أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - مهزلة ميدان التحرير وامارة العدوية الاسلامية















المزيد.....

مهزلة ميدان التحرير وامارة العدوية الاسلامية


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 21:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الحركة الجماهيرية المصرية لها تاريخ حافل فى معارضة كل أشكال الاضطهاد والمطالبة بحقوقها، وكلما إرتفع صوت إحتجاجاتها قوبلت بالقمع التضييق. وعلى مدار عقود طويلة من الزمن ثبتت الانظمة المتعاقبة على تقييد الحركة المطلبية المصرية ووضع القيود والحوجز أمام تطورها. وتشهد على هذا القهر حالات كثيرة خلال الستين عاماً الماضية، ومنها الاسلوب الدموى الذى تعامل به الضباط الاحرار، بعد أقل من عشرين يوماً من حركتهم فى يوليو 1952، مع اضراب عمال مصنع الغزل والنسيج بكفر الدوار الذين نفذوا اضراباً من أجل مطالب لهم طال عليها الزمن ظناً منهم أن الوقت صار مناسباً لتحقيقها بعد أن زعم النظام العسكرى الذى أطاح بالملكية أنه جاء للقضاء على الفساد وإشاعة العدالة بنصرة العمال والفلاحين. فبدلاً من تنفيذ المطالب كان الاعدام الشهير للعاملين "خميس" و"البقري" بتهمة تحريض العمال على الإضراب. وخلال الفترة الناصرية وضعت حركة العمال والمزارعين تحت سيطرة الدولة؛ وتم ترويض الحركة العمالية بتحقيق بعض المكاسب للعمال للحد من اضراباتهم خلال الفترة التى سبقت ثورة 23 يوليو. مُنح العمال تلك المكاسب مقابل تجريدهم من كافة حقوقهم النقابية والسياسية بتنظيمهم فى تنظيمات نقابية حكومية وكان هذا، للمفارقة، هو المُرْتَكز الذى ظل يُمكّن الحكومات المتعاقبة على حكم مصر من الهجوم على مكتسبات العمال بتاييد من قادة النقابات التابعين للدولة.

وفى مايو 1971 انقلب الرئيس محمد أنور السادات على جماعة جمال عبد الناصر وأودعهم السجون، وفى 1976 فكك الإتحاد الإشتراكى وأسس أولى الخطوات فى نظام التعددية الحزبية ووعد الشعب بتحقيق العدالة الاجتماعية، وفى ضوء هذا الوعد بدأت الحركة الجماهيرية فى بلورة وتنشيط حركتها واستعادة حقها المشروع فى الاحتجاج الذى كان أهم ملامحه هو إنتظام العمال فى حركات مطلبية شملت معظم التجمعات العمالية الكبيرة. عندما بلغت الاحتجاجات الشعبية أوجها فى إنتفاضة يومي 18 و 19 يناير 1997 التى أقام فيها الشعب مظاهرات حاشدة ضد سياسات التحرير الاقتصادية التى أدت الى إرتفاع الاسعار ، إستعان السادات بالجيش فى قمع المظاهرات التى وصفها بانتفاضة "الحرامية".

فى الفترات التى اعقبت مرحلة عبد الناصر استمر حرمان العمل النقابى من الاستقلالية الذى تم إستغلاله فى نقض المكتسبات الجزئية التى تحققت للعمال باصدار القوانين العمالية الظالمة كقانون العمل لسنة 2003، الذى بسببه أدرجت منظمة العمل الدولية مصر فى القائمة السوداء بإعتباره من أسوأ القوانين العمالية فى العالم. فبموجب هذه القوانين خفضت أجور العمال الحقيقية تخفيضات كبيرة وشُردت أعداد كبيرة منهم وزُيدت ساعات العمل وجُمدت الضمانات والتامينات عند ادنى حد مما فاقم مستويات البطالة فى المجتمع. وهذه القوانين المتعسفة وغيرها من القيود هى ما أدى الى تفجير انتفاضة 25 ياناير والاطاحة بحكم حسنى مبارك.

ولكن الجيش المصرى أنقذ أركان النظام القديم ومنظومة أجهزته الأمنية، وكان هذا منسجماً مع طبيعته التى جعلته خلال ستين عاماً من السيطرة على الحكم يتحول للمؤسسة الأهم فى دعم جهاز الدولة التنفيذى البيروقراطي هدفها الحفاظ على مصالح كافة فئات الرأسمالية الكبيرة. استمد الجيش دوره ليس من كونه قوة عسكرية ضخمة أفرادها أكثر من مليونين، بل كمؤسسة تدير أكثر من ثلث الإقتصاد المصرى يشمل نشاطها الاقتصادى الصناعة والزراعة وإدارة مراكز الخدمات التجارية المقاولات. وموارد الجيش تصب فى ما يسمى ب " صناديق القوات المسلحة" وهى جزء من صناديق خاصة (مغلقة) تتبع للوزارات والهيئات العامة تودع فيها حصيلة موارد الدولة من الخدمات وبالتالى لا تدخل خزينة الدولة وليس لها علاقة بالموازنة العامة. هذه الصنايق، على حسب تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات المصرى، تبلغ أكثر من تريليون جنيه مصرى و تمثل أكثر من 446% ( اربعمائة وستة واربعون فى المائة) من إجمالى ايرادات ميزانية الدولة.

انفرد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بحكم مصر منذ انتفاضة 25 ياناير لفترة انتقالية امتدت لعام ونصف أجهض فيها كل مطالب الانتفاضة ومارس قمعاً دموياً على جماهيرها. وإتخذت جماعة الإخوان المسلمين جانب المجلس العسكرى الحاكم فى معارضة تصاعد الحركة الجماهيرية، وقد فضح دورهم هذا أحداث شارع محمد محمود التى حصد فيها الجيش بالقوة المفرطة أرواح مئات الشباب وإصابة الآلاف الذين خرجوا مطالبين القوات المسلحة تسليم السلطة لممثلى القوى المدنية التى فجرت الانتفاضة. كانت جماعة الأخوان قد انسحبت من تلك الإحتجاجات بعد أن إشتركت فيها فى بداية الأمر وتجاهلت المطالب الشعبية بمحاسبة المسئولين عن المذبحة التى حدثت.

وبصعود الاسلام السياسى فى 2012 للسلطة لم يسقط الدور المحورى للجيش فيها. وبدأت تتضح جلياً حقيقة الجيش والاخوان كتيارين فاعلين فى صيانة وبقاء النظام القديم بملامحه الرأسمالية؛ فما يسمى بالإقتصاد الإسلامى لجماعة الاخوان يقوم فى الأساس على فكر يرى العلاقات/القوانين الإقتصادية ليس كظاهرات إجتماعية تاريخية. الاقتصاد الإسلامى يرتكز على التجارة فى ظل الملكية الخاصة وهذا يعنى الانتاج السلعى (تحويل القيم الإستعمالية إلى قيم تبادلية)، أى الرأسمالية.

برزت الخلافات بين الجيش وجماعة الاخوان اثر المعارضة الشعبية الواسعة لحكم االإسلام السياسى الذى فشل فى تحقيق مطالب الفئات التى فجرت إنتفاضة 25 ياناير. ففى عهد الرئيس محمد مرسى إنتشرت الإضرابات العمالية (أكثر من 4000) التى تطالب بالأجر العادل وتحسين علاقات وتشريعات العمل ورفض تقاعس الحكومة فى إصدار قانون الحريات النقابية مع إبقائها على قانون النقابات لعهد مبارك؛ وفى هذا الخصوص ظلت مئات النقابات المستقلة، التى تكونت بعد ياناير 2011، غير مُعترف بها وتعرض أعضاؤها للملاحقة الجنائية بتهم التحريض على احتجاجات عمالية غير شرعية.

تصاعدالاحتجاجات الجماهيرية ضد حكم الاسلام السياسى كانت االسانحة التى انتهزها الجيش للتحرك واستعادة تسيده على النظام القديم بالإنقلاب العسكرى فى 3 يوليو. وأى حديث عن تحيز الجيش المصرى للشعب ينبع عن عجز فكرى وفقر معرفى. فالجيش بطبيعته المذكورة أعلاه لم يتحرك لحل قضايا الجماهير، التى خرجت فى 30 يونيو، الخاصة بالحد من البطالة وإرجاع المفصولين تعسفياَ وزيادة الحد الادنى من الأجور وتامين السلع والخدمات الاساسية ورفض القروض الخارجية المشروطة. وكم كان مضحكاً كيف أن الجيش، بعد إحتوائه على حركة 30 يونيو، حوّل مظاهرت التفويض التى دعا لها الفريق السيسى لمهزلة بإلقاء طائراته "كبونات الهدايا"، الحاملة لشعار القوات المسلحة، على االمتظاهرين، وحشد جنود الجيش لها.

كما ان ما يسمى بجبهة الإنقاذ المنساقة وراء الجيش تقودها شخصيات معادية للحركة الشعبية وهدفها ان تحل محل الاسلام السياسى، الذى لا تنظر له كحركة سياسية اجتماعية، وإدارة النظام الرأسمالى التابع وفق رؤى ليبرالية كاذبة تحت مظلة الجيش.

تحركت جماعة الاخوان المسلمين ضد الإنقلاب العسكرى وحوّلت ميادين إعتصاماتهم لأماكن للحديث عن شرعية دستورية وانتخابية فارغة المحتوى وربطها بالافق السياسي لحركة الاسلام السياسي الذى أخذ يصور للجماهير أن الانقلاب العسكرى للسيسى ما هو الا حرب على الإسلام والمسلمون.

سيتواصل الصراع بين الجيش وقوى الإسلام السياسى الذى بدأ منذ عام 1954؛ ومهما كانت صيغة الحكم فى المدى المنظور التى يحددها مآل هذا الصراع ، فانها لن تخرج عن دائرة الطبقة الحاكمة واستماتتها فى التشبث بالسلطة وتحقيق المزيد من التنفذ السياسى.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير وبادئة -خطرت لى فكرة-
- ثمن قتل وتعذيب الماوماو حفنة جنيهات إسترلينية
- ضرورة اتفاق السودان مع إثيوبيا حول سد النهضة
- أوهام السيادة المصرية على السودان...الخبير المصرى -الاحمق-
- سد النهضة الإثيوبى وعقبة حق النقض المصرى
- تاتشر : - هذه السيدة لا تعرف التحول-
- حسن الطاهر زروق وعدم الامتثال للصواب السياسى
- التحليل السياسى: سقطة كيشوت وأحلام روبرت أوين
- سبعة وخمسون عاماً مضت على انتفاضة جودة 20 فبراير 1956
- ميثاق الفجر الجديد ليس انتقالاً للامام
- التمويل الغربى والانتقال من المؤسسات التنموية الى منظمات الم ...
- السودان: فى مسألة البديل
- البراغماتية ومن يمتلك اتفاقيات أديس أببا
- حول فكرة الاضراب السياسى العام
- قضية الارض فى اتفاقية نيفاشا
- نوبة السودان وعلاقات الارض
- حول علاقات الارض (1 – 2) -التكالب الراهن على حيازة اراضى الد ...
- ثورة 1924 - بداية الثورة الوطنية الديمقراطية الحديثة فى السو ...
- الدولة وادعاء- الماركة المُسجِّلة-.....الدستور ومراوحة الاوه ...
- الدولة وادعاء -الماركة المُسجِّلة-.....الدستور ومراوحة الاوه ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - مهزلة ميدان التحرير وامارة العدوية الاسلامية