أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - تحولات المشهد السوري















المزيد.....

تحولات المشهد السوري


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن تعقيدات المشهد السوري، وتعدد الأطراف الفاعلة، وتضارب المصالح والرؤى، إضافة إلى بعض السياسات والآليات المتناقضة والملتبسة، ودخول الأطراف الجهادية حقل الأزمة السورية، زائد ضخ إعلامي يشتغل على تأجيج النزعات الطائفية. جميعها عوامل ساهمت في تحويل الحراك الوطني الديمقراطي السلمي، إلى صراع دموي تشوبه أبعاد مذهبية طائفية.
منذ البداية، حذرنا من خطورة المأزق الذي ستنجر إليه سوريا، في حال دخول السوريين حقل الصراع الطائفي المحمول على أبعاد سياسية لا عقلانية مفرغة من مضامينها الإنسانية. لأنه سيقود إلى انقسامات مذهبية عصبوية، قد تشكّل مدخلاً إلى حملات تصفية وإبادة طائفية وعرقية، تؤدي إلى كارثة إنسانية ووطنية.
وقد ساهم في هذا التحول العصبويّين، من كافة الأطراف، وبشكل الخاص الجهاديين الذين يرون في بلاد الشام ساحة للجهاد الإسلامي العالمي ضد النظام الشيعي،((كونها ستشهد الملاحم الحاسمة التي تترافق مع ظهور المهدي المنتظر وما يسبقها من ظهور السفياني واليماني والأبقع. حتى أن أبي محمد العدناني قال في خطاب صوتي بتاريخ 30 تموز (يوليو)، بأنهم لن يتركوا الجهاد حتى يسلموا الراية إلى عيسى بن مريم الذي سيظهر، وفق اعتقادهم، شرقي دمشق)). حسين جمو/ الحياة /9/8 /2013/.
من هذا المنظور فإن شكل الصراع في سوريا، يصبح محمولاً على خطاب تكفيري يستهدف أبناء الطوائف الشيعية. ولخطورة هذا الخطاب وآلياته التفكيكية على بنية المجتمع السوري، نرى ضرورة مواجهته بعقل سياسي عقلاني.
لكن واقع الصراع وحيثياته، وحتى آليات عمل الإعلام، يميلان بشكل واضح، إلى التعامل مع الوقائع اليومية للصراع، على أنه بات يتموضع في الحقل المذهبي الطائفي. لهذا فإن الانغلاق على الهوية المذهبية قد يكون نتيجة التقية والخوف، وأيضاً نتيجة لتراجع القوى السياسية العقلانية والعلمانية عن ممارسة الدور الوطني المناط بها. ونشدد على أن تعميم أشكال الصراع الطائفي، سيقود إلى صراع أعمى، لا يملك من الأدوات والآليات، إلا العنف العاري الذي يتنافي مع كافة القيم الإنسانية والاجتماعية والحضارية التي كانت بلادنا مهداً لها. كما أنه يقضي على أي خطاب سياسي عقلاني.
عود على بدء:
كان الانتماء الوطني يشكّل القاسم المشترك لمن شارك من الفئات الاجتماعية في بداية الحراك. إذ أن مشاركة الشباب من كافة الانتماءات المذهبية كان واضحاً. فكان الهم الوطني هو الطاغي.
لكن السياسات الأمنية، والتركيز الإعلامي على الدلالات والأبعاد الدينية والمذهبية، وعلى المظاهر العنفية، وإهمال النشاطات السلمية في العديد من المدن والبلدان، وتحديداً في المناطق ذات غالبية شيعية، كان له لاحقاً انعكاسات سيئة. وتحديداً إذا علمنا، بأن هذه المناطق حافظت على أشكال الحراك الوطني الديمقراطي السلمي حتى في لحظة طغيان العنف والعنف المضاد.
وازدادت الأزمة تعقيداً عندما أصبحت تحمل أبعاداً عرقية وقومية، أدت إلى استهداف الأكراد من قبل بعض الأطراف الجهادية. وتشير المعلومات بأن بعض هذه المواجهات، كانت تنتهي بحملات تصفية وإبادة لمواطنين أكراد، بذريعة أن هذه الفئات كما الشيعة، موالية للنظام. وهذا يقود السوريين إلى معركة تدمير ذاتي،وقودها الفقراء من الشعب السوري، ويقودها من منظور ديني أصولي مدمّر للدولة والمجتمع، جهاديين تكفيريين مدعومين من بعض الدول الخليجية( السعودية وقطر..). ويحمل هذا التحول داخل الأقليات المذهبية والعرقية الرعب من طغيان الأكثرية الدينية، التي تبرر في كثير من اللحظات استباحة أبناء هذه الأقليات.
فالسلطة لا تمثّل طائفة بحد ذاتها،ولا حتى طوائف بعينها. وضمانها حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية،وعدم تحول الانتماء المذهبي إلى أشكال من التمثيل السياسي كما في لبنان، يؤكد ذلك. لذا فإن اتهام النظام بالطائفية، واعتماد هذه الذريعة في تعويم الشكل الطائفي للصراع. يحمل أبعاداً تضليلية ومخاطر تقود إلى تدمير النسيج الاجتماعي. وأكدنا ونؤكد على أن بنية السلطة كانت تعبيراً عن تحالفات لرجال المال والسياسة. وحتى لو تجلت هذه العلاقات في بعض اللحظات على أنها ذات بعد عائلي أو حتى طائفي، لكن بنيتها العميقة تشكّل تعبيراً عن بنية رأسمالية متخلفة.
ومع هذا فإن شكل التحولات الأخيرة في بنية وشكل الصراع، تنذر بالمزيد من الكوارث الإنسانية والاجتماعية، وبذات اللحظة تفتح المجتمع السوري على مرحلة من التدمير الذاتي.
إن ما يحصل من حملات تصفية جماعية بحق سكان بعض المناطق الكردية، وفي ريف اللاذقية (ذبح، بقر بطون النساء الحوامل، قتل أطفال، اغتصاب، فسخ، اختطاف، سبي النساء ..)، وقبلها في العديد من المدن والبلدات،وأيضاً التفجيرات والقذائف التي تستهدف الأبرياء من المدنيين في مدينتي جرمانا والسلمية... . تضع السوريين على عتبة الانفجار المذهبي والطائفي والعرقي.
هذا التحوّل يساهم، في فتح جروح قديمة، كان السوريين صادقين في تجاوزها ونسيانها، حتى إنهم وضعوها في ذمة التاريخ. لكن ممارسة العنف الهمجي بحق مواطنين فقراء وبسطاء أبرياء، يفتح الباب واسعاً أمام مرحلة من الاضطهاد والعنف اللا إنساني. فالفئات التي يتم استهدافها وتصفيتها بأبشع الأشكال وأقساها، لاعلاقة لهم بالصراع، وتحديداً المحمول على أبعاد طائفية. فهم ضحايا الإفقار والتهميش، كما أنهم ضحايا التعصب والتكفير.
فعمليات من هذا النوع، تفتح المجتمع السوري على كارثة إنسانية، واسعة وعميقة، وتنذر بانقسام السوريين على ذاتهم عمودياً، كما أنها تهدد بتقسيم سورية، التي يجب على الجميع المحافظة على وحدتها ووحدة شعبها في إطار التعايش والمشاركة.
فالعنف كما أسلفنا لن ينتج إلا العنف، كذلك فإن العنف الطائفي المتخلف، لن ينتج إلا اصطفافات مذهبية وعنفاً طائفياً. لذا كنا حريصين منذ البداية على رفض العنف، والعنف الطائفي، لأنه سيؤدي بالجميع إلى الهلاك والدمار، وسيحوّل سوريا إلى ساحة للجهاديين المدفوعين بوهم إقامة الدولة الإسلامية.
فالصراع في سوريا، ليس في سبيل الإسلام والمسلمين، بل جهاداً تكفيرياً يستهدف في أحد مستوياته وأشكاله الأقليات المذهبية، وأحياناً العرقية، كما يستهدف التنوع والاعتدال الإسلامي. فالإسلام الشعبي في سورية، هو إسلام معتدل، يتميز بالتعايش والتشارك بين كافة التنويعات والثقافات والعقائد المختلفة، والعكس أيضاً صحيح.
فهو بهذا المعنى جهاد من أجل فرض الوجه المتخلف والمتطرف، من الإسلام السياسي. وهذا سيحقق غرض الدول الغربية، وبشكل خاص الولايات المتحدة، في إعادة توضيب المنطقة على أسس مذهبية وطائفية تفتت نسيج المجتمع وتهدّم كيانية الدولة. وبنفس الوقت يعطيها المبرر لخوض غمار الحروب ضد الإرهاب الذي ساهمت وتساهم في تغذيته. وهذا سيفتح المجتمعات العربية وليس المجتمع السوري فقط على مستقبل يسوده صراع مذهبي وديني. وهذا بالضبط يساهم في إجهاض أي عملية تحوّل ثورية تقود إلى تنمية اقتصادية وبشرية تقطع مع رأس المال العالمي المستبد. فالاستبداد أياً تكن هويته، جنسيته، موطنه. سياسياً كان، أو دينياً. فإنه يمثل الوجه الآخر للتخلف، وأيضاً الوجه الآخر لسلطة رأس المال ودول الغرب الاستعمارية.
وإذا لم يعي المواطن العربي مصالحه الحقيقية، وخطورة ما يُرسم لمستقبله. فإنه سيبقى رهينة لمطامع الغرب الاستعماري.وأسيراً لسلطات القهر.
وخطورة اللحظة الراهنة، تكمن في أن الصراع الدائر في سوريا، يدار إقليمياً ودولياً، من منظور طائفي هدّام للدولة والمجتمع. وهذا يستوجب من الجميع وعي اللحظة وإدراكها وطنياً. وإذا لم يتم إخراج المجاهدين التكفيريين من المشهد السوري، وإنهاء دور الدول الداعمة لهذه الأطراف، وإطلاق العملية السياسية فوراً. فإن سورية مقبلة على مزيد من حملات التصفية والإبادة. لذا فإن إنهاء الصراع الدائر على الأرض السورية يجب أن يكون الهدف الأساس لكافة السوريين.
--------------------------------------------------



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة السورية وإشكالية الوعي الجديد
- مستنقع الاقتصاد الحر( النموذج السوري).
- إشكالية الهوية السورية في سياق الأزمة الراهنة
- المعارضة السورية من أجل ذاتها تدور حول ذاتها
- بحث في واقع المعارضة السورية
- المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الثاني(الأخير )
- المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الأول
- مساهمة في تحليل بنية وتجليات الصراع السوري
- العنف .... مدخل لانهيار الدولة والديمقراطية
- معادلة الرعب
- الأزمة السورية في سياق التناقض الدولي
- الحركة الثورية: مدخل نظري سياسي
- سوريا في عين العاصفة
- إشكالية وعي اللحظة الراهنة
- العصبيات الحديثة
- السوريون بين سندان الصراع السياسي ومطرقة الأزمة الاقتصادية
- واقع الطبقة العاملة في سياق تطور النظام الرأسمالي
- انعكاسات الدستور السوري الجديد على الأوضاع في سوريه
- الثورة السورية في عامها الثاني ((واقع وآفاق))
- المعارك الاسمية


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - تحولات المشهد السوري