أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق عطية - لصحافة هنا.. والصحافة فى الأوطان:















المزيد.....

لصحافة هنا.. والصحافة فى الأوطان:


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سألنى صديق مشاكس عن الفرق بين الصحافة هنا والصحافة هناك فى الوطن الأم، فقلت له: الفرق شاسع، فالصحافة هنا حرة والصحافة هناك صحافة مدجنة. فقال زدنى فأنا لم أفهم. فقلت له: سأحدثك عن الصحافة المصرية خاصة في فترة قيام حركة الضباط (23 يوليو 1952 وما تلاها)، وأعتقد أنها تصلح كنموذج لكل صحافة الوطن العربى، فنحن جميعا فى الهم شرق. الصحافة المصرية صحافة رائدة تسير على منوالها جميع صحف العالم العربي، كما أن ابتلاء مصر بالديكتاتورية العسكرتارية كان الرائد والقدوة لجميع ديكتاتوريات العالم العربى دون استثناء، فلولا قيام حركة الضباط المصرية وانغماسها فى شئون الدول المجاورة وتحريضها على الانقلابات ضد النُظُم التى كانوا ينعتونها بالرجعية الإمبريالية، لما ابتلينا بنزق وتهور القذافى، ولا تعنت وديكتاتورية الأسد ولا دموية وجبروت صدام, ولما وصلنا لما نحن فيه الآن من تدنى وانحدار..!!
الصحافة فى مصر قبل حركة يوليو 1952 كانت صحافة حرة، يستطيع المرء أن يكتب فيها ما شاء ما عدا محظور واحد ألا وهو العيب فى الذات الملكية. وكان لكل حزب سياسى صحيفته الحزبية الناطقة بلسان حاله، يكتب فيها آراء ومعتقدات الحزب وبرنامجه السياسي، ويصب فيها جام غضبه على الأحزاب الأخرى مبينا أخطاءها وقصور برامجها الحزبية، لكن دونما قذف أو تجريح شخصى وإلا وقعت الصحيفة ورئيس تحريرها وكاتب المقال تحت طائلة القانون. وكانت هناك صحيفة أسبوعية تسمى البعكوكة، مجلة فكاهية زجلية، هكذا كان مظهرها، ولكن حقيقة جوهرها للذين يستطيعون قراءة ما بين السطور أنها صحيفة سياسية من الدرجة الأولى، تستخدم النكتة والفكاهة والسخرية والزجل لتوصيل ما تريد أن تقوله بالرمز لما لا تستطيع أن تقوله مباشرة. والشعب المصرى شعب لماح محب للنكتة متفهما لما وراءها، فقد كانت النكتة وما زالت سلاح المصرى الوحيد الذي واجه ويواجه به جبروت وقسوة الحياة والسلطة عليه من أيام الفراعنة وحتى الآن وهي خياره الأمثل للمقاومة.
وبعد استتباب الأمر لحركة الضباط وتحولها لثورة، ظن الصحافيون أنهم قد تحرروا من كل المحظورات، وأن لهم الحرية فى التعبير عما يجيش بصدورهم وما تمليه عليهم ضمائرهم. انكشف المستور لهم بعد حين، حين طالبت جريدة المصرى بالديموقراطية والدستورالذى تجاهله الثوريون تماما (أزمة مارس 1954)، فوضع صاحبيها -محمود وأحمد أبو الفتح -في السجون وأغلقت الصحيفة للأبد. كما أغلقت مجلة البعكوكة بحجة أنها صحيفة هزلية لا تناسب المرحلة الثورية، ولكن السبب الحقيقى لغلقها كان معرفة الثوريون بمدى تأثير النكتة على الشعب المصرى. وتعاملت الثورة مع الصحافيين الأحرار بأقسى وأبشع الأساليب، على سبيل المثال لا الحصر، وضع على أمين في غياهب المعتقل، وظل أخوه مصطفى أمين خارج الوطن يخشى العودة حتى لا يعتقل، كما ضرب إحسان عبد القدوس بالأحذية فى مكتبه بدار روز اليوسف. أممت الصحف وانتزعت ملكيتها من أصحابها ومؤسسيها لتصبح ملكا للإتحاد الإشتراكى ثم الإتحاد القومى، وبعد عودة الأحزاب الصورية صارت ملكيتها لمجلس الشورى. باختصار أصبحت الصحافة تابعة للزعيم المتسلطن على حرية البلاد، وأصبح الصحافيون موظفين لدى ولى النعم. فرضت الرقابة على الصحف فور قيام الحركة، فتواجد ضابط في مقر كل صحيفة، يراجع كل كلمة مكتوبة قبل أن تطبع. وبعد تكوين الأحزاب رفعت الرقابة، ولكن احساس الصحفيون أنهم موظفين لدى الدولة، وخوفهم على لقمة العيش متمثلين لما حدث لمن سبقوهم من تنكيل، جعلهم رقباء على أنفسهم لا يكتبون إلا ما يرونه مدحا وتملقا لصاحب السلطان، وفر خارج البلاد من لم يستطع العوم فى هذا المستنقع. وبذلك أصبحت صحافتنا مدجنة مقصوصة الريش مهيضة الجناح، فأذا تصفحت أى صحيفة مصرية لا تجد فيها غير أخبار الزعيم الذي يعتلي عرش السلطانية ولا أخبار أهم من أخبار فخامته إذا عطس أو تنحنح، ومازالت صحافتنا المسماة بالقومية تنهج نفس المنهج حتى اليوم ولكن هناك الآن صُحفا حرة تحاول أن تكون محايدة وتقول ما لا تستطيع قوله صحفنا القومية.
