أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مسلسل -ميم ميم-: متعة ومسيار.. أرنب وغزال!















المزيد.....

مسلسل -ميم ميم-: متعة ومسيار.. أرنب وغزال!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 04:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت قد توقفت سريعا في صفحتي الشخصية على "فيسبوك" عند المسلسل التلفزيوني "ميم ميم" الذي بثته قناة "الشرقية" عن زيجات "المتعة والمسيار" قبل أيام؛ هذه وقفة أكثر تفصيلا حول الموضوع لإعطائه بعض حقه لتناوله موضوعا مهما وحساسا من المواضيع التي تتردد الدراما التلفزيونية العراقية في المعتاد عن الخوض فيها لأسباب شتى، ولذلك يستأهل صنّاع هذا المسلسل، مؤلفا ومخرجا وممثلين وفنيين، التحية الأولى على جرأة التناول ولكنّ هذا ليس كل ما ينبغي قوله.

لاحظت في وقفتي القصيرة تلك عند المسلسل المذكور، عدم توازنه المضموني وخلفياته الاجتماعية والسياسية، فالقصة كلها تقريبا، أو لنقل بنسبة قد تناهز الثلاثة أرباع تركز حدثيا وحواريا في نوع واحد من هذا الزواج، ما جعل إدراج النوع الثاني "المسيار" يبدو وكأنه جاء لمجرد رفع العتب والإحراج، دع عنك أن هذا النوع من الزيجات "المسيار" غير موجود بشكل يكاد أن يكون تماما في العراق، إذ لا يمكن مقارنة وجوده مثلما هي الحال في السعودية وبعض دول الخليج العربي.

وأسجل هنا أنّ حكمي النقدي هذا يتعلق بغالبية حلقات المسلسل التي شاهدتها، فقد فاتتني فعلا مشاهدة بعض الحلقات وخصوصا من بداياته أي قبل أنْ تنمو الشخصيات دراميا وتستقر ملامحها وملامح الخط العام للقصة، وهذا قد يعني أنه حكم قابل للتعديل إذا ما تأكد أنّ حلقات أخرى قد ركزت في النوع الثاني من هذه الزيجات، ومع ذلك فقد اختط أصحاب المسلسل طريق المثل السائر حول الأرنب والغزال مع تحوير جزئي ليكون (تريد متعة خذ متعة تريد مسيار خذ متعة!) ولو أنّ المؤلف عبد الخالق كريم - وهو رجل واسع الثقافة وحصيف الرأي كما بدا من حديثه - لو أنه جعل نصه عن نوع واحد من هذا الزواج المؤقت، كأن يكون عن زواج المتعة فقط، أو عن زواج المسيار لا غير، ونحن جميعا نعي كعراقيين الإحالات المجتمعية والطائفية للنوعين، لكان ذلك أفضل وأكثر جدوى واستقامة فنيا له وللعمل ولنا كمشاهدين. نقول هذا، رغم أن مؤلف العمل - للإنصاف - لن ينجو من انتقادات معينة قد لا تقل حدة حتى لو لجأ لهذا الخيار بفعل الاستقطاب السياسي والطائفي في عراق اليوم.

أما من ناحية الهجاء والاستهداف السياسوي الشخصي فقد كانت بعض ملامحه جلية، ولا تخفى على المشاهد العراقي العادي، فكُنية بطل المسلسل الشرير "أبو سرى" مثلا، الذي أداه بنجاح واجتهاد الفنان طه علوان، يوحي بإحالات قوية، فهي تُذَكّرنا كثيرا بكنية أكبر مسؤول في السلطة التنفيذية العراقية حاليا، خصوصا وأن أبو سرى ذاته مسؤول حكومي، فالقرب الصوتي بين كنية "أبو سرى" وكنية ذلك المسؤول يجعل المصادفة بعيدة الاحتمال في عمل محمل بالرموز والدلالات والإحالات، علما أن كنية "أبو سرى" لا يُسْمَع أو يؤخذ بها كثيرا وليس لكلمة "سرى" معنى شائع ومتداول في المحكية العراقية، أما معناها القاموسي وهو "السير ليلا"، فلم يدر بخلد أحد كما نحسب، ما يوحي وكأن هذه الكُنية صُكَّت حديثا لهذه المناسبة ولهذا العمل خصوصا وأن الفرق الصوتي بين الكلمتين "الكنيتين" هو الهمزة! هذا التفصيل مضر بموضوعية التناول الفني لقضية اجتماعية مهمة وخطيرة، ما يضعها بكل تأكيد في خانة الهجاء والتشنيع الشخصي على الخصم السياسي أو الطائفي، وهو أمرٌ يعيدنا إلى ما سماه المفكر العراقي هادي العلوي ذات مرة "شِنشنة الهجاء العراقي القاسي" وكان وقتها يتحدث عن "المشادات" المتبادلة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي بين الشاعرين محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي التي قد يتذكرها بعض أبناء جيلي تحت عنوان "أكلتُ عيني شوقا" وغيرها من عناوين!

