أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية















المزيد.....

رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 10:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


رواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل، صدرت في إنجلترا فى 1945 ومنذ ظهورها طبع منها عشرات الملايين من النسخ بمختلف اللغات. وانتشار الرواية يرجع الى الترويج لها فى إطار إحلال الدعاية السياسية محل التقويم النقدى. وهذه إطلالة سريعة على بعض جوانب حقيقة الرواية.

وصف ستيفن سيدلى رواية مزرعة الحيوان، فى مقالة له بعنوان ” اقتراح غير متواضع: جورج أورويل“، بانها تخلو من التخييل الروائى المقنع. وهى تنزع الى تبرير مضمونها سياسياً، وترمى الى اقناع القارىء بافتراض رئيسى هو أن الناس فى حياتهم السياسية يتساوون مع الحيوانات من ناحية السلب والفظاظة، وافتراض ثانوى يعتبر المجتمع المدنى مزرعة يديرها على نحو حسن أو سيىء أناس يصعدون للسلطة اما بوراثتها بالميلاد او انتزاعها بالقوة. وإتكاءً على هذين الافتراضين تأتى مزرعة الحيوان وبدونهما لا توجد رواية ولا مغزى.

ويمضى سيدلى يقول أنه إكتشف إن ضيق إبنته ذات الثلاثة عشر ربيعاً من قراءة رواية مزرعة الحيوان المدرجة ضمن المقررات المدرسية مبعثه هو ” أنها حديثة عهد بالأفكار السياسية بالقدر الذى لاتمتلك معه مرجعية للرواية : إنها لا تفهم المقصود منها. لا يوجد تحريض على ولوج عالم الخيال القصصى. فليس هناك نقطة إنطلاق مشتركة للقارىء والكاتب.“ اورويل يفترض إتفاق القارئ معه على اساس مسبق، ويذكر سيدلى أن هذا الإعراض لا يعزى لكون الرواية خرافية تجرى على لسان الحيوان (animal fable)، فالأدب الانجليزى غنى بالأمثلة الرائعة لهذا الجنس من أدب االخرافة التى وجدت إستحساناً وإقبالاً كبيراً. ومن الامثلة التى قدمها سيدلى هى "رحلات جليفر" التى يسوق فيها " جوناثان سويفت" القارئ فى رحلة قُدم فيها الخيال بشكل مقنع يجعل الأخير عندما يصل الى نقطة اللاعودة يكتشف أنه يقرأ عن نفسه. والتركيز هنا على الجانب الفنى (الخيال الابداعى) الذى يوسع الآفاق الذهنية ويشحذ الوعى الوجدانى الذى يؤدى الى الانتباه للظواهر الحياتية.

فى إعتقاد سيدلى أن ضعف المعالجة الفنية فى مزرعة الحيوان، على عكس الامثلة التى قدمها، يكمن فى افتراض أن لا خيار بين الانسان والحيوان الذى جعل روايته بلا قيمة فنية وخالية من الابداع والأصالة. وبيّن سيدلى فى أمثلته أن الاعمال الجيدة فى هذا المجال أظهرت الروابط بين حياة الانسان والحيوان بدون وضعها فى قوالب ترمى لخلع نزعات حيوانية على الناس لا وجود لها فى الواقع. فمثلاً أبلد الحيوانات فى رواية مزرعة الحيوان وهى الخراف الحليف الاساسى الجاهل للخنازير (القادة السوفيت) تثغو بلا إنقطاع ” أربع أرجل جيدة، قدمان سيئتان“ فى كل جدال مما لا يترك مجالاً لاى نقاش جاد؛ ولكن حتى ابسط الناس لهم فكرة ما عن الأشياء تسمح لهم بالمجادلة ولو على قدر تحده سذاجتهم وتعصبهم لمواقفهم نتيجة للجهل. ولكن أورويل اراد القول ان العمال وجمهور الناس العاديين اطلاقاً لا يستطيعون تحرير انفسهم وبناء الإشتراكية التى يناصبها العداء.

