أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أدونيس - بين «أسطول الحريّة» و«أسطول الحضور التّركي»














المزيد.....

بين «أسطول الحريّة» و«أسطول الحضور التّركي»


أدونيس

الحوار المتمدن-العدد: 3030 - 2010 / 6 / 10 - 12:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




الخميس, 10 يونيو 2010

1 - المُعْجَم

للسياسة الإسرائيليّة معجمٌ خاصّ - لغويّاً، وفكريّاً، وأخلاقيّاً. من يخالف قواعده ومقاييسه، فهو مخطئٌ سلفاً، وإن كان مُصيباً. لا مكان للحقيقة خارجَ هذا المعجم. ولا مكانَ لِلغّة.

وهو معجم دولةٍ لها من يمثّلها في دول العالم كلّه، وبينها دولٌ عربيّة.

أنت الإنسان المتضامن مع حق الحريّة والعدالة، مُمثّلاً في فلسطين، مجرمٌ، سلفاً. أو على الأقلّ، «مُتّهم». وترى السياسة الإسرائيليّة أنّ من «حقّها» أن تُصحّح خطأكَ وتردّك الى الصّواب. وهذا التصحيح قد لا يكتفي بالردّ عليك، لغويّاً أو فكريّاً أو أخلاقيّاً. ولا بُدّ، إذاً، من سجنك، أو تشريدك، أو قتلك، أو احتلالك، واحتلال أرضك. كأنَّ من «حق» هذه الســياسة أن تمنعَ الإنسانَ من الخطأ في «حــقّها». و«حقُّها» هذا مفتوحٌ، كيفيٌّ، اعتباطيّ، و«كلّ يوم هو في شأن». كما تهوى، وكما تشاء.

وإذا كان هذا جزاء الذين يناصرون الفلسطينيَّ وحقوقه، فما بالك بجزاء الفلسطيني نفسه؟

منذ أكثر من نصف قرن، تطبّق السياسة الإسرائيلية هذا المعجم، وتمارس وظائفها استناداً اليه، في ازدراء شبه كامل للإنسان وحقوقه، للعقل ومبادئه، للفكر وقيمه، وللمؤسّسات الدولية وقوانينها.

ولن يكون «أسطول الحريّة» الشاهدَ الأخيرَ على هذه الممارسة.

مرّةً، قال لي إيلي فيزيل، الكاتب الأميركي اليهودي، (جائزة نوبل للسلام):

- أصارحكَ بأنني غاضبٌ جداً من الفلسطينيين.

قلت له، متعجّباً:

- غاضبٌ؟ ولماذا؟ من واجبكَ الإنسانيّ والفكري، أن تغضب لهم، لا عليهم.

- غاضبٌ لأنهم بالضبط هم الذين يجبرون جنود اسرائيل على تشريدهم وقتلهم.

ولم أجد ما أقوله إلّا التذكير بمعجم السياسة الإسرائيلية.

بلى، هذه السياسة أكثر من أن تكون سجناً فلسطينيّاً. إنها كذلك سجنٌ لليهود أنفسهم. إنها سجنٌ كونيّ.

ربما ستخطو السياسة الإسرائيلية خطوةً الى الأمام: تحاصركَ من جميع الجهات، وعلى جميع المستويات، «رأفةً» بك، و «حرصاً» عليك، لكي تحولَ بينك وبين الخطأ في «فهْم» هذا المعجم!

2 - «أسطول المعرفة»

لا ينشأ لدى الشعوب علمٌ حقيقيٌ بالواقع إلّا بدءاً من علمنةِ المعرفة. لكن يبدو أننا، نحن العرب، استثناءٌ في هذا المجال. ربما لهذا يظلّ الواقع العربي في حركةٍ دائمة من الهرب الى اللّغة وإلى المخيّلة وإلى «الرّجاء».

ربما لهذا لا يزال معظمنا يحلم بأن تهبط عليهم «الدولة الفلسطينية» مثل هديّةٍ تهبط من السماء.

ربما لهذا، على رغم «أسطول الحريّة»، و «أســطول الغضب التّركي»، لا نزال نرفض أن نتعرّف بصدقٍ وشجاعةٍ، على الهُوة التي ننحدر فيها، وأن ننزع عنها أخيراً أقنعة الألفاظ والشعارات.

ربما لهذا، لا تزال السياسة التي «ترعى» هذه الهوّة، سياسةً «يسعُ كرسيُّها» كل شيء.

*

في روايةٍ أن الخليفة عمر بن الخطاب كان يقول عندما يواجه أمراً صعباً: «أعوذ بالله من كل معضلةٍ ليس لها أبو حسن»! ويقصد صديقه الإمام علياً. (لسان العرب، مادة: عَضَلَ).

وفي روايةٍ أنّ الخليفة معاوية كان يقول هو كذلك عندما يواجه أمراً صعباً: «معضلة ولا أبَا حسن»!

غير أن الناس كانوا يحارون في تفسير ما يقصده معاوية. هل كان يعني: «لا يحلّها إلا أبو حسن»، أو كان، على العكس، يعني: «لا يحلّها حتّى أبو حسن»؟

ماذا لو قال أحدنا اليوم عن فلسطين: «معضلة ولا الولايات المتحدة»؟

أصوات:

- هذه معضلة لا يحلّها إلا العرب أنفسهم.

- وهم قادرون، لو شاؤوا.

- لماذا لا يشاؤون؟

- «لن تشاؤوا إلّا ما يشاء الله».

*

«إنه الواقع»، يقول صوت آخر. ويتابع:

- الغريبُ أن هذا الواقع تتعذّر رؤيته إلّا في الظنّ.

*

صوت آخر:

- يجلس الحِسُّ كئيباً،

يقلّب رأسه على وسادة النصّ.

3 - «تطوّر»

«نستقرُّ» نحن العرب في عالم لا يستقر، و «نتطوّر» في سياق خاص بنا وحدنا: وطن ينكمش في نظام، نظام ينكمش في سلطة، سلطة تنقلب الى ملعب.

العرب، اليوم، ملعب.

تركيا آخر لاعبٍ. وهو يدخل بقوة التحرّر، والحرّيات والحقوق. بقوّة هؤلاء الذين يملأون هذا الملعب. فرقٌ أساسٌ بينه وبين اللاعب الإيراني. هكذا تستطيع تركيا أن تكون «نموذجاً»، على العكس من إيران. فهذه، مهما ساعدت الفلسطينيين، ومهما هدّدت اسرائيل، ستظلّ «غريبة»، لأنها تدخل الى هذا الملعب الخارجيّ من بابٍ تديّنيٍّ أيديولوجي، ويطغى نظامها في الداخل الى درجة أنه يماهي بين معارضيه من جهة والشياطين والكفار والعملاء من جهة ثانية، في استهتارٍ شبه كاملٍ بالإنسان وحقوقه وحرياته. وما دام الحكم في إيران قائماً على هذا الطغيان، فسوف يظل «غريباً» خصوصاً أن التشيّع، في دلالته الأساسيّة الأولى، اعتراضٌُ جذريٌ على جميع أشكال الطغيان في الإسلام. وهو، إذاً، هجسٌ كياني بالحريّة والعدالة والمساواة. وهو، تبعاً لذلك، سؤالٌ من داخل الدّين، غير أنّه مطروحٌ باستمرارٍ على الدّين، سياسةً، وفكراً، وعملاً. النظام الرّاهن السائد في إيران نقيضٌ، في الممارسة، لهذا كلّه.

4 - شطحات

- 1 -

زمنٌ عربيٌ يمرّ،

لا يحمل في عينيه إلّا نُعاسَ التّاريخ.

- 2 -

هل يصحّ أن نصف الأرضَ العربيّة بأنها مُجرّدُ خيالٍ في عين الحرّية؟

- 3 -

لا يتوقّف بحر الكتابة العربيّة عن «التأليف»،

لا يتوقّفُ موج السّلطة عن «التّفكيك».

- 4 -

الحاجة دائماً ملحّةٌ في الكتابة العربيّة:

لا إلى خلق الوَهْم،

بل الى تدميره.

- 5 -

يتيح لنا اليأسُ أن نرى الأملَ وهو يتطوّح في منحدره الأخير:

كشفٌ لا يُتيحه الأمل نفسه.

- 6 -

الشّروق، شروق الشّمس في البحر العربي،

قاربٌ بصيّادٍ وحيدٍ مُرهقٍ،

يتوسَّد موجَ المصادفات.



#أدونيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤيا
- مرثية الحلاج و قصائد أخرى
- البُرقع
- هكذا أريد أن أحلمَ تحيّةً للإبداع العربي
- الخَطْف
- بلد واحد «أنظمة» كثيرة
- ثلاث قصائد لأدونيس( الحوار،و مرآة لأورفيوس، و إلى الغريبة)
- رَهبة، رُهَاب، إرهاب
- أول الشعر
- 2010، عام الجدار
- سجال المئذنة
- الشعر: استهلاك أم انتهاك
- التاريخ، هذا التاريخ
- كورتي نوفا / البندقية
- مظلّة لوردةٍ أرهقها العطش
- صحراء I
- ماذا يَعني أن تكون مختلفاً؟
- معجمٌ مصغّر لهن
- «الأصول» التي تُعطّل الحياةَ... وتأسر العقول
- ثلاث قصائد


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أدونيس - بين «أسطول الحريّة» و«أسطول الحضور التّركي»