وقد بثت القناة المنتجة والمذكورة آنفا، خلال أيام عطلة العيد برنامجا حواريا قدمه الناقد مجيد السامرائي وشارك فيه مؤلف العمل عبد الخالق كريم والاستشاري النفسي ريكان إبراهيم والممثل مهدي الحسيني الذي أجاد دوره رغم كرهه الذي صرح به للشخصية، والممثلة د. ليلى محمد، وهي بالمناسبة تحمل شهادة الدكتوراه في فلسفة المسرح إلى جانب كونها ممثلة متميزة، التي أدلت خلال البرنامج المذكور بعدة ملاحظات نقدية مهمة سنورد بعضها أدناه بالمعنى لا بالحرف:

- العمل لم يكن ناجحا من حيث الإخراج وتوزيع الأدوار وأداء الممثلين.

- هذا النوع من الزيجات لم يبدأ في الفترة الأخيرة كما يحاول بعضهم تصوير الأمر، بل بدأ خلال فترة الحصار في عهد النظام السابق.

- ذكرت السيدة ليلى وأيدها السيد الحسيني أنها مطلعة شخصيا على حوادث أقسى مما عرضه المسلسل آنذاك، حيث كان بعض الأغنياء المتقدمين في السن "يشترون" فتيات صغيرات السن شراء بهدف المتعة لا غير.

- رفضت السيدة وجهة نظر المؤلف الذي اعتبر أنّ هذا الزواج "قد يكون حلا" وقالت بأن هناك الزواج التعددي الضرائري حتى الأربع نساء، فلماذا يلجأ بعضهم إلى الزواج المؤقت الذي قد سيتمر ليوم واحد لا أكثر.

- أكدت أن الأعمال الدرامية ليست معنية بتأرخة الحوادث الاجتماعية ونقلها بطريقة الاستنساخ إلى الجمهور بل بمعالجتها دراميا بهدف تنوير الرأي العام واستشعار الخطر المحدق بالمجتمع.

- الشخصية التي مثلتها وهي شخصية "أم سرى" زوجة المسؤول الحكومي الذي يستغل الفتيات القاصرات في ملجأ حكومي لليتيمات القاصرات في هذا النوع من الزيجات كتبت بشكل يظهرها كشخصية سلبية "شريرة" ثم عدلت بعد ذلك لتكون إيجابية "طيبة وعلى نياتها" وتنفذ ما يطلبه منها زوجها أبو سرى على اعتبار أنه عمل خير وإنقاذ للفتيات القاصرات وهذا ما أربك أداءها مع انها بذلت جهدها ونجحت فيه على حد تعبيرها.

- تعتقد السيدة ليلى محمد أن فيسبوك وكثرة الإعجابات والتعليقات فيه على موضوع ما لا يعني شيئا ذا قيمة أو أن فيسبوك أصبح "بارومترا دقيقا" كما قال مقدم البرنامج مجيد السامرائي ولا تعطي تقييما حقيقيا لكفاءة المسلسل أو صانعيه لأسباب شتى.

إن هذه الملاحظات النقدية التي أدلت بها الفنانة د. ليلى محمد، تضيء لنا جوانب مهمة من الأعمال العراقية الدرامية التي تنتج هذه الأيام وتعطينا فكرة عن طبيعة النتائج التي يؤدي إليها تحالف التقنيات الحديثة والإمكانيات المادية للإخراج إذا ما اقترنا بأعمال درامية مكتوبة بطريقة معينة بغض النظر عما تثيره من صخب وإعجاب لدى شريحة من جمهور مواقع التواصل الحديثة كفيسبوك وتويتر، وهو جمهور منقسم على نفسه بشكل عميق بتأثير أجواء الانقسام والاستقطاب السياسي والفئوي والطائفي والقومي بشكل حاد. أما تأكيدها أن هذا النوع من الزيجات، لم يبدأ في الفترة الأخيرة، أي في عهد الحكم الحالي، كما يحاول بعضهم تصوير الأمر بل بدأ خلال فترة الحصار في عهد النظام السابق، فهو لمحة ذكية وصائبة تماما يبدو أنها ستفقد "الهجائين السياسيين" بهجة توجيه العمل الدرامي نحو جهات وأهداف لم تدر بخلد المؤلف أو المخرج.

