسائي. هذه معلوماتٌ مختصرةٌ عن كلٍّ منهم.

أبو الأسْوَد الدُّؤَلي (606 - 689 م):
هو أبو النّحو وعالمٌ في أمورِ اللّغةِ وشاعر. إسمه الكامل: ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل ... بن بكر الديلي، نسبةً إلى قبيلة دئل (بكسر الهمزة) الكنانية، وإنما فُتحت الهمزةُ في النِّسبة (دُؤَليّ) لئلا تتوالى الكسرات، وهي قاعدةٌ مطّردة، والدئل: اسم دابة بين ابن عرس والثعلب. أمّ أبي الأسْوَد هي قرشية من بني عبد الدّار بن قصي. ولد في الكوفة ونشأ في البصرة، من ساداتِ التّابعين وأعيانِهم. أَسلمَ وجماعةً من قومِه بعدَ فتحِ مكّةَ بقليل. وكان من وجوهِ الشّيعة، وصحِبَ الإمامَ عليَّ بنَ أبي طالب وشهدَ معه معركةَ صفّين ضدّ معاوية. كانت وفاةُ أبي الأسود في البصرة بالطّاعون، وعمرُه 85 سنة، وقيل إنّه مات قبلَ الطّاعون بعلّةِ الفالج.
والدُّؤَلي هو أوّلُ من وضعَ كتاباً في قواعدِ اللّغة. ويُروى عنه أنّ الإمامَ عليّاً طلب منه أنْ يضعَ قوانينَ اللّغة في كتاب، لكنّه ماطلَ في ذلك. إلى أنْ جاءَ يومٌ كان فيه الدُّؤلي جالساً مع زوجتِه أو ابنتِه على بابِ منزلِهم في اللّيل، فأشارتِ الزّوجةُ أو الابنةُ إلى السّماءِ وقالتْ: "ما أَجْمَلُ السّماء!"، فما كان من أبي الأَسْوَد إلاّ أنْ أجابَها: "نجومُها"، فقالت له: "أنا لا أسألُ إنّما أتعجّبُ". وحين رأى أبو الأسود أنّها لحنت ذهبَ للتَّو إلى الإمامِ عليٍّ وطلبَ منه أنْ يسمحَ له بوضعِ كتابِ النّحو. وقال ولدُه أبو حرب: "أوّلُ بابٍ رسمَ أبي بابُ التّعجب". والدُّؤلي هو أوّلُ مَن شكّلَ المصحفَ، وأوّلُ مَن ضبطَ قواعدَ النّحوِ، ووضعَ بابَ الفاعل والمفعول والمضاف وحروف النّصب والجرّ والجزم، ووضعَ النّقاطَ على الأحرفِ بأمرٍ من الإمامِ عليّ. وقيلَ له يوماً: مِن أين لك هذا العلم؟ فقال: لقنتُ حدودَه من عليِّ بنِ أبي طالب.
وقيل إنّه كان يُعلِّمُ أولادَ زيادِ بنِ أبيه وهو والي العراقين، فجاءَهُ يوماً وقال له: أصلحَ اللهُ الأميرَ، إنّي أرى العربَ قد خالطت هذه الأعاجمَ وتغيّرتْ ألسنتُهم، أفتأذنُ لي أنْ أضعَ للعربِ ما يعرفون أو يُقيمونَ به كلامَهم؟ قال: لا. بعدَ ذلك حدثَ أنْ جاء رجلٌ إلى زياد وقال: "أصلحَ اللهُ الأميرَ، توفّيَ أبانا وتركَ بنون"، فقال زياد: "توفيَ أبانا وتركَ بنون! ادعوا لي أبا الأَسْوَد"، فلما حضر قال: ضعْ للنّاس الّذي نهيتُك أنْ تضعَ لهم.
وفي رواية أخرى أنّ أبا الأّسْوَد كان لا يُخرِجُ شيئاً أخذَه عن عليِّ بنِ أبي طالب إلى أحد، حتى بعثَ إليه زياد المذكور: "أن اعمل شيئاً يكونُ للنّاس إماماً ويُعرفُ به كتابُ اللهِ عزَّ وجلّ"، فاستعفاه من ذلك، حتى سمع أبو الأسود قارئاً يقرأ: "إنّ اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولِهِ" (بجرّ ‘رسولِهِ’ بعطفها على "المشركين"، و(رسولَهُ) حسب المعنى معطوفة على "الله"، فهي منصوبة)، فقال: ما ظننتُ أنّ أمرَ النّاس آلَ إلى هذا. ثمّ رجعَ إلى زيادٍ وقال: "أَفعلُ ما أمرَ به الأميرُ، فليأتِني كاتبٌ لَقِنٌ يفعلُ ما أقولُ له". فأُتيَ بكاتب، فقال له أبو الأَسْوَد: "إذا رأيتَني قد فتحتُ فمي بالحرف فانقطْ نقطةً فوقَه، وإنْ ضممتُ فمي فانقطْ بين يدَيِّ الحرف، وإنْ كسرتُ فاجعلِ النّقطةَ من تحت"، ففعلَ ذلك، وكان هذا بدايةَ ظهورِ الحركات.
ويقول أبو الأَسْوَد: "إنّما سُمِّيَ النّحوُ نحواً لأنّني استأذنتُ عليَّ بنَ أبي طالب أنْ أضعَ نحوَ ما وضع، فسُمِّيَ لذلك نحواً". ومن تلاميذِ الدُّؤَلي: ابنُه أبو حرب عنبسة الفيل، الخليل بن أحمد (وُلدَ بعد وفاة الدّؤلي بعشرين سنة، لكّنه درس الكتبَ التي وضعها الدّؤلي)، النّحويّ نصر بن عاصم اللَّيْثي، ورامي الأسدي الّذي ساعدَ على نقلِ الأخبارِ الهامّةِ عن سيرة أبي الأَسْوَد.

من نوادر الدؤلي:
كان لأبي الأسود بالبصرة دارٌ، وله جارٌ يتأذّى منه في كلِّ وقت، فباعَ الدّارَ فقيلَ له: بعتَ دارَك، فقال: بل بعتُ جاري، فذهبتْ مثلاً. ونقولُ اليوم: "فتش عنِ الجار قبلَ الدّار". وكان ينزلُ البصرة في بني قُشَيْر، وكانوا يرجمونه باللّيل لمحبته علياً، فإذا ذَكَرَ رجمَهم قالوا له: إنّ اللهَ يرجمُك، فيقولُ لهم: "تكذبون، لو رجمني اللهُ لأصابني ولكنّكم ترجمون ولا تصيبون". ويحكى أنّه أصابَه الفالج، فكان يخرجُ إلى السّوق يجرُّ رجلَه، وكان موسراً ذا عبيدٍ وإماء، فقيلَ له: قد أغناكَ اللهُ عن السّعْيِ في حاجتِك، فلو جلستَ في بيتك. فقال: "لا، ولكنّني أخرجُ وأدخلُ فيقولُ الخادمُ: قد جاء، ويقول الصبيُّ: قد جاء، ولو جلستُ في البيت فبالتْ عليَّ الشاةُ ما منعَها أحدٌ عنّي". وكان عبدُ الله بن عباس عاملاً لعليِّ بنِ أبي طالب على البصرة، فلما شخصَ إلى الحجازِ استخلفَ أبا الأّسْوَد عليها، فلم يزلْ عاملاً عليها حتّى قُتل عليّ.

لأبي الأَسْوَد أشعارٌ كثيرة، وله ديوانُ شعرٍ طُبع بتحقيقِ محمد آل ياسين وشرحِ السُّكَّري. من نوادرِه الشعرية:
دخل الدُّؤَلي - وكانَ يُعيَّرُ لشكلِه - على عبدِ الملك بنِ مروان، فقالَ له عبدُ الملك: يا أبا الأَسْوَد، لو عَلَّقْتَ عليكَ عودةً من العين، فقال: إنّ لك جواباً يا أميرَ المؤمنين، وأنشد:

أَفْنى الشَّبابَ الّذي أَفْنَيْتُ جَدَّتَهُ كَرُّ الْجَديدَيْنِ مِنْ آتٍ وَمُنْطَلِقِ
لَمْ يَتْرُكا لي في طولِ اخْتِلافِهِما شَيْئاً أَخافُ عَلَيْهِ لَذْعةَ الْحَدِقِ

وأضاف: أمّا والله لئن كانت أبلَتْني السُّنون وأسرعتْ إلي الْمَنون لما أثبت ذاك إلّا في موضعه. ولرُبَّ يومٍ كنتُ فيه إلى الآنساتِ البيضِ أشهى منكَ إليهنّ. وإنّي اليومَ لكما قال امرؤ القيس:

أُراهِنُ لا يَحْبُبْنَ مَنْ قَلَّ مالُهُ وَلا مَنْ رَأَيْنَ الشَّيْبَ فيهِ وُقوما

فقال عبدُ الملك: قاتلك اللهُ من شيخٍ ما أعظم همتكّ.

وكان لأبي الأَسْوَد من معاوية بن أبي سفيان ناحيةٌ حسنة فوعدَه وعداً أبطأ عليه فقال:

لا يَكُنْ بَرْقُكَ بَرْقاً خَلِبا إنَّ خَيْرَ الْبَرْقِ ما الْغَيْثُ مَعَهْ
لا تَهِنّي بَعْدُ إذْ أَكْرَمْتَني فَقَبيحٌ عادةٌ مُنْتَزَعَةْ

وله أشعارٌ كثيرةٌ، فمن ذلك قولُه الذي أصبحَ على كلّ لسان:

وَما طَلَبُ المَعيشةِ بِالتَّمَنّي وَلكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ بَيْنَ الدِّلاءِ
تَجيءُ بِمِلْئِها طَوْراً وَطَوْراً تَجيءُ بِحَمْأَةٍ وَقَليلِ ماْءِ

ومن شعرِه السّياسيّ هذا البيت:

صَبَغَتْ أُمَيّةُ بْالدِّماءِ أَكُفَّنا وَطَوَتْ أُمَيَّةُ دونَنا دُنْياها

وللدُّؤَلي عددٌ من القصائدِ المعروفة، لعلَّ أشهرَها ميميتُه في الحكم والأخلاق، ومطلعها:

حَسَدوا الْفَتى إذْ لَمْ يَنالوا سَعْيَهُ فَالْقوْمُ أَعْداءٌ لَهُ وَخُصومُ

ومنها هذه الأبيات الشهيرة:

فَاتْرُكْ مُحاوَرةَ السَّفيهِ فإنَّها نَدَمٌ وَغِبٌّ بَعْدَ ذاكَ وَخيمُ
وَإذا جَرَيْتَ مَعَ السَّفيهِ كَما جَرى فَكِلاكُما في جَرْيِهِ مَذْمومُ
وَإذا عَتِبْتَ عَلى السَّفيهِ وَلُمْتَهُ في مِثْلِ ما تَأْتي فَأَنْتَ ظَلومُ
لا تَنْهَ عَنْ خَلْقٍ وَتَأْتي مَثْلَهُ عارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظيمُ
إبْدَأْ بِنَفْسِكَ وَانْهَها عَنْ غِيِّها فَإذا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكيمُ

ألخليل بن أحمد الفراهيدي (719 – 789):
أستاذ عصره في اللغة العربية وعلومها. هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري، وهو عربيُّ النَّسبِ من قبيلةِ الأزد، ويلقَّب بالفراهيدي نسبةً إلى أحد أجداده، فراهيد بن شابة بن مالك بن فَهم. وُلدَ في عُمان عام 719 م، وتوفِيَّ في البصرة في يوم الجمعة لثلاثٍ بقين من جمادى الآخرة سنة 173 هـ/ 789 م. وهو نفسُ يومِ وفاةِ الخيزران والدةِ هارون الرّشيد. هو مؤسِّسُ علم العَروض ومعلِّمُ سيبويه (نعم، علّم سيبويه والكسائي أيضاً!) وواضعُ أوَّلَ معجمٍ للّغة العربيّةِ وهو العين. أخذَ عنه النحوَ كلٌّ من سيبويه والنضر بن شميل وهارون بن موسى النحوي والأصمعي والكسائي. وأخذ هو عن الدُّؤَلي وعن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي. من كتبِ الخليل، بالإضافة لمعجم العين: كتاب النّغم، وكتاب العَروض، وكتاب الشواهد، وكتاب الإيقاع.
كان الخليل زاهداً ورعاً، ونقل ابنُ خلكان عن تلميذِ الخليل، النضر بن شميل، قولَه: "أقام الخليلُ في خُصٍّ له في البصرة، لا يقدرُ على فلسين، وتلامذتُه يكسبون بعلمِه الأموالَ". كما نقلَ عن سفيان بن عيينة قولَه: "من أحبَّ أنْ ينظرَ إلى رجلٍ خُلِق من الذَّهبِ والمسكِ فلينظرْ إلى الخليل بن أحمد".
يعدُّ الخليلُ بنُ أحمد من أهمِّ علماءِ المدرسةِ البصرية، وتُنسَبُ له كتب: "العوامل"، و"جملة آلات الحرب"، و"معاني الحروف"، و"العوامل والعَروض والنقط". كما قام بتغييرِ رسمِ الحركاتِ الّتي كانت على هيئةِ نقاطٍ (وضعها الدؤلي) بلونٍ مختلفٍ عن لونِ الكتابة، وكانَ تنقيطُ الإعجامِ (الخاصّ بالتّمييز بين الحروفِ المختلفةِ كالجيم والحاء والخاء) قد شاعَ في عصرِه، بعدَ أنْ أضافَه إلى الكتابةِ تلميذا أبي الأَسْوَد الدُّؤَلي: نصرُ بنُ عاصم ويحيى بنُ يعمر التابعي، فكان من الضَّروري تغييرُ رسمِ الحركاتِ ليتمكَّنَ القارئُ من التّمييزِ بين تنقيطِ الحركاتِ وتنقيطِ الإعجام. فجعلَ على الحروفِ وتحتَها كلَّ ما نجدُه اليومَ في الكتابةِ العصرية: جعلَ الفتحةَ ألفًا صغيرةً مائلةً فوقَ الحرف، والكسرةَ ياءً صغيرةً تحتَ الحرفِ، والضَّمّةَ واواً صغيرةً فوقَه. وفي (التّنوينات) المختلفةِ كرَّر شكلَ حركةِ التّنوين. ووضعَ سيناً صغيرةً للتَّعبيرِ عن الشّدّةِ، ووضعَ رأسَ عين لتشيرَ إلى الهمزة، ووضعَ الرّموزَ لغيرِها من الحركاتِ كالسّكونِ وهمزةِ الوصلِ، وبهذا يكونُ النِّظامُ الّذي اتَّخذَه هو نفسُ النِّظامِ المتَّبعِ اليوم.

فكرة وضع علم العروض:
عندما كان الخليلُ يسيرُ في سوق الغسّالين، سمعَ ولاحظَ أنّ لصوتِ ضربِهم نغماً مميّزاً، فطرأتْ ببالِه فكرةُ وضعِ علمِ العَروضِ الّتي يعتمدُ عليها الشِّعرُ العربيُّ. فكانَ يذهبُ إلى بيتِه ويتدلّى إلى البئرِ ويبدأُ بإصدارِ الأصواتِ بنغماتٍ مختلفةٍ ليستطيعَ تحديدَ النَّغمِ المناسبِ لكلِّ قصيدة، فوضعَ بذلكَ معظمَ بحورِ الشِّعرِ السّتة عشرَ وتفعيلاتِها، وتُسمّى بحورَ الخليل. ويروى أنّه عندما كان يسيرُ في بيتِه ذهاباً وإياباً وهو يدندنُ النَّغماتِ المختلفةَ، اصطدمَ بعامود الدّارِ وشُجَّ رأسُه. وكان ابنُه يراقبُ حركاتِه، فتساءل بسخرية: هل جُنَّ والدي؟ فأجابَه الخليلُ ببيتين من الشّعر هما غايةٌ في البلاغة:

لو كنتَ تعلمُ ما أقولُ عذرتَني أو كنتَ تعلمُ ما تقولُ عذلتُكَ
لكنْ جهِلتَ مقالتي فعذَلْتَني وعلِمتُ أنّكَ جاهلٌ فعذرتُكَ

من أقوالِه المأثورةِ عن الجهلِ والمعرفة:
ألرجالُ أربعة: رجلٌ يعرفُ ويعرفُ أنّه يعرف، وهذا عالمٌ اتبعوه. ورجلٌ يعرفُ ويعرفُ أنّه لا يعرف، وهذا حكيمٌ اسمعوه. ورجلٌ لا يعرفُ ويعرفُ أنّه لا يعرف، وهذا جاهلٌ علّموه. ورجلٌ لا يعرفُ ويعرف أنّه يعرف، وهذا أحمقٌ اجتنبوه.

سيبويه (760 – 796 م):
هو أبو بشر عمرو بنُ عثمان بن قنبر البصري، المعروف بسيبَوَيه. إمامُ العربيةِ وشيخُ النّحاة الّذي إليه ينتهون. وهو إمامُ مدرسةِ البصرة النحوية. له كتابٌ في النّحو يسمّى "الكتاب"، وهو أوّلُ كتابٍ منهجيٍّ ينسّقُ ويدوّنُ قواعدَ اللّغةِ العربيّة، و "لم يكتبِ النّاس في النّحو كتاباً مثلَه". سيبويه فارسيُّ الأصل، وُلد في مدينةِ البيضاء قربَ شيراز وتوُفِيَ فيها. كانَ مولى بني الحارث بن كعب، ثمَّ مولى آل الربيع بن زياد. قدِمَ إلى البصرة غلاماً،ونشأ فيها، وأخذ عن علمائها، وعلى رأسِهم الخليلُ بنُ أحمد. له وصفٌ لمخارج حروف اللّغةِ العربيةِ هو الأدقُّ حتّى الآن. لم يعمِّرْ طويلاً، وتوفي بعد وفاة الخليل بسبع سنوات.

ألكسائي (740 - 804):
هو أبو الحسن عليُّ بنُ حمزة بن عبد الله الكسائي الأسدي. إمامُ مدرسةِ الكوفة في النحو، وإليه انتهت رئاسةُ الإقراء فيها بعدَ حمزة الزّيات. وقد نشأت مدرستا البصرة والكوفة النحويتان في أواخرِ عصرِ الدَّولةِ الأموية، وازدهرتا منذُ أوائلِ عصرِ الخلافة العباسية. بلغ الكسائي عند هارونَ الرّشيد منزلةً عظيمة، وقد درَّسَ علومَ اللّغة لولدَيْه، الأمين والمأمون. كان النّاسُ يأخذونَ عنه ألفاظَه بقراءتِه عليهم، وينقطون مصاحفَهم حسبَ تعليماتِه. وُلد حوالي سنة 740 م، وخرج لِمُدّةٍ طويلة إلى البوادي، وألّفَ وهو في نجد وتهامة كتابَ "الغريب عن الأعراب". توفي في الرَّيْ سنةَ 804 م، بعدَ وفاة سيبويه بثماني سنوات. قال الإمامُ الشّافعي عن الكسائي: "مَن أرادَ أنْ يتبحّرَ في النّحو فعليه بالكسائي". وقال عنه أبو بكر الأنباري: "اجتمعت في الكسائي عدّةُ أمور: كان أعلمَ النّاسِ بالنّحو، وأوحدَهم في الغريب، وكان أوحدَ النّاس في القرآن، فكان يجمعًهم في مجلسٍ ويجلسُ على كرسي ويتلو القرآن من أوّلِه إلى آخِرِه، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطعَ والمبادئ". وقال ابنُ معين: "ما رأيتُ بعينَيّ هاتَين أصدقَ لهجةً من الكسائي".

كانت هذه هي الحلقة الأخيرة قبل الدّخول في الموضوع المركزي، والذي يمتدُّ على ثماني حلقات على الأقلّ، وهو "تغيير أساليب تدريس قواعد اللغة العربية في المدارس". قبل ذلك نلتقي في الحلقة القادمة، وموضوعها: "ردود على اقتراحات القرّاء".



#شوقي_إبراهيم_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الخامسة (5) - تشكي ...
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الرّابعة (4): ألهم ...
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثالثة (3)
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثانية (2): في ال ...
- تعلَّموا العربيّة وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلَّموا العربية وعلِّموها النّاس – ألحلقة السادسة (6) - أئمّة اللّغة والنّحو