( نشير الى أن مقارنة سيدلى يمكن الاستضاء بها فى اجراء المقارنة مع توظيف الحيوان فى الادب العربى. فعلاقة الانسان بالحيوان تتمتع بوجود معتبر فى الثقافة العربية عبرت عنه الفنون والآداب والحكايات الاسطورية كمجموعة قصص كليلة ودمنة الخرافية التى جرت معظم حكايتها على لسان كليلة ودمنه، إبناء آوى، وكانا ذوى دهاء وعلم وأدب؛ فالحيوانات فيها تحاكى الشخصيات الآدمية بتصوير مستمد من العلاقة الفعلية التى توجد بين حياة الانسان وحياة الحيوان بدون الوقوع فى سخف إزالة أى تمييز بينهما فيما يخص النزعات والدوافع، ألخ.)

استخدمت رواية ” مزرعة الحيوان“ كسلاح فى الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية لتشويه صورة النظام السوفيتى وقادته، وفى هذا المنحى جرى تدريسها كمادة مدرجة فى مناهج الادب في انجلترا لمرحلة التعليم الثانوي بهدف إقناع التلاميذ بعدم جدوى وبطلان الافكار المتعلقة بالتغيير الاجتماعى الجذرى الذى تدعو له الاشتراكية العلمية. يقول ألن بروان، فى مقالة له بعنوان ” مراجعة أورويل: قيم سياسية وأدبية فى التعليم“، أن جميع معُينات الدراسة (study aids) الخاصة بالرواية تركز على شخصية أورويل وتصويرها بالتمتع بالحياد والحكمة وهو تصور مبني على الايحاء بأن نقاء الفرد الخلقى الذى تمثله تلك الصفات هو شرط الوصول الى الموضوعية، وعليه إذا اردنا إدراك الحقائق علينا البحث عن قديسين. ويقول المؤرخ البريطانى بريندون بيرس ” اورويل كان قديس الاخلاق المتعارفة وفى وقت سابق عندما كان يعمل بال "بى.بى.سى." قال عنه رئيسه روشبروك وليامز،’ إنه قد تم تهيئته ليكون قديسا، أو يحرق على الوتد‘.“

وهكذا كان الهدف تقديم أورويل كشخص (كاتب) محايد وبالتالى فان أحداث الرواية لا تحمل وجهة نظره لأنه صادق فى حياده! وفى إحدى مُعينات الدراسة التى اوردها بروان جاء فيها: ” إرتكازاً على التجربة الشخصية والعرف العام، ولكن أكثر أهمية على الحقائق المُلاحَظَة، استطاع أورويل الوصول الى أن الاشتراكية كما هى فى زمنه غير واقعية والدعوة لها غير موضوعية.“ ويعلق بروان على هذا قائلاً: ” مَنْ يستطيع مناقضة العرف والحقيقة والتجربة؟ لقد تم تحديد صلاحية وصحة حجة الكاتب بالإصرار على التجربة الشخصية والمعلومات الغير متحيزة...... قُدمت جاذبية هذه الامبريقية بهدف جعل أى محاولة لدحض حكم أورويل (على الاشتراكية) شيئا مستحيلا. هذا ينطبق، على الاقل، على الطلاب حديثى العهد بالسياسة......إن الغياب التام للشك أو القيد يجعلهم يميلون لقبول أى افكار وحتى التعصب كحقائق مقبولة.“ خُصصت رواية مزرعة الحيوان فى حقل التعليم لخلق اسطورة سياسية من أورويل. تم هذا بالاعتماد على منهج الحكم على الاشياء اعتماداً على العرف العام السائد، وقد لاحظ بروان أن مختلف معينات الدراسة أظهرت إجماعاً حول شخصية أورويل كشخصية متفردة فى صدقها وواقعيتها لحث التلاميذ على قبول هذا الإجماع وإعتبار أنفسهم جزءاً منه. كما خلت العملية التعليمية من أى مجهود لفحص الافتراضات، وقدمت الفرد على العامل السياسى والاجتماعى بافتراض أن حركة التاريخ تحددها حقائق خالدة غير قابلة للتغير كالطبيعة البشرية والأخلاق.

هل يعقل، كما تصوَّر مروجو رواية مزرعة الحيوان، أن تكون الخزعبلات الواردة فيها كافية لدحض ثورة أكتوبر العظمى؟ لقد أهملت الرواية حقائق الواقع. فأكاذيب الرواية تحرف الانظار عن انجازات الإتحاد السوفيتى السابق فى انشاء المزارع الجماعية والصناعات الحديثة بعد اطاحته بالراسمالية والإقطاع، وتمكنه من صد العدوان المسلح والحصار الذين فرضهما الغرب الامبريالى عليه. وألم يكن غربياً أن تكتب الرواية عندما كان السوفيت يخوضون حرباً طاحنة ضد النازية بذلوا فيها تضحيات كبيرة لم تنقذ نظامهم فحسب، بل ساهمت فى إنقاذ شعوب مختلف البلدان من مخطط النازيين للسيطرة على العالم؟

لم يستطع أورويل نشر رواية مزرعة الحيوان الا بعد سنتين من الإنتهاء من كتابتها فى 1943 اذ رفضها كل الناشرين الذين عرضت عليهم. كانت كل أنظار العالم فى ذلك الوقت تتجه نحو معركة ستالينغراد (1942-1943) بين النظام السوفيتى وجيوش ألمانيا النازية لما تمثله محصلتها بالنسبة لمستقبل البشرية. وفى هذا ذكر الناشر البريطانى المشهور فيكتور جولانز: ” لم يكن ياستطاعتنا نشرها فى ذلك الوقت. فالناس (السوفيت) كانوا يقاتلون من أجلنا وقد أنقذوا رقابنا فى ستالينغراد.“

تزامن نشر الرواية مع تغير الموقف الغربى من النظام السوفيتى بعد الحرب. ففى مناخ الحملة الغربية ضد الاتحاد السوفيى نتيجة للخلاف بين الدول الكبرى على كيفية إدارة وبناء عالم ما بعد الحرب، صارت الظروف مواتية لنشر رواية مزرعة الحيوان وتوظيفها فى معاداة الشيوعية. وهكذا مع تغير الخط السياسيى للغرب بدرجة مائة وثمانين درجة، قبلت دور النشر طباعة الرواية وبعدها تغيرت حظوظ أورويل.

فى عام 2003 انكشفت حقيقة أورويل كشخص معاد للتقدم وواش نمام بعد أن أذاعت الحكومة البريطانية رسمياَ أنه كان يتعامل مع المخابرات البريطانية بمدها بقائمة تضم أسماء 38 من الكتاب والعلماء والفنانين باعتبارهم متعاطفين مع الشيوعية وكان من بينهم اسحق دويتشر و جون بريستلى وجون شتاينبك والممثل شارلى شابلن.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول سؤال -من أين جاء سيسى مصر؟-
- مهزلة ميدان التحرير وامارة العدوية الاسلامية
- التغيير وبادئة -خطرت لى فكرة-
- ثمن قتل وتعذيب الماوماو حفنة جنيهات إسترلينية
- ضرورة اتفاق السودان مع إثيوبيا حول سد النهضة
- أوهام السيادة المصرية على السودان...الخبير المصرى -الاحمق-
- سد النهضة الإثيوبى وعقبة حق النقض المصرى
- تاتشر : - هذه السيدة لا تعرف التحول-
- حسن الطاهر زروق وعدم الامتثال للصواب السياسى
- التحليل السياسى: سقطة كيشوت وأحلام روبرت أوين
- سبعة وخمسون عاماً مضت على انتفاضة جودة 20 فبراير 1956
- ميثاق الفجر الجديد ليس انتقالاً للامام
- التمويل الغربى والانتقال من المؤسسات التنموية الى منظمات الم ...
- السودان: فى مسألة البديل
- البراغماتية ومن يمتلك اتفاقيات أديس أببا
- حول فكرة الاضراب السياسى العام
- قضية الارض فى اتفاقية نيفاشا
- نوبة السودان وعلاقات الارض
- حول علاقات الارض (1 – 2) -التكالب الراهن على حيازة اراضى الد ...
- ثورة 1924 - بداية الثورة الوطنية الديمقراطية الحديثة فى السو ...


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية