أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهروز الجاف - الشهيد جاسم














المزيد.....

الشهيد جاسم


بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)


الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 18:10
المحور: الادب والفن
    


خرج جاسم، من بيته، متأبطاً دفترين، كعادته، مبكراً، ليدركَ الدرسَ الاولَ. كان منتشياً، متأنقاً، زاهياً بشبابه، شعرهُ براقٌ وعيناهُ متوهجتان، ينطلق الشررُ منهما صوب أي بنتٍ، بغداديةٍ، بعمرهِ، أو أي شئ جميل، لا تسكنُ عيناه الا حين يَريْن لوحةً لطبيبٍ، أو محامٍ، أو مهندسٍ، أو فنان.
- الله! كم سأكونُ مهمّاً بعد اربع سنوات! همسَها بثقة الواثق من عقله، و ثروة ارضه، وتاريخ بلاده، وطيبة أهله.
كان نسيم الصباح منعشاً، يجتاز دجلةَ، فيحيّي أهلَ الباص على "ابي نؤاس"، أغمضَ عينيه، فرأى نفسَه في جلسةٍ ضمت الى جانب حمورابي، ذو الرمّة، يتغزّل، واسحٰ-;-ق الموصلّي يُطربُ على انغام الفارابي، وأبو نؤاس قابضاً على كأسه، فبدأ يُثني على الغوانيّ، حيث يرغبْن، ويسألهنَّ عن صاحبهنّ العتيد، معروف الرصافي، وعن احفاد حمورابي، طه باقر ومصطفى جواد وعلي الوردي، بل وأين صالح عزرا و صديقة الملاية؟ دنَتْ اليه غانية تهمسُ في اذنه:
- بيني وبينك هذا منوالنا، زُرنا هنا، ترى عنوانك، هنا ديوان الرافدين، يأتي ليراه كل من أراد أن يحلم.
- اِني لاأحلم.
- بل تحلم، فما الذي جمع هؤلاء، وأنا وأنت؟
- كلا، لاأحلم، فأنا أراكم كل يوم، كل ساعة، في كتابي تتكلمون، في عقلي تتحركون، وفي حبر يراعي تسبحون، لست أنا وحدي، فكلنا نراكم، أنا وأهلي وجيراني، وأساتذتي.
- أجل، أجل ياجاسم، أنك ترانا.
أصابه الهوسُ، فهامَ مع الغواني متمايلاً، الى أن بكى، وبكى، ثم عاطَ، وحين العياط، طارت السيارةُ أمتاراً، وجثت على اعقابها، رأى جاسم نفسه في دمارٍ، وحريقٍ، وبين كومةٍ من جثثٍ فيها شياط، خاطبهن:
- من؟ حمورابي؟ ابن سينا؟ ومن تكون هذه؟
- أنتَ حي؟ ناداه أحدهم.
- أجل، أجل، ومن تكون أنت؟ هولاكو، أم جنكيزخان، أم أنت فارسي، أم تركي، أم انكليزي، أم أمريكي؟
- كلا، كلا، أنا عدنان، صاحبك.
- ألم يكونوا هم من فعلوا هذا؟
- كلا، ليس الاغراب.
- فمن هم اِذنْ؟
- عرب.
- عرب!؟
- أجل، العرب، عندهم نفط، وأموال، وقاعدة قتل، وبارود، وجهاد نكاح.
- نكاح!؟
- جاسم، جاسم، حبيبي، ناحت طالبة، مزّقَ الانفجارُ قميصها، ويديها تحت رأسه، حاضنةً اياه، وباكيةً.
- راح جاسم سارحاً، مرةً أخرى، في عينيها، متعجباً:
- شبعاد!
- بل ليلى، ليلى، الم تراني مسافرةً معك، كل يوم؟
ضمته اليها، فاغمضَ عينيه على صدرها، ولم يفتحهما الا في المستشفى. كانت اصابة رأس، قاتلة، لم تمهله اجابة ليلى، واخبارها عن الحفلة، العراقية، قبل قليل، فقد كانت حفلة دم، عراقية، اخرى، لجيل جاسم الذي اغمض عينيه في نومة ابدية، ليكتَب شاهدٌ على قبره: هذا قبرُ الشهيد جاسم الذي استُشهد في حادثٍ ارهابيّ.



#بهروز_الجاف (هاشتاغ)       Bahrouz_Al-jaff#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يهين الجيش المصري علم بلاده!
- الخيارات السياسية في مصر بمعادلات رياضية
- أنفالْ! يا وِلدَ الكلبِ
- من الشعر الكردي المعاصر: اللآلئ الملونة
- الزمن الجميل: عام 1978 كان الاكثر رفاهية في العالم
- أسطورة الشهيد في عقول الانتحاريين
- أيوه ام الدنيا...
- البحر
- الوجود بين الحاس والمحسوس
- البيئات توجب التفكك
- الزمن جذوع سلوكية
- اليوم ليلى في العراق رهينة
- بالروح بالدم نفديك يا غراب
- أضرمت شمعة في نوروز
- السليمانية - الثورة والثقافة - أول من تضحي وآخر من تستفيد
- الى متى يبقى البعير على التل؟
- الى ساكينا وفيدان وليلى.. كلا لن تمتن
- أول حب
- بلاد المحن
- الطلل الحكيم


المزيد.....




- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهروز الجاف - الشهيد جاسم