أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - من -مخيم قلنديا- خرجت جنازة للمفاوضات














المزيد.....

من -مخيم قلنديا- خرجت جنازة للمفاوضات


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 09:11
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



اثناء تخييم الموت على سطح واحد يتعاقب فيه الصيف والشتاء، يؤكد الموت مجددا، في مخيم قلنديا، انه لا زال يحتل خلفية المشهد في الحكاية، ويحظر التجوال على ركض الدورة الدموية في الشرايين متى يشاء، ويصر على حضوره الدائم في النص الحياتي. لقد جاءت القوة الاحتلالية المفرطة لتستقوي على المخيم الطل على القدس، ولدى قيامها بمهامها الأبدية، أججت الدماء معلنين عن إضافة بعض الأسماء الجديدة إلى سبّورة الشهداء.
وسط كوْن من الموت والغياب فكّر الشهداء جرّ الطرف القاتل إلى المفاوضات. وبدوره وافق القاتل على التجربة الجديدة كسراً للجمود ولإبداء حسن نواياه اتجاه المستقبل. بداية، تساءل القاتل عن مطالب القتلى قبل دفنهم مع اعلان واضح أنه لا يفاوض، بل جاء للتلاعب في المكان ورفع سعر الوقت، ومن بين أهدافه إجراء فحص تحليلي لجدية القتيل وقدرته على التقاط عبَر ودروس سياسة كيّ الوعي..
للحقيقة، تفاجأ الشهداء قبول االتفاوض أكثر من مفاجأتهم بالقتل، وكان عليهم الاستعداد لمغامرتهم الغريبة والدخول في اللعبة من بابها الدوّار. وللتاريخ، وضعوا بمهنية نقاط القوة والضعف لديهم ولدى خصمهم، ورسموا خطوط مطالبهم بكل الألوان والمدارات دون توقعات عالية من القوة المدججة.
استدار الشهيد "روبين زيد" بوجهه نحو الساعات الأخيرة من حياته، لقد أراد الرجل أن يكمل ما بدأه قبل الدخول بكفنه، فما كان أمامه سوى المطالبة بالعودة إلى العائلة الممتدة، والقيام بجميع الخطوات الاجرائية للمتوفى قبل الاندثار. فالأولاد صغار، والزوجة والأم في حالة الصدمة، والوالد مهما أبدى من تماسك وصلابة، لن يكون بمقدوره أن يحتمل المصاب بعد ان قضى عمره يركض خلفه من سجن لآخر. كما كان عليه وضع وصيته، والقاء نظرة الوداع على نفسه والمشاركة بالدفن وتقبل العزاء.
اما الشهيد "يونس جحجوح"، الذي وضع أمنية الشهادة من بين أهم سبع أمنيات اشتهاها لنفسه في ليلة القدر. مدركاً حقيقة عمره الهارب، وموقنا بأن الهرب من الحياة هو البطولة الوحيدة الممكنة، فقد طالب أيضا العودة الى بيته. لقد أراد "يونس" احتساء قهوة الصباح الأخير مع الوالدة، واضعا في اعتباراته أن يكتب اثناءها بيان نعيه لنفسه. لقد اعتقد الطالب المجتهد في معهد الاعلام، أن كتابة النعي فرصة هامة جاءت له عبر زخات من الرصاص، لتطبيق ما تدرب عليه في دروسه، يظهر فيه براعته ومقدرته في الصياغة السياسية والأدبية.
للشهيد "جهاد أصلان" مطالب مختلفة.. حيث تفاجأ بانفراط عقد عمره دون إرادة أو تخطيط مسبق. فعلى الرغم من صغر عمره، لكنه امتلك رهافة ووعيا يسبقان عدد السنوات العشرين التي قضاها في قطع الحواجز الحديدية والنظر في الكاميرات الكاشفة والبطاقات الممغنطة في طريق ذهابه وإيابه للعمل الأسود. طالب الشهيد تمكينه من الوصول إلى عمله، لوداع الزملاء وتبرير غيابه الطويل القادم وقبض راتبه الأخير وتعويض نهاية خدمته القصيرة، ووضع في اعتباره إحضار بعض الأوراق لتسجيل وقائع المفاوضات، فقد تفيد أحدهم من بعده..
درس الطرف القاتل المطالب وقرر استدعاء وحدات إضافية لتعزيز حضوره. حيث اعتبر أن المطالب مبالغ فيها وتنطوي على لغة تحريضية، وعلى تجاوزات فظة للأحلام المسموحة، ومناورات وخدع مما يقتضي رفضها جملة وتفصيلا.
انتهت التجربة التفاوضية، رفض الشهداء مراسيم الدفن الهادئ والعيش في الفراغ. وقرروا موحَّدين ارتداء ملابسهم العادية، ومغادرة قاعة التفاوض مع القوى الظاهرة والخفية. ومن مكانهم أرسلوا لنسائهم أن لا يلحقوا بجنازاتهم، وان لا يقوموا بتدلية رؤوسهن وأشواقهن وانفطارهن من الشرفات والنوافذ اثناء مرور الجنازة.
انسحبت الجنازة بضوضاء من غرفة التفاوض، خرجت من الباب الضيق إلى فضاء جديد واضعة حد للدوران في حلقة مفرغة. ذهب الشهداء إلى العوالم الأخرى لعقد اجتماعات مفصلية مع الشهداء السابقين للتباحث في استراتيجية جديدة للتفاوض، وقبل كل ذلك كتبوا بيانهم بأياديهم النازفة، أودعوه تجربة التفاوض بين القاتل والضحية، ولم يرد في بيانهم التاريخي أي عبارة استنكار أو تنديد بالمجزرة التي قتلتهم.



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كسر الجمود والتطبيع
- تقدم نسبي على مشاركة المرأة في المجالس المحلية الفلسطينية..!
- القوائم النسوية في انتخابات المجالس المحلية
- نطفة تهرب من السجن
- الانتخابات المحلية ما بين التجارب السابقة والانتخابات القادم ...
- عرفات يُقتل لكنه لا يموت..
- المرأة المصرية: السماء لم تعد تمطر ذهبا ولا فضة
- رنا: حكاية وطن جاءها في حقيبة
- عندما تحل ذكرى -ريشيل كوري-
- تماهي الهوية الفكرية اتجاه المرأة في الاحزاب
- استبعاد المرأة عن لجان المصالحة وتفعيل منظمة التحرير
- المراوحة النسائية والثورة على الذات
- الخلاف بين جيش الاحتلال والمستوطنين!
- حلقات العنف المتدحرج في المجتمع الفلسطيني
- النصف الفارغ من كوب المرأة
- الحزن والفرح في فلسطين
- نصف -دزينة- من النساء
- خطاب الرئيس: الى نيويورك
- التأجيل الرابع للانتخابات المحلية..
- هل سيتم الالتفاف على قرار محكمة العدل العليا..!


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - من -مخيم قلنديا- خرجت جنازة للمفاوضات