أما الصحافة هنا فى كندا فهى نوعان، الصحافة الكندية والصحافة العربية المهجرية. النوع الأول هى صحافة حرة تماما، يستطيع الكاتب أن يكتب فيها ما شاء دونما بتر أو حجر على آرائه. أما الصحافة العربية المهجرية، وهذا بيت القصيد-فيؤسفني أن أقول إنها أو على الأقل بعض الصحف التى تعاملت معها، تدعى أنها صحافة حرة ولكنها كما يقول المثل (أسمع كلامك أصدقك واشوف أعمالك استعجب)، فقد لاحظت أن بعض رؤساء التحرير يحاولون التدخل فى حرية الكاتب فى التعبير عما يريد طرحه من آراء، رغم أن هذه الصحف تكتب فى مكان بارز: أن الآراء المنشورة تعبر عن رأى الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأى الصحيفة. ولأعطى مثلا بسيطا على هذا التدخل فى رأى الكاتب: حين يتعرض الكاتب مثلا فى مقاله للتطرف بأنواعه عرقيا كان أو دينيا، لإلقاء الضوء عليه، داعيا إلى الوسطية والآخاء وحسن التعايش بين الناس خاصة هنا فى بلاد المهجر، يعترض السيد رئيس التحرير، بحجة أن الصحيفة درجت على التعامل مع هذا الأمر بطريقة هادئة غير استفزازية، معتقدا أن هذا هو الطريق الأمثل لمحاصرة التطرف بكل أنواعه. بمعنى أن سيادته يرى أن التستر على التطرف وعدم التعرض له وغض الطرف عنه هو الطريق الأمثل...! فى حين أن المنطق يقول إن أول طرق علاج أي مرض هو الاعتراف بوجوده وتشخيصه التشخيص الصحيح حتى يثمر العلاج. أما أن نضع أعيننا فى الرمال معتقدين أن كل شيئ عال العال، فهذا ليس إلا صورة من صور المساندة أو التستر أو على الأقل مهادنة التطرف.
أن تكون الصحافة حرة قولا وعملا، لابد أن يعطى الكاتب حرية التعبير عما يجول بفكره من آراء، وما الرأى إلا وجهة نظر، وأى وجهة نظر تكون قابلة للنقاش، تحتمل الصواب أو الخطأ. وبدلا من الحجر على رأى الكاتب، لرئيس التحرير أن يعلق على رأى الكاتب ويوضح ما يراه مخالفا لوجهة نظره، وهذا حق لأي كاتب آخر أو قارئ للصحيفة كفله الدستور. وهذا ما تعلمناه فى الجامعة من دراسة الصحافة، وما تعلمناه أيضا من معايشتها أكثر من خمسين عاما. أما أن يكمم رأى الكاتب لأن ما يقوله مخالفا للخط الذي تسير عليه الصحيفة أو توجهاتها فهذا ليس من الحرية فى شيئ. وأرجح أن يكون السبب في ذلك هو مرض كبت الحريات أحضرناه معنا من الأوطان، ما زلنا نخاف حرية التعبير ولم نستطع التخلص من هذا الخوف حتى فى هذا المناخ الحر المنفتح على كل التيارات. فمتى تتفهم صحفنا المهجرية حرية الصحافة وتمارسها قولا وعملا؟ ومتى نتخلص من الرواسب التى عانينا منها فى أوطاننا؟ تساؤلات أحلم أن أجد لها جوابا. !



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات الزمن الجميل
- يا صديقى كلنا مُغَفّلون
- حكايتى مع الإخوان
- أحموسيسى
- حركة ضباط يوليو 52
- من 19إلى 13 وما بينهما:
- فلسطين وجزاء سنمار:
- الفرق بين الدين والقومية
- فتحطين وحماسطين
- تضافر الجهود فى إخراج فيلم خطف الجنود
- صعيدى عتيد فى بلاد الجليد:
- الهزيان وازدراء الأديان
- البلاوى فى الفتاوى
- النصب .. فن لا يقع فيه إلا المغفلين
- ألقاب ورثناها وألقاب تداولناها
- الحِلم بين الكتاب والشعراء والساسة
- آدم يرُدّ عن نفسه أضطهاد المرأة
- الأزمة وثقافة الجزمة
- متاعب المرأة فى كل زمان
- المرتب الطاير بين فقراير ومُرسيراير


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق عطية - لصحافة هنا.. والصحافة فى الأوطان: