أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - التاريخ، نقيضاً للتاريخ















المزيد.....

التاريخ، نقيضاً للتاريخ


أدونيس

الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 16:08
المحور: الادب والفن
    


الخميس ٥-;- سبتمبر ٢-;-٠-;-١-;-٣-;-

(دفتر يوميّات)


( 15 آب 2012 )

«ابتلعتُ جرعةً فاخرةً من السمّ « (رامبو)،

وها أنا من جديد، أكرر قديمَ رامبو: أبتلعُ، كلّ يَومٍ، مثلَ هذه الجرعة.

جسدي مدينةٌ من السمّ الفاخر.

لكن لديّ مشكلةٌ لم أفكّر فيها هي أنّ السمَّ في الحياة العربية الراهنة لم يعُدْ فعّالاً.

*

غلَبَنا الشقاء.

كلُّنا نقبل اليوم أن ننظر إليه بوصفه خبزاً يوميّاً.

*

أملك بيتاً سرّيّاً أفيء إليه كلّما تعبت

من هذا العالم:

بيتاً في زاوية كتاب.

*

(آب، 16)

نهضتُ من نوميَ هذا الصباح، ونهض معي الحلمُ

الذي رافقني طولَ الليل.

شربنا القهوةَ معاً، ثمّ خرجتُ وحدي

أمارس رياضتي اليومية.

بدَت لي الطريقُ ضيّقةً لا تتسع لخطواتي.

آثرت العودة إلى البيت. كان الحلمُ ينتظرني.

قلنا: سننام هذه الليلة معاً. ونحاول أن نكتشف طرقاً أخرى

في بلدانٍ أخرى.

*

للهرب من هذا العالم

عطر امرأةٍ عاشقة.

*

أحياناً يطيب لجاري، الصديق الرسّام، أن يضع العصر الذي

يعيش فيه، بين يديه،

أن يفركه كمثل تبغٍ ليّنٍ،

يحشو به غليونه،

أن يدخّنه فيما يحاول أن يبتكر له

شكلاً.

*

طاغيةٌ هي اللغة العربية:

تراقبُ الأشياءَ - جميع الأشياء،

تمنعها من الكلام، متى شاءت، أو تضيّق عليها حدودَه.

هكذا يظلّ الزمن العربيّ واقفاً،

إلاّ إذا أراد السّيرَ إلى الوراء.

حسناً : هذا ما يريده العالم.

*

مأخوذون بالسّلطة،

يحلمون بالجلوس على كرسيّها،

حتّى بعد أن يُقتَلوا،

حتّى بعد أن يُمَثَّل بجثثهم.

*

لا لغة الواقع.

لا لغة ما وراء الواقع.

بل اللغة التي توحّد بينهما.

*

(آب، 18)

واسعةٌ هي أرض العرب وكريمة:

جميع بلدان الأرض مقيمةٌ فيها،

لكنّها هي نفسها،

تقيم في بلدانٍ غير عربيّة.

*

حتّى أنتَ، أيّها القمر؟

حتّى أنتِ ، أيتها الشمس؟

كيف لا تحملان سلاحاً، ولا تحاربان،

إلاّ تحت سماءِ العرب؟

*

على باب غرفتي،

على الطريق منها وإليها،

في الفضاء المحيط،

غِربانٌ كثيرةٌ تتطاير. تحديداً:

ثلاثُ مئةٍ وخمسةٌ وستّون غراباً،

لكنّها جميعاً تطير بأجنحةٍ من الكذب.

في الوقت نفسه،

أسمع كلّ يومٍ رواياتٍ كثيرةً

عن شيءٍ يُسَمّى الصّدق،

بعضها يقول إنّه مريض،

بعضُها يقول إنه مجنون،

وبعضها يقول، ولعل ذلك هو الأرجح :

اعتُقِلَ وقُتِل.

*

اتّسعْ، اتّسعْ أيُّها الكهف،

عندكَ ضيوفٌ ضخامٌ هذه الليلة:

ساسةٌ وقادةٌ وَسَادة.

*

ماذا تنتظر أيُّها القلم

لكي تُنتِجَ ورقاً من القنابل والصواريخ والنّفايات؟

*

(آب، 20)

أخيراً وضعَتِ السماء يديها المُتعبَتين

على كتف اللغة.

شكَتِ اللغةُ حالَها - قالت:

لماذا لا يُمسكُ أحدٌ بيديّ،

ويرافقني إلى حديقة الصِّدق؟

وماذا عليَّ أن أفعل لكي يُبادَ الكذب؟

*

سيكونُ لكم أيّها الفقراء، ما تشاؤون،

لكن في دورةٍ مقبلة من موسم العطاء.

*

تركوه يتخبّط سابحاً في دمه،

قالوا مطمئنّين:

ستأتي السماء وتأخذه إلى بيتها.

*

- «أعْطيني ما أقدرُ أن أبتكرَ منه عيوناً

لرؤية العالم حولي»، قالت الشجرة

للشمس،

قالت، فيما كانت تحترق.

*

بدأ جسمُ الوَقْت يتجعّد وييبس،

منذ أن بدأ يفقد ذاكرته.

*

(آب، 22)

- تريد، إذاً، أن تتنفّس في رصاصة

وأن تسكن في قنبلة؟

هل أنت ملاكٌ؟ أو ماذا؟

*

شبحُ جنّيّةٍ؟

هل تريد حقّاً، أن تنزل ضيفةً عليك؟

*

مهمّةٌ شبه مستحيلة:

كيف تُغسل الشوارعُ والأنقاض

من ذكرياتها؟

كيف تُحَرّر من ذاكرتها؟

*

ما أغربَ ذلك الجسم المحارب:

في رأسه أكثرُ من قدمٍ.

في القدمِ أكثرُ من عين،

وكلُّ خليّةٍ رصاصةٌ تُهَيَّأُ لكي تُطلَق.

*

تاريخٌ

يعتقلُ الهواء ويقتل الماء.

*

ذلك القتيلُ المصلوبُ،

إنْ لم يكنْ أنا نفسي،

فمن يكون؟

*

سأنتزع قلبي من شبكة ذلك الجمهور:

من علمِه ومن حبِّه خصوصاً

وفي زيارتي المُقبلة،

لن آخذ معي رأسي.

*

قارىءٌ حديدٌ وكتابٌ حَديدٌ:

لكن، من يكون الكاتب؟

*

تطوّرٌ غيرُ طبيعيّ :

لم تعُد الأيائل هي التي تقيمُ في الغابات.

على العكس، أصبحت الغابات هي التي تتنقّل مذعورةً تحت سماء الأيائل.

*

«عندي شهوةٌ لالتهام المدن:

تصرخُ حروبٌ عربيّةٌ آتية.

*

قيثارٌ يُقطِّع أوتارَه :

الطبعُ يخونه،

والطّبيعة حوله صمّاءُ بكماء.

*

منذ فترةٍ،

توقّفتُ عن تعلُّم لغة الغبار

وبدأتُ أتعلّمُ لغةَ الرّيح.

*

لم أقاوِمْ، بل استسلمت:

أمسِ، أخذتني نجمةٌ إلى بيتها،

لكن لم تعرف كيف تفتحه.

*

(آب، 25)

صفصافةٌ باكية،

تحبّ أن أستحمّ في حوضها.

« ستغسلني بدموعها «، قالت.

شكراً أيتها الغالية العالية.

*

أتنبّأ بقبورٍ

تحفرها الأظافرُ والأسنان،

أتنبّأ بأطفالٍ

يعرفون كيف يحوّلون الكواكبَ إلى أحصنة

والغيومَ إلى مراكب.

أتنبّأ بخبراء

لا يقرأون كيمياءَ الوقت إلاّ في كبد الذّرّة.

*

(31 آب، 2013)

غاز غزوٌ غَزَويّ :

مسرح صواريخ وأقنعة وزيزان.



ولا يخرج غازُ السّارين من الحاويات والأنابيب والصواريخ وحدها.

من العقول والقلوب والنّفوس يخرج كذلك وعلى نحوٍ أشدّ فتكاً.

ولماذا كلّما تقدّم الإنسان ازداد لجوؤه إلى التفنّن في أساليب التدمير والقتل؟

*

أغنية

قلتُ من أوّلٍ، وأكرّر ما قلتُه :

لا أرى لحياتيَ في العالم العربيّ

المُدَجّنِ والمتَأمْرِكِ معنى.

« فيضانٌ غريبٌ «، مثلما قال رَامبو،

« محا الشرقَ « - يأتي

فيضانٌ غريبٌ جديدٌ ليمحُوَ

شرْقَ العروبة، لكن

ربّما سيكونُ اسمُه عربيّاً.



#أدونيس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة القاهرة 30 يونيو، ميدان التحرير
- إذا انتصر الإخوان أو السلفيون في سورية فسننتظر أقلّه قرناً ك ...
- كلاّ لن تدخل بيتي
- تنويعات على آلام المتنبي في حلب
- عرافة
- من أجل الثورة
- أبعد من النظام، وأوسع من السياسة
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد - الإنسان، حقوقه وحرياته، ...
- اللحظة السورية، مرّةً ثانية
- وَا أُوبَاماه! وا سَركُوزاه!
- في ضوء اللحظة السورية
- «يوميات» رحلة الى عالم أميركا ... قد تكون الأخيرة
- الهواء منديل العشب (دفتر يوميّات)
- الراية العالية في ليل الثقافة العربية
- كونشيرتو القدس
- بين «أسطول الحريّة» و«أسطول الحضور التّركي»
- رؤيا
- مرثية الحلاج و قصائد أخرى
- البُرقع
- هكذا أريد أن أحلمَ تحيّةً للإبداع العربي


المزيد.....




- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - التاريخ، نقيضاً للتاريخ