وللتدليل على صوابية مضمون الملاحظة الأخيرة، وبالعودة إلى شخصية أبو سرى في هذا العمل الدرامي، فقد ظهرت هذه الشخصية وفُهمت بشكلها السلبي الأكثر فجاجة، لكونه هو المسؤول شخصيا عن سلسلة المآسي والفواجع التي حلت بمجموعة من الفتيات الصغيرات ضحايا هذا النوع من الزواج المؤقت، فنهايته كانت انتقامية بمعنى الكلمة حيث قتل ابنته خنقا وفقد عقله بعد ذلك وصار مجنونا فالتا، وهي نهاية عادلة أخلاقيا ومبررة دراميا، ولكنها لا تضيف لنا جديدا على صعيد التحليل النقدي المثمر والمطور لفهمنا لهذا العمل. كما أن الأحكام التي قيلت بحق هذه الشخصية لاحقا، وبصرف النظر عن كونها تدخل في خانة المبالغات أو الأوصاف الدقيقة، ستبقى بعيدة عن التناول النقدي الجمالي الرصين، فقد وصف الممثل طه علوان، الذي جسد شخصية أبو سرى، بأنه (شخص شاذ وربما كان لقيطا..)، أما الاستشاري النفسي ريكان إبراهيم الذي استضافه السامرائي في برنامجه الحواري، فقد قال عنه (إنّ أبا سرى هو شخص مريض وليس مأمولا شفاؤه)! إن من يسمع أحكاماً وتوصيفات كهذه، ربما يظن أننا بصدد شخصية حقيقية نريد الحكم عليها أو الاقتصاص منها بوصفها عدوا للمجتمع، أو في الأقل تشخيص حالتها الصحية السريرية أو النفسية، ولسنا بصدد الحديث عن شخصية درامية خيالية مهما كانت درجة قربها من الواقع المعاش، وسيكون هذا النوع من الأحكام الطبية والأخلاقية المبتسرة بعيدا عن التحليل النقدي الجمالي للأعمال الفنية الدرامية كما نحسب، غير أنّ المأمول أيضاً أنْ تثير أعمال كهذه أسئلة أكثر وأعمق وأجرأ تكسو عظام النصوص الدرامية باللحم والعواطف والأفكار الحقيقية.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية:من العتاك إلى شلش/ ج2
- التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية: شلش مثالا! ج1
- اعتزال الصدر و-تسييس- السيستاني
- ترويج سياحي لإسرائيل من بغداد!
- بين المالكي وداعية غزو العراق فريد زكريا!
- مواد واجبة التعديل في الدستور العراقي
- عدم استقالة الحكومة والرئاسات الثلاث فوراً جريمة كبرى!
- الأولويات في تعديل الدستور العراقي النافذ
- -وطنيون- يطالبون بإعادة احتلال العراق:
- لا فرق بين البطاط و طه الدليمي
- بين الطائفة والطائفية.. ثمة فرق هائل!
- 14 تموز.. الثورة المغدورة!
- جاء وزير الإسكان يكحلها..!
- العراق والكويت: قصة حب ملتبسة!
- مسؤولية تركيا وإيران عن كارثة التلوث البيئي في العراق
- دماء الأبرياء في رقبة شيخ الفتنة مساعد آل جعفر وأمثاله!
- العراق: الكونفدرالية هي الحل؟
- يعيش مُرسي .. يسقط المالكي!
- زخة بيانات - عوراء- وطائفية!
- حكومة تكذب وشيوخ قبائل يصدقون!


المزيد.....




- -حظا سعيدا- و-استمر-.. ترامب يوجه رسالتين منفصلتين إلى خامنئ ...
- متى تندلع الحرب؟ عند عامل توصيل البيتزا الخبر اليقين!
- إصبع طهران على الزناد: هذه خطة إيران لمواجهة حرب محتملة مع أ ...
- ترامب: سئمت من الوضع في إيران وأريد استسلاما غير مشروط
- واشنطن بوست: ترامب يسعى لتفادي أي صراع مع إيران
- وزير الدفاع الإسرائيلي: سلاح الجو دمر مقر قيادة الأمن الداخل ...
- انقسام داخل إدارة ترامب بشأن التدخل في الحرب الإسرائيلية الإ ...
- استراتيجية إسرائيل في حربها ضد إيران: تدمير القدرات النووية ...
- صحة الفم، كيف تؤثر على صحتنا الجسدية والنفسية؟
- الإقطاعيون الرقميون.. من فلاحة الأرض إلى حرث البيانات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مسلسل -ميم ميم-: متعة ومسيار.. أرنب وغزال!